التقويم الشعبي الفلسطيني - التقويم الفلاحي
متى يبدأ العام عند الفلاح الفلسطيني؟ إنه يبدأ مع الأيام الأولى لبداية الموسم الزراعي الجديد، وبعد أن ينتهي الخريف، وتنتهي أيام العطلة، وبعد حصاد المحاصيل، ومع بداية أولى المجهودات البدنية لخدمة الأرض.
فصل الشتاء:
تهب رياح شرقية يسميها الفلاح الفلسطيني "شراقي الصليب"، وهي علامة فاصلة بين الصيف والشتاء، "وتأتي هذه الشراقي مع أواخر أيلول - أيلول ذيله مبلول"، ومع هطول أولى مراحل الأمطار، التي يسميها الفلاح "الموسم البدري"، يبدأ العام الجديد. وقد تسمى تلك الشراقي "شراقي الخريف"، ويعتقد الناس أنه إذا بدأت "الشرقية" قبل النهار، فإنها سرعان ما تتلاشى، لكن إذا بدأت بعد طلوع الشمس، فسيستمر تأثيرها ثلاثة أيام. ويتشاءم الناس من الشرقية لأنها تجفف الوجه، وتسبب ظهور القشور في الأماكن الظاهرة من جسم الإنسان، ويقولون عن سنة الشراقي: "سنة الشراقي بتدور ما بتلاقي" أي أنك تبحث عن الخير فيها فلا تجده، ويبدأ المطر بـ(شتوة) مبكرة يسمونها شتوة المساطيح، وقد أورد دالمان هذه التقسيمات للأيام الأولى لنزول المطر:
أول يوم وثالث يوم افتوح، رابع يوم وخامس يوم وسادس يوم اذبوح، سابع يوم وثامن يوم وتاسع يوم امتوح وسعد الذابح عاشر يوم للظهر.
ونجد في روزنامة الفلاح الفلسطيني تحديداً لبداية العام، وهو يوم 14 أيلول - عيد الصليب - والذي يعتبر بداية الشتاء.
وفي هذا الموعد يبرد الجو، ويقول الناس: (مالك صيفيات بعد الصليبيات) وإن (أبرقت على الصليب ما بتغيب) و(برق الصليب ما يغيب)، وفي هذا الوقت يلاحظ الناس في شمال فلسطين برقاً وكأنه قادم من جهة "الزيب"، ورأس الناقورة، ويقول الناس: "البرق علامة المطر"، وعندما يحصل البرق، يقولون: "الدنيا بتتمخط" "أي تستعد للمطر، ويأتي الرعد بعد البرق، ويفسرون ذلك بالقول: بأن "فرس مار جريس بتطارد بالمسا"، ويقول الناس: "و إذا أبرقت وأرعدت اعلم أن مزاريبها طفت".
ويعتبر قوس قزح علامة توحي بأن المطر غير محتمل الوقوع "إن قوست باكر أحمل عصاتك أو سافر"، وعلى العكس "إن قوست عصرية دورلك ع مغارة دفية"، ففي هذه الحالة يكون وقوع المطر محتملاً جداً.
وهناك تحديد آخر في الروزنامة الشعبية لبداية الشتاء، ذلك هو اليوم الثالث من شهر تشرين الثاني (التقويم البولياني).
ومن الأقوال المأثورة المرتبطة بهذه البداية وعيد لد:
- - في عيد لد شد يا فلاح شد ما بقى للشتا تعد.
- - في عيد لد كل شداد شيد وكل رماك يحد.
- - المره والحيوان اللى يحمل في هذا الوقت نسله امليح.
- - في عيد لد احرث وشد.
- - في عيد لد يا بتحد يا بتقد يا بتطلع ع الجبال تهد.
- - سنة الحمام افرش ونام: دلالة على عدم جودة الموسم
- - سنة الزرزور احرث في البور: دلالة على جودة الموسم
- - سنة القطا نام بلا غطا: دلالة على عدم وقوع البرد والعواصف والمطر، وبالتالي عدم جودة الموسم.
وهناك إشارات يعتمد عليها الفلاح الفلسطيني في الرصد الجوي، مثل ظهور نوع من الديدان الاسطوانية التي تسمى الواحدة منها "أبو مغيظ"، ويعتقد الفلاح أنه عندما يرفع البقر رأسه ويشتم الهواء القادم من الغرب، فإن معنى ذلك اقتراب المطر، كما أن حصول العواصف في أول العام نذير بنزول المطر، ويعتبر ظهور نجم سهيل في السماء مؤشراً على بداية موسم الأمطار، وقد استعارت أغنية معاصرة الاستبشار بظهور نجم سهيل في مجال الاستبشار بالتحرير إذ نقول:
يا أخوي يللى صار دمك نجم سهيل، ومن الأقوال المأثورة: "لن طلع سهيل لا تأمن السيل لون طال الليل"، و "طلع سهيل آوى الخيل".
ويراقب الفلاح الفلسطيني الجو مراقبة حاذقة، فهو يعلم أن محصوله السنوي مرتبط بالمطر، ويقول الفلاح: "في عيد مار إلياس بتخلق الغيم وقاطبة غين"، و "قطبت الدنيا"، و"النجم غاطس"، و"غيمت"، و"عتمت"، و "اسودت"، و "شحطت"، و"عجاج"، و"اغطيطة"، و "ظباب"، و"رهام"، و"قتام"، و"غباش" وكل هذه مفردات وتعبيرات تتحدث عن التغيرات الجوية التي تبشر بالمطر، فنزول المطر مرتبط بالغيوم "لن بدها تشتي غيمت"، و "ما بيعقب الغباش إلا الرشاش".
الريح: يقول الفلاح الفلسطيني: و"ما مطر بلا ريح وما قوم بلا صياح"، ويربط الفلاح بين طبيعة الريح وأثر ذلك على المطر.
ويقولون: "إن هبت غربي يا سعد بالرطوبة و بالتالي يكون ماطراً، وفي مقابل ذلك، يقول الفلاح: "إن هبت شرقي يا ظيعة ابنيي"، لأن الهواء الشرقي قادم من الصحراء وخال من الرطوبة، بل على العكس يجفف الأرض والزرع وهو بالتالي يهدد بسنة مجاعة، ويتخوف الفلاح أيضاً من الهواء الشمالي "إن هبت شمالي يا ظيعة عيالى" فالهواء الشمالي بارد وغير ماطر وضار بالزرع، بل الأهم من ذلك أن الفلاح يعتقد بأن "ريح الشمالي يطرد المطر".
كوانين:
فترة شديدة البرودة تضم شهري كانون أول وكانون ثاني، وتدور الأقوال الشعبية المتعلقة بهذين الشهرين على النصح بالهدوء وعدم السفر فيهما "بين كانون وشباط عند جارك لا تبات"، و "عرس المجانين في كوانيين"، و"في كانون كن عند أهلك يا مجنون"، و "بين كانونين لا تسافر يا شقي"، و "في كانون ببول الحمار قيح ودم"، و "بين لغطاس والميلادي لا تسافر يا هادي"، و" ثلاث مالهن أمان: كوانين إن هلّت، والخيل ولو ولّت، والمرَة ولو صلَّت" ونستنتج من هذه الأقوال أن فصل المطر في أوائل هذا القرن كان فصلاً مريعاً مع الأخذ بالاعتبار تخلف وسائل التدفئة والمواصلات.
وتوصف الكوانين بأنها فحول و"الشتا والأرظ بتكسب من مطر كانون مي مثل ما تكسب الحرمة من الرجل" أي تخصب، ويقولون: "إن كانون هو فحل ومحل السنة فعليه تعتمد مسألة الخصب والمحل، وحتى شمس كانون فهي غير مرغوبة، وتصيب الإنسان بالضرر.
المربعنية:
هي الأربعون يوماً الأولى في فصل الشتاء، وهي تسمية معروفة في شمال فلسطين، وفى الجنوب يقولون الأربعينية أو أربعينية الشتاء، وتتميز هذه الفترة بالبرد الشديد، ويحتمل فيها سقوط البرد (بفتح الراء) ونزول الثلج في المرتفعات، وعندما تحل هذه الفترة، فإن الناس يخلدون للسكينة والراحة في بيوتهم، ولا يخرجون إلا لقضاء الأعمال الضرورية، ويستعد الناس لهذه الفترة من العام بخزن المؤونة والوقود.
شباط وآذار:
تظهر صور شباط في المأثورات القولية على أنها صورة شهر غير محدد الهوية والملامح، فمن الممكن أن يكون هذا الشهر بارداً وماطراً، ومن الممكن أن يكون مشمساً، والناس يقولون:(شباط ما في ع كلامه رباط)، ويسميه الناس ( شباط الخباط والذي لا انتظام في أحواله الجوية، إذ تسطع شمسه ويصفو جوه ويشيع فيه الدفيء، ثم فجأة يهب الريح ويعم البرد وتظهر الغيوم)، وهو الشهر الذي يشتم المرء فيه رائحة الصيف، ويقول الناس: (شباط بخبطها وبلبطها وريحة الصيف فيه)، أي أن شباط ينزل المطر مدراراً ومع ذلك ففيه تباشير الصيف، وفي شباط تنزل الجمرات، الجمرة الأولى: تنزل قبل يومين أو يوم، أو بعد يوم أو يومين من السابع من شباط وتسمى "جمرة الهواء". والجمرة الثانية: وهي الرابع عشر من شباط وتنزل لتدفئ الماء – كما يعتقدون – وتسمى "جمرة المية". أما الجمرة الثالثة: فتدفئ وجه الأرض وتسمى "جمرة الأرض"، وتنزل في الحادي والعشرين من هذا الشهر.
المستقرظات:
تسمى الأيام السبعة بين شباط وآذار – الأربعة الأخيرة من شباط والثلاثة الأولى من آذار – باسم (الأيام المستقرظات)؛ لأن الشهر الأول اقترض أياماً من الثاني لتحقيق تواصل أيام مطيرة، وتعرف هذه الأيام بغزارة أمطارها، وإذا ولد في هذه الأيام مولود جديد، فإن مثل هذا المولود يظل معتل الصحة، وكذلك فإن الممارسة الجنسية في هذه الأيام غير مستحبة – على حد المعتقد الشعبي.
ويعود تسمية تلك الأيام بالمستقرظات إلى أنه في أواخر شهر شباط من إحدى السنين، وبعد أن مضى معظم الشهر دون مطر قالت
امرأة عجوز: (راح شباط ودسينا في طيزه المخباط) وكانت المرأة تريد أن تتشفى من شهر شباط الذي مر في ذلك العام دون أن يؤثر على العجوز وغنمها، وهكذا غضب شباط لما سمع، وذهب إلى آذار وقال له: " أذار يا ابن عمي، ثلاثة منك وأربعة مني، وخلي حِس(صوت) العجوز في الواد يغنّي، وهكذا نزل المطر لسبعة أيام متتالية مدراراً وجرف السيل العجوز وغنماتها".
ويحصل أن يمر شهر شباط دون مطر فيقول الناس: "مر شباط الخباط لا بل نعجة ولا شعواط"، وفي رواية أخرى ولا "رباط". ولا يفضل أن يجلس الإنسان تحت أشعة شمس شباط، وحول ذلك يقولون: "شمس شباط بتخلي الراس مثل المخباط، ويرتبط شباط بالذهن الشعبي بالمواسم الذي تتزاوج فيه القطط، ولذلك يسخر الناس من الذي يتزوج في هذا الشهر على اعتبار أنه يشارك القطط موسمها التزاوجى، ومثلما يوصف كانون بأنه فحل العام، يقال: بأن آذار فلاح السنة، ويقال: "آذار بحيى الأشجار"، ويحمل هذا الشهر في طياته الإحساس بانطلاقة الحياة بعد جودها في الشتاء.
ويقال أيضاً: "آذار أبو الزلازل والأمطار، بتنبط العنقا والبنقا وام عيون ازغار، وفي آذار ببرطع الجمل وبحمظ البن، وفي آذار بلتقي الليل والنهار، وفي آذار بيبيظ الشنار وأصغر الطيار"
الربيع:
هو ابن الشتاء، ويخلط الناس بين الربيع كفصل من فصول السنة وبين العشب، فيقولون: "طلع الربيع"، ويقصدون: نما العشب، وهم يظنون أن العشب يظل أسير زوجة أبيه المربعنية، وبعد خلاصه من الأسر يخرج ليغطي وجه الأرض بالخضرة والجمال مع إحساس عام بالدفيء والمتعة.
- سعد السعود: وفي هذه الفترة "بتدب المية في العود" أي تدخل الحياة للنباتات، وفي كناية عن بدء موسم الدفء.
- سعد بلع: في هذه الفترة تبلع الأرض كل ما ينزل عليها من مطر.
- سعد الخبايا: في سعد الخبايا "بطلعن الحيايا"، وفي سعد الخبايا "بتتفتل الصبايا".
شهر الخمسان:
أو الخميس نيسان، ففي كل يوم خميس من أيام هذا الشهر يجرى احتفال مشهود، ومن السهل أن نتفهم سبب اختيار الناس لهذا الشهر ليكون موسم الاحتفالات؛ فهو شهر جميل الطقس، يمور بالحياة والعطاء والخضرة وحس الانفتاح.
ويعتبر هذا الشهر الحد الفاصل بين الشتاء والصيف، ويقول الناس بهذا المعنى: "في نيسان ظب العدة والفدان" أي تنتهي الأعمال المتعلقة بالزراعة الشتوية. يصف الناس مطرة نيسان بالقول: "بتحيى السكة والفدان وكل السكان والقرقة والصيصان"، و"النقطة في نيسان بتسوى العدة والفدان وبتسوى كل سيل سال".
ولابد من التمييز بين الخمسان والجمع، فمن الناس من يقول: "خميس الأموات"، وهناك من يقول: "جمعة الأموات" ذلك لأن الناس يحتفلون بالخميس الذي هو في نفس الوقت ليلة الجمعة، ونجد لذلك أياماً احتفالية مثل:
خميس النبات، خميس البقرات، خميس الأموات، خميس البنات، خميس البيض، ونجد مسميات مثل: جمعة الحزانى، جمعة الغرباء، جمعة الرغايب، جمعة الحلاوة، جمعة الأموات، جمعة النبات، جمعة الحيوانات.
وكل ما سبق هو تسميات مختلفة لأربعة أيام مختلفة احتفالية في شهر نيسان، وهذه فكرة عن بعض هذه الاحتفالات.
جمعة الحزانى: وهي جمعة النور، الذين يذهبون جماعات إلى مسجد عمر في القدس، يعبرون عن حزنهم، مثال على ذلك: جمعة الغرباء وجمعة الأرامل واليتامى.
خميس الأموات:
وفي هذا اليوم يجري الاحتفال بذكرى الموتى، فتذهب النساء والأطفال لزيارة القبور، وهن يحملن البيض المسلوق والمصبوغ، والأطعمة المصنوعة بالزيت، مثل: الفطائر وما شابه ذلك. ويأتي الأولاد والفقراء إلى القبور من أجل أن يحصلوا على ما يوزعه أقارب الموتى من طعام، ومن الناس من يوزع التين والزبيب والخبز، وهم يعتقدون أن الطعام الذي يصل إلى الفقراء يصل إلى أرواح الموتى، وبعض الناس يذهبون لزيارة القبور قبل طلوع الشمس، وذلك لاعتقادهم بأن أرواح الموتى تختفي بعد الشروق.
خميس البيض:
يسلق الناس البيض بماء يضاف إليه نوار أصفر، ويلعب الأطفال الحاملين البيض الملون، ويلعب الرجال بالبيض لعبة "مكامشة البيظ"، بحيث يحمل كل رجل مجموعة من البيض ويضرب الواحد منهم بيضته ببيضة الآخر، فإذا انكسرت بيضة إحداهما، فإنه يعتبر مهزوماً وصارت البيضة المكسورة من حق الشخص الذي كسرها.
خميس البنات:
تذهب البنات غير المتزوجات في هذا اليوم إلى البرية لجمع الأزهار ويقلن: "طقش وننش شو دوا الراس يا شجرة"، ثم يقمن بترك الزهور في الماء تحت نجوم السماء في الليل، لتمارس تلك النجوم تأثيرها عليها، ثم تغسل كل فتاة شعر رأسها بذلك الماء المنجم.
خميس البقرات أو جمعة الحيوانات أو جمعة المعزة:
تصبغ الحيوانات في هذا اليوم الاحتفالي بوضع الصبغة بين قرون المعزة، وكذلك على لية الحيوان، ويعلن هذا اليوم يوم عطلة الحيوانات فلا ترسل للعمل، ولا يباع الحليب، بل تستعمل للأكل أو يوزع على الفقراء، ولا تحلب البقرات في ليلة ذلك اليوم الاحتفالي أو صباح ذلك اليوم، بل يتم الحلب عند الظهر، وتصبغ جرار الحليب والزبدة أيضاً تمشياً مع روح البهجة الاحتفالية. وفي هذه الجمعة تتم حماية الحيوانات من الأفاعي، ويتم ذلك بتحضير مزيج بمكان ما من جسدها تغلى فيه الأفاعي، ويتم مس الحيوانات بمكان ما من جسدها ويسمى ذلك "حولا الحيوانات"، وفي هذا اليوم يقوم أصحاب الغنم بغسل أغنامهم وجز الصوف؛ لأن فصل الصيف يكون قد اقترب، ويصبح الصوف عبئاً على الحيوان، كما أن جزه هو عملية جني محصول الصوف.
خميس الموسم:
هو اليوم المخصص لزيارة مقام "النبي موسى"، أو الاحتفال بالمواسم الأخرى في أماكن أخرى من فلسطين، ومن هذه المواسم: موسم النبي روبين في يافا، موسم الخضر في حيفا – الكرمل، موسم وادي المنل في غزة. وهذه المواسم ابتدعها صلاح الدين الأيوبي لتجميع الناس في الأوقات التي ترد فيها جموع الحجاج المسيحيين من أوروبا إلى فلسطين، والذي كان المسلمون يخشون أن يندس في صفوفهم مقاتلين من الفرنج، وفي هذه الأيام تمتزج الأغراض الدينية بالأغراض الاحتفالية والكرنفالية، فيذهب الدراويش حاملين "العدة" و "البيارق" لإقامة الحضرات والأذكار والموالد والصلوات، ويذهب الشباب والفتيات والمصطافون لقضاء أيام ممتعة، وكانت "الهيئة العربية العليا لفلسطين" بزعامة الحاج محمد أمين الحسينى تستغل هذا اليوم لإبراز التجمع الوطني العربي في وجه الانتداب البريطاني والاستيطان الصهيوني، فكانت جموع من الناس تأتي من نابلس تحت "بيرق نابلس"، وأخرى من الخليل تحت "بيرق الخليل"، أيضاً ينضم "بيرق القدس" – بيرق الحاج أمين وتتوجه إلى موقع النبي موسى قرب أريحا. ومن أغاني الموسم ما كان عاطفياً غزلياً، أو يتعلق بالموسم نفسه، مثل:
- صاف الصيف وارعن الدوالي
- وطلعن البيظ لروس العلالي
ويرتبط اسم الصيف بالاتساع مثلما يرتبط اسم الشتاء بالضيق، ويقول الناس: " الصيف كيف والشتا ذيق لو انه فرج". ويسمي الناس أواسط الصيف باسم "الصيف لحمر"، إشارة إلى أنه حار وقائظ مثل جهنم الحمرا، وهم يبررون ذلك بأنه ضروري لإنضاج التين والعنب وهم يقولون:
- تموز العنب والتين
- في تموز بتغلى الميه بالكوز
- في أيار احمل منجلك وغار
- في آب اقطع قطف العنب ولا تهاب
- موسم التين فش عجين وموسم البطيخ فش طبيخ
- ولا يكترث الناس للخريف؛ فأوائله في الصيف وأواخره في الشتاء، وهم يقولون:
- في أيلول بطيخ الزيت في الزيتون
- أيلول ذنبه مبلول
- في تشرين بقبر العنب والتين
وفى تشرين يسمي أهل يافا البحر امتشرن؛ لأنه يكون هادئاً مثل الزيت، وبعد ذلك تهب رياح الشراقي. ومن الأقوال المرتبطة بهذه الفترة من السنة:
"عيد واطلع صلب وعبر"، و "احتفل بعيد الفصح واخرج واحتفل بعيد الصليب"، ويقال: "متى صلبت خربت"، و "عندما يأتي عيد الصليب يخرب المطر باقي المحصول"، و يقال أيضاً: "في عيد بربارة بياخذ النهار من الليل أخباره"، و "من عيد بربارة بنط النهار نطة فارة".
التقويم القمري:
يبدأ الشهر القمري أو (العربي) بظهور الهلال، ويستقبل الناس الهلال بفرحة كبيرة، فعندما يرونه يقولون.
- هل هلاله ويعز جلاله.. ريتك علينا شهر مبارك
- ريتك علينا من ليلى السعود.. وكل شهر تعود.
وعلى الرغم من تفاؤل الناس بالهلال إلا أنهم يتخوفون من هلال صفر، وهم ينسبون حديثاً يحذر فيه من صفر ويقول: "إن مر صفر انت بخير".
و يتفاءل الناس بأشهر معينة هي: رجب، شعبان، ورمضان، وتسمى الأشهر البيض، وطوال هذه الأشهر تصوم النساء شهر رمضان كله (مع كل المسلمين)، وأيام الاثنين والخميس من شهري رجب وشعبان.
ويقدر الناس (البدر) تقديراً كبيراً، فيضربون المثل به ويقولون (وجهها مثل البدر)، ومع ذلك فهم يعترفون بأن البدر رغم جماله لا يفيد إذ يقولون:
- أنت مثل القمر بتونس وما بتنفع
- القمر بونس وما بحميش
السنة في التقويم الشعبي
تقسيم السنة: إن تقسيم السنة يتم في سبعة أقسام مقدار كل منها خمسون يوماً:
- الأول: (من العيد للعنصرة خمسين يوم مقدرة) وهي الفترة المقدرة بين عيدي الفصح والعنصرة، وفيها يحل حصاد العدس والكرسنة.
- الثاني: (من العنصرة) أي إلى بداية نطر – حراسة – الكروم، وتنتهي بعيد مار الياس ( 20 تموز)، وفيها يحل حصاد القمح والشعير.
- الثالث: (من المنطرة للمعصرة) أي إلى وقت عصر العنب، وهي تغطي فترة نضوج وقطف العنب والتين وتنتهي في الرابع عشر من أيلول، ومدتها 54 يوماً.
- الرابع: (من المعصرة لعيد لد) وتنتهي في الثالث من تشرين الثاني، وفيها موسم الزيت والزيتون.
- الخامس: (من اللد للميلادي) أي من عيد لد إلى عيد ميلاد المسيح (25) يوماً، وهي تصادف مع موسم الحراثة والبذار والحصاد وبدء الأمطار.
- السادس: (من الميلادي للصيام) وهي فترة الشتاء الحقيقي.
- السابع: فترة الصيام – قبل عيد الفصح المجيد وهكذا نجد عيداً في نهاية كل قسم من السنة.
وهناك تقسيم آخر غير مكتمل، مثل قمة الشتاء إلى أربعينية وخمسينية، وكذلك الحال في الصيف.
أربعينية الشتاء من 10 كانون أول إلى 19 كانون الثاني، وتليها خمسينية الشتاء.
مربعينية الصيف من 10 تموز إلى 19 آب وتليها خمسينية الصيف.
اليوم في التقويم الشعبي:
ينقسم اليوم إلى خمسة أقسام غير متساوية هي: الصباح، الظهر، العصر، المغرب، والعشاء، وهذا التقسيم يتبع الصلوات التي يؤديها المسلمون، وهناك مصطلحات خاصة لتقسيم الليل بقسمته إلى اثنتي عشرة ساعة.
- الساعة الأولى: دورة السراج، عندما يظهر تأثير ضوء السراج بعد نصف ساعة من مغيب الشمس، ويقال في هذا الوقت: "ظب سالرمس أي أرخى الليل سدوله بعد ساعة ونصف من المغيب".
- بعد 3-4 ساعات من المغيب: عشا الرجال، لأن الغنم تكون في مكان بعيد ويحتاج أمر إحضار رأس من الغنم وطبخه لهذا الوقت، فعندما يقدم الطعام للضيوف تكون قد مرت أربع ساعات على المغيب.
- الساعة الرابعة: مع (صيحة ديك الحردانة).
- الساعة الخامسة: بعد (العشا بعشايين أو بعد اعشايتين ثلاثة).
- الساعة السادسة: منتصف الليل وتسمى دورة الحرامي، أي عندما يبدأ الحرامي عمله.
- الساعة الثامنة: ساعة السحور في رمضان.
- الساعة التاسعة: وقت صياح الديك، فيقال: مع (صيحة الديك)، أو (أذان الديك).
- الساعة العاشرة: عند صبح العتمة أو أول الفجر (ساعة ما تحق الكلب من الذيب) – أي عندما تميز الكلب من الذئب.
- الساعة الحادية عشرة: المصابيح – بداية الصباح وتسمى أيضاً دغشة، أو (دغاليس النهار)، أو "ساعة قبل الشمس" أو "مسراة".
- الساعة الثانية عشرة: طلوع الشمس.
ساعات النهار
- الساعة الأولى: سرحة الغنم.
- الساعة الخامسة: الضحى.
- الساعة السادسة: دورة الغراب.
- الساعة السابعة: دورة الظل، أو دورة الشمس.
- من الساعة الخامسة للتاسعة: تقييلة الرعيان.
- بعد الساعة التاسعة: العصر وتليها العصرية.
- الساعة الحادية عشرة: العصير (والشمس توخذها بيدك) وهي تتهيأ للغروب.
- الساعة الثانية عشرة: المغرب، جيبة الشمس ترويحة الغنم، ترويحة السرح.
وتحدد المسافة الزمنية بمصطلحات مثل: ساعة وقتي، بسرعة، برمشة العين، شرب سيكارة، وهلة (وقت كاف).
وهناك أقوال تتحدث عن الزمن منها:
- أجت ساعته: مات.
- ستين سنة وسبعين يوم: بمعنى عدم الاكتراث.
- بالسنة مرة: للتقليل.
- شيخ متسعن: عمره تسعين سنة، هرم.
- من سنة آنست ربكم: منذ الخليقة.
- جمعة مشمشية: وقت قصير (ينصح فيه أن تستغل الفرص).
- يوم الطحنة يوم: يوم حافل بالتعب.
وحول التفاؤل أو التشاؤم بالأيام تتفاوت وتختلف المرويات الشعبية، ونحس بذلك من خلال الأقوال المأثورة.
- كل بالدين ولا تسافر يوم الثنين.
- يوم الثلاثا شماتة
- يوم الأربع فيه ساعة من النحس.
- بيع يوم الخميس ولا تسافر يوم الخميس.
- يوم الجمعة جمعة (اجتماع).
- يوم الحد عيد.
- أطوَل من يوم الجمعة.
الروزنامة البدوية:
تضم ثلاثة أشهر تحمل اسم (صفر)، وثلاثة تحمل اسم (قيظ)، واثنين يحملان اسم كانون، و أما الأربعة الباقية فهي: شباط، آذار، شهر الخميس، وجمادى، وليس في هذه الروزنامة سوى فصلين: الصيف والشتاء.
أعياد الروزنامة الشعبية:
- عيد مار الياس: 20 تموز، عيد الصليب: 14 أيلول.
- عيد لد: 3 تشرين الثاني.
- عيد الميلاد: 25 كانون الأول.
- عيد الغطاس: 6 كانون الثاني.
- عيد التجلي: 6 آب.
- عيد بربارة: عيد رمضان، عيد الظحية.
- عشورة: أول عاشورة كما هي التسمية في جنوب فلسطين.
التاريخ في التقويم لشعبي:
يؤرخ الناس في الوسط الشعبي ناسبين الأحداث لسنة مشهورة، أو حادثة بارزة مثل:
- * سنة الكوليرا: الكوليرا التي وقعت في مطلع القرن العشرين واجتاحت مصر وجنوب بلاد الشام.
- * سنة الثلجة: السنة التي وقع فيها الثلج.
- * سنة الستة وثلاثين: سنة الثورة الفلسطينية والإضراب.
- * سنة طبلت الطبلة: عام 1914 عندما دق الأتراك الطبول استنفاراً للحرب، وتسمى سنة (دق الطبل).
- * حرب الألمان: الحرب العالمية الثانية.
- * سنة المهاجرة: 1948م.
- * سنة النزحة: 1967م.
- * سنة مالجينا: 1948م.
- * سنة المجاعة: أثناء الحرب العالمية الأولى.
- * سنة الكرامة: معركة الكرامة 21 آذار 1968م.
- * سنة أيلول: 1970م.
الجذور الدينية والتاريخية للتقويم الشعبي:
إن جذوراً إسلامية ومسيحية وتاريخية تضرب في أعماق الذاكرة الشعبية، وعن هذه الجذور انبثقت تلك المعالم الزمنية، كما أن الأعياد الدينية هذه تعود في جذورها إلى أعياد وثنية وبدائية سابقة؛ فالأولياء الذين يحتفل الناس بهم تمثل مواقعهم مواقع شخصيات دينية موغلة في القدم، والبيوت التي تقدسها الديانات السماوية الحالية، كانت ذات يوم بيوتاً لعبادات وثنية وبدائية. أما الظواهر الطبيعية التي اعتبرها الإنسان معالم على قيام حركة الزمن، فهي خالدة خلود هذه الأرض
شكرا ابدعتم
ردحذف