صعاليك قلقيلية
بقلم: الكاتب والباحث الميدانيأ. محمد توفيق زهران
خلال زيارتي إلى مسقط رأسي عام 1995م قمت بجولة في شوارع قلقيلية القديمة فمرّ في ذاكرتي ثلاث صور لصعاليك( ) قلقيلية وهم: ]بلاسي، وهاشم القوطش (الأقرع)، ويحيى المُرّ[ الذين عاشوا في قلقيلية غرباء عن مجتمعهم التقليدي!
قصة الأول: محمد السيد البلبيسي المشهور بلقب ]بلاسي[
الذي هاجر من بلبيس – مصر وهو في مقتبل العمر إلى قلقيلية عام 1948م ومع مرور الزمن، أصبح بلاسي جزءاً من تاريخ قلقيلية، وقد قيل عنه في ذلك الوقت الكثير من الأقاويل، مثل: مَدميٌ في بلده أو هاربٌ من الخدمة العسكرية التي كانت تقاتل على جبهة الفالوجة بقيادة جمال عبد الناصر حتى وصل بهم القول: إنَّ بلاسي من المخابرات المصرية! وأرى أن شخصيته لا تُوحي بذلك، حسب ما شاهدته في بداية حياتي في قلقيلية. وبقي ]بلاسي[ يعمل على الدوام في غربلة الناعمة (مواد البناء) لأصحاب البيوت الميسورة حتى وفاته، كما هو واضح في آخر الصورة التي التقطها له المغترب القادم من كندا/ عُلا إبراهيم أبو علبة خلال زيارته إلى قلقيلية في أحد شوارعها الفرعية عام1974م.
وقد اتخذ ]بلاسي[ من أمام البلدية القديمة في بداية هجرته مكاناً له وكان ينام على قارعة الطريق وكان عزيز النفس لا يقبل الصدقة من أحد ولا يعمل إلا عند الحاجة فقط، وكان صاحب نكتة بلهجته المصرية التي حافظ عليها مدة إقامته في قلقيلية، كما كنت أسمعه قبيل هجرتي المشؤومة إلى الكويت عام 1961م.
وبعد سقوط الضفة الغربية عام 1967م انتسب بلاسي إلى آل نزال في الإحصاء الإسرائيلي لسكان الضفة- كما علمت في غربتي- وحصل على الهوية الإسرائيلية باسم ]بلاسي نزال[ وبقي يحمل هذا الاسم حتى وفاته في مشفى الوكالة في نهاية السبعينات من القرن الماضي وهو أعزب ودفن في قلقيلية على يد الناشط الاجتماعي/ محمد سعيد عوينات( )، غريباً عن وطنه الأم بلبيس – مصر.
ويعتبر ]بلاسي[ علماً من أعلام الصعاليك في قلقيلية، وكان المرحوم ]بلاسي[ متأثراً بالتراث والشعب الفلسطيني حينما كان يندب حظه العاثر وهو يقول:
] حَـــبُ الـقَـمـــحِ نَـبَـــت
ومــا طَـلَّــع سَـبَـــل
وَأَعــزُ الحَـبـايِــبِ أمَــامَ
عَـيـنـي، لِلـعُــيــونِ سَـبَــل [
وقد اتخذ ]بلاسي[ من أمام البلدية القديمة في بداية هجرته مكاناً له وكان ينام على قارعة الطريق وكان عزيز النفس لا يقبل الصدقة من أحد ولا يعمل إلا عند الحاجة فقط، وكان صاحب نكتة بلهجته المصرية التي حافظ عليها مدة إقامته في قلقيلية، كما كنت أسمعه قبيل هجرتي المشؤومة إلى الكويت عام 1961م.
وبعد سقوط الضفة الغربية عام 1967م انتسب بلاسي إلى آل نزال في الإحصاء الإسرائيلي لسكان الضفة- كما علمت في غربتي- وحصل على الهوية الإسرائيلية باسم ]بلاسي نزال[ وبقي يحمل هذا الاسم حتى وفاته في مشفى الوكالة في نهاية السبعينات من القرن الماضي وهو أعزب ودفن في قلقيلية على يد الناشط الاجتماعي/ محمد سعيد عوينات( )، غريباً عن وطنه الأم بلبيس – مصر.
ويعتبر ]بلاسي[ علماً من أعلام الصعاليك في قلقيلية، وكان المرحوم ]بلاسي[ متأثراً بالتراث والشعب الفلسطيني حينما كان يندب حظه العاثر وهو يقول:
] حَـــبُ الـقَـمـــحِ نَـبَـــت
ومــا طَـلَّــع سَـبَـــل
وَأَعــزُ الحَـبـايِــبِ أمَــامَ
عَـيـنـي، لِلـعُــيــونِ سَـبَــل [
أما قصة الثاني: هاشم القوطش
وقد دفن ] ابن قوطش[ أحد صقور قلقيلية على قارعة الطريق غريباً عن مسقط رأسه قلقيلية، ولم يكن متزوجاً، وقد علمت بمصرعه في غربتي من أوراق الأستاذ شريف العبد الرحيم الداوود الذي قام مشكوراً بتصوير مشاهد الدمار الذي أحدثه العدو اليهودي وقام بتدوين أسماء الشهداء وذلك خلال زيارته إلى قلقيلية في ظل الاحتلال الإسرائيلي الذي تم عام 1967.
أما قصة الثالث: الأستاذ/ يحيى المُرّ
وأمام هول الصدمة عند سقوط مدينة يافا على يد العصابات الصهيونية فقد المناضل/ يحيى المُرّ عقله لِما شاهَدَه من تخاذل الجيوش العربية في فلسطين!
وبعد النكبة تاه الأستاذ المناضل/ يحيى المُرّ في بلاد الله الواسعة إلى أن أوصلته قدماه إلى قلقيلية في أواخر عام 1948م وحيث كان يعاني من أمراض نفسية قبيل وصوله إليها، ومع الأسف اتخذ له مسكناً في دورة المياه التي تقع غرب بوابة المسجد القديم ] مسجد عمر بن الخطاب [ وكان ينام في ]التابوت[ ويرتدي شوالاً من الخيش من نوع ]أبو الخط الأحمر[ ويتجول به وهو حافي القدمين في شوارع قلقيلية بلا هدف! ]كما شاهدته في صغري[ وكان أبو المُرّ نباتياً لا يأكل إلا عند الحاجة من بواقي خضروات وفواكه السوق القديم القريب من مسكنه!
وكان أحياناً يبكي في صمتٍ على حالته وحالة الشعب الفلسطيني عندما تعود له ذاكرته، وكان يتكلم اللغة الانجليزية أمام الطلبة في قلقيلية بطلاقة ويردد لهم قول الشاعر الفلسطيني/ محمد صادق العرنوس:
] كُـنــا نَـظُــنُ حَـقـيـقــةً مـا حَـبَّــروا
فــإذا بِــهِ وَهـــمٌ مِــنَ الأوهــامِ ! [
وبعد لحظات من الصفاء الذهني يعود أبو المُرّ إلى ما كان عليه من مرض نفسي ومشهد سقوط مدينة يافا في مخيلته. وأمام مكتب البريد في قلقيلية تعرف الأستاذ يحيى المُرّ وهو في حالة صفاء ذهني على زميله الأستاذ/ أحمد نمر السبع الذي كان مدرساً في مدرسة العامرية في يافا كما أخبرني بذلك الأستاذ وليد العورتاني. وقد علمت فيما بعد أنه قد تم نقل الأستاذ/ يحيى المُرّ أكثر من مرة إلى مشفى الأمراض العقلية في بيت لحم للعلاج، بواسطة مشفى الوكالة في قلقيلية في الخمسينات من القرن الماضي وأنه بقي في المشفى حتى انتحاره عام 1962م ]ولا أدري إن كان عند انتحاره مالكاً لقواه العقلية أم لا[ احتجاجاً على ضياع فلسطين من قبل مماليك حكام بريطانيا في الوطن العربي في ذلك الزمن الأسود !
وقد أخبرني بقصة انتحاره الباحث/ تميم نوفل، نقلاً عن جريدة الجهاد الصادرة في القدس حيث كتبت الصحيفة عنه تحت عنوان: إن يحيى المُرّ كان مديراً لإحدى مدارس يافا قبيل عام 1948م.
وأقول لذوي الألباب: ما الفرق يا ترى بين ضياع جذور المغترب وقصة صعاليك قلقيلية ؟ الذين وصفهم عُروةُ بن الورد في ديوانه: ] ولـكِــنَّ صُـعـلُـوكــاً صَـحـيفَــةُ وَجـهِــهِ
كَـضَــوءِ شِـهــابِ الـقَـابِـــسِ الـمُتَـنَــوِرِ [( )
عليهم الرحمة جميعاً.
رحمة الله عليهم لازلنا نسمع حكايتهم في مختلف المجالس.
ردحذفأول مرة بسمع عنهم
ردحذفمشكور على المعلومات وننتظر جديدك
شكرا للخال محمد توفيق زهران عالمقال
ردحذفبارك الله فيك
ردحذفهل لديك صوره لبلاسى وهناك ايضا قصه ادكرها وانا طفل (رحمه وامها) فما قصتهما
ردحذفهل منكم من يذكر اللي كانت تشحد رحمه وامها؟؟ بالله افيدونا
ردحذفكنت اذكر واحد وانا صغير بيسموه (الهكي) ولا اعرف مين هو وليش وكان واحد معتوه بيندوه ابو قبعه وكان دايما يضحك ويلف بالشوارع حافى وكان لون وججه يميل للاحمرار ويرتدي طاقيه بيضاء ولحيه صغيره يتخللها شيب ابيض ما هى قصتهم استاذي
ردحذف