قرية الحرم (سيدنا علي) المهجرة - قضاء يافا
الموقع والتسمية
نشأت قرية الحرم فوق رقعة منبسطة من الكثبان الرملية الشاطئية ترتفع نحو 33 م فوق سطح البحر. ويجري نهر الفالق على مسافة 8 كم إلى الشمال منها حيث يصب في البحر المتوسط، وتتراكم بعض المستنقعات حول مجراه الأدنى. وتضم قرية الحرم بيوتاً بنيت حول مقام ولي الله المشهور في الديار اليافية بأبي الحسن علي بن عليل من سلالة عمر بن الخطاب (المتوفى عام 474هـ).
ولذا تعرف القرية باسم “سيدنا علي” نسبة إليه. وكان يؤمها في صيف كل سنة كثيرون من مختلف بقاع فلسطين لزيارة قبر هذا الولي، فيقام موسم يتجمع حوله الزوار لتقديم النذور وقراءة الموالد وشراء الهدايا التذكارية لذويهم.
خلت قرية الحرم من الخدمات والمرافق العامة، باستثناء مدرستها الابتدائية التي تأسست عام 1921. وقد اتخذ مخططها شكلاً مكتظاً، وكان نموها العمراني بطيئاً، وبلغت مساحتها 18 دونماً.
مساحة أراضي الحرم 8.065 دونماً، منها 352 دونماً للطرق* والأودية و4.745 دونماً تسربت إلى اليهود. وتزرع الحمضيات والفواكه في أراضيها الرملية. وتتوافر مياه الآبار لري بساتين الحمضيات التي غرست في مساحة 136 دونماً. وإلى جانب حرفة الزراعة مارس بعض الأهالي حرفة صيد الأسماك.
كان عدد سكان الحرم 341 نسمة عام 1904، وانخفض إلى 172 نسمة عام 1922. وفي عام 1931 ارتفع العدد إلى 333 نسمة أقاموا في 83 بيتاً. وقدر عدد السكان عام 1945 بنحو 520 نسمة. وفي عام 1948 احتل اليهود قرية الحرم ودمروها وطردوا سكانها منها وأقاموا على موقع القرية مستعمرة “رشف” التي تعد حالياً ضاحية لمدينة “هرتسليا”.
تقع القرية على ساحل البحر الأبيض المتوسط، على بعد 19 كم شمال مدينة يافا، و 15 كم غرب مدينة قلقيلية، و13 كم جنوب غرب بلدة الطيرة - منطقة المثلث. وكانت القرية تابعة لقضاء يافا.
قرية الحرم عبر التاريخ
والى الشمال من قرية الحرم تقع خرائب ارسوف، وهي مدينة كنعانية قديمة، شادها العرب الكنعانيون على ساحل البحر المتوسط، وعرفت في العهد اليوناني باسم آبولونيا نسبة إلى آبولو ـ آخر آلهة اليونان. وكان لموقع ارسوف وميناؤها على شاطئ البحر، ان جعلها محط أنظار الغزاة الصليبيين، باعتبارها موقع استراتيجي مهم للسيطرة على الساحل الفلسطيني. ومن هنا كانت مدينة "أرسوف" دائرة للمعارك بين المسلمين الصليبيين، الذين احتلوها في زمن الفاطميين سنة 1099م، واستردها صلاح الدين بعد معركة حطين في سنة 1187م ، ولكنها عادت للسقوط بأيدي الصليبيين، بعد معركة جرت بين ريتشارد الأول وصلاح الدين الأيوبي في سنة 1191م، ثم توالت السنين ليُسيطر السلطان الظاهر بيبرس على المدينة سنة 1256م، بعد حصار دام اربعين يوما، وقام بحرقها وتخريب حصونها وهدم أسوارها، خشية ان يعاود الصليبيين احتلالها من البحر والتحصّن بها من جديد.
وتُركت المدينة مُدمرة بما فيها القلعة حتى القرن السادس عشر ميلادي، حين عاد أهل المدينة الذين شرّدوا منها، واستقروا الىى الجنوب منها حول مقام الولي الصالح علي بن عليل، الذي قدم الى فلسطين، وأقام في ارسوف، وتوفي ودفن فيها عام 474 هجري، أي سنة 1081 ميلادي. فنشأت بالقرب من ارسوف قرية (الحرم).. وسميت قرية الحرم بهذا الاسم لكونها نشأت في المكان الذي دفن فيه ولي الله (علي بن عليل المعروف بابن عليم). وتكريما لصاحب المقام، بني في زمن القائد صلاح الدين الأيوبي مسجد ليضُم المقام، وأصبحت القرية تعرف أيضا باسم سيدنا علي، نسبة إلى مسجد سيدنا علي بن عليل، الموجود فيها.
وقد ذُكرت أسماء 22 عائلة و4 من العُزاب في سجلات الضرائب العثمانية سنة 1596 ميلادية، وهو موعد أعادة بناء قرية الحرم. وكانت فلسطين قد دخلت تحت الحكم التركي عام 1516م، وجلوا عنها عام 1918م، ليحل محلهم المستعمر الانجليزي، لتنفيذ وعد بلفور في 1917/11/2م، الذي ينص على دعم بريطانيا لإقامة وطن قوميّ لليهود في فلسطين.
مقام سيدنا علي وسبب التسمية
وصاحب المقام هو أعظم الأولياء المشهورين بأرض فلسطين، يعود نسبه إلى الخليفة الراشد الناطق بالصواب عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فهو جده السابع، والده عليل بن محمد بن يوسف بن يعقوب بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. يقول عنه مجير الدين الحنبلي في كتابة الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل : "من الأولياء المشهورين بأرض فلسطين السيد الجليل الكبير وسلطان الأولياء وقدوة العارفين وسيد أهل الطريقة المحققين، صاحب المقامات والمواهب والكرامات، والخوارق الباهرات، المجاهد في سبيل الله.. الملازم لطاعة الله .. صاحب الكرامات المشهورة والمناقب الظاهرة، وشهرته تغني عن الإطناب في ذكره والاستقصاء في ترجمته، فإن صيته كضوء النهار لا يخفى على أحد". وقد أعقب سيدنا علي بن عليل اربعة أولاد: فياض ومصطفى ومحمد وحسن, ومن ذريته عائلة العمري في اربد وجنين وفي الرملة، يقال لهم آل التاجي الفاروقي وآل الخيري وعائلة أبو عرقوب في غزة ودورا الخليل.
يقيم المسلمون في مسجد سيدنا علي، الذي يضم مقام هذا الولي الصالح، شعائر صلاة الجمعة كل أسبوع، يؤمونه من كل حدب وصوب، وتمتلئ الأروقة بالمصلين لتأدية الصلاة فيه، والاستماع للدروس والخطب الدينية. كما يقصده المسلمين في مختلف المواسم الدينية، وتقام فيه مجالس تنشد فيها قصائد مدح النبي، ويقدمون النذور والصدقات للفقراء والمساكين. وتضم الساحة الداخلية لمسجد "سيدنا علي" ستة أروقة من الجهة الجنوبية، على جدارها الشمالي تقع الغرفة التي دفن بها ولي الله "علي بن عليل" أما جهاتها الثلاث الباقية الشرقية، الغربية والشمالية فقد أقيمت ثلاثة أروقة في كل جهة، وفي الوسط توجد ساحة واسعة ومكشوفة تتسع لمئات المصلين. ومسجد سيدنا علي اثر إسلامي خالد، يقف في مكانه كالطود الشامخ، وصامداً بين مظاهر لا تنتمي له، وأبرزها وجوده في "مدينة إسرائيلية" لا يعيش فيها فلسطينيون، متحديا عوامل الطبيعة وأمواج البحر الهادر، شاهد على تاريخ المنطقة لقرون عديدة، ويحول دون طمس معالمنا الإسلامية والعربية.
وقد رمم المسجد في فترة العهد العثماني، وتمت عمليات الترميم قبل الأخيرة من قبل المجلس الإسلامي الأعلى برئاسة الحاج أمين الحسيني، مفتي الديار المقدسة سنة (1926م)، ومن ثم هُجِّر أهل قرية الحرم عام 1948م، وترك مهملاً، حتى بادرت الى ترميمه جمعية سيدنا علي بدءاً من العام 1988-1996م، بالاعتماد على تبرعات أهل الخير، وبعض مُهجري القرية في الشتات، جعلت منه بناء أكثر جمالا وأبهى رونقا مما كان عليه في السابق. وما زالت أعمال الترميم مستمرة داخل وخارج المسجد حتى اليوم. وهو مفتوح للصلاة طيلة أيام الأسبوع، وتمرّ به حافلات الرحلات الجماعية للاستراحة والصلاة فيه.
قرية الحرم - سيدنا علي - قبل النكبة
والحرم قرية صغيرة مساحتها 18 دونماً، وكانت منازلها مبينة بالحجر أو بالطوب، وقريبة بعضها من بعض. وقد أُسسَتْ فيهاا مدرسة ابتدائية في سنة1921م، بلغ عدد طلابها 68 طالبًا في أواسط الأربعينيات، يعلمهم معلمان، وللمدرسة مكتبة ضمت 132 كتاباً. وكان في القرية 110 من الرجال يلمون بالقراءة والكتابة.
كان في هذه القرية عام 1904م 341 نسمة. وفي عام 1922م انخفض عددهم إلى 172 نسمة. وفي عام 1931م ارتفع العدد إلىى 333 نسمة لهم 83 بيتاً. وفي عام 1945م قدروا بـ 520 نسمة، وكان معظم سكان الحرم من المسلمين. وبلغ مجموع اللاجئين من هذه القرية في عام 1998 حوالي 3704 نسمة .
وكانت الزراعة عماد اقتصاد القرية، ولها أراض زراعية مساحتها 8065 دونماً. تسرب منها 4574 دونم لليهود. وزرعت 2096 دونمًا بالحبوب و 137 دونم بالزيتون، وتوفرت فيها المياه لري المزروعات، فزرعت 136 دونمًا من أراضي القرية بالحمضيات والموز، و256 دونمًا مزروعة بالبساتين المروية. بالإضافة إلى الزراعة اهتم سكان القرية ايضا بصيد السمك.
ونتيجة لأعمال العنف التي كانت تقوم بها قوات الهغاناة الصهيونية ضد العرب، وقتل ابناء عائلة الشوبكي المجاورة للقرية، دبب الرعب والخوف بين سكان القرية، واضطروا الى مغادرتها والرحيل عنها، خوفا من هجوم صهيوني وشيك على القرية، واحتلت قوات "الهغاناة" القرية بتاريخ 1984/4/12م، وقامت بهدمها وتشريد أهلها البالغ عددهم عام 1948م حوالي 603 نسمة، وأقاموا على موقعها مستعمرة" رشف"Rashef ، التي تعتبر اليوم ضاحية من ضواحي مدينة هرتسيليا.
وكانت قد بُنيت على الحدود الشمالية لأراضي القرية مستعمرة "ريشبون" في سنة 1936، وفي سنة 1937 أنشئت "كفرر شمارياهو" إلى الجنوب الشرقي، على ما كان تقليديًا من أراضي القرية.
عائلات قرية الحرم سيدنا علي
العائلات الفلسطينية التي عاشت على ثرى قرية الحرم (سيدنا علي) حتى عام 1948م: عائلة أبو زهرة؛ أبو ارحيم؛ القرم؛؛ الدلو؛ النبريصي؛ أبو قنديل؛ أبو نمر؛ أبو سلام؛ دار جبر؛ أبو رأس؛ أل عودة؛ أبو حيش؛ ياسين؛ عبد الرازق؛ عنبص؛ ابو غالي؛ ابو عبيه؛ الشرقاوي؛ القصاص؛ الطنايب؛ بدوي؛ المشعلجي؛ القاسم؛ هاشم؛ شحادة؛ مرعي؛ زهران؛ اليوسف؛ ازدودي؛ ابو ربحي.
ومن هذه العائلات التي لجأت الى قلقيلية واقامت فيها بصفة دائمة: عائلة الدلو، وعائلة النبريصي، ولهم ديوان خاص بهم في حي النقار- قلقيلية.
اما عائلة القرم فقد لجأ قسم منها الى قلقيلية، وأقاموا في حي شريم، لكن لم يطل بهم المقام حتى غادروها الى الأردن والسعودية، قبل أواسط الستينات من القرن الماضي. اما باقي عائلات قرية الحرم فقد أقامت في قرى منطقة المثلت، وطولكرم والمخيم، ونابلس والمخيم، ومنهم من غادر الى الاردن. وكان المرحوم الحاج عبد الكريم عبد الفتاح احمد القرم، آخر مختار لقرية الحرم حتى عشية النكبة عام 1948م، وكانت عائلته من أشهر عائلات القرية وأغناها، وتمتد هذه العائلة في جذورها الى شبه جزيرة القرم في اوكرانيا.
ومن عائلات قلقيلية التي أقامت في قرية الحرم حتى حلول النكبة عام 1948م، عائله الحاج محمد شاكر زهران وأبنائه (الحاجج شاكر زهران وأخيه الحاج محمود زهران) وهم من صميم عشيرة آل زهران في قلقيلية، وقد عملوا في قطاع البناء لأكثر من 40 عاما.
إحتلال القرية
احتلت القوات الصهيونية الحرم, في الأرجح قبيل نهاية الانتداب البريطاني في 15 أيار\ مايو 1948. وكانت هذه القوات تسيطر, في تلك الآونة, على كامل المنطقة الساحلية الممتدة بين حيفا وتل أبيب
قرية سيدنا علي اليوم
كل ما تبقي من القرية هو المقام وبعض المنازل والمقبرة. والمقام, الذي جدد جزئيا، مجمّع متطور الطراز المعماري, يشتمل على رواق ذي أعمدة وقناطر ومئذنة ترتفع فوق أحد أبنية. ويشاهد قرب المقام الأسس المهدمة لمنازل القرية, وثمة على بعد قليل منه منازل عدة يسكنها اليهود اليوم. وتشرف المقبرة المتهدمة على البحر وتستخدم موقفا لسيارات السياح الاسرائيلين.
بنيت مستعمرة ريشبونفي سنة 1936 على الحدود الشمالية لأراضي الحرم. وأنشئت كفار شمرياهو في سنة 1937 الى الجنوب الشرقي من الموقع, على ما كان تقليديا من أراضي القرية.
اريد ان اتعرف على اشخاص من قرية سيدنا غلي قبل النكبة
ردحذف