القائمة الرئيسية

الصفحات

الإنتفاضات الفلسطينية - تاريخ إنتفاضات وثورات فلسطين الشعبية

تاريخ الانتفاضات الفلسطينية - الانتفاضات والثورات والهبات الشعبية الفلسطينية 

تشكل فلسطين، جسراً برياً يربط بين قارتي آسيا وإفريقيا؛ ورابطًا يصل بين أوروبا والهند؛ وهي البلاد التي كان فرعون مصر يوصي ولي عهده بإبقائه تحت سيطرته؛ لأنها يمكن أن تكون ممرًا ينفذ منه الأعداء للسيطرة على مصر، وللتحكم بطرق القوافل التجارية بين أفريقيا وآسيا وأوروبا. إنها النقطة التي بقيت أهميتها الإستراتيجية قائمة حتى الآن؛ وخاصة بعد فتح قناة السويس، وازدهار أهمية النقل المائي في التجارة الدولية.

وقد ازدادت أهمية فلسطين بشكل كبير نتيجة علاقتها الوثيقة بالصراع الديني والحضاري؛ فهي من أبرز بؤر الصراع بين عقائد الديانات السماوية الثلاث وأفكارها، والثقافات المرتبطة بها، والحضارات التي بنيت عليها؛ ولهذا طغت النظرة إلى فلسطين باعتبارها الأرض المقدسة؛ فهي تضم ضريح سيدنا إبراهيم عليه السلام، وهي أرض نوح ولوط وإسماعيل وإسحق، عليهم السلام؛ وهي الأرض التي سعى إليها كليم الله موسى عليه السلام؛ وهي أرض ممالك داوود وسليمان عليهما السلام؛ وهي مهد عيسى عليه السلام، ومنطلق دعوته؛ وقد ازدادت قدسية فلسطين باعتبارها أولى القبلتين وثالث الحرمين عند المسلمين الذين تكفلوا بحمل دعوة التوحيد التي مهد لها من سبقهم من رسل الديانات السماوية. 

ومما زاد من أهمية فلسطين عند المسلمين، معجزة إسراء سيدنا محمد- عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- ومعراجه؛ حيث عرج من قدسها إلى السماء.

ومن هنا فإن الصراع على أرض فلسطين استمر على مر التاريخ؛ وسعت إليه القوى العالمية لبسط السيادة العقائدية والفكرية والحضارية والاقتصادية والسياسية والعسكرية.


تاريخ الانتفاضات الفلسطينية

ثورة 1834 : الثورة العربية الاولى في فلسطين

لم تقم في فلسطين على امتداد تاريخها الطويل ثورة أعم وأشمل وأكثر تنظيماً من ثورة 1834م ضد حكم محمد علي باشا (والي مصر)؛ لذا فإنه من المهم استعراض الكثير من القضايا المتعلقة بمحمد علي وولايته على فلسطين وأسباب الثورة ونتائجها.

دخلت بلاد الشام، ومن ضمنها فلسطين، تحت حكم محمد علي باشا لمدة عشر سنوات، بدأت في شهر 11/1831، وانتهت بنهاية عام 1840م؛ بعد حملة عسكرية قادها إبراهيم باشا ابن محمد علي، اكتسح فيها قوى السلطان محمود الثاني، وطاردها حتى مشارف الآستانة.

إبراهيم باشا
ابراهيم باشا


رأى محمد علي أنه يستطيع امتلاك عكا على الأقل؛ لتأمين حدوده الشرقية. وكان يراقب بارتياح تردي الأمور بين الولاة في الشام؛ إذ اقتتلوا حول دمشق ثم حاصروا عكا لمدة 9 أشهر سنة 1822؛ وثار الجنبلاطيون سنة 1925، وتنازعت الزعامات النابلسية في قضايا الولاية والضرائب؛ وامتنعت القدس وبيت لحم عن دفع الضرائب؛ وقامت ثورة في فلسطين رغم دكتاتورية عبد الله باشا الجزار؛ فقد كان هم المتسلمين في غزة جمع المال بأي طريقة؛ وكان الملتزمون للميري عبئاً ثقيلاً على أهل غزة؛ أما البدو في الأطراف؛ فكانوا ينهبون من ثروات غزة ما يزيد عن 200 ألف ليرة ذهبية كل عام؛ فشعر الناس بقرب الفرج حين سمعوا بقدوم محمد علي؛ فطردوا وكيل الجمرك، وأعلنوا العصيان؛ ولم يكن تهديد الجزار ليخيفهم؛ لأن الجنود المصريين سبقوه إلى غزة.

أما القدس ونابلس فقد جرد عليهم الجزار حملة نكبت زعماءهم، واضطر قسم منهم إلى الثورة، واعتصموا بقلعة صانور؛ فدمرها الجزار؛ ما دفع من تبقى من الزعامات إلى التعاون مع محمد علي.

الخليل 1834
الخليل 1834
لم يدفع عبد الله الجزار لمحمد علي ديونه، وآوى مجموعة كبيرة من الفارين من الجذرية في مصر؛ فاتخذ محمد علي ذلك ذريعة لمهاجمة فلسطين ومحاربة والي عكا. وبسبب كثرة الحروب بين الولاة؛ لم يكترث الباب العالي في البداية لهذه الحرب.

تحركت جيوش محمد علي براً وبحراً بقيادة إبراهيم باشا في 29/10/1731، ولم تجد صعوبة في احتلال العريش ورفح وغزة، وهربت قوى الجزار؛ فتابع إبراهيم باشا مسيره، ووصل إلى يافا في 8/11/1831، ودخلها وتوجه إلى حيفا في 13/11. وفي 26/11 بدأ حصاره لعكا.

قدم زعماء المناطق الفلسطينية الولاء لإبراهيم باشا وهو في حيفا. وكانت كتائب من الجيش المصري قد احتلت بقية فلسطين، ورفعت الضرائب التعسفية عن غير المسلمين؛ ما زاد في تأييد محمد علي باشا. بعد عدة أشهر من حصار عكا، بدأ القلق يساور محمد علي، خصوصاً أن الباب العالي أعلن عصيان محمد علي في 23/4/1832، وأصدر ضده فتاوى دينية وجرده من الولاية مع ابنه وأباح دمهما.
نابلس 1834
نابلس 1834


لكن عكا سقطت في 27/5/1832 وأسر عبد الله باشا وأرسل إلى مصر. وثارت بعد ذلك أزمة دولية خطيرة انتهت بصلح كوتاهية في 6/5/1833 الذي أعطى محمد علي ولاية فلسطين.

حاول إبراهيم باشا بعد ذلك دعم الإنتاج الزراعي، وأدخل إصلاحات على نظام التعليم؛ لكن مجموعة التدابير التي اتخذها جلبت عليه نقمة سكان فلسطين؛ ومن أهم هذه التدابير:

  •  مصادرة المؤن لتموين الجيش. 
  • مصادرة حيوانات النقل. 
  • إجبار الناس على إقامة التحصينات العسكرية بالسخرة. 
  •  نزع السلاح من الأهالي. 
  • التجنيد الإجباري.


وعندما صدر أمر إبراهيم باشا بطلب 3000 مجند من كل قضاء في فلسطين، وذلك في 25/4/1834؛ ما أدى إلى الصدام؛ لا مع عواطف الأهالي وحسب، بل مع سلاحهم.

في منتصف أيار هجم الفلاحون والبدو على القوات المصرية في الكرك، وذبحت حامية الخليل.

وفي 25/5/1934 هب طريق باب الواد، وتحركت الفتية في بيت جالا وبيت لحم، والبيرة؛ وقام الناس بحصار القدس، واشتعلت نابلس؛ فوصلت الثورة من صفد شمالاً إلى غزة جنوباً.

لم تكن الثورة مجرد انفجار شعبي عفوي؛ بل اتخذت الشكل التنظيمي حين تسلمت الزعامات قيادتها؛ فقد اجتمعوا وقرروا إعلان الثورة في 28/4/1834، وسيطر ثوار القدس على المدينة في 14/5؛ وكانت الخليل وغزة في يد الثوار والتحقت اللد وطبرية بالصورة أيضاً.

اتجه إبراهيم باشا إلى القدس يوم 6/6/1834، وبعد 3 أيام من المعارك الطاحنة دخلها في 8/6/1834، وتحصن في قلعة القدس بانتظار نجدة أبيه.

حاول ثوار نابلس اقتحام القدس فصدهم إبراهيم باشا 3 مرات، ولم يجد بدًا من مفاوضتهم، كي يكسب الوقت؛ فأوقف التجنيد، وألغى ضريبة الفردة؛ وعين قاسم الأحمد (وهو قائد ثوار نابلس) حاكماً على البلاد في 26/6/1834؛ فانتهى بذلك الحصار الذي استمر شهراً ونصف.

جاءت النجدات من مصر بعد أيام؛ ووصل محمد علي نفسه إلى يافا، في أوائل تموز، وكلف الأمير بشير الشهابي بإخماد ثورة صفد، وعاد إلى الإسكندرية. وكان ثوار نابلس (وهم الأكثر عدداً والأخطر في هذه الثورة) قد منعوا القمح المفروض عن إبراهيم باشا؛ فسار إليهم في 10/7/1834، ووعد بالإعفاء من التجنيد والتسامح في الميري، وأخذ يستحيل آل أبو غوش؛ فلما استجابوا له مقابل إطلاق زعيمهم إبراهيم أبو غوش، قطع مفاوضاته مع قاسم الأحمد، وسار إلى جبال نابلس وسحق في طريقه بلدة الطيبة وقاقون؛ وهزم الثوار عند زيتا، ولاقاهم عند دير الغصون في طولكرم يوم 16/7/1834، وتمكن من هزيمتهم هزيمة نهائية، عاد بعدها إلى نابلس، وخرج أهلها يطلبون الأمان؛ فقتل من وقع في يده من الثوار، وجرى تجريد السكان من السلاح؛ أما بقية الزعماء؛ فقد أخذوا عائلاتهم من نابلس وهربوا إلى الخليل.

في نفس الوقت سار الأمير بشير، حسب أوامر محمد علي، إلى صفد؛ فلاقاه شيخها صالح الترشيحي معلناً الطاعة؛ فدخلها الأمير، وخضعت المناطق المجاورة، وتلقى الأمير طاعة طبريا وقرى الجليل والساحل حتى عكا، وانتهى من ذلك في 25/7/1834.

دخل إبراهيم باشا القدس فقدم أهلها الطاعة، وأرسل ثوار الخليل يطلبون الأمان ليدخلوا في الطاعة؛ لكن إبراهيم باشا اشترط عليهم تسليم زعماء الثورة أحياء؛ فرفض الثوار مطلبه؛ فتحرك إليهم بقواته في 5/8 وهزمهم عند بيت جالا. وأصرت الخليل على المقاومة؛ فهاجمها واحتلها بعد بضع ساعات من المقاومة، وأباحها للنهب والقتل والأسر، وخسرت الخليل مالا يحصى من الأموال، واعتقل علماءها ودراويشها وأبعدهم إلى مصر؛ وأما مشايخ نابلس؛ فقد فروا إلى الكرك شرقي الأردن. ولما هاجمها إبراهيم باشا فر النابلسيون إلى غزة؛ لكنهم وقعوا في الأسر لملاحقة إبراهيم باشا إياهم، وقتل قاسم الأحمد والبرقاوي وقطع رؤوس أولادهما.

وإن كانت الثورة في فلسطين قد خمدت؛ فإنها كلفت النظام المصري الكثير من الضحايا والجهد؛ كما أنها جرأت عليه المناطق الأخرى، وتركت الكثير من الأحقاد في فلسطين ستنفجر في وقت لاحق.

وكانت هذه الثورة من أهم أسباب إجهاض مشروع محمد علي في إقامة مملكة عربية موحدة في مواجهة العثمانيين؛ ما فرض على محمد علي الانسحاب من بلاد الشام. وقد ترك آخر جنود محمد علي غزة في اتجاه مصر في 19/2/1841.

ثورة يافا : اول كفاح مسلح في فلسطين

تنامي الشعور القومي لدى الفلسطينيين بعد ثورة القدس في 4/4/1920؛ وعقد المؤتمر الفلسطيني الأول، ثم الثاني؛ وكان الثالث في حيفا في آذار 1921، وهو المؤتمر الذي رفض الانتداب، وطالب بوقف الهجرة اليهودية، وبإنشاء حكومة وطنية في فلسطين.

بعد المؤتمر شرع الصهاينة برفع سقف مطالبهم لتحويل فلسطين كلها إلى وطن قومي لليهود، وشنت صحفهم حملات ضد العرب مطالبة إياهم بالرحيل عن فلسطين.

ثورة يافا : اول كفاح مسلح في فلسطين


تمسكت بريطانيا بالانتداب ووعد بلفور، وتمادت في السماح بهجرة اليهود، وقام الصهاينة بالمظاهرات تحدياً للعرب؛ وبصورة خاصة في مدينة يافا؛ حتى إنهم كانوا يستقبلون المهاجرين عبر ميناء يافا باحتفالات ومظاهرات، قبل أن ينقلوا على تل أبيب. وقد كان العلم الصهيوني يرفع في هذه المظاهرات، وقام سكان المستعمرات المحيطة بتل أبيب بأعمال استفزازية ضد سكان يافا.

احتج العرب عن طريق الجمعية الإسلامية المسيحية وطالبوا بوقف الهجرة، وهددوا بمنع إنزال المهاجرين اليهود إلى البر مهما كلف الثمن، وقرر بحارة ميناء يافا مقاطعة البواخر التي تنقل مهاجري اليهود؛ وأيدت اللجنة التنفيذية للمؤتمر العربي الفلسطيني الموقف؛ فتوترت الحالة وهاجت الخواطر.

أعلنت الحكومة اعتبار اللغة العبرية لغة رسمية في البلاد إلى جوار العربية والإنجليزية؛ ورفض موسى كاظم الحسيني رئيس بلدية القدس تطبيق هذا القرار؛ فوقع اصطدام بين السلطة البريطانية وبينه، انتهى بإقالته. وكان هذا سبباً إضافياً لحالة الاحتقان التي عمت البلاد؛ ولكن الشرارة انطلقت من يافا؛ لكونها تتلقى سيل الهجرة عبر مينائها.

في عيد العمال 1/5/1921، قام الصهاينة بمظاهرات كبرى في تل أبيب، أطلقوا فيها شعارات معادية للعرب، وطالبوا بالثأر لدماء اليهود في ثورة القدس.

وقد واكبت المظاهرة فئة من الجنود البريطانيين، وقوة من الشرطة اليهودية؛ لكن المتظاهرين اتجهوا إلى حي المنشية في يافا، وأخذوا يستفزون السكان؛ فهب أهل يافا لرد المتظاهرين؛ فوقع اصطدام دموي، سقط خلاله قتلى وجرحى، وانتهى برد المتظاهرين اليهود.

عاود الصهاينة مهاجمة يافا صباح اليوم التالي؛ وكان بينهم مسلحون؛ فنشبت معركة عنيفة مع العرب، أسفرت عن وقوع إصابات كثير بين المهاجمين.

وهاجم الصهاينة في نفس اليوم قرية العباسية المجاورة ليافا، وقتلوا عدداً من نسائها وأطفالها؛ فثار العرب، وهاجموا الصهاينة في تل أبيب، وقامت القرى المجاورة ليافا بمهاجمة المستعمرات؛ كما اشتبك أبناء عشيرة أبو كشك مع القوات البريطانية التي كانت تمنع وصول الإمدادات.

تواصلت أعمال العنف يوم 3/5/1921 ووقعت حوادث قتل، وحلت أضرار جسيمة بمحلات اليهود التجارية، ولم تلبث هذه الاصطدامات مع الصهاينة والإنجليز أن امتدت إلى قلقيلية وطولكرم والرملة واللد؛ وقامت مظاهرات صاخبة، وقرر كثير من الشباب حمل السلاح والتوجه إلى يافا.

سمع الفلاحون ورجال القبائل في المناطق المجاورة بتعرض العرب للقتل في يافا؛ فتجمع في 5/5 نحو 3000 عربي، شمال مستوطنة بتاح تكفا، وعدة مئات جنوبها؛ غير أن من تولى الدفاع عن هذه المستعمرة لم يكن غير البريطانيين الذين أطلقوا النار على الحشود؛ فارتقى 60 شهيداً وعدد من الجرحى.

ثورة يافا

 

لجأت الحكومة إلى الرؤساء الدينيين بعد أن فشلها في إخماد الثورة، وطلبت منهم المساعدة في وقفها، تحت وعد إعادة النظر في سياستها تجاه العرب. وتبين أن البريطانيين كانوا في انتظار قوة آتية من السويس وقبرص. وما أن وصلت هذه القوة حتى انقض رجال الجيش والشرطة على العرب في يافا وسائر المناطق المحيطة بها؛ فوقعت صدامات دامية استطاعت بعدها الحكومة إخماد الثورة التي استمرت 15 يوماً.

في هذه الثورة قتل 47 صهيونياً وجرح 146؛ أما العرب؛ فقد استشهد منهم 157 وجرح 700، وقد سقط أكثرهم برصاص البريطانيين.

شكلت حكومة الانتداب محاكم عسكرية وحكمت على عدد من المجاهدين بالسجن؛ وقررت بعدها تشكيل لجنة تحقيق (لجنة هيكرافت)، التي توصلت إلى أن سبب الثورة يتعلق بخطتها القاضية بإنشاء وطن قومي لليهود، وإلى تذمر العرب من محاباة بريطانيا لليهود ووقوفها في وجه حكم العرب لأنفسهم.

ثورة 1920: اول ثورة ضد الاحتلال البريطاني


حين قامت الحرب العالمية الأولى، أسهم العرب في هذه الحرب إلى جانب قوات الحلفاء، الذين قدموا للعرب وعوداً باستقلال بلادهم الواقعة تحت الحكم العثماني.

بمجرد أن بدت بشائر النصر للحلفاء، نكث الحلفاء وعودهم للعرب، وقاموا بتقسيم هذه الدول فيما بينهم؛ وأعطي وعد بلفور ووقعت اتفاقية سايكس بيكو بين فرنسا وبريطانيا لاقتسام هذه الدول؛ وفتح باب الهجرة لليهود إلى أرض فلسطين؛ ما جعل العرب يدركون خطورة الأمر؛ فحدث أول تحرك شعبي واسع للتعبير عن الإحباط وخيبة الأمل. وعرف هذا التحرك الشعبي تاريخياً باسم "ثورة 1920".

كان هناك أكثر من سبب لهذا السخط الشعبي، منها:


  • تشكيل اللجنة الصهيونية برئاسة حاييم وايزمن (1918)؛ للمساعدة في تطبيق وعد بلفور؛ فقد أخذت هذه اللجنة تدلي بكثير من التصريحات الاستفزازية؛ ما كشف عن الأطماع الصهيونية في فلسطين.
  • محاباة البريطانيين للصهاينة على حساب العرب، وذلك في كافة المجالات، مثل: جعل العبرية لغة رسمية في فلسطين.
  • أسباب اجتماعية، من ضمنها وضع الفلاحين الفلسطينيين تحت وطأة الضرائب، "كان على الفلاح أن يدفع 6 جنيهات في السنة من دخلة الذي يبلغ 26 جنيهاً"؛ وفي نفس الوقت وقع الفلاح فريسة للمرابين؛ لرفض الحكومة البريطانية إنشاء مصرف زراعي لإقراض الفلاحين العرب.
  • تقلد البريطانيون والصهاينة الوظائف الكبرى في البلاد، وتركوا الوظائف الدنيا للعرب.
  • سياسة التعليم البريطانية.
  • منع السلطات البريطانية عقد المؤتمر الفلسطيني.
  • ونمو الحركة الثورية في مصر والسودان وسوريا ولبنان والعراق والمغرب.


بعد وقوع عدد من المظاهرات في جميع أنحاء فلسطين، أصدرت سلطات الانتداب أمراً في 11/3/1920 يقضى بمنع المظاهرات بمختلف أشكالها.

في 4/4/1920 وقع صدام بعد أن منعت الشرطة أهل الخليل من دخول القدس للاحتفال بموسم النبي موسى؛ وكان أهل القدس وأهل نابلس قد خرجوا لاستقبالهم؛ وشارك المسيحيون في الاستقبال حسب العادة المتبعة؛ فاقتحم أبناء الخليل باب الخليل في القدس بالقوة؛ ومن على شرفة النادي العربي بدأ الخطباء بإلقاء الكلمات الحماسية؛ ومنهم موسى كاظم الحسيني، وخليل بيدس، وعارف العارف، والحاج أمين الحسيني؛ ما أثار الشعور القومي.

تسلل صهيوني اسمه "كريمربن مندل" وحاول خطف العلم وتمزيقه؛ فانقض الناس عليه وقتلوه؛ ثم تقدم صهيوني آخر مع عدد من الجنود لخطف العلم؛ لكن رجلاً من الحشد قتلة بسيفه.

بعد ذلك اجتمع الشبان اليهود والجنود الإنجليز، وهاجموا العرب المحتفلين بالموسم؛ فنشبت معركة حامية سقط فيها 9 قتلى و122 جريحاً من الطرفين.

وقد فجرت هذه المعركة الصراع الذي استمر حتى يوم 8/4/1920؛ حيث حاصرت القوات البريطانية القدس. وقد ذكر بلاغ بريطاني أن حصيلة هذه الأيام كانت مقتل 4 من العرب و9 من اليهود و2500 جريحاً من الطرفين.

ورغم إعلان الأحكام العرفية وحظر التجول؛ إلا أن المقاومة استمرت حتى 10/4؛ حيث أصدرت سلطات الانتداب أحكاماً بالسجن ضد 23 شخصا،ً من بينهم: عارف العارف، وأمين الحسيني، الذين تمكنا من الفرار إلى شرقي الأردن؛ كما أقالت موسى كاظم الحسيني من رئاسة بلدية القدس، وعينت راغب النشاشيبي مكانه.

بعد ذلك تم تكليف لجنة "بالين" بالتحقيق الذي كانت نيتجته: "أن الهجوم كان كله ضد اليهود"؛ لكن اللجنة أقرت بأن "المواطنين يشعرون بالظلم".

واتصفت ثورة 1920 بما يلي:


  • كانت أول تجربة للمقاومة ضد الاستعمار والصهيونية التي اتخذت شكلاً جماهيرياً. ا
  • انتقال الوعي إلى المقاومة.
  • القوى التي قامت بالثورة لم تكن منظمة.
  • لهذه الأسباب وصفت تارة بأنها ثورة؛ وبأنها انتفاضة، تارة أخرى.


ثورة البُراق 1929


البراق هو جزء من الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف وقد كان ادعاء اليهود بملكيته سبباً في التوتر الذي نجمت عنه اضطرابات عنيفة في آب من عام 1929 بين العرب واليهود في القدس، وفي أنحاء عديدة من فلسطين وهو ما عرف بـ "ثورة البراق".

لا يوجد مكان على الأرض تتنازعه مشاعر المسلمين وأتباع اليهودية مثلما هو الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف، فهو يمثل بالنسبة لليهود آخر ما تبقى من هيكل سليمان، الذي يهوي إليه فؤاد اليهودي منذ أن دمر الرومان الهيكل عام 70م وشتتوا عباده في كل اتجاه، وهو المكان الذي ركن إليه النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) البراق المجنح الذي حمله من مرقده في إسرائه ومعراجه إلى السماء مروراً ببيت المقدس. يسميه اليهود "حائط المبكى"- حائط البكاء على ما حل بهيكلهم وأسلافهم، ويسميه المسلمون "حائط البراق".


لأكثر من ألف عام، كان الحائط وما جاوره جزءاً من الحرم القدسي الشريف، وقفاً إسلامياً خالصاً، إلا أن اليهود وبعد محاولات متكررة، استطاعوا أن ينتزعوا من الباب العالي -السلطة العثمانية آنذاك- فَرَماناً يبيح لهم الصلاة عنده وإقامة شعائرهم أمامه، شريطة عدم الإخلال بالوضع القائم واستفزاز مشاعر غيرهم من الطوائف التي تسكن المكان.

حافظت سلطات الانتداب البريطاني، التي ورثت إدارة فلسطين بعد الثورة العربية الكبرى والحرب العالمية الأولى على الحالة القائمة في الأماكن المقدسة استناداً إلى المادة (12) من صك الانتداب، إلا أن اليهود أخذوا ومنذ انحسار السلطة العثمانية المسلمة، يقومون بمحاولات ترمي إلى تغيير الوضع القائم للأماكن المقدسة وكان مسعاهم في ذلك يهدف إلى تحقيق سيطرة يهودية طالما حلموا بها، على الحرم القدسي الشريف. 



كانت المحاولات اليهودية الأولى في هذا السياق يوم 24/9/1928م حين جلبوا تجاوزاً للعرف معدات احتفالهم بيوم الغفران، ووضعوا ستاراً يفصل الرجال عن النساء ونفخوا في الأبواق، الأمر الذي أثار حفيظة المسلمين وهواجسهم ومخاوفهم واعتبروا ذلك مجرد مقدمة لاستملاك اليهود للمسجد الأقصى، فألفوا "جمعية حراس المسجد الأقصى" وقرروا الدفاع عن مكانهم المقدس، وكان ذلك بداية لاندلاع هبة البراق، التي شهدت أيام الأسبوع الأخير من آب(أغسطس) 1929م وقائعها الدامية. 

ثورة 1920

شاهد ايضا : صور نادرة للمقاومة الفلسطينية بين 1920 و 1948


كرر اليهود محاولاتهم بإحضار معدات للاحتفال عند حائط البراق يوم 14/8/1929م، فهاجمت جموع المسلمين ما حدا بسلطات الانتداب لأمر اليهود بنزع الستار الذي وضعوه تجاوزاً، فرفضوا الانصياع، وقامت جمهرة من الشباب اليهود بقيادة أقلية متطرفة قدموا من تل أبيب في اليوم التالي بمسيرة لم يسبق لها مثيل حتى ذلك الحين، عبروا شوارع القدس وحين وصلوا حائط المبكى/ البراق رفعوا العلم الصهيوني، وبدءوا بترديد النشيد القومي الصهيوني (الهاتكفا) وشتموا المسلمين.

في اليوم التالي، 16 آب 1929م (وصادف أن كان يوم المولد النبوي الشريف) انطلقت بعد صلاة الظهر من المسجد الأقصى تظاهرة عارمة سار فيها آلاف الغاضبين حتى حائط البراق. 

وهناك ألقى فيهم احد شيوخ الأقصى خطاباً حماسياً أجج المشاعر، فحطم المتظاهرون منضدة لليهود كانت على الرصيف وأحرقوا قصاصات كتبت عليها نذور وتمنيات وضعت في ثقوب الجدار، وتعذرت محاولات القائم بأعمال الحكومة لتهدئة الوضع ووقف التدهور بسبب غياب زعماء اليهود عن البلاد.

تفاقم الوضع في اليوم التالي 17 آب حين تحول شجار نشب بين شاب يهودي وآخر فلسطيني إلى عراك أسفر عن إصابة أحد عشر شاباً من الطرفين بجروح مختلفة، وحين وصلت قوة البوليس إلى المكان هاجمتها جمهرة اليهود فأصيب فلسطيني وأحد أفراد قوة البوليس بجروح خطيرة اعتدى بعدها اليهود على بيوت العرب في الأحياء المجاورة، وجرحوا بعض سكانها. 

فلسطين قديما


وفاة الشاب اليهودي الذي أصيب في شجار السابع عشر من الشهر أثارت اليهود فحولوا جنازته يوم 20 آب إلى تظاهرة سياسية صاخبة ضد الحكومة وضد الفلسطينيين على حد سواء، ما دفع الحكومة إلى استقدام عدد من المصفحات المرابطة في شرقي الأردن ووضعتها في مدينة الرملة، على الطريق بين تل أبيب والقدس تحسباً لتفاقم الأوضاع.

ويشكل حائط البراق الجزء الجنوبي من السور الغربي للحرم القدسي الشريف بطول حوالي (47 مترا وارتفاع حوالي 17 مترا)، ولم يتخذه اليهود مكانا للعبادة في أي وقت من الأوقات إلا بعد صدور وعد بلفور العام 1917، ولم يكن هذا الحائط جزءا من الهيكل اليهودي، ولكن التسامح الإسلامي هو الذي مكن اليهود من الوقوف أمامه، والبكاء على زواله، وزوال الدولة اليهودية قصيرة الأجل في العصور الغابرة.

وجاء في الموسوعة اليهودية الصادرة عام 1917، أن الحائط الغربي أصبح جزءاً من التقاليد الدينية اليهودية حوالي عام 1520 للميلاد نتيجة للهجرة اليهودية من إسبانيا وبعد الفتح العثماني عام 1517.

وفي عهد الانتداب البريطاني على فلسطين زادت زيارات اليهود لهذا الحائط حتى شعر المسلمون بخطرهم، ووقعت ثورة البراق بتاريخ 23/8/1929م. استشهد فيها العشرات من المسلمين وقتل فيها عدد كبير من اليهود واتسعت حتى شاركت فيها عدد من المدن الفلسطينية وتمخضت الأحداث عن تشكيل لجنة دولية لتحديد حقوق المسلمين واليهود في حائط البراق وكانت اللجنة برئاسة وزير خارجية السويد الأسبق "أليل ولفغرن" وعضوية نائب رئيس محكمة العدل الدولية الأسبق السويسري "تشارلز بارد"، وبعد تحقيق قامت به هذه اللجنة، واستماعها إلى وجهتي النظر العربية والإسلامية، وضعت تقريراً في عام 1930، قدمته إلى عصبة الأمم المتحدة أيدت فيه حق المسلمين الذي لا شبهة فيه بملكية حائط البراق/ المبكى.

وفضلاً عن الاستعدادات العسكرية الميدانية، قامت الحكومة يوم 22 آب، بهدف التهدئة، بعقد اجتماع ضم ثلاثة من زعماء العرب البارزين وثلاثة من نظرائهم اليهود. وحسب تقرير المندوب السامي إلى وزير المستعمرات "كان الاجتماع وديا".. وتم الاتفاق على استئنافه في السادس والعشرين من آب إلا أن الود الذي ساد اجتماع زعماء العرب بزعماء اليهود في منزل المستر لوك، مندوب الحكومة كان صداه في الشارع الغليان والمشاعر الملتهبة والشكوك المتبادلة.

وكان نهار الثالث والعشرين من آب 1929 حاراً، لا يضاهي حرارته سوى سخونة مشاعر القرويين العرب الذين تدفقوا إلى القدس مسلحين بالهراوات والسيوف، وأصدر احد ضباط البوليس في أحد أحياء المدينة أمرا بتجريد القرويين من أسلحتهم إلا أن رئيسه سارع إلى إلغاء الأمر بحجة عدم وجود عدد كاف من البوليس البريطاني لتنفيذ هذا الأمر، وساهم هذا الإجراء في تمهيد الطريق أمام الأحداث لتتجه نحو ذروتها الدامية.

بعد أداء صلاة الجمعة هاجم العرب الضواحي التي يسكنها يهود، فكانت نيران البوليس البريطاني لهم بالمرصاد، وحلقت الطائرات في سماء المدينة، فيما تحركت السيارات المصفحة في مدينة الرملة نحو المدينة المقدسة، وسرعان ما عم الهدوء وخلت الشوارع في البلدة القديمة، وبين الفينة والفينة كان يسمع صدى إطلاق نار، حيث استمرت الغارات العربية على القرويين اليهود في مناطق تقع على بعد أميال من القدس.

عمت أخبار ما جرى في القدس أرجاء المدن والبلدات العربية فانطلقت الجماهير في مسيرات غاضبة اتجه بعضها في غارات على أحياء اليهود، وبعضها إلى مراكز حكومة الانتداب والبوليس البريطاني. ففي نابلس ونظراً لخلو المدينة من أحياء يهودية تشكل هدفا للغضب الشعبي، اتجهت الجماهير الساخطة إلى مركز للبوليس وقامت بمحاولات مستميتة لانتزاع سلاح القوة الشرطية هناك، فنشبت اضطرابات عنيفة بسبب إطلاق البوليس النار على الجمهور. 



ونشبت اضطرابات في الحي القديم من حيفا تخللتها غارات على "هدار هاكرمل" ضاحية حيفا اليهودية الشهيرة.

في بيسان شن المتظاهرون العرب هجوماً على اليهود القاطنين في المدينة، وفي يافا أسفر غليان الشارع العربي عن شن هجمات عدة على مستعمرات يهودية، واستطاعت قوة من البوليس البريطاني أطلقت النار على الجمهور اليافاوي الغاضب صد هجوم على الحي اليهودي الواقع بين يافا وتل أبيب. إلا أن سكان هذا الحي هاجموا العرب وقتلوا ستة مواطنين على رأسهم إمام احد المساجد. ووقع هجوم يهودي آخر على مسجد عكاشة في القدس، وانتهكوا حرمة هذا المسجد القديم الذي ينظر إليه السلمون باحترام بالغ ودنسوا أضرحة الأنبياء التي يضمها.

وبلغت الأحداث ذروة عنفوانها في مدينة الخليل، فما أن وصلت أنباء ما جرى في القدس حتى قام المتظاهرون بمسيرات صاخبة، وهاجموا مدرسة يهودية وقتلوا شاباً فيها، وفي اليوم التالي هاجم عرب الخليل الحي اليهودي في المدينة ومنازل اليهود المتفرقة البعيدة عن مركز المدينة، وأسفرت الهجمات عن مقتل ما لا يقل عن ستين يهودياً وجرح أكثر من خمسين، وفي صفد هاجم العرب حياً يهودياً وقتلوا وجرحوا نحو خمسة وأربعين يهودياً، وأضرموا النار في عدة منازل وحوانيت تعود لليهود.

بعد أيام هزت فلسطين أخذت الأحوال تتجه نحو الهدوء، وأسفرت أحداث ثورة البراق وهي أول ثورة تشتعل في فلسطين ضد الوجودين الصهيوني والبريطاني عن سقوط 133 قتيلاً يهودياً وجرح 339 بينهم 198 إصابة خطيرة. فيما بلغ عدد القتلى العرب 116 وعدد الجرحى 232 جريحاً وذلك حسب (تقرير شو) الذي اعترف بان معظم إصابات العرب كانت على أيدي القوات البريطانية.

شكلت أحداث ثورة البراق تحولاً في العلاقات العربية البريطانية في فلسطين، ففي الوقت الذي اتجهت فيه احتجاجات سكان فلسطين العرب نحو الوجود اليهودي ونزعته التوسعية بالتحديد متفادية الاصطدام بالقوات البريطانية، سقط هؤلاء السكان ضحايا برصاص البوليس البريطاني الذي كان يشكل حماية منيعة لليهود. كما شكلت ثورة البراق نقطة تحول في سلوك حكومة الانتداب إزاء العرب، وبات العداء صريحاً يتجلى في ممارسات القمع الموجهة ضد العرب تحديداً. فعلى الرغم من أن تقرير لجنة شو عزا أسباب الإضرابات إلى خيبة أماني العرب السياسية والوطنية وخوفهم على مستقبلهم الاقتصادي وخشيتهم من سيطرة اليهود السياسية بسبب الهجرة اليهودية المتزايدة، إلا أن السلطات زجت في السجون بالكثير من النشطاء العرب وأصدرت المحاكم البريطانية في فلسطين أحكاماً بالإعدام على عشرين عربيا تحول الحكم فيما بعد إلى السجن المؤبد باستثناء ثلاثة منهم (عطا الزير ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي) الذين واجهوا الشنق في سجن عكا يوم الثلاثاء 17 حزيران 1930 بشجاعة ورجولة خلدها الشاعر إبراهيم طوقان في رائعته الشعرية الثلاثاء الحمراء. أما اليهود فقد حكم على واحد منهم فقط بالإعدام ثم خفض إلى عشرة أعوام وأطلق سراحه بعدما لبث فترة يسيرة منها.

إضافة إلى ذلك أصدرت المحاكم أحكاماً مختلفة بالسجن على 800 عربي وفرضت على بعض المدن العربية غرامات باهظة تمت جبايتها بشتى أنواع الإرهاب والتعسف وذلك تطبيقاً لقانون العقوبات الجماعية وكان العرب وحدهم من تأثر بهذا القانون.

من ناحية أخرى أوصت لجنة شو بإرسال لجنة أخرى لتحديد الحقوق في حائط البراق ووافقت جمعية عصبة الأمم في 14/1/1930 على إرسال اللجنة. وقد خلصت اللجنة إلى عدة استنتاجات أهمها أن ملكية الحائط الغربي تعود للمسلمين وحدهم ولهم الحق وحدهم فيه لأنه يؤلف جزءاً لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف التي هي من أملاك الوقف، وتعود لهم أيضا ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة المقابلة للحائط لأن ذلك الرصيف وقف.

هبات شعبية فلسطينية

ثورة 1936 : الثورة الفلسطينية الكبرى


هي الثورة الفلسطينية الكبرى التي انطلقت في 20 نيسان 1936 وامتدت حتى عام 1939، وهي تتميز عن الثورات التي قامت ما بين 1920 و1933، إذ أن جميع ما عرف بالثورات الفلسطينية قبل ثورة 1936 لم يكن أكثر من هبات أو انتفاضات، أما ثورة 1936 فقد توافرت لها شروط الثورة هدفاً وأداة وأسلوبا، وهي تمثل محطة بارزة في حركة النضال الوطني الفلسطيني ضد الصهيونية والاستعمار البريطاني منذ أواخر القرن التاسع عشر، فهي نقلة نوعية في توجهات هذا النضال بعد حالة الوهن العام التي اعترت الحركة الوطنية الفلسطينية في أعقاب هبة البراق عام 1929).

بدأت ثورة 1936 بطريقة شبه عفوية ما لبث أن استقطبت الشعب على نحو غير مسبوق، على أهداف وقف الهجرة اليهودية، ومنع بيع الأراضي واغتيال باعة الأرض والسماسرة والجواسيس والتصدي لمشروع التقسيم الذي كانت بريطانيا تمهد لتنفيذه، وصيانة عروبة فلسطين والحفاظ على أراضيها ومنع تهويدها، وإعلان استقلالها في وحدة عربية شاملة.

لجأت الثورة إلى الكفاح المسلح أسلوبا، لانتزاع حقوقها من الاستعمار البريطاني، ولم تتوقف إلا عند اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939، لأسباب ذاتية، وأسباب تتعلق بالتدخل العربي الرسمي لإنهاء الإضراب، والتحالف الفرنسي البريطاني عشية عام 1939.

عوامل اندلاع ثورة 1936 :


اضطرت القيادة الفلسطينية إلى اللجوء إلى الثورة كخيار الشعب الوحيد نتيجة تطورات الأحداث بعد هبة البراق 1929، وكانت هذه التطورات والأحداث تشكل خطراً كبيراً على الوجود العربي في فلسطين سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. ومن هذه التطورات ما يلي:

  • لقيادة والمؤسسات التقليدية التي أدت إلى ضعف الحركة الوطنية لفلسطينية، وخصوصاً بعد وفاة رئيس اللجنة التنفيذية موسى كاظم الحسيني وحل اللجنة والشروع في تجربة "القيادة من خلال الأحزاب" التي كانت مظهراً جديدا للعشائرية والإقطاعية السياسية، وقد ساعدت في ذلك سياسة المندوب السامي البريطاني الجديد واكهوب.
  •  ثورة الشيخ عز الدين القسام 1935: تجسد فيها الإيمان بعدم جدوى العمل السياسي وأن العمل المسلح هو السبيل الوحيد لبلوغ الأهداف الوطنية، وقد أيقظت هذه الثورة الشعب الفلسطيني وأشعلت في نفسه الحماسة للجهاد.
  •  التحركات الوطنية والقومية العربية: تمثلت في حصول العراق على شبه استقلال بمعاهدة عام 1930 التي ألغت الانتداب، واضطرابات مصر المطالبة بإعادة الدستورعام1923، وإضراب سوريا في 1936 بهدف إلغاء الانتداب.
  •  الأعداد المتزايدة في الهجرة اليهودية: حيث وصلت عشية ثورة الـ36 إلى نحو 40 ألف مهاجر، واستمرار الهجرة السرية إلى فلسطين مع تغاضي الحكومة البريطانية عنها والتستر عليها وحمايتها، ورفض مجلس العموم البريطاني مطلب العرب بوقف الهجرة اليهودية في آذار (مارس) 1936.
  •  استيلاء الصهاينة على الأراضي الفلسطينية وسن الأنظمة والقوانين من قبل الحكومة البريطانية لتسهيل عملية الاستيلاء على الأراضي وتهجير الفلاحين وتحولهم إلى عمال يعانون من البطالة. حيث ازدادت الطبقة العمالية بمن تحول إليها من الفلاحين الذين جردوا من أراضيهم ولم يجدوا عملاً، فانتشرت البطالة، وضاعف من حدتها "مبدأ العمل العبري" و "امتلاك العمل" الذي أخذ به الصهاينة، وتفضيل السلطات البريطانية لتلزم العمل إلى مقاولين صهاينة حتى في بعض المناطق العربية، وتدني أجور العمال العرب في مقابل العمال الصهاينة في المهنة الواحدة، وارتفاع الضرائب على ملكية الأراضي من 9% إلى 15%، أما الفلاح فقد كان يدفع 25% من صافي دخله ضرائب في السنوات العجاف.
  •  نمو الوضع العسكري للصهاينة: حيث تمت إعادة تنظيم "الهاغاناه" بعد هبّة البراق، من حيث العدد وتوسيع المهمات، والعدوان من قبل المستوطنين على المدن والقرى المجاورة واقتراف أعمال إرهابية إجرامية ضد العرب، وتصنيع السلاح واستيراده بكميات وفيرة بشكل سري وتوزيعه على المدن والمستعمرات الصهيونية.


الإضراب العام وإعلان الثورة:


في هذه الأجواء المشحونة بالتوتر، حدثت الشرارة التي أشعلت الثورة. فقد قتلت مجموعة مسلحة في 15 نيسان (ابريل) 1936 بالقرب من عنبتا بين طولكرم ونابلس يهوديين وجرحت ثالثاً، كانوا في طريقهم إلى "تل أبيب" وفي اليوم التالي قتل عربيان على أيدي "الهاغاناه" في بيارة بالقرب من يافا، واشتد التوتر في منطقة يافا- تل ابيب، فوقعت صدامات عنيفة بين العرب واليهود خصوصاً في الأحياء المختلطة، وأحرقت عشرات البيوت والحوانيت، وقتل يهودي وجرح نحو خمسين. بعد ثلاثة أيام من الصدامات سيطرت الحكومة البريطانية على الوضع وفرضت حظر التجول على المدينتين وجوارهما وأعلنت حالة الطوارئ في البلاد، وأعلنت يافا الإضراب العام وتبعتها مدن وقرى فلسطين وبادر زعماء المدن والقرى على اختلاف مشاربهم وفئاتهم إلى إنشاء اللجان القومية وضمت هذه اللجان ممثلين عن جميع الأحزاب والطوائف والفئات. 

ثورة 1936 : الثورة الفلسطينية الكبرى



في 25 نيسان (ابريل) - وكان الإضراب العام ما زال قائماً - عقدت اللجان القومية مؤتمراً عاماً لها في القدس، وقرر هذا المؤتمر تشكيل قيادة مركزية للحركة الوطنية مقرها القدس، فتألفت "اللجنة العربية العليا لفلسطين" برئاسة أمين الحسيني وعضوية ممثلي الأحزاب الفلسطينية جميعها، وممثلين عن المستقلين، واتخذت "اللجنة العربية العليا" القرار التالي وأعلنته على الشعب: "دعوة الشعب العربي الفلسطيني إلى مواصلة الإضراب العام حتى تبدل الحكومة البريطانية سياستها وتغير مواقفها، وأن تكون البادرة الأولى لهذا التبديل وقف الهجرة اليهودية إلى فلسطين، ولقد كان متفقاً أن يتأخر إعلان الثورة المسلحة بعض الوقت وأن تركز الجهود على الإضراب واستمراره.

رفضت بريطانيا على الرغم من اشتداد الإضراب طلب العرب بوقف الهجرة اليهودية كما أعلنته اللجنة العربية العليا لفلسطين، وقامت بتحديهم بإصدار شهادة هجرة جديدة قدمتها للوكالة اليهودية لإحضار أعداد كبيرة من المهاجرين إلى فلسطين.

ورداً على هذا التحدي قرر القادة الفلسطينيون إعلان الثورة المسلحة، وتنفيذاً لهذا القرار أعلن "جيش الجهاد المقدس" الثورة المسلحة على الأعداء (مكون من جميع التشكيلات والمنظمات العسكرية السرية ومن انضم إليها فيما بعد، وقد اختير لقيادته عبد القادر الحسيني) وشرع المجاهدون يهاجمون ثكنات الجيش والشرطة والمستعمرات اليهودية، ويدمرون طرق المواصلات ويهاجمون قوافل الأعداء وتجمعاتهم. اقتصرت أعمال الثورة في أيامها الأربعة الأولى على لواء القدس وحده لكنها ما لبثت في اليوم الخامس أن عمت أنحاء فلسطين في المدن والقرى والبادية.

بدأت العمليات في البداية في المدن وانتشرت فيها، حيث انتشرت في يافا، ونابلس، والقدس، وطبريا وحيفا وصفد، فاستفزت قوات الاحتلال في المدن التي أصبحت في اشتباك دائم مع الخلايا المقاتلة وركزت نشاطها في نابلس والقدس ويافا حيث كانت الخلايا الثورية نشطة فحشدت لهم قوات كبيرة من الجيش نتيجة لذلك تحول الثوار إلى الريف وانضموا إلى الجماعات الثورية التي كانت تعمل هناك، ولم تكن هذه المجموعات موحدة وكان منها تنظيم القسام مثل فرحان السعدي الذي عمل في منطقة جنين وألقي القبض عليه في قرية نورس وتم إعدامه وهو في الخامسة والسبعين من العمر عام 1937، وعشرات من المجموعات الأخرى المحلية، التي عملت على تشكيل مجموعة مسلحة في كل قرية ومدينة.

طرأ تطور في الميدان بدخول فوزي القاوقجي وقواته إلى منطقة المثلث وتدفق المتطوعون من الأردن وسوريا ولبنان وانضموا إلى الجهاد المقدس ونتيجة لذلك تحولت الثورة في شهرها الثالث إلى معارك مكشوفة مع القوات البريطانية في شتى أنحاء فلسطين.

استهدفت المقاومة حركة النقل العامة والمواصلات السلكية وسدت الطرق ونسفت الجسور وخطوط السكك الحديدية، وكذلك خط النفط الواصل بين العراق وحيفا وأخذت المجموعات السرية داخل المدن تغتال الموظفين البريطانيين وضباط الجيش والشرطة والجواسيس وباعة الأراضي والسماسرة وتلقي المتفجرات على الدوائر الحكومية وحقق الثوار انتصارات في العديد من المعارك وأصبحت هذه الهجمات ظاهرة مألوفة في "مثلث الرعب" كما سماه الجنود البريطانيون إشارة إلى المنطقة الواقعة بين نابلس وجنين وطولكرم، كما وقعت معارك كبيرة في مرج ابن عامر ووادي عزون وبابا الواد، سقط فيها العديد من الشهداء والجنود البريطانيين.

أثبتت الثورة أنها عصيه على السحق العسكري وأظهرت القدرة على القتال وكانت أعمال العنف والقمع تعزز روح المقاومة وتزيد في أعداد المنتسبين إليها، في المقابل اتخذت حكومة الانتداب تدابير عسكرية لقمع الثورة وفرضت الغرامات المادية الثقيلة والعقوبات الجماعية وعقوبات الإعدام واعتقلت الكثيرين وقامت بتخريب الممتلكات ونسف البيوت وهدم الحي القديم في مدينة يافا..الخ. ومع كل ذلك لم تستطع أن تخمد الثورة الشعبية.

وقف الإضراب1936 :


شعرت بريطانيا بعجزها عن وقف الثورة وإنهاء الإضراب بالطرق العسكرية فلجأت إلى أساليب غاية في المراوغة فأعلنت أنها قررت إيفاد لجنة ملكية للتحقيق في قضية فلسطين وشكاوى الناس، ووضع التوصيات لحل القضية حلاً عادلاً. وقد وسطت بريطانيا بعض الحكام العرب لإقناع الفلسطينيين بوقف الثورة، وقد حضر بعضهم إلى فلسطين ليجدوا إصراراً عظيما على الاستمرار في الثورة حتى تتحقق مطالبهم.

وكان يتحرك في هذا الموضوع نور السعيد من العراق وكذلك سعى الأمير عبد الله والأمير سعود، وتجددت الاتصالات بين القيادات العربية والقيادات العليا ولكن دون جدوى، في نهاية المطاف استحضرت بريطانيا قوات إضافية لسحق المقاومة حيث بلغ عدد القوات البريطانية في النصف الأول من شهر آب أغسطس 1936 في فلسطين 70 ألف جندي، بالإضافة إلى نحو أربعين ألفا من قوات الشرطة النظامية والإضافية وقوة حدود شرق الأردن وحرس المستعمرات اليهودية وقوات "الهاغاناه" والمنظمات السرية الإرهابية الصهيونية.

على الرغم من ذلك فشلت هذه الجهود وذهبت أدراج الرياح وظلت الثورة مشتعلة طوال شهري آب وأيلول 1936، دون مهادنة أو ضعف. لكن بعد اتصالات ومشاورات أجراها الملوك والرؤساء العرب بطلب من بريطانيا للتدخل لإنهاء الإضراب، وجهوا رسالة إلى رئيس اللجنة العربية العليا لفلسطين لفك الإضراب وإنهاء المقاومة، ونزل الفلسطينيون عند نداءات الزعماء العرب فأوقفوا الإضراب والثورة في 13/10/1936 وكانت ذريعة القيادة الفلسطينية للقبول بفك الإضراب هي موسم قطاف الزيتون.

اللجنة الملكية "لجنة بيل":


كان صبيحة 12 تشرين الأول (أكتوبر) 1936 نهاية الإضراب الكبير، وعاد الناس إلى حياتهم الطبيعية دون حصول القيادة على أي وعد. جاءت لجنة التحقيق الملكية إلى فلسطين قبل انتهاء عام 1936 لتقديم توصياتها، فرفضت القيادة الفلسطينية الاجتماع باللجنة، لكن تحت الضغوط العربية عليها من مصر والسعودية وبعض التهديدات، وافقت القيادة على استقبال اللجنة.

أنهت اللجنة الملكية أعمالها في أواخر كانون الثاني 1937 وعادت إلى لندن، وأشارت في أواخر حزيران 1937 إلى أنها توصي بتقسيم فلسطين إلى ثلاث مناطق منطقة عربية ومنطقة بريطانية وهي القدس ومنطقة يهودية. تم رفض هذا المشروع من قبل الحركة الصهيونية نظراً لأنه لا يخدم مصالحها، كما رفضته القيادة الفلسطينية والتزمت القيادة العربية بموقف القيادة الفلسطينية ما عدا الأمير عبد الله. أعلنت القيادة الفلسطينية بياناً على الشعب تدعوه فيه إلى التمسك بالمطالب الوطنية ومقاومة التقسيم، وفي مطلع تموز1937 عمّت فلسطين تظاهرات صاخبة ضد التقسيم ووقعت صدامات دامية بين العرب والأعداء.

صدر أمر باعتقال أمين الحسيني باعتباره المسئول عن إشعال الثورة، فلجأ الحسيني إلى الأقصى وفي نهاية الأمر فر من الأقصى متخفياً إلى لبنان وبعد مدة من وصوله إلى لبنان استطاع أن ينشر بياناً في الصحف العربية أكد فيه رفضه لمشروع التقسيم وتمسكه بمطالب الشعب المعروفة، ودعا إلى مقاومة السياسة البريطانية ومحاربة مشروع التقسيم حتى القضاء عليه، واعتبر الفلسطينيون هذا البيان دعوة إلى الثورة المسلحة، وبذلك استؤنفت الثورة ووقعت معارك ضخمة حتى القضاء عليه، واعتبر الفلسطينيون هذا البيان دعوة إلى الثورة المسلحة، وبذلك استؤنفت الثورة ووقعت معارك ضخمة اتخذت الطابع الحربي فقد قام المجاهدون بهجمات منظمة على المدن واستطاعوا احتلال بعضها ورفع العلم الفلسطيني فيها منها: الخليل، وبيت لحم، والفالوجه، والقدس القديمة، وعكا، وبيت ساحور، والمجدل وبئر السبع. ولم يخرجوا منها إلا بعد معارك ضارية مع القوات البريطانية، واتسعت في هذه المرحلة الهجمات على المستعمرات الصهيونية التي تكبدت خسائر مادية فادحة.

في هذه الفترة كان العمل العسكري دقيقاً ومنظماً بحيث تشكلت في بادئ الأمر لجنة جديدة سميت اللجنة العربية للجهاد، وقسمت المناطق إلى أقسام ولكل منطقة قائدها وأصبح الثوار أسياد الموقف.

مؤتمر المائدة المستديرة:


كانت بريطانيا في هذه الفترة منشغلة في أمورها وبحاجة إلى هدوء نسبي في فلسطين، فاضطرت بعد عجزها عن القضاء على الثورة إلى العدول عن قرارا التقسيم، وعقد مؤتمر المائدة المستديرة للبحث في الوصول إلى حل لقضية فلسطين، واتفق على أن يمثل الفلسطينيين في المؤتمر ممثلون عن "اللجنة العربية العليا" شريطة أن يكونوا من الداخل، والسماح لهم بالتشاور مع الخارج، وسافر الوفد إلى القاهرة واتفقوا على الثوابت التي سيرتكز عليها الوفد.

انعقد مؤتمر المائدة المستديرة ولم ينجح البريطانيون في جمع العرب والصهاينة مع بعض، وجرت اتصالات مع كل طرف على حده ولكن دون جدوى.

عام 1939: 

هبط معدل المعارك الفلسطينية ضد الاحتلال حيث أفلت زمام المبادرة من الثوار وانتقل إلى أيدي القوات البريطانية التي تحولت مع المنظمات الصهيونية إلى موقع الهجوم فقامت بنزع سلاح الثوار واهتزاز تنظيماتهم، وافتقارهم إلى القيادة العسكرية والسياسية الفعالة القادرة على تحدي تفوق الخصم، فالقيادة العسكرية لم تعد موجودة في الداخل من الناحية الفعلية، خاصة بعد استشهاد القائد العام عبد الرحيم الحاج محمد في آذار مارس 1939، ووجود عبد القادر الحسيني خارج البلاد منذ إصابته خريف 1938، وترافق ذلك مع غياب الإستراتيجية العسكرية وعدم توفر الإمكانات الفعالة إضافة إلى عدم ملاءمة الوضع الدولي، نظراً لما يمثله الاستعمار من هيمنة على العلاقات الدولية في تلك الفترة والتحالفات المصلحية التي بدأت بالتشكل عشية الحرب العالمية الثانية.

يكنك مراجعة المقال التالي الخاص معارك النكبة في فلسطين 

من نتائج الثورة المهمة أنها كشفت القيادات المحلية والعربية التي تدخلت في قضية فلسطين بشكل أسهم في إجهاض الثورة إضافة إلى كشفها الحلف الامبريالي- الصهيوني في المنطقة وقدمت نموذجاً من أجل التحرر والدفاع عن الوطن والحفاظ على فلسطين عربية.

انتفاضة الجليل: (يوم الأرض)


يوم 12/2/1976، صدر أمر من الشرطة الإسرائيلية بمنع دخول سكان الجليل إلى المنطقة المعروفة باسم "المنطقة التاسعة" (وهي أرض معظمها سهل صالح للزراعة، ومساحتها حوالي 17 ألف دونم)؛ وورد في الأمر أن من يدخل هذه المنطقة سيعامل كمن يدخل ثكنة عسكرية دون إذن.

دعا العرب إلى رفع احتجاج، تجسد في "مؤتمر سخنين" يوم 14/2/1976؛ فدعت السلطات الإسرائيلية ممثلي السكان؛ وانتهى الأمر إلى حل وسط بتقسيم المنطقة إلى قسمين.

ولم ينقض أسبوعان حتى بدأت إسرائيل بمصادرة الأراضي في الجليل؛ عندئذ دعت لجنة الدفاع عن الأراضي العربية إلى اجتماع في الناصرة يوم 6/3/1976. وقرر المجتمعون، وعلى رأسهم رؤساء المجالس المحلية، إعلان يوم 30/3/1976 إضراباً عاماً للعرب في إسرائيل؛ احتجاجاً على مصادرة الأراضي؛ لكن إسرائيل أرسلت ليلة 30/3 قوات كبيرة من الجيش تمركزت في مدن وقرى الجليل.

شمل الإضراب فلسطينيي 1948، والضفة الغربية وقطاع غزة؛ الذين هبوا لمساندة إخوانهم (عرب الجليل).

عمت المظاهرات أنحاء الضفة والقطاع وألقيت قنبلة على دورية في نابلس؛ أما في منطقة الجليل، فقد هاجمت القوات الإسرائيلية منزل رئيس بلدية الناصرة (توفيق زياد)، وأصابت أفراد أسرته بجروح؛ وهاجم المتظاهرون الجنود في كل مكان؛ فقتل 3 جنود إسرائيليين، وجرح 12؛ واستشهد 3 مواطنين فلسطينيين وجرح 27 آخرون؛ هذا في الناصرة؛ أما في شفا عمرو، فقد قتل جنديان إسرائيليان، وأصيب تسعة آخرون؛ فيما استشهد 4 مواطنين فلسطينيين، وجرح 18، واستشهد 4 فلسطينيين في سخنين، بينهم سيدة، وجرح 17 مواطناً؛ وقتل 4 جنود إسرائيليين. 

شهداء يوم الارض 1976
شهداء يوم الارض 1976


عمت الاشتباكات بقية مدن الجليل، وقتل جنديان في قانا الجليل الأعلى، وجرح 5؛ في حين استشهد من الفلسطينيين 3، وجرح 12.

وحتى هذا اليوم يحتفل الفلسطينيون والعرب في 30/3 من كل عام، بما أصبح يعرف "بيوم الأرض".



انتفاضة 1987


بسبب من التراكمات القمعية التي قام بها الاحتلال الإسرائيلي بعد عام 1967، من قتل واعتقالات وإقامة مستوطنات...إلخ، والتي ظلت تحتشد في صدور الفلسطينيين، كن التاسع من كانون أول عام 1987 موعدًا لتفجير انتفاضة الغضب الفلسطيني في وجه الجلاد المحتل، حين صدم سائق شاحنة إسرائيلي أربعة عمال فلسطينيين فقتلهم على الفور، عند المعبر الفاصل بين حدود الاحتلالين 1948 و1967؛ فاشتعل قطاع غزة مبتدئًا بمخيم جباليا أولًا؛ ليمتد في اليوم التالي إلى باقي قطاع غزة، ولتمتد نار الغضب الشعبي إلى كافة أنحاء الأرض المحتلة.

استمرت الانتفاضة لمدة سبع سنوات. 

بمكنك مراجعة المقال التالي الخاص الانتفاضة الفلسطينية الاولى


وانتهت الانتفاضة بتوقيع إعلان المبادئ بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، فيما عرف باسم اتفاق أوسلو، بعد أن خلفت آلاف الشهداء والمعتقلين ومئات آلاف الجرحى.



هبة النفق، 1996

هي حلقة من حلقات النضال الفلسطيني التي اثبت فيها شعبنا تمسكه بأرضه ومقدساته، وقدم من اجل ذلك أرواح أبنائه رخيصة فداء لفلسطين، ففي صباح اليوم الخامس والعشرين من شهر أيلول عام 1996، انطلق الشعب الفلسطيني بكل فئاته في هبة فاجأت العالم قبل أن تفاجئ إسرائيل بعد أن أقدمت السلطات الإسرائيلية على فتح نفق اسفل المسجد الأقصى المبارك، فانصهرت جميع فئات الشعب الفلسطيني في بوتقة المواجهة والتصدي لقوات الاحتلال الغاشمة، فعندما يتعلق الأمر بالمقدسات فكل شيء يهون ولمزيد من الضوء على هذه الهبة سوف نستعرض الآتي:

تعريف النفق وخطورته:

هو عبارة عن مبان قديمة مشيدة في عصور مختلفة مغطاة بالطمم بسبب تهدم المدينة عدة مرات عبر التاريخ، كذلك عملية وصل لهذه المباني من خلال حفريات أسفل أساسات مباني قائمة بعرض متر وارتفاع مترين، بالإضافة إلى وجود قناة رومانية قديمة محفورة بالصخر بعرض أقل من متر وارتفاع عدة أمتار.

والجزء الأكبر من النفق يقع ضمن مبان قديمة قائمة تم تنظيفها وإزالة التراب والحجارة منها، وهي من العصرين الأموي والأيوبي، وهذه الأجزاء تقع أسفل المدرسة التنكزية التي بنيت عام 729هـ-"1528-1329مـ" وحوش محمد الخليلي، والمدرسة الأشرفية التي بنيت عام 887هـ، "1422مـ" وهي مكتبة المسجد الأقصى المبارك حالياً" كذلك أسفل سوق القطانين والمدرسة المنجكية والتي شيدت أيضا في العهود الإسلامية.

أما القناة الرومانية فهي بطول 60 متر محفورة بالصخر وعرضها أقل من متر وارتفاعها عدة أمتار، وهذا الارتفاع مختلف من منطقة إلى أخرى والبقية الباقية عبارة عن حفريات اسفل عقارات مملوكية قائمة في مستوى الأساسات، وهي أيضا على ارتفاعات مختلفة عن سطح الأرض.

الأخطار المترتبة على حفر النفق:

إن عملية فتح النفق سوف يترتب عليها العديد من الأخطار والمضار ومن أهمها:

1. إن هذه العملية تعتبر تحد سافر للشرعية الدولية، وذلك لأنها تصرف من طرف واحد في أرض محتلة.

2. تصدع المباني التي تعلو النفق مثل:

* المدرسة العثمانية 840هـ/1437م.

* رباط الكرد 693هـ 1293-1294.

* المدرسة الجوهرية 844هـ/1440م.

* المدرسة المنجكية 762 هـ/1361 م.

3. إعادة تأكيد السيادة الإسرائيلية على مدينة القدس وإن ما أجرته إسرائيل أو الإيحاء بما أجرته هو شأن داخلي.

4. تخريب العملية السلمية والتنصل من تبعات اتفاقية أوسلو على الرغم من أن هذه الاتفاقية لا تمنح الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية.

5. توسيع دائرة حائط المبكى الذي يمثله أصلا حائط البراق وله صفة دينية وإسلامية ومملوك كوقف إسلامي إلى الأوقاف العامة، وقد يجر توسيع دائرة حائط المبكى إلى الإدعاء بأنه امتداده شمالاً هو جزء من بقايا الهيكل الأول، وقد يجرهم إلى تهديد الأحياء المجاورة له أسوة بما حصل لحي المغاربة.

وهناك أخطارا أمنية يمكن أن تنتج عن عملية فتح النفق منها:

  • 1. قيام المتطرفين اليهود والمشرفين على الحفريات غير المرئية والذين يحاولون الدخول إلى المسجد الأقصى على منسوب سفلي كما حصل عام 1981 من خلال سبيل قيتباي وتم إفشال هذه المحاولة.
  • 2. تزويد التاريخ حيث تعطي معلومات مغلوطة وملصقات ومنشورات سياسية تعتبر تزويد للحقائق التاريخية.
  • 3. خلق بؤرة من التوتر وسط الأجواء الإسلامية من خلال حقائق ووقائع جديدة لحركة المتطرفين اليهود تحدياً للمشاعر والحقوق.

هبة النفق، 1996


الأسباب التي أدت إلى اندلاع هبة النفق:


في صباح يوم الخامس والعشرين من شهر أيلول 1996 أقدمت إسرائيل على فتح باب النفق المذكور، والتي شقته طوال السنوات الماضية بعد محاولتين فاشلتين قامت بها لفتحه وكانت المرة الأولى عام 1986 والثانية عام 1994، وهذا النفق يمتد بطول 450 متراً اسفل المسجد الأقصى والعقارات الإسلامية المحيطة به.

لقد اعتبرت هذه العملية بأنها جريمة ضد مقدساتنا الإسلامية وفي الحقيقة لم تكن عملية فتح النفق سوى القشة التي قصمت ظهر البعير لذلك كانت هبة النفق نتيجة تراكمات من ممارسات حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف برئاسة بنيامين نتنياهو وذلك برفضها تنفيذ الاتفاقات المبرمة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. وقيامها بفرض وقائع جديدة على الأرض في مخالفات وخرق فاضح لهذه الاتفاقات مثل مصادرة الأراضي ومواصلة الاستيطان وتوسيعه بالإضافة إلى إجراءات تهويد المدينة المقدسة، وكذلك عدم الانسحاب من الخليل بالإضافة إلى كافة القضايا المتصلة بإنهاء استحقاق المرحلة الانتقالية بما في ذلك عدم إطلاق سراح الأسرى"، واستمرار سياسة الحصار الاقتصادي بذرائع أمنية ما أوجد مناخاً من الإحباط واليأس لدى جماهير شعبنا وعزز لديها القناعة كما لدى السلطة الفلسطينية التي بذلت جهوداً وحرصاً كبيراً على عملية السلام أو دفعها إلى الأمام بأن حكومة ائتلاف اليمين القومي والديني برئاسة نتنياهو ليست عازمة على الاستمرار في عملية السلام، وهي ابعد ما تكون لتنفيذ الاتفاقات وانتهاء بمحاولات المماطلة والتسويف التي انتهجتها خلال الأشهر السابقة، وقيامها بحملات الدعاية حول التزامها بالعملية السلمية بينما هي في الواقع تعمل عكس ذلك من خلال عقد اجتماعات شكلية مع ممثلي السلطة الفلسطينية بدون تحقيق أية نتائج من هذه الاجتماعات.

لقد كشفت هذه السياسة الإسرائيلية من ضرب أسس عملية السلام وتقويض الاتفاقات الموقعة عن استراتيجية حكومة نتنياهو وكان لا بد بالتالي أمام القيادات الفلسطينية من البدء في التحرك على ثلاث مستويات.

  • * المستوى الداخلي تمثل في تعزيز الأوضاع الداخلية وخلق مناخات تساعد على تحقيق الوحدة الوطنية.
  • * المستوى العربي لوضع الجماهير والدول العربية أمام مسئولياتها والتزامها تجاه القدس، خصوصاً والقضية الفلسطينية عموماً.
  • * المستوى الدولي لوضع المجتمع الدولي والعالم أمام مسئولياته تجاه انهيار عملية السلام التي من شأنها أن تعيد أجواء التوتر للمنطقة بأسرها، وقد حقق هذا التحرك نتائج إيجابية سوف نشير إليها عند تناول نتائج الهبة.

اقرا ايضا : نساء فلسطينيات صنعن التاريخ 

يوميات هبة النفق:


يوم الأربعاء 25/9/1996

  • * أقدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلية على فتح باب النفق، وعلى أثر هذه العملية تم اجتماع القيادة الفلسطينية بدعوة من الرئيس ياسر عرفات ودعا الجماهير الفلسطينية إلى مواجهة هذا العدوان وبعث برسائل إلى بيل كلينتون رئيس الولايات المتحدة الأمريكية والملك حسين ملك الأردن والرئيس التركي سليمان ديميريل، ووضعهم في صورة العدوان الجديد.
  • * انطلقت مآذن المدينة المقدسة منذ ساعات صباح يوم الأربعاء بالدعوة إلى المواجهة فيما انطلق أهالي القدس في الشوارع وتعالت صيحات الاستنكار من حناجرهم.
  • * على الفور تدخلت قوات الجيش والشرطة الإسرائيلية وحالت دون وصول الأهالي إلى الموقع لوقف أعمال تثبيت الباب الحديدي الذي يؤدي إلى مدخل يصل حائط البراق بباب الغوانمة للمسجد الأقصى .
  • * دارت مواجهات عنيفة بعد ظهر اليوم الأربعاء 25/9/1996 بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال رشق فيها الشبان قوات الاحتلال بالحجارة وعلى أثرها قامت قوات الاحتلال بإخلاء ساحات الأقصى وإغلاق جميع أبوابه ولاحقت قوات الاحتلال الشبان الفلسطينيين واعتقلت منهم 11 شاباً.
  • * من جهة أخرى تواصلت الاشتباكات في شارع الزهراء وأحرقت سيارة إسرائيلية في القدس أمام فندق الأمريكان كولوني واستخدمت قوات الاحتلال الرصاص المطاطي ضد الشبان الفلسطينيين واعتقل 30 فلسطينياً.
  • * عقدت الهيئة الإسلامية العليا ونواب القدس وممثلوا القوى الوطنية في المدينة اجتماعاً طارئاً في المسجد الأقصى وأدانوا فيه المؤامرة ودعوا إلى إضراب تجاري والتجمع في باب العامود عند الساعة الثانية عشر ظهراً.
  • * ترأس الرئيس عرفات اجتماعاً طارئاً ضم أعضاء اللجنة التنفيذية لـ[م.ت.ف] ومجلس الوزراء والمجلس التشريعي لبحث الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، صدر في أعقابه بياناً دعا فيه جماهير الشعب الفلسطيني لمقاومة ومواجهة الأعمال الإسرائيلية الرامية لتهويد المدينة المقدسة باعتبارها جريمة نكراء.
  • * وانطلقت المسيرات في حي الواد وباب الساهرة وباب النفق الجديد وشوارع القدس كشارع صلاح الدين، السلطان سليمان، الزهراء، نابلس وأحياء البلدة القديمة، كما عمت المسيرات والمواجهات مختلف محافظات الوطن.
  • * في رام الله سقط 25 جريحاً وحاولت قوات الاحتلال الإسرائيلي من اقتحام المدينة إلا ان قوات الأمن الوطني تدخلت ومنعت القوات الإسرائيلية من الدخول واستخدمت إسرائيل طائرات كوبرا المروحية في إطلاق النيران على المواطنين.
  • * في الخليل سارت المسيرات والمظاهرات في الشوارع المحيطة بمستشفى عالية باب الزاوية- شارع الشلالة وأصيب العشرات واعتقال 20 فلسطينياً.
  • * في بيت لحم مسيرات بدأت من جامعة بيت لحم إلى منطقة قبر راحيل كما شملت المسيرات ودارت المواجهات في كل من طولكرم وجنين وأريحا وقلقيلية.


يوم الخميس 26/9/1996م

تواصلت المواجهات في مختلف المدن الفلسطينية ففي القدس حشدت إسرائيل اكثر من 5000 جندي إسرائيلي وأصيب العديد من الشبان الفلسطينيين في مواجهات هذا اليوم ومن بين الذين أصيبوا فيصل الحسيني.

أما في نابلس فقد استسلم الجنود الإسرائيليين المتواجدين في موقع قبر النبي يوسف وكان عددهم 41 جندياً لقوات الأمن الوطني الفلسطيني، وتحولت كل من رام الله والخليل وبيت لحم إلى ساحات حرب، كما شهدت جنين العديد من المسيرات والاشتباكات مع جنود الاحتلال.

وفي يوم الجمعة كانت هناك مجزرة أخرى حيث سقط 3 شهداء وأصيب 150 شاباً فلسطينياً.

وفي يوم السبت 29/9/1996 قرعت الأجراس وأقيمت الصلاة على أرواح الشهداء.

أما في قطاع غزة حيث بدأت الأحداث في صباح يوم الخميس الموافق 26/9/1996 فانطلقت المسيرات التي نظمها طلبة المدارس عشية عملية فتح النفق واستشهاد خمسة فلسطينيين في رام الله يوم 25/9/1996، وانطلقت المسيرات لتتوجه إلى الحواجز والمواقع العسكرية الإسرائيلية القريبة من المستوطنات الإسرائيلية في قطاع غزة عند حاجز بيت حانون (ايرز) بوابة القطاع الشمالية مع إسرائيل ونتساريم جنوب مدينة غزة وكفار داروم القريبة من دير البلح ومفترق غوش قطيف كيسوفيم شمال مدينة خانيونس، والموقع العسكري غرب المدينة على حدود مستوطنة جاني طال والحدود المصرية مع قطاع غزة في مدينة رفح ونظراً لتعدد المواجهات في اكثر من موقع من الضروري استعراض صور الأحداث في كل المناطق التي حدثت فيها.

· حاجز كفار داروم

بدأت فيه المواجهات عند الساعة السابعة صباحاً حيث وصلت المسيرات على بعد 70-100 متر عن المواقع الإسرائيلية المحاذية لمستوطنات كفار داروم القريبة من دير البلح على الطريق الرئيس رفح- غزة، حيث تجمع الطلبة المشاركون في المسيرة هناك وبدؤوا بإطلاق الهتافات، وقام رجال الشرطة الفلسطينية المتواجدين في هذا المكان بمحاولة صد المتظاهرين ومنعهم من التقدم تجاه المواقع الإسرائيلية، إلا أن بعض أفراد المسيرة تمكنوا من اجتياز الحاجز الفلسطيني والقيام بإلقاء الحجارة باتجاه الجنود الإسرائيليين المتواجدين في المكان وعلى الفور قام الجنود الإسرائيليون بإطلاق قنابل الغاز على المتظاهرين في الوقت الذي استمر المتظاهرون بإلقاء الحجارة على الجنود الإسرائيليين، وهي بالكاد كانت تصل إليهم وفي الساعة السابعة وعشر دقائق بدأ الإسرائيليون بإطلاق نيران أسلحتهم الأتوماتيكية بما فيها المدافع الرشاشة من عيار 500 بشكل مكثف، وعشوائي، ومن كافة الاتجاهات، أصيب ثمانية أشخاص نقلوا بسيارات الإسعاف.

وعلى الفور قام رجال الشرطة الفلسطينية بإغلاق الشارع العام أمام حركة السيارات في محاولة للسيطرة على الموقف، إلا أنهم أصبحوا عرضة لإطلاق النار من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي ما أدى إلى إصابة العديد منهم برصاص الجنود الإسرائيلين مما اضطر رجال الشرطة الفلسطينية الى الرد على الجنود الإسرائيليين دفاعاً عن النفس إلا أن الجنود الإسرائيليون استمروا في إطلاق النيران خصوصاً بعد أن اتخذوا لأنفسهم مواقع فوق الأبراج العسكرية القريبة من المستوطنة والمحاطة بسواتر رملية.

وفي حوالي الساعة الثانية عشر توقف إطلاق النار بعد جهود قام بها مسئولون أمنيون فلسطينيون من قادة الأمن الوطني بالاتصال مع الجانب الإسرائيلي.

وكانت نتيجة هذه المواجهات إصابة العشرات من قوات الأمن الوطني، كما استشهد 7 شهداء وأصيب 60 جريحاً بينهم صحفي، وتضررت واجهات المنازل وأسطحها وخزانات المياه جراء إطلاق النار من قبل الجنود الإسرائيليين.

· مفرق الشهداء "بالقرب من مستوطنة نتساريم"


في الساعة الثامنة صباحاً وبعد أن انتشرت أنباء المواجهات في منطقة مستوطنة كفار داروم توجه مئات الطلبة والمواطنين إلى مفترق نتساريم جنوب غزة حيث يوجد موقع عسكري دائم محاط بالأسلاك الشائكة، وعلى الرغم من محاولة أفراد الشرطة الفلسطينية منع المتظاهرين من الاقتراب من الموقع إلا أن بعض الطلاب قد استطاع التقدم نحو الموقع من البيارات المحاذية وقاموا بإلقاء الحجارة على برج عسكري إسرائيلي للمراقبة من مسافة لا تقل عن مائة متر ورد الإسرائيليون بإطلاق النار على المتظاهرون.

وعززت القوات الإسرائيلية من تواجدها بتعزيز الموقع بالدبابات والآليات واستمر الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار وكانت النتيجة استشهاد 8 فلسطينيين وإصابة 75 آخرين.

· حاجز بيت حانون "ايرز"

بدأت المواجهات عند هذا الموقع بعد ان انطلقت مسيرة طلابية من مخيم جباليا إلى حاجز بيت حانون وعلى الرغم من محاولة الشرطة الفلسطينية منعهم من التقدم إلا أن بعض المتظاهرين تمكنوا من اجتياز الحاجز الفلسطيني ليقتربو من الحاجز الإسرائيلي وإلقاء الحجارة على الجنود الإسرائيليين الذين ردوا عليها بإلقاء قنابل الغاز والأعيرة المطاطية ثم إطلاق الرصاص الحي ما أدى إلى إصابة العديد من الشبان الفلسطينيين ثم ازدادت كثافة إطلاق النيران من الجانب الإسرائيلي ما أدى إلى استشهاد 7 فلسطينيين وإصابة 104 بجراح بعد أن اصبح كل من تواجد في محيط الموقع من الفلسطينيين، هدفا للنيران الإسرائيلية واستمر إطلاق النار حتى ما بعد الظهر حيث حضر كبار الضباط من الجانب الفلسطيني وقاموا بإجراء اتصالات مع الجانب الإسرائيلي فخفت حدة إطلاق النار إلى أن توقفت عند الساعة الرابعة والنصف عصراً.

· خانيونس


واندلعت الأحداث في مدينة خانيونس بتجمع طلبة المدارس في حي الأمل وتوجهوا إلى المنطقة العسكرية الإسرائيلية غرب حي الأمل القريبة من مستوطنة جاني طال وتجمعوا عند حاجز للشرطة الفلسطينية يبعد 400 متراً عن النقطة العسكرية الإسرائيلية وتدخل أفراد الشرطة الفلسطينية المتواجدون على الحاجز حيث كانوا يقومون بإعمالهم اليومية ومنعوا الطلبة من التقدم نحو الحاجز الإسرائيلي في تقدم الطلبة بإلقاء الحجارة باتجاه النقطة العسكرية الإسرائيلية.

قام الجنود الإسرائيليون بإطلاق قنابل الغاز والأعيرة المطاطية والرصاص الحي نحو الطلبة وسرعان ما بدأوا إطلاق النار عشوائياً نحو كل من تواجد في ذلك الموقع رد أفراد الشرطة الفلسطينية النار في محاولة للدفاع عن النفس ولحماية المدنيين وتسبب رصاص الجنود الإسرائيليين في مقتل 3 أشخاص وإصابة 60 آخرين بجراح.

وفي الساعة التاسعة صباحاً توجه طلاب المدارس من قرى خانيونس الشرقية إلى مفترق غوش قطيف وحاجز كيسوفيم على طريق خانيونس غزة وقد حالت الشرطة الفلسطينية دون تقدم المتظاهرين إلا أن عدداً منهم تمكن من عبور الحاجز من خلال البيارات المجاورة.

وشاركت مروحيات حربية من نوع الكوبرا في إطلاق النار على المتظاهرين كما طالت نيرانها المواطنين الذين لم يشاركوا في المظاهرات وكذلك المنازل القريبة ما تسبب في إصابة عدد من المواطنين وإلحاق أضرار بعدد من المنازل. وبلغت حصيلة الأحداث 5 شهداء و115 جريحاً.

· رفح


في الساعة الثامنة من صباح يوم 26/9/1996 توجه نحو 150 طالب إلى بوابة صلاح الدين على الحدود المصرية وقاموا بإلقاء الحجارة على موقع للجنود الإسرائيليين مقام بين الأسلاك الحدودية الشائكة وعلى الرغم من محاولة الشرطة الفلسطينية صد المتظاهرين إلا أن المواجهات استمرت على طول الحدود المصرية الفلسطينية التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي والتي تخترق مدينة رفح وفي هذه الأثناء قام الجنود الإسرائيليون بإطلاق النار على المتظاهرين ورجال الشرطة الفلسطينية وأصابوا عدداً منهم ما دفع رجال الشرطة الفلسطينية إلى إطلاق النار للدفاع عن أنفسهم.

في حوالي الثانية عشر تمكن أفراد الشرطة الفلسطينية من تهدئة الأوضاع مع انتشار نبأ استشهاد شخصين وإصابة 40 بجراح، وشهدت ساعات ما بعد الظهر تجمعات للشباب بالقرب من المنطقة الحدودية قاموا بإلقاء الحجارة على الجنود الإسرائيليين الذين ردوا بعنف على تلك المواجهات، كما استخدم الجيش الإسرائيلي طائرتين عموديتين قامتا بإطلاق النار عشوائياً، والقتا قذائف على المنطقة المحاذية للشريط الحدودي. واستخدمت الدبابات المجنزرة التي شوهدت داخل الشريط الحدودي ما أدى إلى إصابة العديد برصاص الجيش الإسرائيلي. ولم تقتصر المواجهات على الشريط الحدودي على توجه أعداد كبيرة من الطلاب الى مفترق مستوطنة موراج على الطريق الواقع بين خانيونس ورفح وقاموا بإلقاء الحجارة اتجاه الجنود الإسرائيليين على مدخل المستوطنة وعلى الرغم من قيام أفراد الشرطة الفلسطينية من إبعاد المتظاهرين إلا أن الجنود الإسرائيليين قاموا بإطلاق النار على المتظاهرين وأفراد الشرطة مما أدى إلى إصابة طالبتين فلسطينيتين وشرطي آخر.

هذا ما حدث يوم الخميس 26/9/2001 وقد استمرت أجواء التوتر في اليوم التالي يوم الجمعة 27/9/2001، وتكررت المواجهات في رفح وخانيونس وحاجز كفار داروم.

وكان أعنف هذه المواجهات في رفح حيث قام الجنود الإسرائيليون بإطلاق الرصاص على المتظاهرين ما أدى إلى إصابة 48 شخصاً في رفح كما أصيب 8 أشخاص في خانيونس وشخصان عند حاجز كفار داروم.

النتائج السياسية:

على الرغم من أن عملية فتح النفق بتاريخ 15/9/1996، قد سبقتها محاولتين الأولى عام 1986 عند باب الغوانمة والثانية عام 1994، عند المدرسة العمرية وهو نفس المدخل الحالي، إلا أن هذه المرة تكتسب أهمية كبيرة إذا جاءت ضمن مخططات حكومة الليكود المتطرفة في برنامجها الإنتخابي عام 1996، كما أنها جاءت عشية الاحتفال بعيد الغفران وكأن هذه العملية جاءت كهدية للشعب اليهودي إلا أن نتائجها لم تكن في حسبان الحكومة حيث أفشلت الهبة الجماهيرية الإستراتيجية الإسرائيلية القائمة على سياسة الصفقات حيث لا يتم إغلاق النفق إلا بشروط محددة وكان من نتائج هذه الهبة ما يلي:-

  • 1. أثبتت الهبة بأن لدى الشعب الفلسطيني خيارات أخرى غير خيارات التفاوض مع عدم التراجع عن عملية السلام.
  • 2. سقوط الرهان الإسرائيلي بأن هناك فجوة بين السلطة الوطنية الفلسطينية وجماهير الشعب الفلسطيني.
  • 3. وكان نتيجة هذه الهبة توقيع بروتوكول إعادة الإنتشار في منطقة الخليل بتاريخ 17/يناير/1997.


ملخّص هبة النفق 25/9/1996

استمرت الهبة مدة ثلاثة أيام وهي 25-26-27 من شهر سبتمبر على 1996.

أسباب الهبة:

استمرار السياسة الإسرائيلية القائمة على:

  • * التوسع الإستيطاني على حساب الأراضي الفلسطينية.
  • * استمرار الحصار المفروض على الأراضي الفلسطينية.
  • * المماطلة والتسويف في تنفيذ الاتفاقات الموقعة مع السلطة الوطنية الفلسطينية.
  • * ثم فتح النفق أسفل المسجد الأقصى مما يعد خرقاً فاضحاً للاتفاقات المعقودة وتحدي لمشاعر المسلمين.


نتائج الهبة:

  • 1. توقيع برتوكول إعادة الإنتشار في منطقة الخليل بتاريخ 17/يناير/1997.
  • 2. سقوط الرهان الإسرائيلي بأن هناك فجوة بين الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية كما اثبتت ان هناك خيارات اخرى للشعب الفلسطيني غير طريق التفاوض.
  • 3. سقوط 63 شهيداً فلسطينياً و1600 جريحاً




الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى) 2000

في 28 أيلول من عام 2000، قام أريئيل شارون (وكان وقتها وزير البنى التحتية في إسرائيل) بزيارة لباحة المسجد الأقصى، وسط أوضاع محتقنة بسبب فشل مفاوضات كامب ديفيد التي جرت مع إسرائيل برعاية أمريكية؛ فانطلقت الانتفاضة بشكل مختلف عن جميع الانتفاضات السابقة؛ إذ استخدم الفلسطينيون السلاح ضد الإسرائيليين؛ ما شكل ذريعة استخدمتها دولة الاحتلال الإسرائيلي لتبرير استخدامها القوة بشكل غير مسبوق، وصل إلى استخدام الطيران الحربي في القصف بطائرات الأباتشي والإف 16. وسقط في هذه الانتفاضة آلاف الفلسطينيين، معظمهم كانوا ممزقي الجثث، بسبب نوعيات الأسلحة التي كانت تستخدمها إسرائيل.


الانتفاضة الفلسطينية الثانية أو انتفاضة الأقصى
، اندلعت في 28 سبتمبر 2000 وتوقفت فعلياً في 8 فبراير 2005 بعد اتفاق الهدنة الذي عقد في قمة شرم الشيخ والذي جمع الرئيس الفلسطيني المنتخب حديثاً محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون، وتميزت هذه الانتفاضة مقارنة بسابقتها بكثرة المواجهات مسلحة وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، راح ضحيتها حوالي 4412 فلسطينيًا و48322 جريحًا. وأما خسائر الجيش الإسرائيلي تعدادها 334 قتيل ومن المستوطنين 735 قتيل وليصبح مجموع القتلى والجرحى الإسرائيليين 1069 قتيل و4500 جريح وعطب 50 دبابة من نوع ميركافا ودمر عدد من الجيبات العسكرية والمدرعات الإسرائيلية. ومرت مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة خلالها بعدّة اجتياحات إسرائيلية منها عملية الدرع الواقي وأمطار الصيف والرصاص المصبوب. كانت شرارة اندلاعها دخول رئيس الوزراء الإسرائيلي "الأسبق" أرئيل شارون إلى باحة المسجد الأقصى برفقة حراسه، الأمر الذي دفع جموع المصلين إلى التجمهر ومحاولة التصدي له، فكان من نتائجه اندلاع أول أعمال العنف في هذه الانتفاضة. يعتبر الطفل الفلسطيني "محمد الدرة" رمزًا للانتفاضة الثانية فبعد يومين من اقتحام المسجد الأقصى، أظهر شريط فيديو التقطه مراسل قناة تلفزيونية فرنسية في 30 سبتمبر/أيلول 2000، مشاهد إعدام للطفل (11 عامًا) الذي كان يحتمي إلى جوار أبيه ببرميل إسمنتي في شارع صلاح الدين جنوبي مدينة غزة.


أسباب اندلاع الانتفاضة الثانية

بدءاً من نهاية عام 1999 ساد شعور عام بالإحباط لدى الفلسطينيين لانتهاء الفترة المقررة لتطبيق الحل النهائي بحسب إتفاقيات أوسلو والشعور بالإحباط بسبب المماطلة وجمود المفاوصات بين الطرفين الفلسطيني والصهيوني بعد مؤتمر قمة كامب ديفيد، وتوضّح أن محاولة الصهاينة"إسرائيل" بدعم من الولايات المتحدة فرض حل على الفلسطينيين بعيداً عن قرارات الشرعية الدولية (242,338,194)، ذلك بالإضافة إلى عدم تطبيق الصهاينة "إسرائيل" للعديد من الجوانب التي تم الاتفاق عليها في أوسلو أو الاتفاقيات والمفاوضات اللاحقة. واستمرار الصهاينة "إسرائيل" في سياسة الاغتيالات والاعتقالات والاجتياحات لمناطق السلطة الفلسطينية ورفض الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين. بالإضافة إلى استمرار بناء المستوطنات واستبعاد عودة اللاجئين واستبعاد الانسحاب لحدود حزيران 1967، جعل الفلسطينيين متيقنين بعدم جدوى عملية السلام للوصول إلى تحقيق الاستقلال الوطني. وفي ظل هذا الشعور العام بالإحباط والاحتقان السياسي، قام رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق أرئيل شارون باقتحام المسجد الأقصى وتجول في ساحاته وقال ان الحرم القدسي سيبقى منطقة إسرائيلة مما أثار استفزاز المصلين الفلسطينيين فاندلعت المواجهات بين المصليين وجنود الاحتلال في ساحات المسجد الأقصى فسقط 7 شهداء وجُرح 250 وأُصيب 13 جندي إسرائيلي وكانت هذه بداية أعمال الانتفاضة.
 

ميزان القوى

من ناحية الفلسطينيين: كان يوجد 35,000 جندي من الأجهزة الأمنية وأسلحتهم بنادق كلاشنكوف و45 مُصفّحة من نوع (بي أر دي ام-2) وأما مسلحين المقاومة أسلحتهم بنادق كلاشنكوف وأم-16 وبعض الألغام محلية الصنع. أما من ناحية الإسرائيليين: حشدو لهذه المعركة 60,000 جندي من الجيش الإسرائيلي و1000 دبابة و450 طائرة مقاتلة من طراز اف-16 وفانتوم وإف-15 إيغل و50 مروحية هجومية من طراز أباتشي.
 

نتائج الانتفاضة الثانية على الفلسطينين

  • تدمير البنية التحتية الفلسطينية
  • تدمير مؤسسات السلطة الفلسطينية
  • تدمير ممتلكات المواطنين
  • استشهاد عدد كبير من أبناء فلسطين
  • الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة
  • اختراع أول صاروخ فلسطيني في غزة من نوع (صاروخ قسام) وتطورت الفصائل وصنعت صواريخ كثر مثل صاروخ (قدس 4) التابع للجهاد الإسلامي و(صمود) التابع للجبهة الشعبيية وقامت كتائب شهداء الأقصى الموجودة في قطاع غزة بصناعة صاروخ (أقصى 103) وقامت كتائب المقاومة الشعبية بصناعة صاروخ (ناصر).
  • فلتان أمني في الشارع الفلسطيني عقب الانتفاضة ومن ثم قامت قوات الأمن الفلسطينية بفرضه بالقوة.
  • بناء جدار الفصل العنصري الإسرائيلي.

 

نتائج الإنتفاضة الثانية على الإسرائيليين

  • انعدام الأمن في الشارع الإسرائيلي بسبب العمليات الانتحارية
  • ضرب السياحة في إسرائيل بسبب العمليات الانتحارية
  • اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي (زئيفي) على يد أعضاء من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
  • إلحاق عدد من القتلى الإسرائيليين بسبب اجتياحات المدن الفلسطينية والاشتباكات مع رجال المقاومة وكثرة العمليات
  • مقتل قائد وحدة الهبوط المظلي الأسرائيلي (الكوماندوز) في معركة مخيم جنين
  • تحطيم مقولة الجيش الذي لا يُقهر في معركة مخيم جنين الذي قتل فيها 58 جندي إسرائيلي وجرح 142.
  • ضرب اقتصاد المستوطنات الإسرائيلية
  • تصفية معظم الصف الأول من القادة الفلسطينيين أمثال ياسر عرفات وأحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وأبو علي مصطفى

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. المواجهة ليست بالعدد، والقوة ليست بالسلاح فقط، وكانت اقوى معارك الفلسطينيين فى مواجهة الاحتلال الإسرائيلى هى الانتفاضة الأولى والثانية، والتى استمرت كل منها أكثر من 5 سنوات. والتى سجلت تضامنا وتأييدا عالميا أكثر من أى مواجهات أخرى. وهى دروس يفترض أن يعيها هؤلاء الذين يكتفون باللطم والمزايدة. وكانت الوحدة هى مفتاح الفوز.

    بالرغم من مرور كل هذه السنوات والشتات الفلسطينى الطويل، احتفظ الفلسطينيون بقضيتهم حية، وفشلت إسرائيل بكل عنفوانها كقوة احتلال فى محو الهوية الفلسطينية والتراث والثقافة. والأشعار والأغانى والرقصات. وإذا كان الحديث اليوم يتجدد عن مواجهة العدوان والقرارات الأمريكية المنحازة، فإن الفلسطينيون ومعهم العرب بكل ما تبقى من اصوات يمكنهم استغلال قرار ترامب، لإحياء النضال السلمى الفلسطينى فى مواجهة الاحتلال. والمواجهة ليست فقط بالسلاح، والحروب، بل بالنضال الطويل والذى يكشف عن الوجه العنصرى للاحتلال الإسرائيلى.

    وكانت وحدة الفلسطينيين هى الورقة الأكثر اهمية فى المواجهة، وكانت الانتفاضتين الأولى والثانية، أعلى مراحل الكفاح، ونجح الفلسطينيون بصدور عارية وحجارة فى مواصلة الانتفاضة الأولى 6 سنوات والثانية 5 سنوات، وهى اطول فترات المواجهة، والتى انتهت بنتائج على الأرض أفضل من نتائج كل الملاسنات والبيانات واللطم والصراخ.

    ردحذف

إرسال تعليق

محتويات المقال