القائمة الرئيسية

الصفحات

الفنان طارق أبو عرجة


الفنان/ طارق أبو عرجة
بقلم: الكاتب والباحث الميداني
أ. محمد توفيق زهران
***


الفنان طارق أبو عرجة

يوم الأحد الموافق 2015/02/15 قمت بزيارة إلى بيت الفنان/ أبي عرجة في إربد عاصمة الشمال بصحبة تميم نوفل وذلك لتقديم الشكر له على تصميمه لغلاف كتابي ]هذي هجرتي[. 

وعند مشارف مدينة إربد شاهدنا معاً بروز جبل الشيخ في الأفق متوشحاً بالبياض الناصع من تراكم الثلوج عليه على مدار السنة. وجبل الشيخ يفصل ما بين مناطق بلاد الشام وهي (سوريا ولبنان والأردن وفلسطين) وأمام هذا المشهد الذي ذكرني بشاعر المهجر البرازيلي إلياس فرحات عندما وصف بلاد الشام بقوله المشهور في بداية القرن العشرين:
(وإِنَّ مَنـــــاطِـــــقَ بَــــرِّ الـــشَّـــــــامِ
...................... تَــــجــمَــعُها وِحـــــدَةٌ لا جِـــــوارُ)


ولكن .. اتفاقية سايكس بيكو التي أبرمت بين الاستعمارين البريطاني والفرنسي حالت دون ذلك!
فما زلنا نعاني التفرقة بين الشعب الواحد في بلاد الشام على حدود سايكس بيكو منذ عام 1916م وحتى الآن.


وصلنا إلى بيت الفنان/ أبي عرجة وهو من الرعيل الأول من الفنانين العرب الذي تخرج من باكستان عام 1973م وله عدة معارض عربية ودولية.


استقبلنا أمام بيته وهو يحمل ابنه (حسن) الذي جاء في الوقت الضائع من عمره بالترحيب وبعد وجبة الإفطار قمنا معاً بمشاهدة لوحاته التي تعد بالمئات والمعلقة على جدران بيته في الداخل كأنه معرض دائم أمام الجمهور وقام الفنان المبدع بشرح أهم لوحاته وتاريخها حول القضية الفلسطينية فازددّنا اعتزازاً به عندما شاهدنا لوحة (عودة الروح) للفدائي المجهول وهو يخرج يده من بين رُجُم الحجارةرميماً تحمل وردة حمراء من شقائق النعمان المنتشرة في بلاد الشام في فصل الربيع من كل عام على شكل قبة الصخرة، وهذه اللوحة ترمز لديمومة المقاومة وهي من روائع الفن العربي على الإطلاق.
ثمَّ توقفناعند لوحة (الأيدي البيضاء) - للأميرة الراحلة أم خليل- زوجة طارق أبو عرجة التي رحلت عن هذه الدنيا الفانية عام 2007م وكانت المرحومة في نهاية الأربعينات من عمرها وهي تحتضن بيتها وحمامة بيضاء تنطلق من اللوحة إلى السماء. وهي من روائع الفن الإنساني عليها الرحمة.


وخلال التجوال في بيت أبي عرجة ونحن نحدق بلوحاته الجميلة، توقفنا عند لوحة (أمراء النفط) وهي من روائع الفن العالمي التي ترمز إلى جشع (الأعراب) في منطقة الخليج العربي أو الفارسي فالتسمية ليست مهمة عند من قضى زهرة شبابه في تلك المنطقة بلا حقوق، والذين فضلوا الأعجمي على العربي بالإقامة والتوطين! وقد تناسى أمراء النفط قول شاعر العروبة فخري البارودي:
(بــــلادُ الـــعُــــربِ أوطـــــانــــي
....................... مـــِنَ اـلــــشَّـــــامِ لــــِـبـــغــــــدانِ)


فَأُصِبنا بالإحباط النفسيمن حقيقة الأعراب وطلبت من أبي عرجة التوقف عن شرح هذه اللوحة حتى نستقر نفسياً فهذه اللوحة السوداوية ما زالت في ذاكرتي منذ الثمانينات من القرن الماضي.


وبعد ذلك خرجنا إلى الحديقة نستمتع بأشعة الشمس الدافئة وقام مشكوراً بتصويرنا للذكرى أمام بيته الذي يشبه من الخارج مسجد قبة الصخرة ومن حوله غُرست أشجار التين والزيتون والعنب واللوز المُزهر في هذا الوقت من السنة فالحديقة مزروعة بطريقة فنية كلوحة زيتية أمام الزائر لبيته كما يبدو في لوحة ]الأيدي البيضاء[.
إنَّ طارق أبا عرجة المبدع في فنه التشكيلي، يستحق التكريم في حياته من قبل المهتمين بالتراث العربي في الضفتين.
أو ينطبق عليه قول المعرّي:
(أُولـــو الـفَــضـــلِ فـــي أوطَـــانِـــهِـــم غُـــربــــاءُ
...........................تَـــــشُــــذُّ وَتَـــنـــأَى عَـــنـــهُـــمُ الــقُـــرَبَـــاءُ)


اقرا ايضا :  الخطاطين والرسامين والفنانين من ابناء قلقيلية

تعليقات

محتويات المقال