القائمة الرئيسية

الصفحات

زامور رمضان في قلقيلية


زامور رمضان في قلقيلية

الأول في قلقيلية.. والوحيد في فلسطين

***

كان الآذان قديما يُرفع بدون مكبرات صوت، وبقي كذلك حتى عام 1962م، عندما تم إقامة محطة لتوليد الكهرباء في قلقيلية. وكان المؤذن يرفع الآذان من على ظهر المسجد، والذي كان بالكاد يسمعه الجيران.

وفي سنوات الثلاثينات من القرن الماضي، كان المرحوم الشيخ محمد الشيخ حسين صبري - والد المرحوم عبد الكريم صبري- يقوم بإطلاق طلقة واحدة من خرطوشه من فوق ظهر المسجد القديم مع بدء آذان المغرب، معلنا غياب الشمس وانتهاء يوم الصيام، إذ لم تتوفر في قلقيلية في ذلك الوقت أيّة وسيلة آخري لإعلام الناس عن وقت حلول موعد الإفطار. وكأنت البلدة صغيرة بحيث كان يسمع الجميع صوت الطلق الناري، وكان الشيخ محمد صبري يكرر ذلك وقت السُّحور للإمساك عن الطعام. وكذلك عند ثبوت رؤية هلال شهر رمضان وهلال شهر شوال.



زامور رمضان في قلقيلية

وبعد بناء مئذنة المسجد القديم عام 1360هـ الموافق 1941م تم إحضار(زامور) من مصر لهذه الغاية، ووضع الزامور على مئذنة المسجد. 

وكان للزامور يد بطول نصف متر مثبت طرفها في وسط الزامور، وتنتهي بمقبض يمسك به الشخص الذي يدير الزامور، ويبدأ بتحريكه بشكل دائري من اليمين إلى الشمال، ومن أسفل إلى أعلى .. وهكذا، كما تدور عقارب الساعة، فيخرُج صوت مدوّ يصل إلى أسماع الناس في كل أرجاء البلدة، والقرى المجاورة.

وعند قرب حلول آذان المغرب في شهر رمضان، يصعد اثنان أو ثلاثة من الفتيان إلى أعلى المئذنة، حيث يوجد الزامور، ويتناوبون على إدارة يد الزامور. وما أن يبدأ المؤذن برفع آذان المغرب، حتى يبدأ أحد الفتيان بتدوير يد الزامور، وبكل قوة ثم يتركها لتدور وحدها، فيصدر الزامور صوتا مدوياً. وقبل أن تقف اليد عن الدوران، يأتي دور الفتى الآخر، الذي يقوم بتدويرها بقوة ثم يتركها لتدور وحدها، ثم يعاود الأول الكرّة مرة آخري.. وهكذا. وتتكرر هذه العملية عند رفع آذان الفجر الأول، وهو وقت حلول الإمساك. وفي العادة يكون عدد مرات الزمر ثلاثة وقت الإفطار، وزمرة وأحدة طويلة وقت الإمساك.

ومن فوق أسطح منازلهم أو من الأماكن العالية في حاراتهم، كان الأطفال يراقبون الفتيان وهم يديرون يد الزامور. وعندما ينطلق صوت الزامور يهرع الأطفال إلى بيوتهم فرحين ليشاركوا أهلهم طعام الإفطار.

وبعد عمل مشروع توليد الكهرباء في قلقيلية تم تركيب ماتور للزامور ليدار بقوة الكهرباء، ونقل إلى مسجد السوق (علي بن أبي طالب)، وأصبح يعمل بمجرد الضغط على مفتاح الكهرباء من غرفة المؤذن أسفل المئذنة. وعندما يدور الزامور يطلق صوتا عاليا يسمعه كل أهالي المدينة الذين يتجاوز عددهم الآن الخمسة وأربعين ألف نسمة، واتساع مسطحها العمراني الذي يصل إلى أربع كيلومترات مربعة.



مكانة الزامور عند اهل قلقيلية

واحتل الزامور مكانة خاصة في قلوب أهالي قلقيلية في شهر رمضان, حيث لم يقتصر على كونه وسيلة لإشعارهم بانتهاء أو بدء صوم يوم جديد، بل أصبح جزءاً لا يتجزأ من شهر رمضان الفضيل، وواحدا من معالم تراث قلقيلية الشعبي، وهو تقليد لا يوجد إلا في مدينة قلقيلية، التي تنفرد به عن سائر المدن والقرى الفلسطينية، وربما أيضا الدول العربية والإسلامية.

فالزامور يدخل البهجة والسرور في قلوب الصغار والكبار على حدٍ سواء، حيث ينتظر الجميع قبل الإفطار متلهفين سماع صوت الزامور الذي يدوي صوته في أرجاء المدينة. ورغم أنّ هذا التراث الجميل قد أنتفى السبب الذي وُجد أصلاً من أجله (وهو إعلام الناس بموعد الإفطار والإمساك، في الوقت الذي لم يكن هناك أيّة وسيلة آخرى بديلة، وحيث أصبح يرفع الآذان بمكبرات الصوت القوية من فوق مآذن سبعة وعشرين مسجدا تشق عنان سماء قلقيلية)، إلا أنّ أهالي قلقيلية أصروا على بقاء الزامور، لإعلان مواعيد الإفطار والإمساك في رمضان، باعتباره من أهم الوسائل الإعلانية التقليدية التي تعوَّد عليها المواطنون خلال شهر رمضان الكريم. وينجذب أهالي قلقيلية نحو سماع صوت الزامور ليس لأنه وسيلة إعلانية فقط، بل لأن سماعهم صوت الزامور يكتسب لديهم أهمية نفسية ووجدانية، حيث يبعث الفرحة والارتياح في قلوبهم، وهو وسيلة أيضا للتواصل مع الآباء والأجداد، وتذكير بالماضي العريق، وعادات سادت فيها طقوس الشهر الكريم، قبل أن يختفي الكثير منها مع طغيان النمط الحضاري المعاصر.

 

ومن المفارقات اللطيفة أن الناس في قلقيلية يفطرون ويمسكون على سماع صوت الزامور، وليس على سماع صوت الآذان، فلا يطمئن الناس إلى حلول وقت الإفطار أو الإمساك إلّا بسماع صوت الزامور. فعند حلول آذان المغرب أو آذان الفجر الأول ينتظر الناس سماع صوت الزامور ليتأكد لهم انتهاء يوم الصيام، أو بداية يوم صيام جديد. وكثيرا ما نشعر بالخيبة والإحباط عندما يتعطل الزامور، ولا نسمع صوته وقت حلول الإفطار أو الإمساك، فلا طعم ولا بهجة لشهر الصيام في قلقيلية بدون سماع صوت الزامور!!


استخدامات اخرى لزامور قلقيلية

وقد استخدم الزامور في سنوات الأربعينات لتنبيه الناس وتحذيرهم من احتمال حدوث اعتداءات على قلقيلية من الجماعات اليهودية، ولاستنفار المجاهدين في قلقيلية والقرى المجاورة، ليكونوا على أهبة الاستعداد لصد أي اعتداء محتمل على البلدة.
كما استخدم الزامور في حرب عام 1967م، حيث كان يصدر صفيراً متقطعا لإعلام الأهالي عن قرب حصول غارة من قبل الطائرات الإسرائيلية المعادية، فيسارع الناس إلى الاختباء وإطفاء الأنوار إذا كانت الغارة ليلا، ويعود الزامور ليدوّي مجدداً بشكل متواصل، إشارة إلى انتهاء الغارة وزوال أسباب الخطر.

وقد نقل الزامور عام 2008م إلى منطقة المشروع، وهي منطقة مرتفعة نسبيا، حتى يصل صوته إلى كل المناطق في قلقيلية وقراها المجاورة.



تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. غير معرف7/21/2017

    في الاربعينات وما قبل صحيح كانت تطلق رصاصة من خرطوش من على المسجد القديم الاثري الذي تم هدمه خطأ فادحا وبعد عدة مداولات حيث اصبح كثير من الناس لا يسمعون الطلقة فهنا لجأوا لتركيب صفارة ترين على ماسورة الهواء في المطحنة التي كان يديرها ابو رشيد عذبة وكنا اطفال ونقول زمرها يا بو عذبه بطعمك جاجة حدبة توكلها وتنام عرف الحمام --
    وفي كارثة 48 حضر الجيش العراقي وتمركز في صوفين وكانت تنكات الماء تاتي لتملا الماء للجيش من ماتور الماء مكان الصحية حاليا وبتنسيق مع العراقيين من قبل رئيس البلدية المرحوم عبد الرحيم السبع وافق قائد الكتيبة العراقية على تزويدالبلدية بزامور الغارات الجوية وتم تركيبه على المئذنة وقام المرحوم عبد الله الياسين بتشغيله يدويا في رمضان وفي الاعياد وبعدها تم ايصالالتيار الكهربائي للبلدة واصبح يدار بالكهرباء --
    تعليق --من وين جبتوا انه الماتور من مصر هذا خطأ ومن قال ذلك فهو مخطىء وما قلته هو الصواب لانني عاصرته وكنت حاضرا عند تسليم الماتور للرئيس والسلام عليكم اي تاريخ تحتاجونه فانا جاهز

    ردحذف

إرسال تعليق

محتويات المقال