مِسْكة بكسر الميم، وسكون السين. يعتقد أن هذه القرية دعيت بهذا الاسم نسبة إلى قبيلة (مسكة) من مضاعة القحطانية، التي نزلت هذا المكان في صدر الإسلام، إلا أن علاقة هذه القبيلة بتسمية القرية غير مؤكدة. واستنادا إلى الجغرافي العربي ياقوت الحموي (المتوفى عام 1229م) في كتابه معجم البلدان، كانت مسكة مشهورة بفاكهتها ولاسيما تفاح المسكي، الذي كانت تفوح منه رائحة زكية تشبه رائحة المسك، وربما من هنا جاءت تسمية القرية بهذا الاسم.
اما الدكتور نافع الحسن (من مسكة)، فيؤكد ان تسمية مسكة تعود الى قبيلة مسكة، وهي فرع من قبيلة بني صعب، التي لبت نداء صلاح الدين، وجاءت من جزيرة العرب، وكان جيشها كبيرا، وشاركت في معركة حطين، واستقرت بعدها في فلسطين. وقد بنيت مسكة بعد معركة حطين كعزبة لاستراحة زعماء مسكة من بني صعب، ولا زال ضريح الحاج يوسف حفيد الشيخ حرب قائما هناك. ولاحقا ونظرا لمناخها وخصوبة تربتها، ولونها الأحمر الجميل، كانت محط أنظار العائلات الفلسطينية المدنية، فأقام فيها وبنى فيها بيتا وسبيلا الحاج ابراهيم البنا من يافا.
قرية مسكة قبل النكبة
وينسب الدكتور نافع الحسن الى قبيلة مسكة وزير الخارجية الموريتاني الاسبق احمد بابا مسكي، وعمر مسكاوي، نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى في لبنان.
ويذكر المؤرخ العربي خليل بن أيبك الصفدي (المتوفى سنة 1363م) في كتابه الوافي بالوفيات أن عدداً من العلماء المسلمين كان يُنسب إلى مسكة، منهم عالم اللغة والعروض عبد المنعم بن صالح المسكي النحوي، المعروف بالاسكندراني، والذي توفي في القاهرة عام 1235م.
كما ذكرها ياقوت الحموي في معجمه ونسب إليها، عبد الله بن خلف المسكي- نشأ بمصر وكان عالماً. وعبد الخالق بن صالح بن علي زيدان المسكي النحوي، من علماء القرن الرابع الهجري.
الموقع
تقع قرية مسكة المدمرة في السهل الساحلي لأرض فلسطين التاريخية، على بعد 7 كيلومترا شمال غرب مدينة قلقيلية، والى جنوب غرب قرية الطيرة وتبعد عنا نحو ثلاثة كيلومتر. وتحدها من الجنوب قرية كفر سابا المهجرة، ومن الغرب قرية الحرم (سيدنا علي) المهجرة، أما من الشرق فتحدها مستعمرة رمات هكوفيش، التي أسست عام 1932م، وتبعد عنها على خط مستقيم، نحو كيلومتر فقط. وترتفع مسكة عن سطح البحر حوالي 50 مترا. وكانت تابعة لقضاء بني صعب، ومركزه طولكرم عاصمة القضاء، وهي أقرب المدن الفلسطينية إليها، وتقع على بعد 15 كم الى الشمال منها.
المساحة
بلغت مساحة أراضي القرية عام 1948م نحو 8076 دونما إضافة إلى 5882 دونما كانت تعرف بـغابة مسكة، وأما عدد سكانها فقد بلغ في العام 1922م حوالي 440 نسمة، بينما ارتفع في العام 1945م إلى 880 نسمة، وفي العام 1948م إلى 1021 نسمة.
تشريد أهالي مسكة:
في يوم 1948/4/15م أمر ضباط الهاغاناه سكان القرية بمغادرتها، لكن السكان لم يأبهوا للأمر.
وعقب شن حرب نفسية رهيبة ضد سكانها، وتهديدهم بتنفيذ مجزرة مشابهة لمجزرة دير ياسين، هاجمت بتاريخ 1948/4/18م وحدات من لواء الكسندروني قرية مسكة، وطردت سكانها. وقد تم ذلك في إطار قرار سابق اتخذته قيادة الهاغاناه بشأن ضمان إجلاء كل التجمعات العربية عن المنطقة الساحلية الممتدة بين تل أبيب ومدينة زخرون يعقوب جنوب حيفا. وقد خرج آخر شيخين منها في 1948/4/20م، وتشتت أبناء القرية في كافة أصقاع الأرض، ومنذ ذلك الحين انقطعت علاقة أبنائها الفعلية بها، إلا من بقي واستقرّ في قرية الطيرة المجاورة، التي ظلت صامدة، والتي ضُمّت هي أيضا إلى إسرائيل، بموجب اتفاقيات رودس الموقعة عام 1949م.
مسكة بعد النكبة
لم تنتهِ جريمة السلطات الإسرائيلية في العام 1948م بتشريد أهل القرية وحسب، بل قامت بعد عامين على احتلالها بتجريف القرية عن بكرة أبيها، وتسوية منازلها وقبورها بالأرض، علما بأن عدد منازل القرية في حينها وصل إلى 197 منزلا. وكانت المنازل التي بنيت في الأعوام الأخيرة من الانتداب البريطاني تنتشر في الركن الشمالي من القرية، بعيدا عن الوادي، ولم يبق من آثار القرية إلا منزلين يعود احدهما لابو إبراهيم العلي الدحمس، والثاني لابو عثمان حرب، أما المسجد فقد تهدم هو الآخر، ولم يبقى منه سوى جدارا ونصف، كما هدمت مدرسة القرية الابتدائية في صيف عام 2006م، وذلك في محاولة لمنع أبناء القرية من التردد عليها، لإحياء ذكراها وذكرى نكبتها، وتم تهديدهم بالاعتقال بتهمة التعدي على أراضي الغير. وجاء قرار هدم المدرسة بعدما قام أهالي القرية المهجرين في قرية الطيرة المجاورة بترميمها عام 2005م، حفاظا على هذا المبنى التاريخي، وإنعاشا للذاكرة، وتأكيداً على حق العودة.
بعد النكبة وهدم القرية، أُستُغِلّت معظم أراضيها لزراعة الحمضيات، لصالح شركة "مهَدرين" الإسرائيلية. وكانت مستعمرة سدي فابورغ أُقيمت في سنة 1938م على أراضي تابعة تقليديا للقرية. كما إن مستعمرة مشميرت التي أنشئت في سنة 1946م تقع على أراضي القرية قريبا من الموقع الى الجهة الشمالية الغربية، بينما تظل قرية مسكة المدمرة بعيدة عن متناول أبنائها المُهجّرين، الذين بلغ عددهم وعدد ذريتهم وفقا للتقديرات الإحصائية الأخيرة عام 1998م، نحو 6269 نسمة.
وكان سكان القرية يعتمدون في حياتهم على زراعة البرتقال والتفاح والبطيخ والتين والعنب، وكذلك الحبوب والبقول. كما كانوا يعتمدون على تربية الأبقار والأغنام والدواجن. وكان شجر الزيتون مغروساً في الأراضي الواقعة شمالي القرية وجنوبها، وشجر التين والنخيل يتفرق في شتى أنحائها. وكانت الموارد المائية، ولاسيما الآبار كثيرة نسبيا في جوار القرية، الأمر الذي أتاح زراعة مختلف أصناف الحمضيات والموز والخضروات.. وغيرها.
عائلات قرية مسكة:
ابو طاحون؛ ابو غازي؛ الاشقر؛ البلاص؛ الجبر؛ الحاج حمد؛ الزريقي؛ حرب وفروعه (عايش وقدورة والحاج يوسف وأبو حمدة)؛ خلف؛ مصلح؛ القاضي؛ شبيطة؛ زهد، سلمان؛ عبد القادر؛ عمارة؛ ناصر؛ نواس؛ ياسين؛ السعيد ..
وتقيم غالبية هذه العائلات في قلقيلية، ولهم ديوان خاصا بهم (بني حديثاً ويقع في شارع المدارس)، ومنهم من أقام في طيرة بني صعب، وفي طولكرم المدينة والمخيم، وفي نابلس- مخيم بلاطة، وفي مدينة عمان - الأردن. وكان الحاج عبد الحفيظ زَهِدْ، مختارا لقرية مسكة حتى تاريخ احتلالها وتهجير أهلها يوم 1948/4/20م، وكان في القرية أربعة دواوين: ديوان ابراهيم العلي شبيطة، وديوان عبد القادر ابو السعيد، وديوان الحاج احمد المصلح، وديوان مختار القرية، وهو الحاج عبد الحفيظ الزهد، هذا ما ذكره لنا الحاج أبو محمود العراقي (80 عام)، وهو من قرية مسكة، ويقيم في قلقيلية.
صور من قرية مسكة المهجرة
خريطة مسكة كما يذكرها اهلها |
اريد ان اتعرف على اناس قدموا من قرية مسكة قبل الاحتلال
ردحذف