الموقع والتسمية
من القرى الفلسطينية المهجرة، تنهض فوق تلة قبالة البحر المتوسط، على بعد 2.5 كم من شاطئه، وتقع الى الشمال من نهر العوجا على بعد 800م، والى شمال شرق مدينة يافا على بعد 7 كم منها. ويبلغ متوسط ارتفاعها عن سطح البحر 25 متر، وتحيط بها قرى الجليل وعرب السوالمة. وهي من قرى قضاء مدينة يافا.
جاء ذكر اسم القرية لأول مرة باسمها القديم "الظـَّهر"، في خارطة تعود إلى عام 1799م، رسمها المهندس الفرنسي "جيكوتين"، الذي خدم في الجيش الفرنسي، خلال الحملة الفرنسية على المنطقة.
ويُعتقد أن القرية أعطيت هذا الاسم نسبة إلى شيخ كان اسمه "مونّس" مدفون فيها. ويقال أن مجموعة من البدو اقاموا خيامهم قرب نهر العوجا، وعثروا بالصدفة على قبر كُتِب عليه - أنس بن مؤنس حامل بيرق الرسول (صلعم) في أحد الغزوات، مما دعاهم إلى تسمية المكان بـ الشيخ مؤنس، تكريما لهذا الرجل الصالح المدفون فيه، وأقيمت القرية قرب قبره. ومع مرور الوقت تحوّرت الكلمة باللهجة العامية، لتصبح قرية الشيخ مونّس.
السكان والمساحة
قُدر عدد سكان القرية عام 1922 بـ 664 نسمة، وعام 1931م - 1154 نسمة، وعام 1945 بلغ عدد السكان 1930نسمة، وعام 1948م بلغ عدد السكان 2239 نسمة، وفي عام 1998م، قدر عدد اللاجئين بـ 13749 نسمة.
بلغت مساحة أراضي قرية الشيخ مونس عشية النكبة عام 1948م - 15972 دونماً، امتلك الفلسطينيين منها- 11456 دونم، واليهود - 3545 دونم. أما أراضي المشاع، فهي من مجمل المساحة، وكانت 971 دونم.
عمل سكان الشيخ مونس في الزراعة بالدرجة الأولى، ولا سيَّما في زراعة أشجار الحمضيات والأعمال المتعلقة بها. ففي موسم عام 1944/1945م، كانت مساحة الأراضي المزروعة بالحمضيات والموز 3749 دونما، فيما كان 7165 دونما حصة الحبوب، و69 دونما مزروعة بالبساتين المروية. وكان سكان القرية يتزودون بمياه الري من مجرى نهر العوجا باستخدام دواليب سحب المياه، وفي عهد الانتداب البريطاني، استخدمت ماتورات ديزل لشفط المياه. كما كان في القرية الكثير من الآبار الارتوازية، المنتشرة في محيطها.
وكانت بيوت القرية قائمة على مساحة 41 دونماً، وكان سكانها يبنون بيوتهم بالحجارة والطين، ومع تحسن ظروفهم المعيشية جراء ارتفاع مداخيلهم من بيع الحمضيات، راحوا يبنون بيوتا جديدة، بالطوب والأسمنت.
بالإضافة إلى الزراعة، اعتاش سكان الشيخ مونس من جباية ضريبة المرور ممن يعبر نهر العوجا من على جسر جريشة. وفي النصف الأول من القرن التاسع عشر، وخلال حكم إبراهيم باشا، ازدهرت وتطورت القرية، حيث جلب المصريون معهم الأيدي العاملة للعمل والسكن في يافا، فيما سكن وعمل قسم منهم في أراضي قرية شيخ مونس الزراعية.
وفي شهر تشرين الثاني من عام 1917م وصل البريطانيون إلى مشارف القرية، وذلك بعد أن هزموا - في هجوم ليلي مباغت- الجيش التركي، الذي كان مرابطاً في القرية، لحراسة الضفة الشمالية لنهر العوجا.
كان الانتداب البريطاني بمثابة عهد جديد للقرية، فقد تم تسجيل الأراضي الزراعية باسم أصحابها، ومنحت تراخيص البناء، وأُُدخلت أساليب ري حديثة، واستتب الأمن على الطرقات. ولكن من جهة أخرى، كانت القرية تعيش في حالة من التوتر، بسبب وعد بلفور، وازدياد الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وما سيترتب على ذلك من مخاطر.
قرية الشيخ مونس قبل النكبة
مدارس الشيخ مونس
وكان في الشيخ مونِّس قبل النكبة مدرستان ابتدائيتان: واحدة للبنين وأخرى للبنات. وقد فتحت مدرسة البنين في سنة 1932م، ومدرسة البنات في سنة 1943م. وبلغ عدد التلامذة المسجلين 232 تلميذا في سنة 1942م، و 65 تلميذة في سنة 1943م. وكانت مدرسة البنين تملك ما مساحته 36 دونما من الأرض، وبئراً ارتوازية، وقد استخدمت كمركز للتدريب الزراعي والمهني.
وكانت المدرسة حتى الصف السابع الابتدائي فقط، ومن اراد متابعة الدراسة، وكانت ظروف اهله المادية تساعده في تغطية المصاريف، كان يذهب للدراسة في يافا، او الخضوري- طولكرم، او يذهب الى القدس، او مدرسة بير زيت، التي أنشئت عام 1921م.
كان مدير مدرسة القرية راشد الزعبي من طوباس، وعمل بها عدة معلمين منهم- علي الدقاق من القدس- مدرس لغة انجليزية، ومعلم من بيت الجلاد طولكرم، وكان يدرس تاريخ وجغرافيا.
وكان في القرية عدة دكاكين بقالة، منها دكان ابو صالح الغزاوي، ودكان احمد الامين، ودكان امين الزيات. وكان اثنان يعملان في بيع اللحوم، وكان احدهم من بيت قوزح، والاخر من بيت الفالح. وكان صالح ابو حمدة -ابو محمود، يزود القرية بالكاز، ويوفر المازوت لآبار القرية الارتوازية. وكان يحضرها من يافا في براميل، ويوزعها على عربة تجرها دواب.
مقاهي الشيخ مونس
وكان في القرية ثلاث مقاهي، منها مقهى العبد الحمدان (ابو زهير)، وكان مستأجرا تحت بيت إبراهيم ابو كحيل، وكان في كل مقهى راديو، وجرمافون (اسطونات)، ومضاءة بالكهرباء. وكان مقهيان آخران للأخوين القنيري. وكان الناس يرتادون المقاهي للالتقاء بالاصدقاء ولاحتساء الشاي والقهوة ولعب الشدة والاستماع للاغاني القديمة - عبده الحامولي، وسيد درويش، وصالح عبد الحي.
وكان في القرية منتزه، يعود لإبراهيم بيدس، وحلاق مستأجر في مخازن إبراهيم ابو كحيل، وكان فيها مطعم لصاحبه ابو إسماعيل العشي، كما كان يوجد خمسة افران في القرية، وكانت تعمل على الحطب والجفت، وكان لمحمد العابد فرن يعمل على المازوت، ولم يكن في القرية طوابين.
كما كان في القرية مضافة واحدة، عبارة عن غرفة كبيرة في جزء من بيت الحاج يعقوب بيدس، وكانت مفتوحة لكل الضيوف الذي يأتون من خارج القرية لزيارة اقارب او اصدقاء لهم فيها، وليست فقط لضيوف عائلة بيدس، وانما لكل القرية. وكانت المضافة توفر للضيوف الطعام والشراب والنوم، وكان بها ايضا هاتف.
وكان في القرية مسجد واحد، بني لوجه الله تعالى، على نفقة عائلة بيدس، وكان الشيخ جمعة امام المسجد.
عائلات قرية الشيخ مونـّس :
آل بركات، آل منصور، الشنيك، آل علاوي، سلامة، المهر،أبو شرف، أبو مزروع، الدوش، قوزح، الفالح، الأقرع، أبو الهوس، أبو جميلة، أبو جاد الله، أبو حسنين، أبو حمدة، أبو زهية، أبو ستيتة، أبو سرية، أبو سعد، أبو سعدة، أبو سلامه، أبو عويس، أبو عيد، عوض، أبو فرحانة، أبو كحيل،أبو حبيس، أبو محسن، الزيّات، العابد، الغزاوي، المجدلاوي، التـِّك، الجرمي، الريان، الشرقاوي، الشلبي، بلالو، بيدس، دحنوس، دمرة، زقوت، زلابية، عليوه، سكجها، الشرنوبي، عجوري، القرعان، محبوبه، ابو دية، نصر الله، أبو زبن، ابو عمارة، الجزار، السرساوي، الشغنوبي، عليوة، ابو حمدة، ريان، الشغنوبي، حجاوي، الدحموس، الشلويط،الزعيمي، الشوبكي، وقبائل بني عامر (الملالحة)، ومنهم المثيلي والفرود.
وكان في القرية مختارين حتى تاريخ النكبة عام 1948م، وهما: صبحي محمود بيدس- وكان مختار عائلة ال بيدس، والمختار الثاني محمد الشيخ ريان- ابو علي، وكان مختارا لباقي عائلات القرية.
وكانت عائلة بيدس من اكبر عائلات القرية وأغناها، وامتلك بعضهم بيوتا فخمة وقصورا، بنوها داخل بيارات البرتقال، فكان في القرية قصر لعبد القادر بيدس، وقصر لصبحي محمد بيدس، وقصر لعبد الرحيم يوسف بيدس - ابو عباس، كبير عائلة بيدس، ورجل الشيخ مونس الأول، ومن كبار ملاكي أراضيها. وقد زاره الملك عبد الله بن الحسين في بيته عام 1944م. كما كان للاخوين ابراهيم وصالح الدحموس فيلا لكل منهما، وفيلا اخرى لابراهيم ابو كحيل، وكان من اغنياء البلد، ومن رجال الخير فيها.
سقوط القرية: بعد أن أتمت عناصر العصابات الصهيونية سيطرتها على كامل المنطقة الساحلية الممتدة بين حيفا وتل أبيب، وحيث ان قرية الشيخ مونس تقع مباشرة عند تخوم تل أبيب، فقد أصبحت القرية مستهدفة من قبل القوات الصهيونية، التي قامت في يوم 30/3/1948م باحتلال القرية وتشريد أهلها البالع عددهم عام حوالي 2250 شخصاً، وذلك رغم اتفاق مسبق بين أهالي القرية وبين القيادة الصهيونية على عدم اعتداء متبادل. ورغم موافقة الطرف الفلسطيني على إخلاء قرية الجماسين، مقابل بقاء قرية الشيخ مونـّس على حالها. تم تطويق القرية من كل الجهات ما عدا الجهة الشمالية، التي أصبحت درب النزوح الوحيد لأهالي القرية، فلجأ الناس إلى المناطق التي كانت تحت سلطة المملكة الأردنية. هكذا وجدت معظم العائلات ملجئاً في منطقة المثلث الجنوبي وطولكرم ونابلس وقلقيلية. ومن هناك توزعوا مرة أخرى إلى أماكن مختلفة في العالم العربي، وبقي منهم عدد قليل جداً داخل الخط الأخضر يسكنون في مدينة اللد والرملة.
تهجير واحتلال قرية الشيخ مونس
وعن جريمة الطرد والتهجير يكتب المؤرخ اليهودي التقدمي والمحاضر في جامعة تل أبيب شلومو زاند في كتابه الصادر بالعبرية "متى وكيف اخترعت أرض إسرائيل" أنه في مطلع شهر نيسان 1948م، رحل آخر المهجرين من قرية الشيخ مونس "مشوا في دروب وعرة حفاة من كل شيء تقريبا. نساء بأيديهن ومن خلفهن أطفال يبكون. كان الشيوخ العجز يسيرون بصعوبة وهم متكئون على أكتاف الشباب، فيما تم تحميل المرضى والمقعدين على الحمير. تاركين خلفهم كل ما كانوا يملكون داخل قريتهم المحاصرة من ثلاث جهات، عدا الشمال".
ويستذكر المؤرخ شلومو زاند في تصريح للجزيرة نت كيف ضربت العصابات الصهيونية حصارا على القرية طيلة أسابيع، لتجويع وترهيب أهاليها حتى تمت السيطرة عليها دون أن تتدخل قوات الانتداب البريطانية!!
قرية الشيخ مونِّس اليوم
بعد احتلال القرية وتدميرها، قامت الحكومة الإسرائيلية بضم أراضي القرية الي مدينة تل أبيب، حيث توسعت المدينة شمالا.
وفي عام 1956م أقيمت جامعة تل أبيب في منطقة أبو كبير المجاورة ليافا. ثم انتقلت الجامعة في عام 1964م إلى الحرم الجامعي الحالي في منطقة "رامات أفيف Ramat Aviv" التي تم بناؤها مكان قرية شيخ مونس، وقامت ببناء مواقف لسيارات الجامعة، وشقت الشوارع على حساب مقبرة الشيخ مونّس، وأبقت عدة منازل يسكن بعضها مهاجرون جدد، وتسكنها اليوم عائلات يهودية من العراق. ولا يزال حائط واحد من منزل آخر قائماً. وتتبعثر الأعشاب والنباتات البرية الطويلة. اما المقبرة فهي في حال مزرية من الإهمال، تترافق مع عملية جرف ونبش للقبور، بهدف تهيئة الموقع لبناء شقق سكنية لطلاب جامعة تل أبيب، وإقامة مركز تجاري. أما الأراضي المحيطة، فقد ضمت الى بلدية تل أبيب، ويزرع قسم منها.
وقد بقيت بعض بيوت القرية المغتصبة، ولم يتم هدمها، ويقيم فيها يهود من العراق، وقد حولوا احد البيوت إلى كنيس لهم. وقد عُرف بعض اصحاب البيوت المغتصبة، وكان منهم بيت لابي محسن، وبيت لابي عيد، وبيت لمفلح بيدس، وبيت للشيخ ابراهيم ابو كحيل، وهو بيت كبير يعرف بـ"البيت الأخضر"، يستخدم اليوم مقهى ومنتدى للأساتذة في جامعة تل أبيب، يحمل اسم "مارسيل غوردون". وكان ابو كحيل من اغنياء القرية.
بكائية على قرية الشيخ مونّس
الشاعر د. لطفي الياسيني
للشيخ مؤنس... كم اشتاق قريتنا
اشتاق ابو كشك من يافا تناديني
اشتاق بيارتي...... والشوق يحملني
لارض جدي الى وطني الفلسطيني
مذ عام نكبتنا ..... اشتاق زورتها
جدار صهيون جيش النتن يقصيني
متى اعود الى يافا ...... اتوق لها
اشتاق سلمة ..... يازور بساتيني
ناضلت فيها مع الثوار يشهد لي
الشيخ جبريل .... مذ عام الثلاثين
تركت فيها قبور الاهل اجمعهم
وما تنازلت عن حقي لبيغين
فيها ولدت ووايزمان يعرفني
رجل المواقف كنعان الفلسطيني
يا شيخ مؤنس طال البعد اعذرني
خيانة العرب .. تجار الدكاكين
باعوا فلسطين للمحتل وارتحلوا
لمربط الخيل لندن ... ثم برلين
نامت خيول عروبتنا فايقظها
من كهف قمران شرق النهر عمون
سرجت خيلي عبرت الجسر منطلقا
للشيخ مؤنس ... والفرسان تحدوني
اما انتصار على الاعداء ادحرهم
او الشهادة .. في الاقصى فيكفيني
اريد ان اتعرف على اشخاص من قرية الشيخ مونس قبل التهجير
ردحذف