البروفيسور الدكتور يحيى عبد الرؤوف جبر
يحيى عبد الرؤوف عثمان جبر (10 مارس 1944 – 10 سبتمبر 2023) هو لغوي ومؤرخ وأكاديمي فلسطيني بارز، ومؤسس مجمع اللغة العربية الفلسطيني, يُعد واحدًا من أبرز أعلام الدراسات اللغوية والأدبية والنقدية في فلسطين والعالم العربي. اشتهر بقدرته الفريدة على الجمع بين البحث العلمي الدقيق والرؤية النقدية المتعمقة، ما جعله مرجعًا أساسيًا في مجالات اللغة العربية، الأدب، التراث، والفكر النقدي. عكست مؤلفاته وأبحاثه اهتمامه العميق بقضايا اللغة والمصطلح والتراث العربي، وحرصه على تطوير أدوات التحليل النقدي والفكري، لتصبح أعماله مصدر إلهام للأجيال الجديدة من الباحثين والمفكرين في العالم العربي.
عمل جبر أستاذًا للغة العربية وناقدًا أدبيًا متميزًا، وأسهم على مدى عقود في تطوير البحث العلمي الأكاديمي من خلال مؤلفاته وأبحاثه العديدة التي تناولت اللغة، المصطلح، التراث، وأساليب النقد الأدبي، كما ساهم في تأسيس مناهج وأساليب تعليمية حديثة ربطت بين التراث والبحث المعاصر. لم يقتصر تأثيره على التدريس الجامعي، بل شمل أيضًا المشاركة في المؤسسات العلمية والثقافية، حيث شغل عددًا من المناصب الأكاديمية والعلمية في جامعات ومؤسسات عربية مرموقة، وكان من المؤسسين لمجمع اللغة العربية الفلسطيني والجمعية العلمية الفلسطينية، مؤكدًا التزامه الدائم بتطوير العمل الثقافي واللغوي في فلسطين والعالم العربي.
إلى جانب نشاطه الأكاديمي، امتد أثر جبر إلى الإعلام الثقافي والتربوي، فشارك في إعداد وتقديم برامج إذاعية وتلفزيونية، وأشرف على مشاريع إعلامية وتربوية، مسهمًا بذلك في نشر الوعي اللغوي والأدبي بين جمهور واسع من المثقفين والطلاب. كما كتب في الصحف والمجلات العربية، وألقى محاضرات وندوات تناولت قضايا اللغة والأدب والتراث، ليصبح جسراً بين المعرفة الأكاديمية والثقافة العامة.
لقد ترك يحيى جبر إرثًا علميًا غنيًا من المؤلفات والبحوث والدراسات التي رسخت مكانته كأحد الشخصيات الثقافية البارزة في المشهد العربي، وكمصدر إلهام للأجيال القادمة من الباحثين والدارسين في ميادين اللغة والأدب والنقد. يمثل إرثه الأكاديمي والثقافي نموذجًا للباحث المثابر، الذي جمع بين الطموح العلمي، الالتزام الوطني، والانفتاح على الثقافة العربية والعالمية، محافظًا في الوقت نفسه على هوية اللغة والتراث الفلسطيني.
الميلاد والنشأة
وُلد يحيى جبر في قرية كفر سابا بفلسطين في 15 ربيع الأول 1363هـ الموافق 10 مارس 1944، وهي إحدى القرى الفلسطينية التي هجّر أهلها عام 1948، وهو الحدث الذي ترك أثرًا عميقًا في وعيه الوطني وشكل جزءًا من خلفيته الثقافية والإنسانية. نشأ يحيى في بيئة عربية فلسطينية محافظة، حيث كان للتراث العائلي والقيم الاجتماعية المحيطة به دور كبير في تشكيل شخصيته، وغرس فيه حب اللغة والأدب والانتماء الوطني منذ صغره.
تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي في مدرسة عزون، حيث بدأ يظهر شغفه المبكر بالكلمة المكتوبة والبحث اللغوي، كما أبدى اهتمامًا بالتراث الشعبي والقصص والحكايات التي تحكي تاريخ قريته ووطنه. ثم واصل تعليمه الثانوي في المدرسة السعدية الثانوية بمدينة قلقيلية، وتخرّج فيها عام 1962، حاملاً رؤية واضحة نحو العلم والمعرفة، ورغبة متقدة في تطوير قدراته اللغوية والأدبية.
بعد ذلك التحق بجامعة بيروت العربية، حيث حصل على درجة البكالوريوس في اللغة العربية عام 1970، متمكنًا من القواعد اللغوية والنقدية التي شكلت قاعدة صلبة لمسيرته العلمية. ثم واصل دراسته العليا في جامعة القاهرة، فنال درجة الماجستير عام 1975 عن رسالة تناولت موضوعات دقيقة في اللغة العربية، ثم حصل على الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها عام 1977، في دراسة متميزة جمعت بين التحقيق التراثي والتحليل النقدي العميق، لتتوج هذه السنوات المبكرة مسيرة علمية حافلة بالتميز والإنجاز.
منذ بداياته الجامعية، أبدى يحيى عبد جبر اهتمامًا خاصًا بالبحث اللغوي والنقد الأدبي، وحرص على استكشاف مختلف مجالات اللغة والتراث، ما أسس لمسيرة أكاديمية غنية امتدت عقودًا، جعلته واحدًا من أبرز أساتذة اللغة العربية في فلسطين والعالم العربي، ومصدر إلهام للأجيال المتعطشة للمعرفة والبحث العلمي في ميادين اللغة والأدب والنقد.
الدراسة
واصل يحيى جبر مسيرته العلمية في جامعة القاهرة، حيث أظهر منذ بداياته شغفًا بالبحث اللغوي والدراسات التراثية، متميزًا بقدرة نادرة على الربط بين التحليل اللغوي والنقد الأدبي والدراسات التاريخية. حصل على درجة الماجستير عام 1975 عن رسالته الموسومة بـ«اتفاق المباني وافتراق المعاني: تحقيق ودراسة»، والتي تناول فيها موضوعات دقيقة في اللغة العربية، مركّزًا على العلاقة بين البناء اللغوي والمعنى، ومدى تأثير السياق على الفهم اللغوي. وقد أسهم هذا العمل في ترسيخ مكانته كباحث جاد ودقيق، وأكسبه احترام أساتذته وزملائه في مجال الدراسات اللغوية.
ثم واصل دراسته في الجامعة نفسها، ليحصل عام 1977 على درجة الدكتوراه عن أطروحته «الألفاظ الجغرافية في التراث العربي حتى نهاية القرن الثالث الهجري». وقد اعتُبرت هذه الدراسة من المراجع المميزة في ميدان اللغة العربية والتراث، إذ جمعت بين التحقيق الدقيق للمصادر التراثية والتحليل اللغوي العميق، معززة فهم التراث العربي وموسوعة ألفاظه الجغرافية، وكاشفة عن قدرة الباحث على توثيق التراث واستنباط دلالاته اللغوية والثقافية بشكل منهجي.
تميزت أعماله العلمية بدقة المنهج وعمق التحليل، وهو ما جعلها مرجعًا للأكاديميين والباحثين، ومهد الطريق أمامه لتطوير الفكر اللغوي والنقدي في فلسطين والعالم العربي على حد سواء. كما شكّلت هذه المرحلة حجر الأساس لرؤيته الأكاديمية الشاملة، التي تجمع بين البحث العلمي الدقيق، الحفاظ على التراث العربي، وتقديم رؤية نقدية مبتكرة تثري الأدب واللغة والفكر العربي المعاصر.
المناصب والخبرات العلمية
امتدت مسيرة يحيى جبر الأكاديمية والثقافية على مدى عقود، جامعًا بين التعليم والبحث والمشاركة الوطنية والإعلامية. فقد كان ناشطًا منذ السبعينيات في العمل الوطني الفلسطيني، مؤمنًا بأهمية الارتباط بالوطن والقضية الفلسطينية في كل نشاطاته، حيث أسس حركة اللجان الثورية الفلسطينية عام 1979، وتولى بعدها منصب الأمين العام المنتخب لمؤتمر الشعب العام الفلسطيني في ليبيا عام 1980، مؤكدًا بذلك التزامه العميق بالقضية الوطنية إلى جانب مسيرته العلمية والثقافية.
على الصعيد الأكاديمي، ترك جبر بصمة واضحة في المؤسسات التعليمية العربية، معتمدًا على فلسفة تربط بين البحث العلمي، الحفاظ على التراث، وتطوير الفكر النقدي. فقد أسس مع عدد من العلماء مجمع اللغة العربية الفلسطيني والجمعية العلمية الفلسطينية، ودافع عن دور اللغة العربية في تعزيز الهوية الوطنية والثقافية. درّس في جامعات السعودية وليبيا لأكثر من 12 عامًا، مما أكسبه خبرة واسعة في تدريس اللغة والأدب العربي في بيئات متعددة، كما شغل منصب أستاذ مساعد في جامعة بنغازي، ومحاضرًا في الجامعة الأردنية، حيث نقل خبراته ومهاراته إلى أجيال من الطلاب.
في الفترة بين 1989 و1991، قاد إدارة دائرة الشؤون الأكاديمية في جامعة القدس المفتوحة – عمّان، مؤكدًا اهتمامه بتنمية البنية الأكاديمية للمؤسسات التعليمية الفلسطينية، وتحسين جودة التعليم والبحث العلمي.
لم يقتصر عمله على الجامعات، بل امتد إلى الإعلام والثقافة، فعمل محررًا للملحق الثقافي في جريدة صوت الشعب الأردنية، وكان خبيرًا لغويًا مع ورشة تلفزيون الأطفال الأمريكية (CTW)، وأشرف على مسلسل «المناهل»، مساهمًا بذلك في نشر اللغة العربية وتعزيز الثقافة بين الأطفال والشباب، وربط التعليم بالوسائط الإعلامية الحديثة.
في جامعة النجاح الوطنية، بدأ كأستاذ مشارك ثم ارتقى إلى أستاذ كامل منذ عام 1986، كما شغل منصب أستاذ زائر في جامعة الخليل خلال 2004–2005. وكان عضوًا فاعلًا في المجلس الاستشاري الثقافي بمدينة قلقيلية، وأشرف على أكثر من مئة أطروحة جامعية، فضلًا عن إشرافه المستمر على مشروع دائرة المعارف الفلسطينية منذ عام 2009، الذي شكّل مرجعًا مهمًا لتوثيق التراث والمعرفة الفلسطينية بصورة علمية ومنهجية.
تميزت خبراته الأكاديمية والسياسية والإعلامية بتكاملها، فشكلت معًا منظومة عمل متواصلة تهدف إلى تعزيز اللغة العربية والحفاظ على التراث الفلسطيني، وغرس قيم البحث العلمي والدراسات النقدية في أجيال جديدة من الباحثين والمثقفين، مما رسخ مكانته كأحد أبرز أعلام الثقافة الفلسطينية والعربية، وكمصدر إلهام مستمر للباحثين والمبدعين في المنطقة.
المؤلفات
قدّم يحيى جبر خلال مسيرته العلمية الطويلة مجموعة واسعة من المؤلفات التي تناولت اللغة العربية، النقد الأدبي، التراث، والفكر السياسي والتربوي، مؤكّدًا عبر أعماله على الجمع بين البحث الدقيق والرؤية النقدية العميقة. ويمكن تصنيف مؤلفاته على النحو التالي:
كتب بعد عام 2000
تتسم هذه المؤلفات بالغوص في قضايا اللغة والفكر المعاصر، وربطها بالتراث والواقع العربي، ومن أبرزها:
- • الاستشراق والغزو الثقافي – دراسة أثر الثقافة الغربية على الفكر العربي، مسلّطًا الضوء على مقاومة الثقافة العربية للحفاظ على هويتها.
- • اللغة والحواس – بحث يربط بين اللغة والخبرة الحسية للإنسان، مؤكدًا دور الحواس في إدراك وفهم المعاني اللغوية.
- • الدلالة والبرمجة اللغوية – دراسة للنظريات اللغوية الحديثة، تساهم في تطوير أساليب التحليل اللغوي والنقدي.
- • في الاصطلاح والترجمة – تحليل علمي لمبادئ الاصطلاح وأسس الترجمة، يعكس اهتمامه بتطوير أدوات الفهم الدقيق للنصوص.
- • التراث الشعبي عِدّ الأصالة – دراسة تراثية لفهم أصالة التراث الشعبي الفلسطيني وحمايته من الطمس أو النسيان.
- • الأعلام الجغرافية الفلسطينية بين الطمس والتحريف – توثيق علمي لأسماء الأماكن الفلسطينية، مساهمة في الحفاظ على الذاكرة الوطنية والجغرافية.
- • التكون التاريخي لاصطلاحات البيئة الطبيعية والفلك – بحث لغوي وتاريخي يجمع بين التراث العربي والعلوم الطبيعية.
- • رحلة الأمازيغ من المشرق – دراسة تاريخية ولغوية توثّق الحركة الثقافية للشعوب وتأثيرها على المنطقة.
- • في الفكر والأدب السياسي – تأملات نقدية في الأدب السياسي العربي، تربط بين الفكر والإبداع الأدبي.
- • أبحاث في التربية والتعليم – مجموعة دراسات تربوية تسهم في تطوير المناهج وأساليب التدريس.
- • أبحاث ودراسات في الأدب العربي – مقالات نقدية تعكس عمق فهمه للأدب العربي وتاريخه.
- • في فلسفة اللغة وأسرارها وقضاياها – استكشاف فلسفي للعلاقة بين اللغة والمعنى، مظهرًا اهتمامه بالبعد الفكري العميق للغة.
كتب قبل عام 2000
تمثل هذه الأعمال مرحلة تأسيسية لمسيرته العلمية، وتركز على اللغة والمصطلح والتراث، ومن أبرزها:
- • معجم ألفاظ الجغرافية الطبيعية (1987) – مرجع شامل لتوثيق المصطلحات الجغرافية.
- • نحو دراسات وأبعاد لغوية جديدة (1988) – مجموعة مقالات بحثية تهتم بتطوير الدراسات اللغوية الحديثة.
- • معجم البلدان الأردنية والفلسطينية (1991) – توثيق علمي للأماكن والجغرافيا الفلسطينية والأردنية.
- • جذور المصطلح الفلسفي (1993) – دراسة تعكس اهتمامه بعلاقة اللغة بالفلسفة.
- • معجم المصطلحات البلاغية عند العرب (1994) – عمل مرجعي للبلاغة العربية ومصطلحاتها الدقيقة.
- • اللغة والإنسان (1996) – بحث في العلاقة بين اللغة والوجود الإنساني.
- • أدب الأطفال – دراسة في المفهوم (1997) – إسهام في بناء مفهوم الأدب الموجه للأطفال.
- • من قضايا اللغة العربية في العصر الحديث (1999) – تحليل لقضايا اللغة العربية وتحدياتها في العصر الحديث.
كتب محققة
ساهم جبر في الحفاظ على التراث العربي من خلال التحقيق العلمي للنصوص، ومن أبرزها:
- • العشرات في غريب اللغة (1984)
- • العشرات في اللغة (1984)
- • اتفاق المباني وافتراق المعاني لابن بنين (1985)
- • الرحلة التنوخية (1985)
يُظهر هذا التصنيف اتساع أفق جبر الفكري، وحرصه على المزج بين الدراسات اللغوية الدقيقة، التراث العربي، التحليل الأدبي والفكري، ما جعل مؤلفاته مرجعًا غنيًا للباحثين والمثقفين، وأسهمت في إثراء الثقافة العربية والفلسطينية بشكل مستمر، وضمان نقل المعرفة والأصالة للأجيال القادمة.
البحوث والدراسات
ساهم يحيى جبر بشكل فعال في إثراء الحقل الأكاديمي العربي من خلال نشر أكثر من أربعين بحثًا علميًا محكّمًا، تناولت موضوعات متنوعة شملت اللغة العربية، المصطلح، الخطاب، التربية والتعليم، والتراث العربي. وقد عكست هذه الأبحاث حرصه على الجمع بين الدقة العلمية والرؤية النقدية العميقة، لتكون مرجعًا هامًا للباحثين والدارسين في ميادين اللغة والأدب والتراث.
نُشرت أعماله في مجلات علمية محكّمة مرموقة، منها:- • مجلة مجمع اللغة العربية الأردني
- • مجلة التربية – قطر
- • اللسان العربي – المغرب
- • بالإضافة إلى العديد من الدوريات المتخصصة في الدراسات اللغوية والأدبية التي تعكس اتساع اهتماماته الأكاديمية.
ولم يقتصر نشاطه على النشر فحسب، بل شارك جبر في مؤتمرات علمية دولية وعربية، مقدمًا ورقات بحثية في القاهرة، دمشق، باريس، بغداد، غزة، قلقيلية، وغيرها، ما أكسبه حضورًا متميزًا في الحقل الأكاديمي، وعزز من قدرته على فتح حوارات علمية معمقة حول قضايا اللغة والمصطلح العربي، التعليم، والتراث.
تميزت هذه الأبحاث بمزيج فريد بين التحليل اللغوي الدقيق والدراسة النقدية للتراث العربي، ما ساعد على تطوير مناهج البحث العلمي في الجامعات العربية، وترك إرثًا معرفيًا قيمًا يستفيد منه الأكاديميون والطلاب على حد سواء.
الإسهامات الثقافية والإعلامية والشعرية
لم يقتصر نشاط يحيى جبر على البحث العلمي والتدريس الجامعي، بل امتد إلى الفضاء الثقافي العام والإعلامي، حيث سعى إلى توسيع دائرة المعرفة وإيصال الفكر النقدي والأدبي إلى جمهور أوسع. شارك في إعداد وتقديم برامج إذاعية وتلفزيونية تناولت الأدب والفكر والتراث، من أبرزها:
- في رحاب الأدب – إذاعة ليبيا
- قطوف لغوية ومجالس الأدب – إذاعة الأردن
- أدبيات الثورة العربية
كما أشرف على برامج إعلامية ومشاريع تخرج لطلاب كليات الإعلام في جامعات عربية، معززًا بذلك الصلة بين الإعلام والمعرفة العلمية والثقافية، ومؤكدًا على أهمية استخدام الإعلام كأداة لنشر اللغة العربية والفكر النقدي والأدبي بين مختلف الفئات العمرية والمجتمعية.
إلى جانب نشاطه الإعلامي، تميز جبر بإسهاماته الشعرية التي جسدت رؤيته الفكرية والوطنية والثقافية، ونُشرت في صحف ومجلات عربية بارزة. من أبرز أعماله الشعرية:
- أيها القمري (1978)
- الصحراء العربية (1989)
- هذا يوم الله (1991)
جمع شعره بين التجربة الإنسانية العميقة والانتماء الوطني، متداخلًا مع اهتمامات جبر باللغة والتراث والثقافة العربية، ليعكس رؤية شاملة متكاملة تجمع بين النقد الأدبي، الفكر الثقافي، والحس الوطني، معززًا حضور الثقافة الفلسطينية والعربية في المشهد الإعلامي والفكري.
وفاته وإرثه
رحل يحيى جبر في 10 سبتمبر 2023، عن عمر ناهز 79 عامًا، في مستشفى درويش نزال بمدينة قلقيلية، بعد مسيرة حافلة بالإنجازات العلمية والثقافية. ترك وراءه إرثًا معرفيًا ثريًا في مجالات اللغة العربية، النقد الأدبي، التراث، والفكر الثقافي والسياسي، أثرى من خلاله المكتبة العربية والفلسطينية بأعمال دقيقة وجادة، امتدت تأثيراتها عبر الجامعات والمؤسسات البحثية والثقافية في فلسطين والعالم العربي.
لقد كانت مؤلفاته وبحوثه العلمية، إضافة إلى برامجه الإعلامية، جسورًا تربط بين الماضي التراثي والحاضر الأكاديمي، وأداة لنشر الوعي اللغوي والثقافي بين أجيال متعاقبة. كما رسخت مكانته كأحد أبرز الأكاديميين والمثقفين الفلسطينيين والعرب، ليظل اسمه مرجعًا للباحثين والمفكرين، وإلهامًا مستمرًا لكل من يسعى لفهم اللغة والأدب والتراث العربي بطريقة علمية نقدية معمقة.
رحيله لم ينهِ أثره؛ فإرثه العلمي والثقافي ما زال حيًا في الكتب، والأبحاث، والمكتبات، وفي قلوب الطلبة والزملاء والمثقفين الذين استفادوا من علمه ورؤيته النقدية المتميزة، مؤكّدًا أن الثقافة والمعرفة الحقيقية تبقى خالدتين رغم رحيل صاحبها.

الله يرحمه الأستاذ الدكتور الفاضل
ردحذفيحيى جبر علم من أعلام فلسطين الذي نفخر به وله فضل علينا في مسيرتنا العلمية والتعليمية