القائمة الرئيسية

الصفحات

جدار الفصل العنصري - تاريخ واضرار الجدار العازل في فلسطين

جدار الفصل العنصري او الجدار العازل او الجدار الفاصل 

هو عبارة عن جدار طويل تبنيه إسرائيل في الضفة الغربية قرب الخط الأخضر وتقول أنه لمنع دخول سكان الضفة الغربية الفلسطينيين إلى الأراضي المحتلة أو المستوطنات الإسرائيلية القريبة من الخط الأخضر بينما يقول الفلسطينيون أنه محاولة إسرائيلية لإعاقة حياة السكان الفلسطينيين أو ضم أراض من الضفة الغربية إلى إسرائيل. يتشكل هذا الجدار من سياجات وطرق دوريات، وفي المناطق المأهولة بكثافة مثل منطقة المثلث أو منطقة القدس تم نصب أسوار بدلا من السياجات. بدأ بناء الجدار في 2002 في ظل انتفاضة الأقصى وفي نهاية عام 2006 بلغ طوله 402 كم، ويمر بمسار متعرج حيث يحيط معظم أراضي الضفة الغربية، وفي أماكن معينة، مثل قلقيلية، يشكل معازل، أي مدينة أو مجموعة بلدات محاطة من كل أطرافها تقريبا بالجدار. تعارض السلطة الوطنية الفلسطينية والمنظمات الفلسطينية بناء "جدار الضم والتوسع العنصري".  

بدايات التفكير بخطة للفصل العنصري

بعد أن حققت إسرائيل سيطرتها على الضفة الغربية وقطاع غزة إثر حرب عام 1967م، بدأ النقاش في الأوساط السياسية والأمنية الإسرائيلية في كيفية التعامل مع هذه الأراضي وسكانها، فقد تبنى حزب الليكود ما يسمى بالحل الوظيفي، في حين تبنى حزب العمل الحل الإقليمي، الذي تمثل بمشروع آلون. وفي خضم هذا النقاش بدأت تطرح بعض الأفكار حول كيفية الاستفادة من هذا الانتصار، حيث طرح في حينه كيفية ترسيم حدود الدولة العبرية، وطفى على السطح ما يعرف بالحدود الآمنة والقابلة للدفاع عنها، وفي نفس الوقت التخلص من المخاطر الكامنة في البعد الديموغرافي، الذي قد يهدد النقاء اليهودي للدولة.

ظلت هذه الأفكار مجرد آراء للتنافس بين الأحزاب الإسرائيلية إلى أن جاء اتفاق أوسلو، والذي اعتبر من طرف إسرائيل فرصة للتخلص من العبء الديموغرافي مع إمكانية تحقيق مكاسب إقليمية على الأرض، عن طريق إجراء تعديلات حدودية على الخط الأخضر، تفي بما يسمى بالاحتياجات الأمنية والإستراتيجية لإسرائيل.
ومنذ منتصف التسعينيات، وبعد العمليات التفجيرية الكبيرة داخل إسرائيل، طرح رابين فكرة الفصل بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وظلت الفكرة تتدحرج من رابين إلى أيهود براك، والتي استحوذت على حيز كبير من برنامجه الانتخابي عام 2000م، بعد فترة قصيرة من اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ثم وصولاً إلى أرئيل شارون وحكومة الوحدة التي ترأسها، التي أقرت خطة للفصل ترتكز على النواحي الأمنية والعسكرية، بحيث بدأ تنفيذها بصورة عملية على الأرض في حزيران 2002م، وعلى الرغم من احتواء هذه الخطط العديد من التفاصيل، فإن الجدل حول مصير الضفة الغربية ظل الجزء الأكثر ضعفا في هذه الخطط، ولم تستطيع أي من الخطط التصدي لهذه القضية بصورة واضحة ومتكاملة.

جدار الفصل العنصري

• رابين وفكرة الفصل:

بعد سلسلة العمليات التفجيرية التي قامت بها تنظيمات فلسطينية معارضة لاتفاق أوسلو داخل إسرائيل، وبخاصة عملية بيت ليد، اتخذت الحكومة الإسرائيلية قراراً بتشكيل لجنة وزارية لبحث إمكانية وضع خطة للفصل بين الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني، وبحث إمكانية تطبيق هذه الخطة، وفي خطابه المتلفز يوم 24/1/ 1995م، عبر رابين عن تصوره للخطوط العريضة لهذا الفصل بقوله: "إن الدرب الذي تسير عليه الحكومة هو الدرب الذي يؤدي إلى إنهاء السيطرة على شعب آخر، يجب أن يؤدي إلى الفصل، ولكن ليس على أساس حدود عام 1967م، فالقدس ستبقى موحدة إلى الأبد، والحدود الآمنة لدولة إسرائيل ستكون على نهر الأردن".
وبالفعل قامت الحكومة الإسرائيلية بتشكيل لجنة برئاسة وزير الشرطة موشيه شاحل، من أجل وضع خطة (للفصل) بين الأراضي الفلسطينية من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، وضمت اللجنة في عضويتها رئيس هيئة الأركان ورئيس (الشاباك) ومدير ديوان الحكومة ونائب وزير الخارجية والقائد العام للشرطة وضباطاً كبار آخرين. وبعد عدة اجتماعات ومداولات بلورت اللجنة خطة للفصل جاء في هدفها ما يلي: (تعرض في هذه الوثيقة خطة ستدمج فيها الوسائل والجهود الأخرى الهادفة إلى إحباط الاعتداءات قدر الإمكان، من خلال تقليص الاحتكاك الجماعي وغير المراقب وتعزيز المراقبة على المعابر المرخصة من (المناطق) إلى الأراضي الخاضعة للسيادة الإسرائيلية، وهو ما يصعب على العناصر ذات النشاط (التخريبي) المعادي إدخال وسائل قتالية إلى إسرائيل بهدف ارتكاب اعتداءات.
ومع إقرار الأجهزة الإسرائيلية بعدم قدرة الخطة قيد الإعداد في منع العمليات التفجيرية بصورة مطلقة، إلا أنه يمكن تقليصها والحد منها إذا توفرت الإمكانات لذلك، ومع ذلك فقد أعدت الأجهزة الأمنية مجموعة من التوصيات إلى المستوى السياسي على اعتبار أنها العمود الفقري لأي خطة فصل تقدم عليها الحكومة، وقد ركزت التوصيات على الآتي:
1. إن الفصل الكامل ليس عمليا في المدى القصير لأسباب اقتصادية وديموغرافية وسياسية وتقنية وإعلامية، ولا يمكن سد الفجوات القائمة اليوم.
2. إقامة حزام فاصل يقع غالبيته في الضفة الغربية ويعلن كمنطقة عسكرية مغلقة.
3. إقامة معابر ثابتة تحت إشراف الشرطة لمرور الأشخاص والسلع والسيارات مع الحفاظ على المستوى الأمني المحدد.
4. المناطق بين المعابر تكون تحت مسؤولية الجيش الإسرائيلي، حيث يقوم بأعمال الأمن بوسائل مختلفة تشمل وسائل إعاقة وسد المعابر غير القانونية.
5. لا يبنى الجدار الأمني إلا في المناطق التي لا وسيلة بديلة فيها لتأمين منطقة خط التماس.
6. زيادة وتوثيق التنسيق بين الجيش الإسرائيلي والشرطة على طول المنطقة الأمنية وفي المناطق المحاذية لها.
7. تطوير القدرات الاستخبارية التي تخدم أهداف الخطة مع تأكيد الحرب على (الإرهاب).
8. تعزيز وتكثيف الشبكة الوقائية والإحباطية.
على الرغم من التفاصيل التي وضعتها لجنة الفصل، فإنها واجهت مشكلة كبيرة عند وضع خطة لإمكانية فصل مدينة القدس، ومن هنا، فإن اللجنة قد أوصت فيما يتعلق بمدينة القدس بالآتي:
1. لن يكون هناك أي فصل داخل الحدود البلدية لمدينة القدس.
2. كل تطرق للقدس يكون للمدينة الموحدة ضمن الحدود البلدية الحالية.
3. تعزيز الأمن في القدس يحظى بموافقة الجيش والمخابرات من خلال تواجد مكثف لقوات الشرطة في المدينة.
4. سيجري سد غالبية الطرق الفرعية والارتجالية الموصلة من الضفة الغربية إلى القدس عن طريق وضع حواجز طبيعية.
5. سيجري إنشاء ستة معابر على مداخل المدينة، وذلك بهدف تعزيز الأمن وتحري الأشخاص الذين يتواجدون في المدينة بصورة غير قانونية.
6. تشديد قيود الدخول إلى المدينة والهجرة إليها عن طريق التشديد في فرض القوانين المتعلقة بذلك.
7. إقامة سياج أمني بطول 10كم بالقرب من قرى قطنة، بتير، حوسان، حارس.
من خلال العرض السابق يبدو جلياً أن فكرة الفصل لدى رابين كانت من خلال إقامة حزام فصل وعوائق بين السكان الفلسطينيين والإسرائيليين، يمتد بموازاة الخط الأخضر مع بعض الجيوب التي سوف تتوغل جهة الشرق، وبخاصة في مناطق غرب نابلس واللطرون والقدس و(غوش عتسيون)، وتؤكد الخطة أن الغاية من الفصل هو منع دخول الأفراد والسيارات إلى منطقة إسرائيل السيادية إلا في نقاط عبور منظمة وخاضعة للإشراف والرقابة الإسرائيلية، وبما أنه لا يمكن إغلاق خط التماس إغلاقاً تاماً، فلابد من تقليص المحاور القائمة إلى عدد محدد من نقاط الدخول، وإغلاق المناطق الواقعة بين نقاط العبور، ونظراً لقرب المسافة بين الأحياء السكنية اليهودية والعربية عند خط التماس تقترح الخطة إنشاء حواجز مادية من الجدران تتراوح أطوالها بين 23 و29 كم وبخاصة في مناطق طولكرم وقلقيلية وبيت سيرا وحبلة، إضافة إلى 10كم من الجدران في منطقة القدس.
 على الرغم مما احتوته الخطة من تفاصيل، إلا أنها قوبلت باعتراضات واسعة سواء من اليمين أو اليسار الإسرائيلي، فاليمين رأى في الخطة أنها مقدمة لانسحاب إسرائيلي من الأراضي الفلسطينية، وبالتالي فقد أعلن أنه سيقاوم تنفيذ هذه الخطة التي تندرج من وجهة نظره في إطار الحل الإقليمي للصراع، مع العلم أن اليمين يفضل الحل الوظيفي لمستقبل الضفة الغربية، أما اليسار الإسرائيلي فيرى عكس ذلك، حيث اعتبر هذه الخطوة مقدمة لضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية لإسرائيل، إضافة إلى أنه رأى في خطة الفصل نوعاً من التمييز العنصري يفرض على الفلسطينيين، وأياً كانت الاعتراضات، فإن الخطة لم تر النور ولم يتم تنفيذها، واكتفت حكومة رابين بما قامت به من إغلاقات وأطواق أمنية متكررة على الأراضي الفلسطينية.

• خطة باراك للفصل:

في اجتماعه مع لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست في مطلع شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2000م، أشار أيهود براك إلى أنه (في حال استمرار الانتفاضة فإنه سيتوجه إلى الفصل أحادي الجانب، هدفنا هو أن نعمل على الفصل بين إسرائيل والفلسطينيين، وإذا لم ينجح هذا من خلال المفاوضات، فإننا سنفعل ذلك بصورة أحادية الجانب)، وكان باراك في وقت سابق قد كلف نائب وزير الدفاع أفرايم سنيه بإعداد خطة للفصل بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وبالفعل قام سنيه وبمشاركة رئيس قسم التخطيط في الجيش الإسرائيلي شلومو ينائي ومنسق النشاطات في الأراضي الفلسطينية يعقوب أور بإعداد خطة للفصل تتلخص في النقاط التالية:
تجميع المستوطنات النائية في ثلاث كتل استيطانية تحت شعار ضمها إلى إسرائيل وهذه الكتل:
1. كتلة (اريئيل) غرب نابلس.
2. كتلة اللطرون غرب رام الله.
3. كتلة (غوش عتسيون) جنوب شرق مدينة بيت لحم.
4. تعزيز الرقابة الأمنية على المعابر الحدودية وإقامة المعوقات لمنع المتسللين من الدخول إلى إسرائيل، ولكن بصورة تترك مجالاً حدودياً مفتوحاً لجميع النشاطات بين مناطق السلطة الفلسطينية وإسرائيل، مع اقتراح إقامة مشاريع على جانبي الحدود كالمناطق الصناعية مع فصل شبكة البنى التحتية، وبخاصة الكهرباء والمياه.
5. أن تتضمن الخطة فصلاً اقتصادياً، وبخاصة فيما يتعلق بتشغيل العمال والعلاقات التجارية، ويبدو واضحاً أنه على غرار خطة رابين للفصل، فإن ما يطرحه باراك يرتكز على الشق الأمني مع احتواء أفكار باراك لبعض الجوانب السياسية، وبخاصة عندما تحدث عن إخلاء بعض المستوطنات الكبيرة القريبة من بعضها البعض في كتل استيطانية، بحيث تضم هذه الكتل في نهاية الأمر إلى إسرائيل. ولكن بعد أربعة شهور من أكتوبر 2000م، أجريت الانتخابات الإسرائيلية، وأدت إلى فشل باراك ومن ثم ظلت خطته للفصل قيد الإدراج.

• الفصل في عهد شارون:

قبل الحديث عن الجدار الفاصل الذي أقرته حكومة شارون ضمن مخطط عزل الأراضي الفلسطينية عن إسرائيل، لابد من الإشارة إلى أن موضوع الفصل بدأ في الفترة الأخيرة يستقطب الكثير من المؤيدين في الأحزاب الإسرائيلية المختلفة، وبخاصة حزبي العمل والليكود بدءاً من حاييم رامون الذي يروج للفكرة منذ سنوات، ورئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست دان مريدور، وأخيراً ميخائيل ايتان الذي يتبنى الفكرة في أوساط الليكود.
وعلى الرغم من أن جميع الأسماء السابقة تؤيد فكرة الفصل، فإن التصورات تختلف من شخص إلى آخر فيما يتعلق بالموقف من المستوطنات والموقع الذي يجب أن يسير فيه الخط الفاصل.
1. خطة ميخائيل ايتان:
تقوم خطة ميخائيل إيتان على فكرة إقامة جدار مزدوج وذلك على النحو التالي:
- جدار أمني يشمل كل مناطق (أ) التابعة للسلطة الفلسطينية.
- جدار آخر قرب الخط الأخضر الذي يعرف كجدار مؤقت، أما الحدود الدائمة، فتحدد حسب رأيه بين خطوط 1967م  وبين الخط الأمني حول مناطق (أ).
2. خطة دان مريدور:
 حسب مريدور، فإنه من خلال استنتاجاته من مباحثات كامب ديفيد، طرح الموضوع في لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، حيث تحدث عن انسحاب إلى كتل استيطانية قبل إقامة الجدار الفاصل، مع تأكيده على أن خطة للفصل ستكون معقدة جداً وتثير الكثير من الأسئلة حول الحدود مع الأردن، وهل ستضم إسرائيل الكتل الاستيطانية من طرف واحد.
3. خطة رامون:
 تتفق الخطة في المبدأ مع خطتي باراك ومريدور، من حيث تجميع المستوطنات في كتل استيطانية بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من الضفة الغربية، ومن ثم إقامة جدار فاصل بين الأراضي التي انسحبت منها إسرائيل والكتل الاستيطانية وإسرائيل.
4. يوسي بيلين:
 في مقابل هذه الخطط نجد يوسي بيلين، الذي كان يعتبر من أقطاب حزب العمل يصف الجدار بأنه (جدار حزبي)، وأن المقصود من إقامة الجدار هو الحصول على دعم حزبي داخلي لدعاة إقامته، ورأي أن إقامة الجدار يعتبر تبذيراً إجرامياً للأموال، وأن الجدار الوحيد الذي يراه صحيحاً هو الذي يمر على طول حدود الرابع من حزيران عام 1967م.
5. خطة حكومة شارون:
عندما كان يشغل منصب وزير الزراعة عام 1977م، ركز شارون في خطته الاستيطانية على منطقة الضفة الغربية وتحديداً شرقي الخط الأخضر، فقد خطط شارون لأن تشكل المستوطنات في هذه المنطقة وسيلة لإذابة الخط الأخضر والحيلولة دون تشكيل (كتلة عربية صلبة) على جانبي الخط الأخضر، وفي عام 1977م أعد شارون خارطة تبقي أجزاء كبيرة من الضفة الغربية تحت السيادة الإسرائيلية، وهذه المناطق هي:
- شريط بعرض 20كم على طول وادي الأردن على الحدود مع المملكة الأردنية. - شريط بعرض 7-10 كم على امتداد الخط الأخضر.
- ثلاثة ممرات تخترق الضفة الغربية من الغرب إلى الشرق.
- السيطرة على كافة المناطق المحيطة بالقدس بما فيها بيت لحم، (قطاع بعرض 10كم شرق القدس.
- كل المستوطنات تضم إلى المناطق الأمنية.
أما بعد ذلك فتحدث شارون وهو في موقع رئيس الحكومة عن إجراءات مرحلية طويلة الأمد، والتي تتضمن في النهاية ضم أجزاء كبيرة من الأراضي الفلسطينية إلى إسرائيل، ففي 4/3/2002م حدد شارون هذه المناطق، بحيث تضم شريطاً بطول 5 كم شرق الخط الأخضر، باستثناء منطقة أريئيل التي ستزيد فيها المسافة إلى 20 كم، وتشمل هذه المناطق شريط غرب نهر الأردن ويتراوح عرضه من 15- 20كم حتى يصل إلى المرتفعات الشرقية للضفة الغربية، بما في ذلك المنطقة القريبة من معاليه أدوميم، كما إن شارون شرح هذه الخطة أثناء عملية الدرع الواقي العسكرية التي بدأت في مارس 2002م، حيث قال: "إن المنحدرات الجبلية وموارد المياه ستظل بأيدي إسرائيل، وأن مستوطنات أمنية على غرار مستوطنتي كدوميم والكانا ستقام في السنوات القادمة على امتداد المنحدرات الجبلية".
في إطار هذه المواقف والتصريحات لم تكن فكرة الفصل قد دخلت قاموس شارون السياسي، وحتى الأمني، إلا أنه بعد التصعيد الكبير للعمليات داخل إسرائيل، بدأ شارون يظهر موافقة مبدئية على فكرة الفصل، خاصة وأنها كانت تجد صدى كبيرا في الأوساط السياسية والشعبية الإسرائيلية.
وتتمحور الفكرة لدى شارون بإقامة مناطق عازلة تمتد على طول الخط الأخضر الفاصل بين إسرائيل والضفة الغربية، بحيث تصنف كمناطق عسكرية مغلقة يمنع دخولها، أو التحرك فيها على المواطنين الفلسطينيين إلا بعد حصولهم على تصاريح خاصة بذلك.
من هذا المنطلق أوعز شارون للمجلس الأمني المصغر إقرار خطة خاصة بعزل القدس ومحيطها عن سائر الضفة الغربية، سميت (خطة غلاف القدس)، والهدف منها، السيطرة على مدينة القدس والمناطق المحيطة بها لمنع دخول الفلسطينيين إلى المدينة للقيام بعمليات فدائية، وتقضي الخطة بإقامة حزامين أمنيين، الأول يمتد إلى خارج حدود بلدية القدس ليطوق المستوطنات المحيطة بها بدءاً من مستوطنة هار جيلو في الجنوب، مروراً بشمال بيت لحم بالقرب من مسجد بلال (قبة راحيل)، ثم يتجه الحزام صوب الشمال باتجاه مستوطنة معاليه أدوميم ثم شمال غرب باتجاه مستوطنة جفعات زئيف، وبذلك، فإن هذا الحزام يعني، أن يتم تسييج نحو 170 كم2 حول مدينة القدس خارج الحدود البلدية للمدينة، وهو ما يؤدي إلى إضافة نحو 100 ألف مواطن فلسطيني، بالإضافة إلى 200 ألف موجودين أصلاً داخل مدينة القدس، داخل هذا الحزام الأمني، ومن ثم فصلهم عن محيطهم العربي في الضفة الغربية.
وسوف يشتمل هذا الحزام على الكثير من القنوات والخنادق والعوائق والمواقع العسكرية ومناطق المراقبة. أما الحزام الثاني والذي يبدو أن شارون قد تراجع عنه فيقع داخل مدينة القدس، بحيث يفصل بين الأحياء العربية واليهودية ولكن دون أن يتم وضع أي جدران داخل المدينة، والاكتفاء فقط بوجود مكثف لقوات الأمن لمراقبة الحركة بين شطري المدينة.
أما فيما يتعلق بمخطط الفصل المتعلق بباقي الضفة الغربية، فسيكون على هيئة جدار فاصل، أطلق عليه اسم (عائق التماس)، فقد قرر المجلس الوزاري المصغر إقامة هذا الجدار بكلفة تقدر بنصف مليار دولار، على أن يتم تنفيذه خلال عام من تاريخ المصادقة عليه ويتكون المخطط من:
- غلاف القدس، وهو ما يتعلق بالمنطقة المحيطة بمدينة القدس، وقد سبقت الإشارة إليه.
- السياج على طول الخط الأخضر، الذي يمتد من بيسان في الشمال حتى البحر الميت في الجنوب بطول 350كم، في أغلب القطاعات، سوف يسير السياج إلى الشرق من الخط الأخضر تاركاً بينهما منطقة عازلة يتراوح عرضها بين كيلومتر وعدة كيلومترات، بحيث تزداد المسافة في المناطق التي تتواجد فيها مستوطنات محاذية للخط الأخضر على أن تعتبر هذه المناطق مناطق عسكرية مغلقة، وبحيث يتم الدخول والخروج منها ضمن ترتيبات أمنية يضعها الجيش الإسرائيلي، وعلى طول الجدار الأمني سيتم وضع نوعين من العوائق:
1. عوائق ضد الأشخاص.
2.  عوائق ضد السيارات.
- تشكيل عشرة سرايا من حرس الحدود تتولى الحراسة ومراقبة أية محاولات للتسلل عبر الخط الأخضر، بحيث يتركز نصف هذا العدد في منطقة القدس والنصف الآخر ينتشر على طول الخط الأخضر.
- ما يلفت النظر أن خرائط المخطط التي ناقشتها الحكومة يوم 23/6/2002م،  وصادقت عليها، تتضمن منطقة غور الأردن بعرض 20كم، بحيث تظل هذه المنطقة تحت سيطرة إسرائيلية مشددة ووضع ترتيبات أمنية خاصة بها.
 
راجع المقال التالي : أبحاث ودراسات عن قلقيلية

• المرحلة الأولى من المخطط:
وفق المخطط الذي صادق عليه رئيس الحكومة الإسرائيلية أريئيل شارون، فإن ما يسمى (عائق التماس) سيقام على عدة مراحل، وقد تمت المصادقة على البدء في تنفيذ المرحلة الأولى من المخطط، والتي بدأ التنفيذ فيها بشكل فعلي في منتصف حزيران 2002م، في هذه المرحلة ستتم إقامة جدار متواصل بطول 110كم يبدأ من قرية سالم في شمال الضفة الغربية حتى كفر قاسم في الجنوب مقابل قرية الزاوية على الجانب الشرقي من الخط الأخضر.
وبنظرة فاحصة إلى السياج الفاصل في هذه المرحلة، يلاحظ أنه وبعد انطلاقه بالقرب من قرية سالم في الشمال، يسير باتجاه الجنوب موازياً تقريباً للخط الأخضر حتى إلى الشمال قليلاً من قرية رمانة، ثم يتجه شرقا إلى داخل أراضي الضفة الغربية بعمق يصل إلى 4 كم ثم يسير باتجاه الجنوب حتى يصل إلى الجنوب بالقرب من قرية باقة الشرقية مشكلاً منطقة فاصلة، تضم 12 تجمعاً سكانياً فلسطينياً وهي: رمانة، خربة الطيبة، السعايدة، عانين، العيدية، أم الريحان، برطعة، طورة، قفين، نزلة عيسى، ظهر العبد وعقابه، يقطن في هذه المجموعة من القرى الصغيرة نحو 12 ألف مواطن فلسطيني، يعيشون في أوضاع أمنية وإنسانية غاية في الصعوبة داخل هذه المنطقة (العازلة).
بعد تجاوزه باقة الشرقية يعود جدار الفصل ليسير ملاصقاً للخط الأخضر، ثم ما يلبث أن يتجه صوب الغرب في الأراضي الإسرائيلية، ثم إلى الجنوب مشكلاً قطاعاً من الأراضي الإسرائيلية محصوراً بينه وبين الخط الأخضر بمساحة تقدر بـ 10 كم2 مقابل قرية دير الغصون، بحيث تظل قريتين عربيتين لفلسطينيي 48 (ابثان، المرجة) داخل هذا القطاع.
 بعد خروج السياج الفاصل من هذا الجيب يسير موازياً للخط الأخضر إلى الغرب من مدينة طولكرم حتى يصل قبالة قرية الطيبة (داخل الخط الأخضر)، فيتجه مرة أخرى نحو الشرق مشكلاً قطاعاً عازلاً جديداً محتوياً مستوطنات سلعيت وتسوفيم وتسوريغال، إضافة إلى القرية الفلسطينية فلامة، ثم يعود السياج الفاصل مرة أخرى ليسير موازياً للخط الأخضر ومتجاوزاً مدينة قلقيلية من جهة الغرب، حتى يصل إلى الشمال قليلاً من مستوطنة أورانيت، ثم يتجه من هذه النقطة إلى الشرق بعمق 6 كم في عمق أراضي الضفة الغربية ليشكل قطاعاً عازلاً جديداً، يضم مستوطنات أورانيت، شعار حتكفا، عتسى أفرايم والكانا، إضافة إلى ضمه قريتين عربيتين هما بيت آمين وعزون العتمة.
وحسب المصادر الإسرائيلية، فإن المواطنين من خارج هذه المناطق العازلة لن يستطيعوا الدخول إليها إلا بإذن مسبق من الإدارة العسكرية الإسرائيلية، أما سكان المناطق العازلة، فيمكن لهم دخول هذه المناطق والخروج منها من خلال مداخل محددة سيحددها الجيش الإسرائيلي.
 من خلال استعراض التصورات والخطط الإسرائيلية لما يسمى بالفصل، والتي اتسمت نوعاً ما بالانسجام في المبدأ، وهو( التصدي لظاهرة العمليات الفدائية داخل إسرائيل)، إلا أنه عند الخوض في التفاصيل، نجد اختلافات في الرؤى بين هذه الخطط، وهو ما يستدعي الإجابة على سؤال رئيسي هو: إلى أي مدى استطاعت هذه الخطط أن تقدم تصوراً إسرائيلياً حقيقياً للفصل، يشتمل على الأبعاد الأمنية والسياسية؟ ومدى إمكانية تطبيق الفصل بالمعنى الشامل للمصطلح؟.للإجابة على هذا التساؤل، فإننا يمكن تصنيف خطط الفصل التي طرحت من قبل الساسة الإسرائيليين إلى نوعين رئيسيين:
- النوع الأول: خطط ترتكز على البعد الأمني دون احتوائها على رؤيا سياسية مستقبلية لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
- النوع الثاني: يحتل البعد الأمني جزءاً واضحاً في هذه الخطط، مع وضع تصورات لبعض جوانب الحل السياسي للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.
يتجلى النوع الثاني في خطتي باراك ورامون وهما من أقطاب حزب العمل الإسرائيلي، فخطة باراك تقوم على أساس بناء جدران فاصلة بين إسرائيل وأراضي السلطة الفلسطينية، مع وجود وسائل تحكم الكترونية ومعابر للسيارات ومعابر للمشاة، وهذا يطبق في المرحلة الأولى من الخطة التي سميت مرحلة الاستقرار، بحيث يتم في هذه المرحلة تطبيق الاعتبارات الأمنية من خلال حدود فاصلة قابلة للحماية، وإنشاء قطاعات أمنية في الغرب والشرق ومحاور طرق تصل فيما بينهما، وحسب الخطة، فإن هذه الإجراءات لن تستخدم لمعاقبة الفلسطينيين وإنما لتحديد المرحلة الثانية.
أما بالنسبة للمستوطنات، ففي المرحلة الأولى يتم إنشاء وضع يساعد على تجميع المستوطنات في كتل استيطانية كبيرة وقريبة من الخط الأخضر ومحيط القدس، من خلال توجيه المستوطنات في هذه الكتل لاستيعاب طلاب المستوطنات النائية وتقديم الخدمات البلدية لها، بحيث يعتاد سكان المستوطنات النائية على فكرة الانتقال التي يتوجب أن تتم في المرحلة الثانية، والتي تبدأ في حال صدور قرار حكومي بذلك، أو إعلان أحادي الجانب عن الدولة الفلسطينية، أو إذا حدث تصعيد خطير في الوضع الإقليمي، حيث من الممكن البدء في تنفيذ المرحلة الثانية على الفور عند حدوث أي من الأمور السابقة.
ومع بداية المرحلة الثانية، توضع خارطة أولية تتفق مع التصورات الإسرائيلية للحل النهائي، بحيث تبقي للجانب الفلسطيني من 70% إلى 80% من مساحة الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي هذه المرحلة تبدأ عملية إخلاء المستوطنات المعزولة، أو المعزولة باتجاه الكتل الاستيطانية، مع عدم استبعاد استئناف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني وإمكانية فرض هذه الحدود بصورة نهائية من جانب واحد.
 لكن هذه الخطة لم تجد طريقها إلى التطبيق، بسبب موقف الجيش الذي قدم توصيته بأن، هذه الخطة لن تساعد على مزيد من الأمن، كما أن باراك لم يحصل على تأييد من أقطاب في حزب العمل في حينه وبخاصة بيرس وشلومو بن عامي ويوسي بيلين، إضافة إلى المعارضة اليمينية التي كانت تعارض مجرد طرح فكرة الفصل وتعتبرها استجابة لضغط الانتفاضة الفلسطينية ومكافأة لها، وقبل كل ذلك سقوط باراك في الانتخابات أمام شارون في مطلع العام 2000م.
 أما النوع الثاني من مخططات الفصل، الذي يتمثل بالدرجة الأولى في الخطة التي اتخذت حكومة الوحدة بزعامة شارون قراراً بتنفيذ المرحلة الأولى منها، فقد جاء ليعكس تداعيات الانتفاضة الفلسطينية الثانية على مجمل الوضع الإسرائيلي، فعلى الرغم من معارضة شارون لمبدأ الفصل بين الضفة الغربية وإسرائيل، وميله لتطبيق صيغة تتقرب من الحل الوظيفي في الضفة الغربية، أو على أقل تقدير صياغة حل طويل الأمد ينتهي بأن يصبح الجزء الأكبر من الضفة الغربية، وبخاصة الأجزاء الإستراتيجية منها، جزءاً لا يتجزأ من دولة إسرائيل، على الرغم من هذه القناعات المترسخة لدى شارون، فقد وجد نفسه وبضغط من الشارع الإسرائيلي مضطراً للتعاطي مع ما يسمى فكرة الفصل، ومن هنا جاءت الخطة التي بلورتها حكومته لتستجيب لمطالب الشارع الإسرائيلي، بحيث يتم إقامة سياج فاصل ومناطق عازلة تحقق الهدف (الأمني) دون أن تؤثر بأي شكل من الأشكال على تصورات شارون لطبيعة الحال النهائي للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.

وصف عام لجدار الفصل العنصري

يتراوح عرضه من 60 – 150 متراً في بعض المواقع والمقاطع التي سيمر منها وبارتفاع يصل إلى 8 أمتار.
ويضاف إليه ما يلي:
1. أسلاك شائكة لولبية وهي أول عائق في الجدار.
2. خندق يصل عمقه أربعة أمتار وعرضه أيضاً نفس الحجم (وهو يهدف لمنع مرور المركبات والمشاة) يأتي مباشرة عقب الأسلاك الشائكة.
3. شارع مسفلت بعرض 12 متراً، وهو شارع عسكري لدوريات المراقبة والاستطلاع.
4. يليه شارع مغطى بالتراب والرمل الناعم بعرض 4م، لكشف آثار المتسللين، ويمشط هذا المقطع مرتين يومياً صباحاً ومساءً.
5. جدار إسمنتي بارتفاع متر ويعلوه سياج معدني إلكتروني بارتفاع أكثر من ثلاثة أمتار، رُكبت عليه معدات إنذار إلكترونية وكاميرات وأضواء كاشفة وغيرها من عناصر البنية التحتية الأمنية.
حيث على طول الجدار سيتم تركيب آلات تصوير خاصة تستطيع تمشيط الجدار من الجهة الفلسطينية ثلاث مرات في الثانية، وبمساحة خمسين متراً من الشمال إلى اليمين، وتفصل بين الواحدة والأخرى مسافة عشرات الأمتار، الأمر الذي يوفر تغطية كاملة للمنطقة، وهي تعمل بالليزر وتستطيع اكتشاف فراشة في المنطقة المعينة، وزيادة على ذلك تم بناء أبراج أو أعمدة المراقبة التي تبعد عن بعضها مسافة كيلو متر واحد، وقد تم ربط الكاميرات معاً من خلال غرفة عمليات تابعة للجيش الإسرائيلي، ويشرف عليها من خلال شاشة تلفزيونية، حيث تغطي هذه الطريقة مساحة ستة كيلو متر تكون المسؤولية الأمنية تابعة لكتيبة عسكرية واحدة.
6. بعد ذلك يأتي الجدار الذي يحتوي على أبراج مراقبة. 
يلي الجدار من الجهة الأخرى طريق معبد مزدوج لتسيير دوريات المراقبة، وطريق ترابي وأسلاك شائكة لولبية، وخندق وهي مشابهة لما أقيم في الجهة المقابلة الأخرى سالفة الذكر من الجدار.

الجيوب التي يضمها الجدار

• الجيوب الفلسطينية غربي جدار الفصل العنصري:

يؤدي بناء الجدار الفاصل إلى خلق خمسة جيوب من التجمعات السكنية الفلسطينية، تقع بين الجدار الرئيس والخط الأخضر، وهذه الجيوب التي سنذكرها هنا تمتد من الشمال إلى الجنوب، وستفصل عن باقي الضفة الغربية، وعن بعضها البعض. هناك 13 تجمعاً سكنياً يقطنه نحو 11,700 فلسطيني تدخل ضمن هذا التصنيف.
 الجيب الأول، يقع غربي جنين، ويشمل برطعة الشرقية 3200 نسمة، وأم ريحان 400 نسمة، وخربة عبد الله يونس 100نسمة، وخربة الشيخ سعد 200 نسمة\، وخربة ظهر الملح 200 نسمة، وبذلك يصل المجموع الكلي لعدد سكان الجيب إلى4.100  نسمة.
الجيب الثاني، يقع شرقي قرية باقة الغربية داخل الخط الأخضر، ويشمل نزلة عيسى (2300 نسمة)، وباقة الشرقية (3.700 نسمة)، ونزلة أبو نار 200 نسمة، وبذلك يصل عدد السكان الكلي إلى 6.200 نسمة.
الجيب الثالث، يقع جنوب طولكرم، ويحتوي على (300) نسمة.
أما الجيب الرابع، فيقع بالقرب من مستوطنة (الفيه منشيه) جنوب قلقيلية ويشمل رأس الطيرة (300 نمسة)، وخربة الضبع (200 نسمة)، وعرب الرماضين الجنوبي (200 نسمة)، وبذلك يصل المجموع الكلي إلى (700) نسمة.
الجيب الخامس، يشمل الحي الشرقي من بيت لحم (400 نسمة) قرب قبة راحيل.

• الجيوب الفلسطينية شرقي جدار الفصل العنصري:

إن المسار المتعرج للجدار الفاصل، وإغلاق المناطق القريبة من جدار العمق سيتسبب في خلق خمسة جيوب تقع شرق الجدار الرئيس. وكما حصل بالنسبة للجيوب الواقعة للغرب من الجدار، فسيفصل هذا الجدار تلك الجيوب عن سائر الضفة الغربية وعن بعضها البعض، ونتيجة لذلك، يظهر هناك ثلاثة عشر تجمعاً سكنياً، تقع ضمن هذا التصنيف يقطنها نحو (128,500) نسمة. هناك جيبان يقعان بين الجدار الرئيس وبين خنادق جدار العمق:
الأول: في منطقة جنين، ويشمل، رمانة (3000) نسمة، والطيبة (2.100 )نسمة، وعانين (3.300) نسمة، والمجموع الكلي (8.400) نسمة.
والثاني: وهو الجيب الأكثر بروزاً، من حيث الحجم، ويشمل شويكة وطولكرم (41.000) نسمة، ومخيم طولكرم (12.100) نسمة، وكتابة (1.800) نسمة، وذنابة (7.600) نسمة، ومخيم نور شمس (7000) نسمة، وخربة التايه (300) نسمة، وكفا (300) نسمة، وعزبة الشفا (900) نسمة، وفرعون (2.900) نسمة، المجموع الكلي 73.900 نسمة.
أما الجيب الثالث: فسيطبق إطباقاً كاملاً على قلقيلية (38.200) نسمة، بينما سيلتف الجدار الرئيس حول الجيب الرابع، جنوب قلقيلية، من ثلاث جوانب، ويشمل هذا الجيب حبلة (5.300) نسمة، ورأس عطية (1.400) نسمة، وعزبة جلود (100) نسمة، المجموع الكلي (6.800) نسمة.
الجيب الخامس، يقع على بعد كيلومترات قليلة من الجنوب ويشمل عزون العتمة (1.500) نسمة.

• تجمعات سكنية ستفصل عن أراضيها الزراعية:

هناك العشرات من سكان التجمعات السكنية التي تقع شرق الجدار الرئيس، أو جدار العمق سيفصلون عن مساحة لا بأس بها من الأراضي الزراعية التي ستبقى غرب الجدار الفاصل، علماً بأن هذا الفصل سيضر بالسكان الذين كانوا قد فقدوا أراضي استولى عليها لصالح إقامة الجدار. وبالتالي، فإن عدد السكان الذي سيتأثرون مباشرة جراء فصلهم عن أراضيهم يتوقف على عدد الفلسطينيين الذين يمتلكون أراضي على الجانب الآخر من الجدار، ويقع ضمن التصنيف 36 تجمعاً سكنياً يقطنها72.200  نسمة، هذه التجمعات في منطقة جنين، تشمل زبدة (800) نسمة، وعرقة (2000) نسمة والخولجان (400) نسمة، ونزلة الشيخ سعيد (700) نسمة، وطورا الغربية (1000) نسمة، وطورا الشرقية (200) نسمة، وخربة مسعود (50) نسمة، وخربة المنطار (50) نسمة، وأم الدار (500) نسمة، وظهر العبد (300) نسمة، المجموع الكلي (6000) نسمة.
تجمعات منطقة طولكرم وتشمل، عقبة(200) نسمة، وكفين (8000) نسمة، النزلة الوسطى400  نسمة، النزلة الشرقية 1500 نسمة، النزلة الغربية (800) نسمة، وزيتا (2.800) نسمة، عتيل (9.400) نسمة، ودير الغصون 8.500 نسمة، والجاروشية 800 نسمة، والمسكوني 200) نسمة، والشفا 1.100  نسمة، والراس 500 نسمة، وكفر صور 1.100نسمة، وكفر جمال (2.300) نسمة، المجموع الكلي (37.600) نسمة. تجمعات منطقة قلقيلية وتشمل، فلميه (600) نسمة، وجيوس2.800 نسمة، والنبي إلياس1000 نسمة، وعسلة 600 نسمة، والمداور200 نسمة، وعزبة الأشقر (400) نسمة، وبيت أمين 1000 نسمة، وسنيريا 2.600 نسمة، وعزبة سلمان 600 نسمة، ومسحا1.800 نسمة، المجموع الكلي 11,600 نسمة.
بالنسبة لمنطقة القدس، تمكنا في هذه المرحلة من التعرف على تجمعين سكنيين يقعان ضمن هذا التصنيف، وهما: رفات 1800 نسمة، وكفر عقب 15.000  نسمة، المجموع الكلي 16.800  نسمة.

• المستوطنات الإسرائيلية:

هناك عشر مستوطنات يقطنها (19.800) نسمة ستقع على الجانب الغربي من الجدار الفاصل، وفيما يلي هذه المستوطنات من الشمال إلى الجنوب:
شكيد (500) نسمة، وحنانيت (600) نسمة، ريحان (100) نسمة، وسلعيت (400) نسمة، وزوفين (900) نسمة، وألفيه منشيه 5000 نسمة، وأورانيت (5.200) نسمة، وشعار هتكفا (3.500) نسمة، وإزإفرايم (600) نسمة، وإلقانا (3000) نسمة.
هناك في شرقي القدس 13 مستوطنة يقطنها (173) ألف نسمة ستضم إلى غلاف القدس، وهي: نفي يعقوب (20.300) نسمة، وبزغات زئيف (36.500) نسمة، والتلة الفرنسية (8.200) نسمة، ورمات أشكول (5.800) نسمة، ومعالوت دفنا(3.600) نسمة، وسنهديرا مرورخيفت (5000) نسمة، وراموت ألون (38.000) نسمة، وشوفاط ريدج (11.300) نسمة، والحي اليهودي في البلدة القديمة2.300نسمة، وتالبيوت الشرقية (12.800) نسمة، وغفعات همتوس (800) نسمة، (هارحوما أرقام غير متوفرة)، وغيلو (27.600) نسمة.

 أثر جدار الفصل على المواطنين الفلسطينيين

• أثر الجدار على مصادرة الأراضي:

رافق جريمة بناء الجدار، تدمير مساحات واسعة من الأراضي الزراعية الفلسطينية، ومصادرة 164.780 دونماً من الأراضي الفلسطينية، امتدت من قرية زبوبا في شمال الضفة الغربية إلى قرية مسحة جنوب مدينة قلقيلية، وقدرت مساحة الأراضي التي سيتم مصادرتها لصالح الجدار 1.61 مليون دونم عند اكتمال الجدار الشرقي.
وقد أشارت نتائج المسح الذي أجراه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، إلى أن نسبة الأسر التي تم مصادرة أراضيها كليا بلغت 9.1% من الأسر التي تقيم غرب الجدار، و24.9%، من الأسر التي تقيم شرق الجدار، فيما بلغت نسبة الأسر التي تقيم غرب الجدار، التي تمت مصادرة جزء من أراضيها 19.9%، و20.3% من الأسر التي تقيم شرق الجدار. ويلاحظ من خلال النتائج أن معظم الأراضي التي تمت مصادرتها في التجمعات التي تأثرت بالجدار، كانت تستخدم لأغراض الزراعة، وبلغت نسبتها 86.0%.

• أثر الجدار على حرية التنقل:

تحظر المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة تدابير العقاب الجماعي التي تتخذها دولة الاحتلال، كما تكفل المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الحق في حرية التنقل، وتجدر الإشارة إلى أن لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة (وهي هيئة الخبراء التي تراقب تنفيذ الواجبات المترتبة على الدول بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية)- أوضحت أن (القيود المسموح بها والتي يمكن فرضها على الحق الذي تحميه المادة 12 لا يجوز أن تلغي مبدأ حرية التنقل).
تشير التقديرات أن حوالي مليون فلسطيني في الأراضي المحتلة، سينتهك الجدار حقوقهم الأساسية، حيث أن الآلاف منهم سيضطرون إلى استصدار تصاريح خاصة من الجيش الإسرائيلي، للسماح لهم بمواصلة العيش والتنقل بين منازلهم من جهة، وأراضيهم من جهة ثانية، وأن أبسط حقوقهم في  الحياة اليومية ستتعرض للمصادرة، مثل التوجه إلى العمل، والمدرسة، والحصول على الرعاية الطبية اللازمة، أو زيارة عائلاتهم وأصدقائهم. ونتيجة لهذا فقد اضطر قرابة 2.8% من الأفراد المقيمين غرب الجدار، إلى تغيير مكان أقامتهم، وترك منازلهم وأراضيهم الزراعية.

• أثر الجدار على التعليم:

خلف الجدار أثاراً سلبية عميقة على العملية التعليمية؛ فقد حرم الكثير من الطلبة والمدرسين الوصول إلى مدارسهم، مما أربك العملية التعليمية في العديد من المدارس، منها: مدارس برطعة الشرقية، أم الريحان، مدرسة الفاروق/ جنين، و مدارس نزلة عيسى، باقة الشرقية/ طولكرم، ومدرسة رأس طيرة في قلقيلية.
وقد بينت نتائج مسح أجراه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أن 3.4% من الأفراد الفلسطينيين في التجمعات التي تأثرت بالجدار، تركوا التعليم بسبب انعدام الأمن، وجدار الضم والتوسع، (5.3% يقيمون غرب الجدار و3.1% يقيمون شرق الجدار)، فيما يلاحظ أن 26.0% من الأفراد الفلسطينيين الذين تركوا التعليم في التجمعات التي تأثرت بالجدار، قد تركوا التعليم؛ بسبب الوضع الاقتصادي المتردي لأسرهم، (31.7% غرب الجدار، 25.2% شرق الجدار).
 وقد أفادت نتائج المسح أيضا أن 81.5% من الأسر الفلسطينية في التجمعات التي تأثرت بالجدار، والتي لديها أفراد ملتحقون بالتعليم العالي، سلكوا طرقاً بديلة للوصول إلى الجامعة/ الكلية؛ في محاولة للتغلب على الصعوبات التي تواجههم، (81.1% غرب الجدار و81.6% شرق الجدار)، وأن 81.6% من الأسر اضطر أفرادها للتغيب  عن الجامعة لعدة أيام؛ بسبب إغلاق المنطقة (77.9% غرب الجدار و81.6% شرق الجدار).

• أثر الجدار على الوضع الصحي:

لقد أثر الجدار بشكل كبير على الحياة الصحية  للسكان الفلسطينيين الذين يعيشون غرب الجدار؛ إذ أصبح من المستحيل أحيانا الوصول إلى المراكز الصحية والمستشفيات الواقعة شرق الجدار، فالقرى الفلسطينية الواقعة غرب الجدار،لا تتمتع بأي خدمات طبية.
وقد أظهر مسح أجراه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني،  أن 43% من الأسر المبحوثة، تفيد أن هناك عرقلة لحركة لسيارات الإسعاف، تمارسها الحواجز المقامة على الجدار الفاصل. وأن 69% من الأسر المبحوثة لا تستطيع دفع نفقات العلاج، بسبب الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها.

• أثر الجدار على المياه الفلسطينية:

إن المنطقة المعزولة خلف الجدار الغربي، تقع فوق الحوضين الجوفيين الغربي والشمال شرقي، الذين تقدرطاقتهما التصريفية بـ 507 مليون متر مكعب سنوياً، أما المنطقة المعزولة الشرقية، فتقع بكاملها فوق الحوض الشرقي، ذو الطاقة التصريفية التي تقدر بنحو 172 مليون متر مكعب سنوياً. ويقدر عدد الآبار الجوفية في هاتين المنطقتين بـ 165 بئر، بطاقة ضخ تقدر بـ 33 مليون متر مكعب بالسنة، أما بالنسبة لعدد الينابيع فيقدر بـ 53 ينبوعاً بطاقة تصريفية 22 مليون متر مكعب سنوياً.
إن مياه الآبار والينابيع، الواقعة في المنطقة المعزولة والمصادرة، تستخدم لأغراض الاستهلاك البشري والزراعي والصناعي والسياحي. وهي لا تخدم التجمعات السكانية داخل المنطقة المعزولة وحسب، بل تنقل لاستخدام أبناء المناطق والتجمعات الموجودة خلف الجدار؛ وهذا يعني نهب وسرقة إسرائيل لنسبة هائلة من الموارد المائية، وحرمان المواطنين الفلسطينيين منها. وتشكل سرقة المياه تهديداً لحياة الفلسطينيين وحقوقهم؛ مما يجرّ عليهم  جرائم التهجير والترانسفير، التي تنادي بها بعض أحزاب اليمين الإسرائيلي.

• أثر الجدار على الحياة الاجتماعية الفلسطينية:

أصبحت حالة التفكك والعزلة الاجتماعية، سمة مفروضة على أبناء المناطق الواقعة غرب الجدار الفاصل؛ نتيجة الإجراءات العنصرية الاحلالية الاحتلالية المعقدة التي تفرضها السلطات الإسرائيلية، عبر حواجز العذاب ؛ فتبقى أماني زيارة قريب أو مريض أوحضور جنازة، رهن أمزجة جنود الحواجز، وقد لا تتحقق أبداً.
 وتشير النتائج أن 90.7% من الأسر التي تقيم غرب الجدار، حرمت من زيارة الأهل والأقارب، مقابل 70.6% من الأسر التي تقيم شرق الجدار. وحرم الجدار 89.5%  من الأسر المقيمة غرب الجدار من زيارة الأماكن المقدسة، مقابل  81.8% من الأسر التي تقيم شرق الجدار. كما أن 30.6% من الأسر، أو أحد أفرادها في التجمعات التي تأثرت بالجدار انفصلت عن الأقارب، كما بينت النتائج أن 2.6% من الأسر الفلسطينية التي تأثرت بفعل الجدار، قد انفصل عنها الأب.
ولعل تأثيرات الجدار ومضاعفاته المأساوية على حياة الفلسطينيين، تمتد إلى أبعاد أخرى لم تطلها بعد أرقام الدراسات، مثل: الآثار الاقتصادية، والسيكولوجية؛ الأمر الذي يضع جريمة الجدار الإسرائيلية، في عداد كبرى النكبات التي تعرض لها الشعب الفلسطيني.

• أثر الجدار على قطاع السياحة والآثار:

ألحق جدار الفصل العنصري، أضراراً بالغة بقطاع السياحة والآثار، منها ما لحق بالمواقع الأثرية، ومنها ما لحق بالحركة السياحية؛ فتشير التقارير أن الجدار سيبتلع الكثير من المواقع الأثرية، التاريخية الفلسطينية، خاصة في مدن: بيت لحم، القدس، الخليل.
 كما وقعت عشرات المواقع الأثرية ضحية الضم؛ نتيجة التفاف الجدار حول مدينة القدس، بشكل سمح لفرق التنقيب التابعة لسلطات الاحتلال، بإجراء تقنيات عاجلة، لا تتفق مع التقاليد العلمية للعمل الأثري؛ فقد تعرض موقع (صوانة صلاح)؛ الواقع إلى الشرق من بلدة أبو ديس، ومحيط مسجد بلال بن رباح، والمقبرة الإسلامية،إلى هذه الإجراءات. كما فصل الجدار والإجراءات الإسرائيلية مدينتي بيت لحم والقدس، عن باقي محافظات الوطن، وهما المدينتين اللتين تشكلان أحد أبرز المقاصد السياحية الرئيسة في فلسطين.ومن المواقع الأثرية التي وقعت في نطاق الجدار، (موقع الذهب) الواقع شمال مدينة جنين، الذي يحوي آثاراً تعود للفترة الرومانية والبيزنطية.
كذلك تسبب الجدار في تعثر الحركة السياحية بين المدن الواقعة في الشمال، والواقعة في الجنوب، خاصة مدن الناصرة ورام الله ونابلس وجنين، إضافة إلى عزل منطقة أريحا والبحر الميت، وإلحاق الدمار بعشرات المواقع الأثرية، وأهمها عيون الماء القديمة، والخرب الأثرية في منطقة حوسان، غرب مدينة بيت لحم ومنها: خربة حمود وخربة قديس، وخربة الكنيسة، وخربة دير نعل.
كما أن الإغلاق الإسرائيلي لمدن القدس، وبيت لحم، حدَّ من الحركة السياحية في مدينة بيت لحم؛ ففقدت الآلاف من الأسر الفلسطينية دخلها الاقتصادي، خاصة وأن 65% من العائلات في مدينة بيت لحم، تعتمد في  عيشها على دخلها من السياحة.
ومن شأن مرور جدار الفصل العنصري ببلدة العيزرية في القدس الشرقية أن يدمر مقبرة الشهداء، وهي مقبرة تاريخية، تضم رفات مقاتلين مسلمين، منذ عهد صلاح الدين الأيوبي.
وأفاد بيان لوزارة السياحة والآثار، صدر في أكتوبر/2003م، أن أعمال التنقيب كشفت عن دلائل أثرية تتكون من بقايا غرف وجدران، وأرضيات فسيفسائية، تشكل رسومات هندسية، ونباتية، وحيوانية؛ حمل بعضها رسما للصليب، كما تم الكشف عن معصرة للزيت وأخرى للعنب، وقنوات منحوتة في الصخر، وآبار لجمع المياه، ومقاطع صخرية، كما تم العثور على مقبرة قريبة تضم أحد عشر لحداً، عثر فيها على عظام بشرية، وعطايا جنائزية. وتدل الآثار المكتشفة عموماً، على بقايا دير بيزنطي، يقع على المشارف الشرقية لجبال القدس.
وجاء في البيان، أن أعمال التدمير مخالفة لقانون الآثار، الذي يشترط فحص الأرض قبل المباشرة في أية أعمال تجريف، وقبل الشروع في البناء، وإسرائيل (كدولة احتلال) لم تلتزم بهذا الشرط،  وتعدّ هذه الإجراءات( في القانون الدولي)، من واجبات السلطة المحتلة ( سلطة الاحتلال). ولم تلتزم دولة الاحتلال بقانون الآثار رقم 51 لسنة 1966، المعمول به في الأراضي الفلسطينية، وخالفت اتفاقية لاهاي لسنة 1954، الخاصة بحماية التراث الثقافي أثناء النزاع المسلح، وتلزم الاتفاقية إسرائيل كقوة محتلة بحماية التراث الثقافي، وتدين أية عمليات تدمير متعمدة للتراث الثقافي، باعتبارها جريمة حرب، وتعتبر أعمال التدمير الجارية مخالفة للاتفاقية الدولية لحماية التراث الثقافي والطبيعي لسنة 1972م.

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق

محتويات المقال