الدكتور فايز رشيد عيسى هلال
الدكتور فايز رشيد هلال (11 سبتمبر 1950 – 27 سبتمبر 2023) طبيب وروائي وكاتب سياسي فلسطيني بارز، جمع بين مهنة الطب التي درسها ومارسها بإخلاص، وبين القلم الذي سخّره للدفاع عن فلسطين وقضايا الأمة. ولد في مدينة قلقيلية، وعاش تجربة السجن والنفي المبكر، الأمر الذي صاغ وعيه الوطني والثقافي، وجعل من حياته مسارًا يجمع بين النضال العملي والعمل الفكري.
كان متزوجًا من المناضلة ليلى خالد، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية وعضو المجلس الوطني الفلسطيني، ولهما ابنان، بدر وبشار، لتتوازن حياته بين الالتزام الوطني والعمل العائلي.
على امتداد أكثر من أربعة عقود، عُرف رشيد بمقالاته ودراساته السياسية والفكرية التي نُشرت في كبريات الصحف العربية، وبمؤلفاته التي تجاوزت الثلاثين كتابًا في مجالات السياسة، الفكر، التاريخ، القصة القصيرة، وأدب السيرة والرحلة. مثلت هذه الأعمال مرآةً لتجربته الشخصية والوطنية، وأداةً لمواجهة الاحتلال ومخططاته الفكرية والثقافية، سواء من خلال نقد السياسات الصهيونية، أو فضح محاولات تزوير التاريخ.
الدكتور فايز رشيد كان مناضلا من نوع خاص وطراز رفيع. كان صادقاً فيما يقول، شجاعا في طرح موقفه.يؤمن بالحوار الهادف. كان يسير عكس التيار كلما اشتدت الصعوبات زادته صلابة وكلما ازدادت التنازلات عن المباديء والقيم والارض زاد تمسكا بها. قاتل بشراسة ضد أوسلو والتنسيق الامني، وحارب المستسلمين، وبقيت القضية الفلسطينية شغله الشاغل طوال حياته، حتى في سنوات مرضه.
كان أيضًا عضوًا فاعلًا في مؤسسات ثقافية وأدبية بارزة، من بينها رابطة الكتّاب الأردنيين والاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب والاتحاد العام للكتّاب والصحافيين الفلسطينيين، ما عزز حضوره في المشهد الثقافي العربي. وإلى جانب ذلك، ظل وفيًا لمهنته كطبيب، حيث واصل عمله في عيادته الخاصة في عمّان، رابطًا بين رسالته الإنسانية كطبيب، ورسالة المقاومة ككاتب ومفكر.
رحل الدكتور فايز رشيد في عمّان عام 2023، تاركًا إرثًا ثريًا يجمع بين الفكر والممارسة، بين القلم والطب، وبين الإبداع الأدبي والموقف الوطني، ليبقى واحدًا من أبرز الأصوات الفلسطينية التي لم تتوقف عن الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في الحرية والعودة والكرامة
الميلاد والنشأة
وُلد فايز رشيد عيسى هلال في مدينة قلقيلية بالضفة الغربية في 11 سبتمبر 1950، ونشأ في بيئة فلسطينية مشبعة بالوطنية والتحدي في وجه الاحتلال. وفي سن مبكرة، عاش تجربة الاعتقال على يد سلطات الاحتلال الصهيوني، حيث قضى سنتين في السجون الإسرائيلية قبل أن يُبعد إلى الأردن عام 1970، وهو ما ترك أثرًا عميقًا في تكوين شخصيته السياسية والفكرية، ورسّخ ارتباطه بقضية التحرر الوطني.
أكمل دراسته الثانوية في المدرسة الحسينية الثانوية بالعاصمة الأردنية عمّان عام 1971، ثم توجه إلى الاتحاد السوفييتي ليواصل مسيرته الأكاديمية، فالتحق بجامعة الصداقة بين الشعوب (باتريس لومومبا) في موسكو، حيث حصل على شهادة البكالوريوس في الطب العام عام 1979. واصل دراساته العليا في معهد “مينسك” الطبي في بيلاروسيا (روسيا البيضاء)، حيث نال شهادة الدكتوراه في تخصص الطب الطبيعي عام 1990، ليمزج بذلك بين التكوين الأكاديمي العلمي، والوعي الوطني والسياسي الذي لازم تجربته منذ شبابه المبكر.
السيرة المهنية والنضالية
بعد إنهاء دراسته الطبية، بدأ الدكتور فايز رشيد مسيرته العملية طبيبًا عامًا في عيادة خاصة بين عامي 1979 و1982، ثم التحق بالعمل مع الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان وسوريا خلال الفترة (1982–1985)، حيث قدّم خدماته الطبية في ظروف الحرب والحصار، مجسدًا التزامه الإنساني والوطني في آن واحد. وبعد عودته إلى الأردن، استقر في عمّان، وافتتح عيادته الخاصة منذ عام 1992، متفرغًا للعمل كطبيب اختصاص في الطب الطبيعي، إلى جانب نشاطه الفكري والسياسي.
لم تكن مسيرته مقتصرة على الجانب الطبي، إذ انخرط منذ شبابه في النضال الوطني الفلسطيني. فقد اعتقلته سلطات الاحتلال الصهيوني لمدة سنتين في أواخر الستينيات، قبل أن تُصدر قرارًا بإبعاده إلى الأردن عام 1970. لاحقًا، شغل عضوية المجلس الوطني الفلسطيني واللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكان صوته حاضرًا في القضايا الوطنية والقومية، مدافعًا عن العدالة والحرية وحق الشعب الفلسطيني في التحرر والعودة.
بهذا، جمع الدكتور فايز بين رسالة الطب كخدمة إنسانية، ورسالة الفكر والنضال كالتزام وطني، وهو ما جعله شخصية بارزة في المشهد الفلسطيني والعربي.
الإسهامات الأدبية والفكرية
إلى جانب عمله الطبي والنضالي، برز الدكتور فايز رشيد ككاتب سياسي وباحث ومبدع أدبي متنوع الاهتمامات وغزير الانتاج، إذ ترك إرثًا واسعًا من المؤلفات التي تجاوزت الثلاثين كتابًا في مجالات السياسة والفكر والنقد والأدب. تناولت أعماله قضايا النكبة الفلسطينية، المقاومة، الهوية، الثقافة، وزيف الرواية الصهيونية، كما قدم إسهامات مهمة في القصة القصيرة وأدب الرحلة وأدب السيرة.
المؤلفات
تنوعت اعماله الادبية المنشورة بين التحليل السياسي والرواية وأدب الرحلة ومن أبرز مؤلفاته
- والجراح تشهد: مذكرات طبيب في زمن الحصار (1983)
- خمسون عامًا على النكبة (1999)
- وداعًا أيها الليلك (قصص، 2003)
- في الطريق إلى الوطن (أدب سيرة، 2008)
- ثقافة المقاومة
- وما زالت سعاد تنتظر (رواية، 2011)
- الرحلة البيلوروسية في عهدين (2012)
- تزوير التاريخ.. في الرد على كتاب نتنياهو “مكان تحت الشمس” (1997، ط2: 1998)
- إضاءات فكرية وسياسية لواقع قاتم (2016)
- زيف ديمقراطية إسرائيل (2004)
- ستون عامًا على النكبة (2009)
- قضايا حوارية فلسطينية وعربية (2010)
- غرناطة.. الحصن الأخير (2017)
- كنز في يافا (2018)
- أفول (2015)
- عائد إلى الحياة (2015)
- زمن الكبار.. قادة الجبهة الشعبية.. كما عرفتهم
- مناضلات كبيرات في الجبهة الشعبية.. كما عرفتهن
- قيثارة ليل (2016)
- ليلى خالد في عيون بعض حرائر وأحرار العالم (2021)
كما نشر الدكتور فايز رشيد العديد من المقالات والبحوث في الصحف والمجلات العربية، منها جريدة الدستور الأردنية والقدس العربي، إضافة إلى مواقع إلكترونية عربية، حيث تميزت كتاباته بجرأتها النقدية وعمقها الفكري، مؤكّدًا انحيازه الدائم لقضايا الحرية والعدالة والتحرر الوطني.
اغلفة كتب الدكتور فايز رشيد
نضع بين ايديكم مجموعة من اغلفة كتب الدكتور فايز رشيد مع بعض الملخص حول الكتاب ان توفر لنا وهي عبارة عن نافذه على افكاره وكتاباته
ليلى خالد في عيون حرائر واحرار العالم
تزوير التاريخ في الرد على كتاب نتنياهو
ربما يكون إصدار طبعة ثالثة من كتاب «تزوير التاريخ» في الرد على كتاب نتنياهو: «مكان تحت الشمس» لمؤلفه الدكتور فايز رشيد. ضروري في مرحلة يتم فيها تزييف حقائق التاريخ، ويتم الترويج فيها للحركة الصهيونية على اعتبار أنها حركة إنسانية من قبل ساسة اليهود، وخاصة نتنياهو الذي يترأس الآن حكومة إسرائيل للمرة الثالثة بعد انتخابات الكنيست الأخيرة، فكان لا بد من تبصير العالم بالنواميس الخفية التي لا تزال تحكم العقلية الصهيونية التي حكمت ولا تزال تحكم فلسطين وشعبها بلغة الحديد والنار، فجاء الرد من كاتب عربي عاشقٍ للقضية متمكنٍ بأدواته، فحصاً واستكشافاً، تحرياً، والتزاماً، بقضايا أمته، إنه الدكتور فايز رشيد يرد على التضليل اليهودي، الذي روج له نتنياهو في كتابه الآنف الذكر.
توزع الكتاب على عشرة فصول استطاع خلالها المؤلف تقديم الرد اللائق والمقنع بالنسبة للقارئ، فبدأ بـ "ظهور الحركة الصهيونية" وانتهى بـ "مسألة القوة اليهودية" وبين البداية والنهاية رد على أبرز ما جاء في كتاب نتنياهو من مغالطات وأوهام، وتوضيح واستعراض للوقائع بقصد الوصول إلى الحقيقة.
قدم للكتاب الأستاذ فخري قعوار ورأى "في اختيار الدكتور رشيد كتاب بنيامين نتنياهو «مكان تحت الشمس» والرد عليه جاء نتيجة إحساسه ويقينه بخطورة ما جاء في الكتاب، وبخاصة بعد أن تمت ترجمته إلى اللغة العربية، وحقق رواجاً ملحوظاً في الشارع العربي...".
أما الدكتور فايز رشيد فأمل "من الكتاب الوصول إلى كل أنحاء الوطن العربي، حيث يكون باستطاعة كل مواطن عربي: قراءته، والاضطلاع على أكاذيب رئيس الوزراء الصهيوني، وأيضاً أقول بتواضع كبير لمساعدة تحصين المخزون الثقافي وبخاصة: لدى جيل الشباب في وجه الأضاليل والأساطير الصهيونية...".
وعليه يكون «تزوير التاريخ» أو كتاب الرد: كتابان في كتاب واحد يشي لقارئه بأن "السلام" معادلة عصية التوازن، والصراع مستمر حتى يرث الله الأرض ومن عليه
ومازالت سعاد تنتظر
في هذا العمل يأخذنا الروائي الدكتور "فايز رشيد" من فلسطين إلى مفصل تاريخي مهم من تاريخ بلاده السياسي والاجتماعي ليرينا فصلاً من فصول السياسة العثمانية لمرحلة ما قبل الحرب العالمية الأولى. عند الدخول إلى متن الرواية تبرز لغة الموت التي تواجه شخصيات العمل في ظل واقع مادي جالس على حافة الفناء الأخير دماراً وعذابات: "... حدثهم الأستاذ حسني عن إعدامات تركية لأحد عشر شخصاً من العرب جرت في بيروت في ساحة البرج، وعن عشرات الأحكام بالمؤبد على مناضلين عرباً من الجمعيات التحررية العربية ومن حزب اللامركزية، فقط لأنهم كانوا يطالبون بأخذ الحقوق وتطبيق اللامركزية في الحكم...". تحكي الرواية قصة "سعاد" امرأة فلسطينية، أم مثل معظم الأمهات، حنونة، عاطفية، صقلتها الحياة منذ نعومة أظفارها، وتجارب أبنائها وأحفادها في حقبات مختلفة، فَوْلَذتْها وضاعفت من قدرتها على المواجهة، إن في الوقوف بصلابة أمام الحدث، أو في تخطِّيه. امرأة واثقة في ذاتها، مليئة بالأنفة والكبرياء، بسيطة، صريحة في كل شيء، لا تعرف النفاق ولا المداهنة، واضحة، توصل شعورها وفكرتها بوضوح ودون خجل. علاقتها بزوجها رشيد ضاعفت من شعور العزة لديها. منذ طفولتها، اكتسبت قيماً كثيرة، في مجتمع ومحيط لا يقدِّران حقيقة ما تؤمن به. تماشت مع التجارب النضالية، والعطاء بكل معانيه. تماهت مع الفداء والشعور بالفلسطينية بمعناها العريض. لم تلم ولداً بسبب دوره النضالي، مما عمل على إنضاج تجربتها مبكراً. عاشت صراعاً بين حقيقتين: أهمية التضحية من أجل الوطن، والخوف كأم على حياة كل واحدٍ من أبنائها. حاولت مزج المعادلتين معاً، نجحت في معظم الأحيان وفي بعضها مثل كل الأمهات سربلتها العاطفة. إنها أكثر من رواية، إنها ملحمة نضال لشعب ما يزال تحت دورة الألم والقتل والاقتلاع والتشرد، فكانت الرواية تجسيداً لإرادة البقاء ودعوة للتغيير، ومراجعة لتاريخ القضية الفلسطينية وقراءتها بعين فاحصة
زمن الكبار - قادة الجبهة الشعبية كما عرفتهم
"زمن الكبار" وبعنوان فرعي آخر (قادة الجبهة الشعبية كما عرفتهم) يتحدث فيه عن أبرز القادة الكبار في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكما عرفهم هو شخصياً وهم: الدكتور جورج حبش ووديع حداد وأبو علي مصطفى وأبو ماهر اليماني وغسان كنفاني وصابر محي الدين وحمدي مطر وتيسير قبعة وهاني الهندي.
في المقدمة التي يفتتح المؤلف بها كتابه يبرر سبب اختياره لهؤلاء الكبار فقط، للكتابة عنهم، دون قادة آخرين؟ بالقول: فواقع الأمر، أنني كتبتُ عن المتوفين والشهداء منهم، ممن عاشوا ويعيشون خارج فلسطين المحتلة. أيضاً، كما كان بودي جيفارا غزة، وأبو أمل وآخرين، ولكن للأسف لم يحصل ذلك. كما أنني وددت، لو أكتب عن قادة الجبهة الشعبية، الذين عرفتهم في الضفة الغربية، وفي السجون، لكن فترة طويلة من الانقطاع عنهم مضت، هذا إضافة إلى ظروف أخرى متعلقة بملاحقة العدو الصهيوني لهم ولأبناء شعبنا عموما،ً (...) وقادة أحياء كثيرون من الجبهة الشعبية، موجودون خارج فلسطين المحتلة، وفي قطاع غزة، وكثيرون أصدقاء لي منهم، لكن الكتابة عن شخص لا يزال يؤدي دوره الوطني، ستكون مبتورة، إضافة إلى أنها من الممكن أن تُأخذ في غير معانيها! لكل ذلك، اخترت الكتابة عن المتوفيين من الرموز والقادة الكبار في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكما عرفتهم".
وعن هؤلاء المناضلين الشرفاء يتابع المؤلف الحديث ليقول للعالم أجمع: إن جبهة شعبية، أسسها الحكيم جورج حبش، وظلّ أميناً عاماً لها طوال عقود، وتخلى عن منصبه طوعاً، لإتاحة الفرصة لقائدٍ جديد...
إن جبهة شعبية، استشهد أمينها العام الثاني أبو علي مصطفى في الوطن المحتلّ، على أيدي الما بعد فاشيين الصهاينة، والذي كان قد أعلن موقف الجبهة قطعياً، واضحاً وصريحاً من استحالة مساومة العدو، فور دخوله الجسر إلى فلسطين، قائلاً... جئنا لنقاوم.. لا لنساوم...
إن جبهة شعبية، حُكم على أمينها العام الثالث أحمد سعدات، من قبل العدو الصهيوني، بالسجن 30 عاماً، بعد اختطافه ورفاقه من سجن السلطة الفلسطينية في أريحا، إثر اعتقاله في عملية بوليسية غادرة ومشبوهة، ومشكوك بمنفذيها جميعهم، من قبل أطراف فلسطينية...
جبهة بهذه المواصفات.. حتماً ستنتصر... على طريق ثورتنا الفلسطينية المسلحة...".
هذا الكتاب تحية إجلال وإكبار وإخلاص من مؤلفه إلى أرواح الشهداء والأسرى؛ من شهداء الجبهة؛ ومن شهداء الثورة؛ ومن شهداء الأمة؛ وغيرهم من شهداء التحرر على صعيد العالم أجمع
أحداث واقعية في إطار من الخيال، هذا ما يرسمه فايز رشيد في شذراته نحو الطريق إلى وطنه فلسطين... والمحصلة: قصص... أحداث رائعة...مشوقة ممزوجة بشعور وإحساس مرهفين في التعبير الجمالي، الذي جاء مشوقاً أيضاً...
الجراح تشهد - مذكرات طبيب حصار بيروت
الجراح تشهد: مذكرات طبيب في زمن الحصار» (بيروت 1982) للكاتب الدكتور فايز رشيد، أما قصة أحداث هذا الكتاب والتي لم يذكرها الكاتب في الطبعة السابقة فتتلخص فيما يلي: يقول الدكتور فايز رشيد: أوجعتني حدود الافتراش للعقل والقلب، تلك المعاناة الماثلة أمامي حتى اللحظة في عيون الأطفال والنساء والشيوخ والعديد من الشباب الجرحى من ذوي الإصابات المختلفة بين يدينا الطبعة الثانية من كتاب «الجراح تشهد: مذكرات طبيب في زمن الحصار» (بيروت 1982) للكاتب الدكتور فايز رشيد، أما قصة أحداث هذا الكتاب والتي لم يذكرها الكاتب في الطبعة السابقة فتتلخص فيما يلي: يقول الدكتور فايز رشيد: أوجعتني حدود الافتراش للعقل والقلب، تلك المعاناة الماثلة أمامي حتى اللحظة في عيون الأطفال والنساء والشيوخ والعديد من الشباب الجرحى من ذوي الإصابات المختلفة ممن رأيتهم رؤية العين، بفعل البشاعة في الجرائم والمذابح والاعتداءات... كان لا بدّ من التعبير عن هذه المعاناة ونقلها إلى القرّاء، وهكذا ولدت فكرة الكتاب... ويتابع الكاتب في (مقدمة) الكتاب: إن الشهادات الواقعية الحيّة التي يتعرض لها هذا الكتاب، تعتبر دليلاً جديداً يضاف إلى سلسلة الجرائم التي ارتكبتها "اسرا
غرناطة الحصن الاخير
وتجتمع في هذه الرواية عناصر من عدّة فنون: الرواية والرحلة والسرد التاريخي، فهي رواية متشابكة المعطيات ومتعدّدة المرجعّيات والإنتماءات، فهي تندرج في فنّ الرحلة إذا شئت، وفي فنّ رواية المكان إذا شئت، والرواية التاريخية إذا شئت أيضاً، وهي في جميع الأحوال تتطلب من الكاتب ثقافة واسعة ومتشعّبة وقراءات عديدة تاريخية وجغرافية وادبيّة، كما تتطلب إلماماً دقيقاً بالثقافة الإسبانية المعاصرة والثقافة الأندلسيّة القديمة
الاسلام السياسي بين الارهاب والمقاومة
احتلّت الحركة الإسلامية حيّزاً كبيراً من الأحداث في العقدين الأخيرين، فقد فرضت نفسها - إن بالتيار المقاوم فيها، أو بالأجنحة التي مارست، وتمارس الإرهاب - في الدول العربية والعالم بكلّ قوّة.
ومن وجهة نظر الأخيرة، تدعي أنها تفعل ذلك تحت شعار "الإسلام"، والذي درسناه في مدارسنا على غير الصورة التي تقدمها لنا فصائل هذا التيار، فهو دين مقاومة العدو، وفي مرحلتنا الرّاهنة هو العدو الصهيوني، الأوْلى بتوجيه السّلاح ضدّه.
الإسلام هو دين الدعوة بالحسنى، ونصرة الضعيف، وتحقيق العدالة، والرأفة والتعايش مع أصحاب الديانات الأخرى ممّن يعيشون في البلدان الإسلامية.
إجمالاً، فإنّ ما يطرحه هذا الكتاب هو من قضايا الساعة، ولربما كأي موضوع سيثير نقاشاً بين المثقفين والمختلفين معه، ومن المهم التأكيد أن ما هدفت إليه هو إيضاح ظاهرة الإرهاب الذي تمارسه التنظيمات الأصولية المتطرفة تحت غطاء الإسلام، والذي يدعو إلى مقاومة أعداء الدنيا والدين الذين يغتصبون فلسطين.
والسؤال الذي يظل يفرض نفسه: لماذا لا توجّه هذه التنظيمات بنادقها نحو العدو الصهيوني؟ هذا ما حاولتُ الإجابة عنه في كتابي، آملاً أن أكون قد أضأت شمعة ولو صغيرة في هذا الظلام الدامس الذي تختلط فيه الأشياء والظواهر بعجرها وبجرها، بغثّها وسمينها، ويظل الحكم على هذا العمل للقارئ الكريم وحده
الرحلة البيلوروسية في عهدين
"الرحلة البيلوروسية في عهدين" الإصدار الروائي الثاني للكاتب والباحث الفلسطيني "فايز رشيد"، وهو رواية "حول أدب الرحلة". وفي هذا العمل يذهب الروائي إلى نمط جديد في حقل الرواية بمزج سلس بين الخاص والعام ومن خلال استعراض أهم المحطات في حياته التي ارتبطت بالاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وآثاره المدمرة على الشعب الفلسطيني، وبحركة المقاومة الفلسطينية لهذا الاحتلال الغاشم. ومن ثم السجن والإبعاد من الوطن والدراسة في الاتحاد السوفياتي. ومن ثم تخرجه وعودته للعمل في إحدى المخيمات الفلسطينية بالقرب من العاصمة الأردنية، عمان. وعلى درب الآلام، يواصل رشيد مشواره فيصل إلى بيروت، حيث تزوج من المناضلة الفلسطينية "ليلى خالد". وعند هذا المنعطف يقع عدوان عام 1982 الإسرائيلي على لبنان، فيهب رشيد الطبيب إلى معالجة الجرحى، وليخرج مع من خرجوا من المقاتلين هو وزوجته الحامل إلى سوريا، حيث يتابع الزوجان حياتهما هناك، ويرزقان بابنهما الأول ومن ثم بالثاني. ثم يذهب رشيد إلى الاتحاد السوفياتي للتخصص هذه المرة، ويبقى خمس سنوات ويغادر البلد الذي يشكل إحدى القوتين العظميين في العالم، وهو على وشك الانهيار. يسجّل الروائي، في عمله هذا مرحلة أمدها سبعين عاماً تبدأ بزيارات منفردة وأخرى مع العائلة إلى مدن كثيرة سوفياتية وأخرى في بلدان اشتراكية، قبل وبعد أربعة عشر عاماً من الانهيار. ويسجل بعين الباحث والسياسي أسباب الانهيار، كإنسان عاش التجربة عن قرب، فيعكسها كما دارت دون زيادة أو نقصان، متطرقاً إلى البيريسترويكا والغلاسنوست اللتين جاء بهما غورباتشوف. حتى يكاد القارئ يشعر معه أن ما جرى كان حتمياً؛ ومن ثم يكشف عن التغييرات الحديثة، والنمط السائد للحياة الاجتماعية والسياسية في العهد الجديد. يقول الروائي الفلسطيني "رشاد أبو شاور" في معرض تقديمه للعمل: فايز رشيد بعدته الفكرية والأدبية وبمعايشته للأحداث ومعرفته ببلاد درس فيها وعرف أسرار حياة ناسها، وشاهد تحولاتها الحادة، يكتب رحلته متمثلاً جدّه "ابن فضلان" في رحلته الشهيرة التي حملت اسمه (...) ويستطرد أبو شاور قائلاً: إذا كانت جوانب كثيرة في حياة فايز رشيد مأسوية داكنة، فإنه بروحه الصلبة يتجاوزها، ونراه فرحاً مرحاً. وهنا سر ديمومة تحمله وتعلمه وعطائه وحبه للناس، وبخاصة أبناء وطنه المنكوبين المعذبين. عزيمة فايز رشيد أكسبتنا رحلة جديدة هي (رحلة ابن رشيد) في بلاد كثيرة وأزمنة عجيبة". وما بين السرد والحوار تنضح رحلة ابن رشيد بمخزون ثر، وتعكس خلفية معرفية نظرية، وممارسة صلبة، نتلمس تفاصيلها الصغيرة الغنية بالدلالات، نتأملها، ولا يسعنا سوى أن نشاركه فيها حزناً، وألماً، وفرحاً... يذكر أن "فايز رشيد" عُرف كباحث، وكاتب سياسي، وقاص وروائي صدرت له العديد من المؤلفات والكتب، ومنذ عام صدرت له رواية "وما زالت سعاد تنتظر" والتي لاقت صدى واسعاً واستحساناً كبيراً في الوطن العربي. و"الرحلة البيلوروسية في عهدين" إضافة جديدة إلى الرواية العربية وإن بنمط جديد هو: أدب الرحلة.
كنز في يافا
أدّت المجزرة في يافا إلى غضب شعبي فلسطيني عارم، ومواجهات في مختلف المدن الفلسطينية، استمرت أسبوعاً كاملاً، تزايدت ثقة الشعب الفلسطيني في ثورته، التي تحارب في الوقت ذاته قوات الإحتلال البريطاني والعصابات الصهيونية، وقد أرسلت اللجنة الوطنية الفلسطينية العليا، رسالة إلى المندوب السامي البريطاني، الذي طلب الإجتماع بها، وكانت الرسالة تتضمن ما يلي: "إن شعبنا يخاطبكم، أننا لسنا لدينا ما نخسره، لقد فقدنا الثقة بسلطاتكم، مثلما فقدنا الكثير من أرضنا بسببكم، في الحصيلة، إننا نفقد تدريجياً كلّ شيء، بالتالي فإننا لا نبالي بما سيحدث لنا
افول

بين الحياة والكتابة تتموضع رواية «أُفول» للروائي الدكتور فايز رشيد الذي اتخذ دور السارد من داخل الحكاية، سارداً مشاركاً، ومن أهم الأبطال فيها وذلك لقربه الوثيق من الأحداث والوقائع التي يرويها. وبهذا المعنى نحن أمام نوع من السيرة الذاتية لمن يروي ورحلة للشخصية الروائية داخل النص؛ لذلك فالكتابة هنا مرتبطة بصاحبها وتجربته ومشاهداته وانطباعاته ورحلاته الدراسية والعملية إلى بيلاروسيا وروسيا وما بينهما بلدان أخرى ولقاءات ومشاركات فاعلة وذات أهمية، شكلت بالنسبة للكاتب تجربة غنية وبين البداية والنهاية يخبرنا فايز رشيد عن "قصة هذه الرواية":
"... بداية العالم الحالي 2015 راودتني فكرة كتاب جديد، عما بقي من الاتحاد السوفياتي من مظاهر، بعد 25 عاماً على انهيار التجربة؛ راودتني أيضاً فكرة زيارة موسكو بعد آخر زيارة لي لها في عام 1990 قبل مغادرتي إلى عمان. شجّعتني على كتابة هذه الرواية: خطوات الرئيس بوتين في إعادة روسيا إلى الحلبة الدولية. كنتُ قبلاً قد زرتُ أوكرانيا، بحكم عدم وجود رحلة مباشرة من عمان إلى مينسك، فإما عن طريق كييف أو فيينا أو عواصم أخرى.
سافرتُ رحلتي الأولى إلى العاصمة البيلاروسية عن طريق العاصمة النمساوية، وكانت لي تجربة مريرة فيها. أخذتْ سمات دخول إلى جمهوريات أوكرانيا، بيلاروسيا وروسيا. حزمت حقائبي في رحلة استمرت شهراً تقريباً (في الفترة ما بين 18 أيار/ مايو – 12 حزيران 2015) إلى البلدان الثلاثة. قابلت كثيرين، أجريتُ لقاءات عديدة مع مسؤولين رسميين وغير رسميين، مع خبراء مختصين ومعلقين سياسيين، طلب البعض منهم عدم ذكر اسمه في الرواية الجديدة، وبعضهم لا يخشى ذلك من بين من قابلت مسؤولين قريبين من رؤساء هذه الجمهوريات.. لذا سيكون كتابي حافلاً بمفاجآت ورهانات، قد يبدد بعضها تصورات كثيرين عن الوضع الروسي
وفاته وإرثه
توفي الدكتور فايز رشيد هلال في العاصمة الأردنية عمّان يوم 27 سبتمبر 2023، بعد مسيرة حافلة بالعطاء الفكري والسياسي والإنساني. ترك إرثًا غنيًا جمع بين ممارسة الطب والدفاع عن قضايا شعبه الفلسطيني، إلى جانب إنتاج فكري وأدبي واسع رسّخ حضوره كأحد الأصوات الفلسطينية البارزة في مواجهة المشروع الصهيوني وفي الدفاع عن ثقافة المقاومة والهوية العربية.
إرثه اليوم حاضر في مؤلفاته وكتاباته ومواقفه السياسية، وفي الأجيال التي ألهمها بفكره وقلمه. لقد كان فايز رشيد نموذجًا للمثقف المناضل، الذي جمع بين المهنة الإنسانية، والنضال الوطني، والإبداع الأدبي والفكري، ليبقى اسمه حيًّا في الذاكرة الفلسطينية والعربية
الدكتور فايز رشيد كان مناضلا من نوع خاص وطراز رفيع. كان صادقاً فيما يقول، شجاعا في طرح موقفه.يؤمن بالحوار الهادف. كان يسير عكس التيار كلما اشتدت الصعوبات زادته صلابة
ردحذفوكلما ازدادت التنازلات عن المباديء والقيم والارض زاد تمسكا بها. قاتل بشراسة ضد أوسلو والتنسيق الامني، وحارب المستسلمين، وبقيت القضية الفلسطينية شغله الشاغل طوال حياته، حتى في سنوات مرضه.
الدكتور فايز رشيد كان بإمكانه بحكم قدراته وتعدد مواهبه وتاريخه النضالي ،ان يكون وزيرا او سفيراً او مديراً عاماً على الأقل في مؤسسات ودوائر السلطة كما غيره الكثير لو وقف مع اوسلو، ولكنه رفض ذلك رفضا قاطعا جازما.
ردحذف