أ. محمد توفيق زهران
قال شاعر الصمود في قلقيلية أحمد محمد الجُعيدي المُكنّى بأبي شهاب:
] جَــبــيـــنــي فـــي الــعُــــلــى كــالــشَـــمـــسِ زاهِـــــي
وَعِـــفّــــةُ الـنّــفـــسِ فـــي الـدُّنـــيَـــا سَـــفــــيـــــري[([1])
بعد انتهائي من كتابة يوميات صومالي في قلقيلية قال الكثير من أجيالي لماذا لم تكتب عن فترة الخمسينات من القرن الماضي وأنت لديك ملكة الكتابة ؟ منهم الأستاذ/ عمر محمد الداوود المكنى بأبي محمد، والذي عايش تلك الفترة في قلقيلية.
قلت: عن ماذا أكتب يا صديقي؟ هل أكتب عن أوجاعي المزمنة؟ أَم عن حرمان جيلي من المأكل والملبس الذي شمل أهالي القرى الحدودية في تلك الفترة بعد اتفاقية رودس عام 1949م والتي انعكست علينا نفسياً عند الكبر! فمنذ ذلك التاريخ لن أنسى ما شاهدته في قلقيلية. قال: ماذا شاهدت يا صديقي؟ قلت: لقد شاهدت أول شهيد في بداية حياتي مضرجاً بالدماء وهو ابن خالتي المناضل الشهيد/ سميح صبري العُمر – نزال – أحد فتيان أهالي قلقيلية، وكان من ضمن المقاتلين الذين قاتلوا واستشهدوا في معركة كوفيش مع الجيش العراقي عام 1949م دفاعاً عن فلسطين، وقد تم نقله من المعركة شهيداً إلى ذويه، وكان الشهيد/ سميح كما شاهدته مُسجى تحت شجرة التين الكبيرة الموجودة خارج سور بيته في حي آل نزال الكرام، ومن حوله نساء قلقيلية يندبن أحد صقور قلقيلية.
وخالتي عفيفة بنت الحاج أحمد عبد القادر زهران تندب مع النادبات ابنها البكر بحسرة وألم ليس على ابنها فقط بل على شباب استشهدوا على الجبهات في فلسطين. هذا ما شعرت به في ذلك المشهد في طفولتي، وكنت في ذلك الوقت مع والدتي عليها الرحمة.
أو أكتب عن شهداء حرب التسلل التي ظهرت مع بداية الخمسينات من القرن الماضي حيث كان الشهداء يتساقطون تباعاً في الأراضي الفلسطينية المحتلة من أجل كيس من حبات البرتقال والليمون في موسم القطاف ليسدوا به رمقهم، ومن كان يخرج منهم يا صديقي سالماً من الأرض المحتلة وعلى ظهره كيس من البرتقال الفلسطيني كانت فرقة الفرسان تحت قيادة كلوب باشا ([2])
في انتظاره! يقيد بالحبال ويجر كالعبد إلى السجن أو النفي إلى عمّان ولقد شاهدت هذا المنظر في طفولتي صباحاً ومساءً في قلقيلية، وهل تذكر الكشافات الكهربائية التي كانت تضيء المنطقة ليلا لكشف المتسللين؟ لقد كان أشبال قلقيلية ينامون على أصوات أزيز الرصاص المتبادل بين الحرس الوطني العين الساهرة على طفولتي وبين الإرهاب اليهودي وهل تذكر تصريح الإرهابي بن غوريون في الخمسينات والذي طلب من جيش الدفاع الإسرائيلي قمع المتسللين العرب بقسوة قبل أن يتحولوا إلى عمل فدائي منظم؟
قال أبو محمد: أتذكر ذلك يا صديقي ولهذا السبب يجب أن تكتب عن تلك الفترة للأجيال القادمة.
قلت: وهل تذكر يا صديقي الاعتداء اليهودي على قرية فلامية في ليلة 29/1/1953 بقيادة شارون قائد فرقة 101التابعة للجيش الإسرائيلي والتي استشهد فيها عمي الشيخ/ قاسم زهران مختار القرية والذي دفن في مقبرة الشهداء في قلقيلية.
وبعد شهرين من استشهاده فجعت قلقيلية باستشهاد فتيانها الثلاثة في ليلة ظلماء من يوم 29/3/1953م وهم:
1- وجيه محمد المحمود زهران صاحب الطول الفارع وهو الأخ الأصغر لمحمود الأشوح.
2- شريف محمد الجُعيدي صاحب النزعة الثورية.
3- محمد أحمد عبد الله الجُعيدي صاحب الوجه البشوش العائد إلى قلقيلية من سوريا بواسطة الدراجة الهوائية تاركا والديه وإخوانه في الشام عام 1952م والذي ما زال البعض من إخوانه هناك حتى اليوم!
هؤلاء الفتية قد استشهدوا في كمين إسرائيلي داخل إحدى بيارات قلقيلية المحتلة في ليلة ظلماء من أجل سلة برتقال والذين تم دفنهم في جلجوليا إحدى القرى العربية في المثلث الذهبي بواسطة المرحوم/ مصطفى خضر عفاني المكنى بأبي درويش خال/ وجيه زهران، كما سمعت من الكبار في ذلك الوقت.
منذ ذلك التاريخ الأسود لم تُمحَ من ذاكرتي صور هؤلاء الأبطال أبداً.
هذا وقد سبق هؤلاء الشهداء بأيام معدودة استشهاد خليل المحمود الجُعيدي داخل الأراضي المحتلة يوم 10/3/1953م لنفس السبب، عليهم الرحمة.
وبعد سقوط الضفة الغربية عام 1967م قام شاعر الصمود/ أحمد الجُعيدي بزيارة أضرحة شهداء قلقيلية الذين سقطوا داخل الخط الأخضر خلال حرب التسلل، والمدفونة جثامينهم في جلجوليا منذ عام 1953م منهم شقيقه شريف، ووجيه زهران، ورثاهم بقوله الحزين باللهجة الفلسطينية:
]شــريـــف هــــلا روحـــك إلـــى مــــن أوكـلـــك
وجــيــه جــلــى عـــرشــه اعـتــلـى مـثــل الـمـلـــك
شــريـــف أخـــــاً خــضــــت الـمــحـــن بــأغــلــى ثــمـــن
جــنـــة عــــدن الله رهـــن تــســتـــنـــا لــــك
وجــيــه عـــدل طـبــعـــه سـهـــل ولا جَـهــــلٍ
أوصـــى الأهـــل ســار بـمــهـــلٍ ولا أشـتــلــــك
ســلامي نــور ورد وزهـــور لأهـــل الحـــور
لأقــعـــد نــاطـــور ع هـــال قـبـــور بـالـســلــحــلـــك[([3])
وهل تذكر محاولة اغتيال ]الأشوح[ في صيف عام 1954م داخل مستنبت نابلس من قبل عملاء إسرائيل، والذي تعرف على أحدهم خلال إطلاق النار عليه عن قرب، وأصيب بعدة طلقات نارية في يده اليمنى، وبعد شفائه قام بتصفيتهم. وبعد ذلك بدأ يهدد العملاء قائلاً: بيدي المصابة سأقتل كل من يتعاون مع إسرائيل.
قال أتذكر ذلك جيداً يا صديقي إنه زمن الأشوح فلن يعود.
وقبيل هذا التاريخ لم أستطع أن أتذكر أحداً من شهداء حرب التسلل في قلقيلية وهم كُثر! وخلال مطالعة هذا البحث من قبل أحد الأصدقاء المعاصرين قبل الطبع بقليل، قال: للتاريخ..
اشتركت مع مجموعة من أصحابنا الصِّبية من أبناء قلقيلية منهم: عفيف العطا، وليد أحمد النصر]أبو علي إياد الذي أصبح قائداً لقوات العاصفة[ بالتسلل داخل بيارة الحاج/ يوسف الحُسَين التي تقع غرب (الطابة الجنوبية)([4]) من قلقيلية لنقطف بعض حبات البرتقال وذلك لسد الرمق! وإذا بسيارة عسكرية يهودية قادمة باتجاهنا من الجهة الشمالية مسرعة بموازاة خط الهدنة الفاصل ما بين العرب واليهود حسب اتفاقية رودس! فهربنا منها إلى المنطقة العربية التي تبعد أمتاراً عن البيارة وتأخر عفيف العطا داخل ]بيت البابور[ وهو يبحث عن أعشاش الطيور ونحن نصرخ لنعلمه بوصول اليهود ولكنه لم يسمعنا من شدة الرياح الجنوبية وعندما وصلت الدورية خرج ليستطلع ما يجري في الخارج ففوجئ بوجود اليهود أمامه. حيث أطلقوا عليه النار بدمٍ بارد! وتركوه في المكان ينزف وولوا هاربين بسيارتهم من المكان إلى الجنوب بسرعة!
وأضاف الصديق قائلاً: دخلنا مرة أخرى لنحمل ]عفيف العطا[ الذي كان عمره في ذلك الوقت ثلاثة عشر عاماً وهو ينزف ونقلناه إلى مشفى قلقيلية على ظهر حمار ولكنه مات بين أيادينا قبل وصول المشفى وكان هذا الحادث في بداية الخمسين من القرن الماضي، أرجو تدوين ذلك للأجيال القادمة ليعلموا أن اليهود لا يفرقون بين طفلٍ أو شيخٍ أو امرأةٍ، عليهم اللعنة.
وذات يوم في قلقيلية كلّفني أحمد حسن القُبعة المُكنّى بأبي جاسر بتوصيل (الحمار) إلى دار عمّه في حي النُقار قبيل الغروب (بعيداً عن أعين المراقبة الإسرائيلية) ركبت على ظهر الحمار وقطعت به الشارع متوجهاً إلى الشمال ثم نظرت إلى داخل (الخُرج) على يميني فوجدت أسلحة أوتوماتيكية من نوع (استن) وقنابل يدوية وبعد اجتيازي الشارع لحق بي وأنزلني عن الحمار وبعد ذلك لم أُشاهده أبداً! وقد علمت بعد ذلك أنه وفي نفس الليلة تسلل مع رفاقه بقيادة / محمود زهران الملّقب بالأشوح لمهاجمة إحدى (الكوبِتسات) في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م وأنهم اصطدموا مع إحدى نقاط الحراسة اليهودية هناك وبدأ إطلاق النار بين الطرفين فطلب الأشوح من رفاقه الانسحاب بعد ما انكشفوا من العدو وبعد وصولهم إلى نقطة الانطلاق في قلقيلية تفقد الأشوح المجموعة فلم يجد أبا جاسر بينهم وعاد لوحده يبحث عنه قبل شروق الشمس حيث وجده جريحاً فحمله إلى مستشفى الوكالة في قلقيلية لعلاجه.
وبعد شفائه على يد الدكتور علي عاقلة، أمر متصرف قلقيلية المُكنّى بأبي مشهور، إبعاده إلى عمّان عام 1954م. وفي عام 1955م قاد أبو جاسر مظاهرة مع القوميين العرب في عمان ضد (حلف بغداد) وحمل شخصاً على كتفيه ليهتف للجماهير الغاضبة ضد الحلف أمام قيادة كلوب باشا فانفجرت الجروح في بطنه ومات على الفور وكان أول شهيد يسقط ضد حلف بغداد في الضفتين وقد تم دفنه في قلقيلية (عليه الرحمة).
وهل تذكر يا صديقي الخطأ القاتل الذي ذهب ضحيته الشهيد البطل/ محمد عبد الحفيظ زهران أحد قادة الحرس الوطني في ليلة ظلماء يوم 5/4/1955([5]) أثناء تفقده عناصر الحرس الوطني في خنادقهم الأمامية التي كانت خط الدفاع الأول عن الوطن العربي حيث أُصيب بطلق ناري قاتل من أحد عناصر الحرس الوطني بالخطأ؟ وقد أقيمت له جنازة مهيبة، اشترك فيها الجيش العربي وعناصر الحرس الوطني وأهالي قلقيلية. قال: أتذكر ذلك، عليه الرحمة. قلت: إن هذه الفترة مرَّت على القرى الحدودية حيث كان فيها الموت والجوع متساويين! فلقد كان اليهود أشد قسوة على الشعب العربي في فلسطين قبيل وبعد عام 1948م من قساوة هتلر عليهم.!
وهل تريد أن أذكرك بصمود الحرس الوطني من أهالي قلقيلية والقرى المجاورة في خنادقهم الأمامية أمام الهجوم الإسرائيلي في ليلة 10/10/1956م على شمال وغرب وشرق قلقيلية والذي سُميّ بمعركة قلقيلية، هؤلاء الأبطال الذين أثبتوا لبني إسرائيل منذ الساعة الأولى للهجوم أنهم شعب الجبارين الذين ينحدرون من أصول كنعانية في مقاومة بني إسرائيل منذ القدم وحتى الآن.
وهل تعلم ماذا حدث قبيل ليلة الهجوم عندما استعدت قلقيلية برجالها لمقاومة المحتل؟
يقول عبد الحفيظ برهم المكنى بأبي علي لكاتب هذه السطور في الكويت عن معركة قلقيلية والتي اشترك فيها قائلاً: بعد غروب شمس يوم الأربعاء الموافق 10/10/1956م دخل محمود زهران الملقب بالأشوح مع رفاقه إلى الأراضي المحتلة لمهاجمة أحدى الكوبتسات وبعد اجتياز السكة الحديدية شاهد الأشوح مع رفاقه سيارات عسكرية إسرائيلية بلا أنوار كاشفة تقف وتنزل الأسلحة والجنود حول قلقيلية. عاد الأشوح مع رفاقه إلى قلقيلية مسرعاً ليبلغ رئيس البلدية/ عبد الرحيم السبع المكنى بأبي الفاروق (والذي استحق بجدارة أن يسمى العين الساهرة على قلقيلية) ليبلغه بما شاهد.
استدعى أبو الفاروق أعضاء المجلس البلدي ومخاتير قلقيلية وقادة الحرس الوطني للاجتماع في بلدية قلقيلية على وجه السرعة وأضاف أبو علي بعدما قام أبو الفاروق باتصالاته تأكد من رواية الأشوح وقال للمجتمعين ما قاله الشافعي:
[ مـا حَــكَّ جِـلــدَكَ مِـثــلُ ظُـفــرِكَ
فَـتَــوَلَّ أَنـتَ جَـمـيــعَ أَمـــرِكَ ]
وأردف أبو الفاروق قائلاً: سيقع هذه الليلة الهجوم اليهودي على قلقيلية وأمر بتوزيع الأسلحة والذخائر على كل الشباب في الخنادق الأمامية وأوصى أبو الفاروق قادة الحرس الوطني أن لا يطلق الرصاص على العدو إلا على مسافة قاتلة، وكلمة السر كانت بين الحرس الوطني (مازن).
وأردف أبو علي قائلاً: خلال الاجتماع طلب الأشوح من الحضور الموافقة على مهاجمة الجيش الإسرائيلي في تجمعاتهم بواسطة قوة من الحرس الوطني قبيل أن يهجموا على قلقيلية، فرفض طلبه بالإجماع! خوفاً من ردود الأفعال الإسرائيلية على قلقيلية. وخلال نصف ساعة أخذ كل منا مكانه في الخنادق الشمالية والغربية والشرقية ننتظر العدو بأسلحتنا الخفيفة وبقي أبو الفاروق يقود معركة الدفاع عن قلقيلية مع أعضاء المجلس البلدي في مقرّ البلدية تحت الحراسة المشدّدة.
وعند الساعة العاشرة إلا عشر دقائق شعر الحرس الوطني بوصول الدفعة الأولي من الجيش الإسرائيلي راجلة تتسلل بين أشجار الجوافا تتجه إلى احتلال مركز الشرطة الواقع في شمال قلقيلية، وعند وصولهم إلى مرمى النار فتحت عليهم النار القاتلة وبدأ الصراخ بينهم والتراجع من المعركة تاركين قتلاهم في ساحة المعركة وبعد ذلك شمل القتال كل الجبهات حول قلقيلية ودخلت الدبابات الإسرائيلية شوارع قلقيلية وبدأت الطائرات تقصف قوات الجيش العربي التي حاصرت قوة عسكرية إسرائيلية شرق قرية النبي إلياس. وقد استشهد في هذه المعركة البطولية اثنان وخمسون شهيداً من أبطال الحرس الوطني والجيش العربي من بينهم أحد قادة الجيش الشهيد البطل غازي الكباريتي فتى الضفتين، عليهم الرحمة، وفي صباح يوم الخميس دخل الجيش العربي إلى قلقيلية وانسحبت القوة الغازية من قلقيلية تاركة قتلاهم على أرض المعركة. وبعد المعركة بشهرين غاب عبد الرحيم السبع العين الساهرة على قلقيلية.
ويقول الجنرال/أرييل شارون في مذكراته ص 179 كان هدف إسرائيل من العملية احتلال تلة صوفين ومركز الشرطة ولكننا تفاجأنا بوجود المقاومة من أهالي قلقيلية، وقد خسرنا في هذه المعركة ثمانية عشر قتيلاً وستين جريحاً منهم قائدان قتلا في صوفين من قبل الحرس الوطني وكان ما جرى في قلقيلية أقرب إلى معركة مواجهة مخطط لها منها إلى غارة.
وأضاف قائلاً: لا بد قبل الهجوم على أية قرية عربية أن يكون لنا فيها عيون وهذا دليل قاطع بأن اليهود ليس لهم جواسيس في قلقيلية قبل عام 1956م وكان من ضمن قافلة شهداء قلقيلية القريبين على قلبي عدنان محمود أبو صالح وحسن أمين القواس وأخيه أحمد عليهم الرحمة.
وأتساءل اليوم؟ ما الذي قدمته بلدية قلقيلية يا صديقي للقائد المغوار/ محمود زهران الملقب بالأشوح بعد استشهاده عام 1965م هل أطلقت اسمه على أحد شوارعها تخليداً لذكراه؟ مع الأسف لم تفعل ذلك حتى الآن.! لقد كان الشهيد يردد أمام أجياله قول القائد أبو فراس الحمداني:
[ إنّــي أَغــارُ عَلــى مَـكـانــي أن أرى
فــيــه رِجــالاً لا تَـسُــدُّ مَــكــانــي ]
قال: لا أحد في هذا الزمان يمكنه أن يَسُدُّ مكان الأشوح الابن الذي ضحى بنفسه من أجل الآخرين، عليه الرحمة. قلت لأبي محمد: هل تتذكر الأهزوجة الشعبية التي اشتهرت في قلقيلية بعد هزيمة الذئاب البشرية من الجيش الإسرائيلي في قلقيلية بقيادة ديان – شارون والذي ألقاها شاعر الصمود أحمد الجُعيدي باللهجة الفلسطينية:
الصلاة عن النبي ([6])
هـَجَــــــــمَ اليــهــــود عــلــيـــكِ يـــا قــلــقـيــليـــــــــــــة في لـيـلة عَـشَرة عَـشَرة سَـنَة الـسّـتة والخَمـســيــــــنِ
في البداية على المركز كـان الهجـوم مـركـز هـاجـمـنـاهـم بـالفـقـر والنـاس بتحمـل مـرتيــــن
خـضـنـا معهم اشتباك عملـنـا فـيـهـم إربــاك لمـا وقعـوا في الشباك قـتـلنـا مـنهم عشرين([7])
هـبـوا أهـل قـلقيـلـي حامولـة عــيـلة عــيـلة فــي معـركـة طـويـلـة حتـى خـرجـــوا منهزميـــن
طبــع اليهــود الظـــلام الحقــــد والانـتـقـــام وضعـو في السجن ألغام وهـدوا على المساجيـــن
عملوا في صوفين إنزال لكنهم وقعوا بزلزال قـتـلـنـا مـنهـم جنــرال وصمــة عــار المحتليـــــن
عـساكرنـا في عــزون هبـوا للنجـدة والعـون لكـــن بـاغـتـهــم صـهـيــون هاجمهـم بالطياريــــن
صـلـيـنــا عـلـى الشهــداء كفنّـاهــم بالـدعــاء دخـلـك يـا رب بالسمــاء تـجـمـعـهــم فـي علييـــن
قال: أتذكر ذلك. أو أكتب لك يا صديقي عن نسف الآبار الارتوازية أو عن سنوات التمر العراقي في قلقيلية أو عن الذين هاجروا إلى الكويت مشياً على الأقدام عبر الصحراء العربية عن طريق البصرة منهم من مات عطشاً ومنهم من وصل سالماً ومنهم من غرق في البحر!
هل تريدني أن أكتب عن (السنوات العجاف) في الخمسينات التي أهانت كرامة أهالي قلقيلية والقرى الحدودية بعد تسليم الجيوش العربية أراضي الفلسطينيين الزراعية في المثلث الذهبي لليهود عام 1949م لقد أكلوا التمر العراقي مع خبز (الكراديش) ([8]) المصنوع من دقيق الذرة البيضاء كوجبة رئيسية (ومنهم كاتب هذه السطور السوداء من تاريخي) والذي يأنف الحيوان تناوله.
هذا وقد وصف شاعر الصمود في أغنيته الشعبية ذكريات بيارات([9]) في بداية الخمسينات من القرن الماضي وصفاً دقيقاً لما عاناه أهالي قلقيلية والقرى الحدودية في ذلك الوقت منها:
قلقيلية ذاقت حسرة بأرض الأجـداد ما لـقـيــت عـــــــون ونــصـــرة ولا واحــد ذاد
صـفّت ما عنـدا كـسرا خـبـــز ولا زاد ومن بعد العسرة يسرا ضاعـــوا السهـــلات
قلقيلية عاشت نكبة برصاص ونــار ضـاعـت سهـول الرحـبـة وبقـيـت أوعـــــــار
أزالت صخور الصلبة وحفرت آبـــار وصــــارت جـــبــــالا خـــصــبــة درَّت غـــــلات
من تراث ناجي العلي
قال: كفى يا صديقي.. لقد أضنيت شيخوختي
تعليقات
إرسال تعليق