القائمة الرئيسية

الصفحات

الإنتفاضة الأولى - تاريخ وأسباب وصور الإنتفاضة الفلسطينية 1987

الانتفاضة الفلسطينية الأولى (انتفاضة الحجارة 1987)


بدأت الانتفاضة في الثامن من كانون الأول "ديسمبر" 1987 حينما كانت حافلات تقل العمال الفلسطينيين من أماكن عملهم "في إسرائيل" العائدة مساءً الى قطاع غزة المحتل، على وشك القيام بوقفتها اليومية المقيتة أمام الحاجز الإسرائيلي للتفتيش حينما داهمتها شاحنةعسكرية إسرائيلية، مما أدى الى استشهاد أربعة عمال وجرح سبعة آخرين (من سكان مخيم جباليا في القطاع) ولاذ سائق الشاحنةالعسكرية الإسرائيلية بالفرار على مرآى من جنود الحاجز، وعلى أثر ذلك اندلع بركان الغضب الشعبي صباح اليوم التالي من مخيم جبالياحيث يقطن أهالي الضحايا الأبرياء ليشمل قطاع غزة برمته وتتردد أصداءه بعنف أيضاً في الضفة الغربية المحتلة، وذلك لدى تشييعالشهداء الأربعة، وقد شاركت الطائرات المروحية قوات الاحتلال في قذف القنابل المسيلة للدموع والدخانية لتفريق المتظاهرين، وقد استشهدوأصيب في ذلك اليوم بعض المواطنين، وفرضت سلطات الاحتلال نظام منع التجول على بلدة ومخيم جباليا وبعض أحياء في قطاع غزة.

لمحة عن الانتفاضة الفلسطينية الاولى



بعد سبعين سنة من بداية الصراع العربي - الصهيوني مضت منها أربعون على اغتصاب جزء من فلسطين بإقامة الكيان الاسرائيلي،وعشرون سنة أخرى على احتلال ما تبقى منها، مع أجزاء من أراضي عربية أخرى، وبعد أربع وعشرين سنة على قيام م.ت.ف والمنظماتالفلسطينية الفدائية، شهدت كفاحاً مسلحاً عبر الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة وما كان حولها وانتهت باجتياح اسرائيل للبنان واحتلالجزء من جنوبه ورحيل قوات منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها وقيادتها من لبنان، وبعد ست سنوات على هذا الرحيل، عانت خلالهام.ت.ف وجماهير الشعب الفلسطيني، وبخاصة في لبنان، من جملة مآزق وازمات وصلت حدود التقاتل العربي- العربي، وانقسام فصائلالثورة بعضها على بعض، في ظل أجواء انحسر فيها التيار القومي العربي الى شطآن -القطرية- المفرطة ومنزلقات- الطائفية المذهبية بعدهذا كله، وبالرغم من هذا كله، نهض الشعب الفلسطيني وبادر من جديد، ومن فوق تراب وطنه المحتل، بانتفاضة ثورية جديدة، مستوعباً لكلدروس التجارب النضالية السابقة وغيرها، عربياً وفلسطينياً، ومدركاً لكل ما أفرزته تجارب الصراع ضد اسرائيل من وقائع وما كشفته منحقائق، مسلّحة بهذا الوعي، تمكنت الانتفاضة منذ بدايتها، بما حددته من أهداف واضحة وبما أبدعته من أساليب نضالية لتحقيق هذهالأهداف من تأكيد قدرتها على الاستمرار والنمو كحقيقة ثورية ميدانية، تستطيع فرض واقع جديد على مسيرة الصراع العربي الإسرائيليبشكل عام، وعلى مسار م.ت.ف بشكل خاص، فلا تهويل في أهدافها ولا وعود بما لا تملك القدرة على إنجازه، حتى لو كان ذلك حقاً، فلكلحق شروطه ومتطلباته حتى يتم استيفاؤه، ولا تحريف في أهدافها حول كل ما هو أساسي وثابت ومعترف بشرعيته من حقوق، كحق تقريرالمصير، والعيش الحر في دولة مستقلة حرة كذلك كانت الانتفاضة واضحة في أساليبها النضالية، والتي استلهمتها من واقع شعبها وموقعه،ومما تسمح به إمكانيات هذا الشعب وطبيعة هذا الموقع، بعيداً عن تقليد أو محاكاة ثورات غيرها من الشعوب ومن دون مغالاة في الاعتمادعلى دعم خارجي يتحكم فيها، فالشعب كل الشعب هو أداة الانتفاضة، وتنظيماته طلائع له، وليست بديله عنه. والحجر هو سلاحها، وأمضىما فيه يكمن فيما يرمز إليه من إصرار لا رجعة عنه في مقاومة الاحتلال، وتحت كل الظروف مهما كان الفارق في موازين القوى فالتاريخيشهد أن التفوق في الإرادة كفيل في النهاية بانتزاع النصر من التفوق في القوة لا شك أن هذا الوضوح في الأهداف والأساليب كان منأهم الأسباب التي عبأت الشعب حول الانتفاضة فدفعته ولا تزال الى تقديم أروع صور النضال، غير آبه بالتضحيات، كما جعلت من العام1988، عام الانتفاضة فشغلت العالم وأثارت تعاطفه معه، وشدت العرب على طريق التضامن، وردت للقضية الفلسطينية مكانتها، وكرستم.ت.ف من جديد ومن موقع ميداني ممثلاً شرعياً ووحيداً لشعب فلسطين، فلم يمض على اندلاع شرارتها أكثر من سبعة أشهر، عندما أعلنالأردن عن فك الروابط القانونية والإدارية بين المملكة الأردنية والضفة الغربية المحتلة، وأوقف جميع مشروعات التنمية التي كان يعدها هناك،وحل جميع المؤسسات التابعة لها، ويعتبر هذا إنجازاً هاماً للقيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة، ومن أهم إنجازاتها السياسية وتحويل هذاالانجاز الى قوة دفع جديدة للنضال الفلسطيني ولهذه الانتفاضة بالذات.


وبعد مضي أكثر من مئة يوم على الحوارات والتحركات والاتصالات تمكنت قيادة م.ت.ف من وضع تصورها السياسي المستقبلي، وحددتالثاني عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر 1988، موعداً لعقد دورة طارئة للمجلس الوطني الفلسطيني، لمناقشة هذا التصور وإقراره.


وسميت هذه الدورة بدورة "الانتفاضة" وفي الساعة الصفر والدقيقة الأربعين بتوقيت القدس الشريف، من يوم الثلاثاء الواقع في السادس منربيع الثاني 1409 للهجرة الموافق للخامس عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر 1988، تم اتخاذ أهم قرار سياسي في تاريخ الحركة الوطنيةالفلسطينية منذ نشأتها ألا وهو إقرار " وثيقة الاستقلال " بالإجماع، كما أقر المجلس بأغلبية أصوات أعضائه البرنامج السياسي لإنجازهذا الهدف وتمكين هذه الدولة من ممارسة سلطتها الفعلية على أرضها.

واستندت "وثيقة الاستقلال" قيام دولة فلسطين الى الحق الطبيعي التاريخي والقانوني للشعب العربي لفلسطيني في وطنه فلسطينوتضحيات أجياله المتعاقبة دفاعاً عن حرية وطنهم واستقلاله وانطلاقاً من قرارات القمم العربية، ومن قوة الشرعية التي تجسدها قرارات الأممالمتحدة منذ عام 1947. ولم يفت وثيقة الاستقلال عند إيرادها للسند القانوني أن تشير الى "الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب العربيالفلسطيني بتشريده وبحرمانه من حق تقري المصير، إثر قرار الجمعية العامة (للأمم المتحدة) رقم 181 لعام 1947 الذي قسم فلسطين الىدولتين، عربية ويهودية، ثم أضافت أن هذا القرار "ما يزال يوفر شروطاً للشرعية الدولية، تضمن حق الشعب العربي الفلسطيني في السيادةوالاستقلال ".وقد دعمت الانتفاضة هذا التحول، بما عبرت عنه جماهيرها من تظاهرات التأييد وبما صدر عن قيادتها الوطنية الموحدة من نداءات رحبتبوثيقة الاستقلال واعتبرتها خطوة مهمة على طريق إنجاز الاستقلال الوطني، ولشهادة الانتفاضة وزنها ليس لكونها من أهم مراكز التأثير فيصنع القرار الفلسطيني فحسب، بل لكونها كذلك، فكراً وتنظيماً، من نتاج ذلك المسلسل الطويل لعملية الصراع العربي الفلسطيني ضداسرائيل وما نجم عنها من متغيرات فالانتفاضة علامة فارقة في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة وتاريخ م.ت.ف بالذات، فصلتبين ما قبلها وبعدها، بهذا التحول في المسيرة من حركة تحرير وطني الى حركة استقلال وطني.

ولم تأت الانتفاضة الجماهيرية العارمة للشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة بشكل عفوي أو آني، ولم يكن حادث معبر بيت حانون "إيرزسابقاً " عند مدخل قطاع غزة والذي راح ضحيته أربعة شهداء، وسبعة جرحى آخرين، نتيجة صدمهم بسيارة عسكرية احتلالية حادثاً قدرياًلعبت الصدفة ملعبها في أحداثه، إنها حالة عداء تمتد الى أكثر من أربعين عاماً مضت وستمتد حتى تحقيق قيام الدولة المستقلة للشعبالفلسطيني الذي أنشئت على أرضه إسرائيل، لقد توجت الانتفاضة الفلسطينية أعواماً من النضال والكفاح لتختصر كل أنواع الإرهابوالقمع والبطش الاسرائيلي عبر رفض الشعب الفلسطيني للاحتلال ومناداته بأعلى صوته بسقوطه، وجاء عام 1988 كما قال عنه السيدالرئيس/ ياسر عرفات هو عام البشرى فإن هذه الانتفاضة الكبيرة بشهدائها وجرحاها ومعتقليها هم رسل هذه البشرى، وهي الخطوة الأولىعلى طريق إنهاء الاحتلال وطرده وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، التي هي الحل الوحيد للمأزق الإسرائيليمثلما هي للمأزق الفلسطيني.

إن مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال الإسرائيلي ليست حديثة النشأة ولم تبدأ مع انطلاقة الشرارة الأولى للانتفاضة في الضفة الغربية وقطاع غزة، في الثامن من كانون الأول "ديسمبر" وهذه الحقيقة لا تضع الانتفاضة على قدم المساواة مع أعمال وأشكال المقاومة والرفضللاحتلال السابقة لها، وإنما لتأكيد أن تراكمات النضال القومي الفلسطيني على مدى عشرين عاماً من الاحتلال في ذلك الوقت أفضت فيالنهاية الى الانتفاضة المجيدة.


بداية الإنتفاضة الاولى

بدأت الانتفاضة في الثامن من كانون الأول "ديسمبر" 1987 حينما كانت حافلات تقل العمال الفلسطينيين من أماكن عملهم "في إسرائيل" العائدة مساءً الى قطاع غزة المحتل، على وشك القيام بوقفتها اليومية المقيتة أمام الحاجز الإسرائيلي للتفتيش حينما داهمتها شاحنةعسكرية إسرائيلية، مما أدى الى استشهاد أربعة عمال وجرح سبعة آخرين (من سكان مخيم جباليا في القطاع) ولاذ سائق الشاحنةالعسكرية الإسرائيلية بالفرار على مرآى من جنود الحاجز، وعلى أثر ذلك اندلع بركان الغضب الشعبي صباح اليوم التالي من مخيم جبالياحيث يقطن أهالي الضحايا الأبرياء ليشمل قطاع غزة برمته وتتردد أصداءه بعنف أيضاً في الضفة الغربية المحتلة، وذلك لدى تشييعالشهداء الأربعة، وقد شاركت الطائرات المروحية قوات الاحتلال في قذف القنابل المسيلة للدموع والدخانية لتفريق المتظاهرين، وقد استشهدوأصيب في ذلك اليوم بعض المواطنين، وفرضت سلطات الاحتلال نظام منع التجول على بلدة ومخيم جباليا وبعض أحياء في قطاع غزة.


وفي 10/12/87 تجددت المظاهرات والاشتباكات مع قوات الاحتلال حيث عمت مختلف مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية وقطاع غزة فيأكبر تحد لسلطات الاحتلال واجراءاتها التعسفية والقمعية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وقد واجه أبناء الشعب الفلسطيني في الضفةالغربية وقطاع غزة رصاص قوات الاحتلال بصدورهم العارية، وأمطروا جنود الاحتلال الذين تمترسوا بسياراتهم المدرعة بالحجارةوالزجاجات الفارغة وقنابل المولوتوف، مما أدى الى استشهاد وإصابة العديد من المواطنين برصاص جيش الاحتلال.


وفي قطاع غزة تحول الصدام بين الجماهير وقوات الاحتلال الى معركة حقيقية حيث كانت المدينة مغلقة تماماً، والطرق مسدودة بالمتاريس،وجميع المدارس والجامعات علقت الدراسة، والشوارع يملؤها الحطام، والدخان الأسود المنبعث من الإطارات المحترقة، ورفع المتظاهرونالأعلام الفلسطينية وصور الشهداء، وصور القائد أبو عمار، وتعالت الهتافات المنددة بالاحتلال وقمعه وبطشه وقد اعترف ناطق باسم جيشالاحتلال واصفاً ذلك اليوم المتأجج قائلاً: أن قنبلة مولوتوف القيت على عربة عسكرية وأن الأمور ساخنة جداً وتصاعدت الانتفاضة يوماً بعديوم حيث تصدى الشعب الفلسطيني بأكمله بجسده ودمه لكل آلة القمع والوحشية الاسرائيلية، ويومياً سطرت الجماهير الفلسطينية آيات منالمواجهة البطولية للمحتلين وسقط الآلاف من الشهداء والجرحى من أبناء فلسطين في أضخم انتفاضة جماهيرية عارمة شهدتها الأراضيالفلسطينية المحتلة منذ سنوات طويلة بل شهدها العالم الحديث وأطولها حيث انتهت في الخامس من آيار 1994 وذلك مع دخول القواتالفلسطينية المحررة الى أرض الوطن بعد توقيع اتفاقية إعلان المبادئ الفلسطينية الاسرائيلية – أوسلو.

صور الانتفاضة الاولى ... انتفاضة الحجارة


غدت صور الانتفاضة الفلسطينيّة الأولى (1987-1991) في أيّامنا هذه، أيقونة تجسّد مرحلة سياسيّة اجتماعيّة وطنيّة ماضية، لكنّها ما زالت تمثّل تطلّعات آنيّة نحوها؛ فهي انتفاضة شعبيّة عمّت كلّ فلسطين المحتلّة، شملت النساء والرجال والشباب والشيوخ والأطفال، سلاحها الجسد الفلسطينيّ والحجر.

ميّزتها اللحمة الوطنيّة والتنظيميّة الحقيقيّة من خلال اللجان الشعبيّة في كلّ بلد، الموحّدة تحت راية واحدة فقط؛ الراية الفلسطينيّة...

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى

صور الانتفاضة الاولى


أبو جهاد شهيد الانتفاضة


مع نهاية الشهر الأول للانتفاضة،انعقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في بغداد بين 6،9 كانون الثاني/ يناير 1988 يستمع إلى أول تقرير رسمي عن الانتفاضة، من إعداد قائد بارز ومتخصص بشؤون فلسطين المحتلة، هو الشهيد خليل الوزير “ابو جهاد” تكمن قيمة هذا التقرير ظن فيما اكتسبه الأيام من مصداقية وفي ما شهدت به نداءات القيادة الموحدة للانتفاضة، ومنها تلك التي صدرت ولا تزال بعد استشهاد واضعة، فجر 16 نيسان / إبريل 1988، إثر عملية كوما ندوس قامت بها وحدات إسرائيلية خاصة في تونس. مما قاله الشهيد في تقريره، إن الانتفاضة قرار دائم وممارسة يومية تعكس أصالة شعب فلسطين وتواصله التاريخي المتجدد.


وإنها جاءت تتويجاً لمجمل النضال الوطني، لم تكن مقطوعة أو منفصلة عن مجمل المسيرة النضالية، بل جاءت نتاجاً طبيعياً لهذه المسيرة التي تقودها منظمة التحرير الفلسطينية، مسلحة ببرامجها وشعاراتها السياسية كما ركز القائد الشهيد في تقريره، على جملة ملافظات منها شمولية النضال لكافة جماهير الشعب ومختلف قطاعا ته وفئاته وتياراته وأجياله، وشموليتها لكل مدينة وقرية وحي ومخيم كما ركز على تطوير الخبرات النضالية، وارتقاء مستوى الأداء في القبضة الحديدية وأساليبها القمعية وحملات القتل الجماعية وفي هذا المجال أشاد يقوى الشعب وأطره ومؤسساته وخاصة اللجان الوطنية والشعبية التي أفرزت على مستوى القاعدة في كل مكان.


وحول أهداف الانتفاضة جاء في تقرير القائد الشهيد، أنه في الوقت الذي كان شعار“ الإنهاء الفوري للاحتلال، والالتفاف حول م.ت.ف. وأهدافها هو عنوان الانتفاضة فإن هذه الانتفاضة كانت تتعامل باقتدار في طرح مطالب للتنفيذ الفوري، مثل إلغاء قانون الطوارئ الصادر في عهد الانتداب البريطاني ومنه الإبعاد والاعتقال الإداري من غير محاكمة ونسف البيوت والمطالبة بالإفراج عن معتقيها وإلغاء الضرائب الإضافية …..الخ.وكل ذلك لمنح الانتفاضة قوة دفع جديدة.

كما لاحظ التقرير، نجاح التجربة الجديدة للجان الشعبية والوطنية في إدارة أمور الحياة اليومية، من خلال تنظيم حملات الاستغاثة وتوفير المواد التموينية للمناطق المحاصرة، ورعاية أسر الشهداء والمعتقلين، فضلاً عن التعامل الذكي مع وسائل الإعلام الغربية لإيصال صورة الانتفاضة إلى العالم كله. إن من عاش بعد رحيل أبو جهاد يستطيع الشهادة بأخذ ذلك التقرير كان قراءة كافات من فكر الانتفاضة وتنظيمها بقدر ما كان قراءة كما هو آت وهو يؤكد موقعه فيها ومكانتها في فكره وقلبه وهو من قال: لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة، وإن الانتفاضة لم تكن هبة عاطفية عارضة ولكنها فتح جديد وواقع يحمل أفاق مستقبل جديد وإن الانتفاضة أكدت تلاحم فلسطيني الداخل والخارج؟.

لم تكن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تجهل الدور الكبير لأبي جهاد في اندلاع الانتفاضة وتوجيهها وقد ورد في تحليل صحافي أمريكي أن القرار بقتله يعود لكونه أحد الأوائل الذين نظموا الانتفاضة. وقد كان يجري مكالمات هاتفية مع أشخاص في الأراضي المحتلة عن طريق جنيف، ليضلل عملية التصنت الإسرائيلي وقد اعتبره الإسرائيليون قائداً خطراً، فقرروا القضاء عليه قبل أن يوصل الانتفاضة إلى مرحلتها الثالثة، وهي إقامة الدولة أو الحكومة في المنفى.

في الواقع أن القرار الإسرائيلي باغتيال أبو جهاد كان قد اتخذ منذ زمن أبعد بكثير فهو ليس من مؤسسي حركة فتح الأوائل في بداية الستينات وحسب بل ومن رواد المقاومة في غزة سنة 1956 فهو هدف إسرائيل دائم وقد تسائل الكاتب الإسرائيلي رون بن شاي كيف يخطئ رجل مثل ابو جهاد بالسكن قرب شاطئ البحر إلا إذا كان يعتقد أن الوضع السياسي الدولي لن يشجع للإقدام على المساس بأحد زعماء منظمة التحرير ومواجهة الانتقادات الدولية.

وتضافرت الجهود على أعلى المستويات في القوات المسلحة الإسرائيلية وعن اشتراك أربع قطع بحرية منها سفينة حراسة “كورفيت corvette” تحمل طائرتي هليوكبتر لاستعمالها إذا اقتضت الحاجة للنجدة، كما تحمل إحداهما مستشفى عائماً وقد رست القطع على مقربة من المياه الاقليمية التونسية تواكبها طائرة قيادة وطائرة أخرى للتجسس والتعقب. وقد أشرف عدد من كبار العسكريين بينهم اللواء أيهود باراك واللواء أمنون شاحاك رئيس الاستخبارات العسكرية على تنفيذ العملية من الجو والبحر.

وصلت فرق الكوماندوس بالزوارق المطاطية إلى شاطئ تونس وانتقلت وفق ترتيبات معده سابقاً إلى ضاحية سيدي بوسعيد، حيث يقيم أبو جهاد في دائرة متوسطة هادئة وهناك انتظرت عودته في منتصف الليل، وقد انقسمت إلى مجموعات اختبأ بعضها بين الأشجار للحماية والمراقبة وبعد ساعة من وصول أبو جهاد تقدم الاسرائيليون في مجموعات صغيرة نحو المنزل ومحيطه فتم تفجير أبوان المدخل في مقدمة المنزل دون ضجة لاستعمالهم مواد متفجرة حديثة غير معروفة من قبل، وفي ثوان صعدت إحدى المجموعات إلى غرفة القائد وأطلقت علبة سبعين رصاص بكواتم الصوت أصابته منها أربعون احتاط الاسرائيليون في إقدامهم على اغتيال القائد الفلسطيني لكل الاحتمالات ومنعاً لوصول اية غبرة قطعوا الاتصالات التليفونية بتشويش عبر أجهزة الرادار من الجو في منطقة سيدي بوسعيد خلال العملية وعادت المجموعات إلى الشاطئ حيث تركت السيارات التي استعملتها وركبت الزوارق إلى السفن المتأهية في عرض البحر ثم عادت إلى اسرائيل في أربعة أيام وفي حراسة الطائرات الحربية اعتبرت اسرائيل اغتيال القائد أبو جهاد نصراً كبيراً وتشير تفاصيل العملية إلى أن الاسرائيليين قد أعدوا لها بدقة بالغة ولكنهم أخطأوا في التصويب نحو مرمى الهدف الرئيسي وهو اغتيال الانتفاضة فقد مات أبو جهاد وعاشت الانتفاضة مات القائد وعاش الرمز في كل بيت وفي كل قلب ما إن انتشر الخبر المضجع في أرض الانتفاضة حتى شهدت شوارعها في 16 نيسان/ إبريل اعنف التظاهرات منذ قامت الانتفاضة. ابتدأت التظاهرات بمسيرات صامتة حداداً وخشوعاً فبادر الجيش الاسرائيلي إلى تفريقها بقنابل الغاز المسيل للدموع وبالنار والرصاص المطاطي وانطلقت غزة مدينة أبو جهاد بعد الرملة، تتحدى منع التجول المفروض عليها وشارك حتى الأطفال في التظاهرات وانتهى اليوم الغاضب الاول في وداع الأرض المحتلة لابنها البار باستشهاد سبعة عشر مواطناً بينهم ثلاث نساء، كما أصيب بجراح بالغة أما المعتقلون فكانوا بالمئات لن تتوقف الخيارات الرمزية في أسبوع أبو جهاد ولم تنزل الاعلام الفلسطينية والاعلام السوداء عن المنازل والأبنية والمساجد والكنائس وقد طالبت الهيئة الاسلامية العليا بدفن جثمان القائد الشهيد في رحاب المسجد الأقصى، هذا وفرضت سلطات الاحتلال منع التجول على جميع مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة وأعلن أن مناطق عديدة باتت مناطق عسكرية مغلقة بوجه الصحافة وأقامت معتقلاً جديداً بالقرب من القدس أطلق عليه اسم أنصار الصغير وذكرت بأنها ستفتح سجناً آخر لاستيعاب المعتقلين.


وعلى الرغم من الاجراءات القمعية ومن الحصار العسكري والاقتصادي الخانق على المخيمات انطلقت التظاهرات في ذكرى الاسبوع في 22 نيسان / إبريل إثر صلاة الغائب في كل مكان تتحدى قرار منع التجول. دفن القائد الشهيد في الرابع من رمضان 1408للهجرة، الموافق للعشرين من نيسان/ إبريل 1988 في دمشق فكان يوماً عربياً مشهوداً، رفرفت فيه روح الانتفاضة وتكرس فيه الشهيد رمزاً خالداً من رموزها، وجاء في وصف الوداع في جريدة السفير اللبنانية.

“قلب العروبة النابض ضخ إلى الشوارع نصف مليون إنسان وأكثر فملىء هديرهم جنبات المدينة العريقة بالعافية، في دمشق فقط كان يمكن أن يجري أمس الذي جرى معيداً إلى الحياة صورة كادت تصبح من الماضي.. صورة الحشد المندفع بعواطفه وطموحاته وحماسته وارادتها الصلبة في المجابهة ورد التحدي.. في دمشق اتخذ الرد على اغتيال أبو جهاد وبعده الكامل ها هو الشعب كله في الساحة، هاهي الأمة كلها تنخرط في الانتفاضة لتحمي فلسطينها، كانوا أكثر من نصف مليون، انتشروا من مستشفى المؤاساة حتى اليرموك، وتجمعوا هناك وتحولوا إلى بحر بشري غطى المخيم ومحيطه وشكلوا أكبر تظاهرة تأييد للانتفاضة وهي في مستوى اخر تذكر إلى حد بسميرة التشييع التي جرت في القاهرة لوداع الرئيس جمال عبد الناصر. وكما كان الشهيد الراحل أبو جهاد معطاء في حياته هكذا كان في حماسته وكادت روحه أن ترتاح لأمنية طالما سعى إليها وهي استكمال الوحدة الوطنية وتطبيع علاقات الاخوة مع سوريا فتمت لقاءات بين مسئولين من فتح ومسئولين سوريين كما التقى الرئيس عرفات مع الرئيس السوري حافظ الأسد في 25 نيسان/إبريل 1988 وتعلقت الأمال بطي صفحة الخلافات ولكن اتضح أن تلك أمنية لا تزال تنتظر فرصة اخرى.


دور المرأة في الانتفاضة الاولى


حكمت علاقة الرجل والمرأة في المجتمع الفلسطيني صيغة النضج والتفاعل، إلا أن أوجه العلاقة التقليدية بينهما لم تتلاشى وهذه على صلة بالخلفية الاجتماعية والثقافية للمجتمع، والملفت في الانتفاضة هو أن الدور الملموس والفاعل والمتكامل والمتمازج الذي أسقط الحاسية التقليدية لدور المرأة وضوابطه في الانتفاضة أدى أيضاَ لذوبان الفوارق الشكلية بين المرأة والرجل في الفعل الجماهيري حتى أن تقييما نضالياً جديداً للعمل برز من خلال الانتفاضة بين الرجل والمراة، أعطى المرأة دوراً بارزاً ومتقدماً لا يستطيعه الرجل "مثلاً إعتقال الأطفال والشباب في القرى والمخيمات والمدن وقيام النساء بتخليصهم من أيدي الجنود".


ولم يكن الدور البطولي الذي لعبته المرأة الفلسطينية في الانتفاضة الباسلة بداية بمسيرتها في التاريخ النضالي للشعب الفلسطيني وثورته الجبارة بل كانت منذ أن تعرض الشعب الفلسطيني للاحتلال تمارس دورها جنباً إلى جنب مع الرجل في كل موقع وزمان ورسمت دورها بفروعه وإصرار وأبدعت في الأداء والصفاء لفلسطين القضية والأرض والإنسان.


فقد ابدعت في الإخلاص لفلسطين الأرض، حينما رشت حبات عرقها التراب الطاهر وهي تفلح الأرض مع الرجل وفي كثير من الأحيان لوحدها عندما كان يتعرض زوجها أو ابنها للاستشهاد أو الاعتقال حيث لم تدع الأرض تبور أو تجف ترابها كما أنها أبدعت في عطائها لفلسطين الانسان عندما كان لا يجد المال الكافي ليحقق حلمه في شراء البندقية للدفاع عن أرضه وعرضه وسرعان ما يجد المرأة وهي تقدم صيغتها وحليها مقابل الحصول على البندقية وذهبت في نضالها في نفس الأحيان إلى أبعد من ذلك حينما كانت تحمل البندقية وتواجه عمليات الاستيلاء على الأراضي وتخريبها من قبل المستوطنين الصهاينة منذ بداية الغزو الصهيوني لفلسطين. وعلى الرغم مما أحل بقضية فلسطين واتساع حلقة التآمر على شعب فلسطين على صعيد التهويد فإن ذلك زادها إصراراً على مواصلة نضالها حيث أنها بعد عام 67 انخرطت وبشكل فعلي في العمل المسلح وشاركت في المجموعات الفدائية البطولية وساعدت في نقل الأسلحة وتخزينها ونفذت العديد من العمليات النوعية ضد مواقع عدوها الصهيوني.


واستمرت المرأة الفلسطينية بعزيمتها القوية تتابع مسيرتها النضالية عبر جميع اشكال العمل الوطني وهي تدق أبواب الحرية والاستقلال ومارست دورها في كل المواقع، ناضلت كأم تربي أطفالها على التحدي والنضال واخترقت بقوة ارادتها معظم الأطر الطلابية والنسائية لتمثل فلسطين في اتحاد المرأة الفلسطينية على صعيد الخارج وتتعدى النشاط السياسي والعمل الجماهيري الوطني داخل فلسطين المحتلة من خلال مشاركتها في اتحادات مجالس طلبة الجامعات واستطاعت المناضلات الفلسطينيات تكوين وخلق الأطر النسائية في جميع المواقع حتى اصبح دور هذه الأطر يضطر حيزاً كبيراً من احتياجات جماهير الشعب الفلسطيني في المخيم والقرية والمدينة وبرز اتحاد المرأة للعمل الاجتماعي وشارك عبر تفاعله وعطائه اليومي في إيجاد البنية التحتية للانتفاضة الباسلة حيث وفر الظروف والاحتياجات الضرورية لانجاح التعليم الشعبي بعد أن لجأ الاحتلال لاستخدام سلاح التجهيل للضغط على الانتفاضة كما عمل اتحاد المرأة على المشاركة في إقامة العيادات الميدانية لتوفير العلاج السريع لجرحى الانتفاضة، فضلاً عن دور اتحاد المرأة في إنشاء وتأسيس رياض الأطفال في العديد من المدن والقرى والمخيمات لتوفير التربية والتعليم المناسب للجيل الفلسطيني القادم وتعبئته وطنياً ومساعدته على حمل التراث والحفاظ عليه عبر الأناشيد والصور واللباس.

وكما كان لدور المرأة والفتاة الفلسطينية بروزاً مميزاً في انتفاضة الاستقلال والنصر أيضاً كان لدورها في الثورة الفلسطينية السابقة أثراً كبيراً حينما قامت بقيادة المظاهرات ورفع الاعلام الفلسطينية في انتفاضة عام 74 حيث بلغ الحقد الصهيوني على الفتاة الفلسطينية درجة الوحشية حينما داست الدبابات الاسرائيلية في مدينة جنين جسد المناضلة فتحية عوض الحوراني التي تصدت للدبابة بجسدها الطاهر وأضافت ببذلها وعطائها صفحات جديدة لنضال الشعب الفلسطيني وكذلك في انتفاضة عام 67-77 التي استمرت ثلاثة أسابيع، برز الحقد الصهيوني مرة أخرى حينما لجأ أحد ضباط الاحتلال الى إطلاق الرصاص عن قرب على المناضلة الشهيدة لينا النابلسي في مدينة نابلس لأنها كانت تقود مظاهرة كبيرة واستطاعت النجاح في الافلات من قبضة الاحتلال ولكن جيش الاحتلال تابعها وبعد مطاردة طويلة استطاع أن يساعدها في نيل الشهادة لتعطي نضال المرأة الفلسطينية دفعة قوية ولتثبت للعالم أن جميلة بوحريد لم تمت وأن كل الفلسطينيات هم أمثال المناضلة جميلة ونتيجة لجميع النضالات والعطاء المميز للمرأة الفلسطينية جاءت الانتفاضة البطلة، وثورة الجماهير الشاملة لتتوج نضالات الشعب الفلسطيني ولتضع المرأة الفلسطينية بصورتها البطولية أمام جميع عدسات التلفزيون ولتظهر في كل بيت في العالم على حقيقتها البطولية وليشهد العالم بدورها الانساني أيضاً.

ومع ان الحقيقة لم تظهر كاملة لأن الاحتلال فرض حصاره الاعلامي على دورها محاولاً دفن الحقائق إلا أن الدور العظيم للمراة الفلسطينية كان أحد العوامل الفاعلة والأساسية لاستمرار الانتفاضة …فالمرأة استطاعت أن تفشل سياسة الاحتلال الاسرائيلي في فرض الحصار الاقتصادي على القرى والمخيمات حينما كانت المرأة تحمل كميات كبيرة من الحليب وتتسلل مخترقة الحصار لمساعدة أهالي القرية أو المخيم المحاصر وكان لذلك أثر كبير في رفع معنويات الأهالي المحاصرين ومساعدتهم على الاستمرار في النضال اليومي، كما عملت المرأة الفلسطينية على توفير كميات كبيرة من الخبز عندما كانت وعلى مدار العشرين ساعة جالسة خلف الغرف وهي تخبز وحينما لجأ الاحتلال الى قطع الكهرباء ومنع الغاز لجأت المرأة الفلسطينية إلى استخدام الطابون الفرن الطبيعي وقهرت الاحتلال ووفرت الخبز والحليب لأبناء الشعب الفلسطيني.

كما عملت المرأة الفلسطينية على تحرير العديد من شباب وأبطال الانتفاضة وأفراد المجموعات الضاربة من أيدي جنود الاحتلال حينما كان يلقي القبض عليه وكذلك إنقاذ أعداد كبيرة من الاعتقال وتهريبهم وتوفير كمائن لهم داخل البيوت أو الحقول " سيدة تخبئ شاباً من الجنود مع ابنتها الصبية في نفس الغرفة وتدعي أمام الجنود أنه ابنها وهو ليس ليبحثون عنه " وكانت تحمل للمطاردين في الجبال والحقول احتياجاتهم من الملابس والغذاء اليومي مما ساعدهم على الاستمرار في مطاردة الاحتلال والاختفاء لحمايتهم من الاعتقال ولم يختصر دور المرأة على هذه الجوانب النضالية بل ساهمت بانجاح برامج نداءات القيادة الموحدة للانتفاضة حينما طلب مثلاً رفع الاعلام الفلسطينية في معظم أيام الانتفاضة لجأت المرأة إلى توفير القماش بألوانه الأربعة وقفت ساعات طويلة وهي تخيط راية العزة والنصر، علم فلسطين وزودت المناضلين بكميات كبيرة وبأحجام مختلفة من الاعلام الفلسطينية لترفرف في كل موقع معلنة أن فلسطين حرة عربية .

وها هي المرأة الفلسطينية في الانتفاضة تخرج للشارع لتشارك في الاعتصامات والمظاهرات وتصطدم مع قوات الاحتلال متحدية الغازات السامة والدبابات والرصاص وتقدم فلذات أكبادها والأجنة في بطونها شهداء على درب الاستقلال والنصر جراء استنشاق الغازات السامة أو الاستشهاد أو الضرب على أيدي جنود الاحتلال وتقول للعالم أن الجنين الفلسطيني يسابق جميع الأحياء إلى الشهادة من أجل أن تحيا فلسطين ومن أجل دولة فلسطين المستقلة التي ولدت جنين البطولة والنداء من الصمود والايمان بعدالة قضية فلسطين وحتمية انتصارها. ولم يقتصر دور المرأة على ذلك فقط بل مارست دوراً فاعلاً وهاماً في تحريك وتنظيم الامكانيات النسائية من خلال توعية المرأة الفلسطينية لدورها في الانتفاضة فأصدرت البيانات الخاصة بالمرأة الفلسطينية بما ينسجم مع برامج بيانات القيادة الموحدة للانتفاضة مما دعم هذه البرامج وزادها قوة وشمولية ومن هذه البيانات والنداءات على سبيل المثال لا الحصر.

هذا وقد كان لهذه النداءات الأثر البالغ على المرأة الفلسطينية التي التزمت بكل ما جاء فيها بقوة وإصرار على دحر الاحتلال وهنا نورد رصداً لبعض الفعاليات النضالية التي قامت بها الطالبات الفلسطينيات لتوضيح مدى مشاركتهم في الانتفاضة المجيدة علماً أن هذا الرصد يغطى فقط نهاية سنة 1987حتى منتصف عام 1988 وهو مأخوذ من كتاب المرأة الفلسطينية درس في الانتفاضة ونورده هنا بهدف طرح بعض الأمثلة لا لحصرها.

ونتيجة للدور الهام والجرئ للمرأة الفلسطينية في الانتفاضة أدركت الادارة الاسرائيلية ذلك إذ قالت " ان الحرب هي الحرب وإن للنساء الفلسطينيات دوراً فعالاً في الانتفاضة لذلك لا بد من اعتقالهن وتعذيبهن إذ لزم الأمر لنزع الاعتراف منهن " جاء ذلك في مجلة الوطن العربي عدد 85 –611-28/ 10/1988 نقلاً عن تقرير جرى تسريبه بواسطة جمعية نسائية تشكلت لنصره المعتقلات السياسيات الفلسطينيات يفوق الرقم 150 إمرأة الذي تعترف به الادارة الاسرائيلية رسمياً في ذلك الوقت.


ولم يكن الاعتقال أو الضرب أو الجرح أو الشهادة فقط ما تواجهه المراة الفلسطينية خلال مشاركتها في فعاليات ونشاطات الانتفاضة بل واجهت حرباً ديمغرافية مبرمجة هدفها الحد من التكاثر الفلسطيني وليس أدل على ذلك من إجابة "غولدا مائير" عندما سئلت عن السبب الذي يمنع عنها النوم أنه "ولادة طفل عربي"، إن الهاجس الديمغرافي يشكل قلقاً دائماً على الذهنية الصهيونية وخصوصاً الأحزاب اليمينة المتطرفة.

فقد أدى تزايد أعداد الفلسطينيين في السنوات الأخيرة إلى بروز أحزاب وقحة ليس لبرنامجها السياسي أية قيمة..إذا شطبت منه كلمة الترانسفير وهكذا أصبح من العادي جداً أن تجد مخلوقات بنت على العنصرية الحاقدة مكاناً لها في الكنيست في ذلك الوقت أمثال رحفعام زئيفي، مئيرر كهانا، وايتان، وهورفيتس ونئمان وغئيولا كوهين، ويظهر هؤلاء كإنسانيين وأخلاقيين بقولهم " لا نريد قتل الفلسطينيين ولكننا سنجهزلهم شاحنات ترمي بهم على الحدود العربية".

ولا استغراب بعد هذا أن تغتنم قوات الاحتلال وضع الانتفاضة لتسلط جام غضبها ليس فقط على الأحياء بل على من لم يروا النور بعد.. فإذا أخذنا احصائية حتى يوم 9/10/1988 للشهداء فنجدها 470 شهيداً ولكن من المنطق أن يضاف إلى هؤلاء شهداء مجهولين قضوا على يد حقد الجيش الاسرائيلي جراء حالات الأجهاض التي بلغت حتى 9/10/1988 "1700" حالة جراء استنشاق الغازات السامة والضرب المبرح. إذ كان يتعمد الجيش الإسرائيلي إلقاء قنابل الغاز السامة على المخيمات المكثفة بالسكان والتي يمتاز الكيلومتر المربع منها بكثافة سكانية تعادل أضعافها في المدن مما يجعل أثرها أوسع وأشمل وعليه تكون أغلب حالات الإجهاض خلال الانتفاضة قادمة من المخيمات.

إن تصريحات قادة اسرائيل وأدبياتهم في ذلك الوقت التي تعبر عن قلقهم من تزايد السكان الفلسطينيين وقيام بعض اجهزة اسرائيل الامنية بتسميم خزانات المياه في مدارس البنات بمواد كيماوية تسبب العقم قبل عدة سنوات من الانتفاضة، وإثبات التقارير الطبية للعلاقة بين الغاز والاجهاض، كل هذا ليؤكد بأن هناك تعمداً مشفوعاً بأوامر عسكرية بخصوص القاء قنابل الغاز على التجمعات الكثيفة في المخيمات وإن نسبه الاجهاض العالية جداً ليست نتيجة للصدفة او للظروف التي تتبعها الأوضاع القائمة في الارض المحتلة. صحيح ان نسبة الولادة تزايدت خلال الانتفاضة بمعدل 100 حالة زيادة على الرقم العادي ولكن هذا لا يلغي الرقم المرعب لحالات الاجهاض.

فك الارتباط الأردني مع الضفة الغربية


في مطلع شهر تموز 1988، قررت الحكومة الأردنية بناء على توجيهات الملك حسين، اتخاذ سلسلة من الاجراءات التي جرت تسميتها (فك العلاقات "الارتباط القانوني والاداري والمالي " مع الضفة الغربية وتضمنت إلغاء خطة التنمية الأردنية للضفة الغربية واستبدال وزارة شؤون الأرض المحتلة بدائرة سياسية في وزارة الخارجية الأردنية وإنهاء خدمات حوالي 21 ألف موظف في الضفة الغربية، مع استثناء مؤقت لمؤسسات الأوقاف الاسلامية والمحاكم الشرعية وإخراج بعض الأعضاء الفلسطينيين في مجلس الأعيان الأردني وأخيراً سحب الجنسية الأردنية من مواطني الضفة الغربية وقطاع غزة واعتبار وثائق جواز السفر التي بحوزتهم وثائق للتعريف على هويتهم الشخصية والتوقف عن منح الجوازات وتجديدها والبدء في عملية استبدالها بأوراق خاصة.


الأسباب الأردنية لفك الارتباط

إن تفاعل الساحة الأردنية مع الانتفاضة الوطنية ليس أمراً جديداً أو طارئاً أو مؤقتاً فالآراء العامة في فلسطين وشرقي الأردن على وتيرة واحدة لقد جاءت الانتفاضة الفلسطينية لتعيد إنشاء المدارس السياسية في شرقي الأردن كما كانت في الثلاثينات وعادت ثلاث مدارس سياسية أردنية لتجدد فكرها ودورها وصوتها وأخذت في الضغط باتجاه ترسيخ مدرسة الوحدة العربية التي عملت وتعمل من أجل المساواة والديمقراطية والحرية كأس لصياغة العلاقات الوحدوية.



الانتفاضة الاولى حقائق ومعطيات

-تشير معطيات مؤسسة رعاية أسر الشهداء والأسرى إلى:
  • استشهاد 1550 فلسطينياً خلال الانتفاضة. 
  • اعتقال 100000 فلسطيني خلال الانتفاضة.

- تشير معطيات مؤسسة الجريح الفلسطيني إلى: أن عدد جرحى الانتفاضة يزيد عن 70 ألف جريح، يعاني نحو 40% منهم من اعاقات دائمة، 65% يعانون من شلل دماغي أو نصفي أو علوي أو شلل في احد الاطراف بما في ذلك بتر أو قطع لأطراف هامة.

- كشفت احصائية أعدتها مؤسسة التضامن الدولي أن 40 فلسطينياً سقطوا خلال الانتفاضة داخل السجون ومراكز الاعتقال الاسرائيلية بعد ان استخدم المحققون معهم اساليب التنكيل والتعذيب لانتزاع الاعترافات.

- صدر عن مركز المعلومات الاسرائيلي لحقوق الانسان في الاراضي المحتلة (بيتسيلم) تقرير بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة للانتفاضة جاء فيه ما يلي:
  • استشهاد 1346 فلسطينياً من بينهم 276 طفلاً، على أيدي قوات الأمن الاسرائيلية و162 شهيداً على أيدي ما يسمى بالوحدات الخاصة.
  • استشهاد 133 فلسطينياً على أيدي المدنيين (المستوطنين) الاسرائيليين.
  • قتل 256 مدنياً اسرائيلياً، على أيدي الفلسطينيين.
  • قتل 127 رجل أمن اسرائيلياً على أيدي الفلسطينيين
  •  ترحيل 481 فلسطينياً من الاراضي المحتلة.
  • تعذيب عشرات الألوف من الفلسطينيين خلال استجوابهم.
  • اصدار 18000 أمر اعتقال اداري ضد فلسطينيين.
  • هدم 447 منزلاً فلسطينياً (على الاقل) هدماً كاملاً كعقوبة.
  • إغلاق 294 منزلاً فلسطينياً (على الاقل) اغلاقاً تاماً كعقاب.
  • هدم 81 منزلاً فلسطينياً (على الاقل) هدماً كاملاً خلال قيام جنوب الاحتلال الاسرائيلي بعمليات البحث عن المطلوبين.
  • هدم 1800 منزل فلسطيني (على الاقل) بحجة قيام اصحابها بالبناء بدون ترخيص.
  • بلغ عدد المتواطئين الذين قتلوا على ايدي فلسطينيين حتى نهاية نوفمبر/ تشرين ثاني 1997 حوالي 1068 شخصاً.
  •  ارغام عشرات الآلاف من الفلسطينيين المتزوجين من غير المقيمين في المناطق المحتلة العيش بعيداً عن بعضهم البعض.
  • ترحيل مئات الزوجات والازواج والاطفال المقيمين في المناطق المحتلة بحجة انتهاء فترة زيارتهم ولا يملكون بطاقة اقامة.
  • تقييد زيارة الاقارب للمناطق الفلسطينية.

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. غير معرف2/12/2021

    كانت ايام نطيفة مش حرامية زي اليوم وسحيجة

    ردحذف

إرسال تعليق

محتويات المقال