القائمة الرئيسية

الصفحات

ظواهر اجتماعية سلبية

ظواهر اجتماعية سلبية

سوف نتحدث في هذه المقال عن بعض الظواهر الاجتماعية السلبية المنتشره في مدينة قلقيلية وسنتناول ثلاثة قضايا وهي العنف في المدارس وظاهره التسرب من المدارس وظاهره الزواج المبكر 

ظواهر اجتماعية سلبية
 

 ظاهرة العنف في المدارس

تعد ظاهرة العنف في المجتمع بشكل عام، والعنف في المدرسة بشكل خاص، من أكثر الظواهر التي تتطلب اهتمام المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني من جهة، والأسرة من جهة أخرى.
وقد شهدت ظاهرة العنف في المدارس ازديادًا في السنوات السابقة؛ لأسباب تتعلق بالواقع الأمني والسياسي والاقتصادي، الذي انعكس على

الواقع الاجتماعي

 والعنف كما عرف في النظريات المختلفة: هو كل تصرف يؤدي إلى إلحاق الأذى بالآخرين، وقد يكون الأذى جسمياً أو نفسياً؛ فالسخرية والاستهزاء من الفرد، وفرض الآراء بالقوة وإسماع الكلمات البذيئة، جميعها أشكال مختلفة لنفس الظاهرة.
وقد زاد الاهتمام بظاهرة العنف نتيجة تطور الوعي العام بما يتعلق بالطفولة في مطلع القرن العشرين، خاصةً بعد تطور نظريات علم النفس المتعددة، التي تفسر سلوكيات الإنسان على ضوء مرحلة الطفولة المبكرة وأهميتها بتكوين ذات الفرد وتأثيرها على حياته فيما بعد، وضرورة توفير الأجواء الحياتية المناسبة لينمو الأطفال نمواً جسدياً ونفسياً سليماً ومتكاملاً.
كما ترافقت زيادة هذا الاهتمام مع نشوء العديد من المؤسسات والحركات التي تدافع عن حقوق الإنسان بشكل عام، وحقوق الأطفال بشكل خاص؛ ومع قيام الأمم المتحدة بصياغة اتفاقيات عالمية تهتم بحقوق الإنسان عامة وحقوق الطفل خاصة؛ فاتفاقية حقوق الطفل تنص بشكل واضح وصريح على ضرورة حماية الأطفال من جميع أشكال الإساءة والاستغلال والعنف التي قد يتعرضون لها ( المادة 32، اتفاقية حقوق الطفل ) وهذا يشير إلى بداية الاهتمام بالطفل على أنه إنسان له كيان وحقوق بحد ذاته، وليس تابع أو ملكية لأحد مثل العائلة.

 أسباب ظاهرة العنف في المدارس

العملية التربوية مبنية على التفاعل الدائم والمتبادل بين الطلاب ومدرسيهم؛ حيث إن سلوك الواحد يؤثر على الآخر، وكلاهما يتأثران بالخلفية البيئية؛ ولذا فإننا عندما نحاول أن نقيم أي ظاهرة في إطار المدرسة فمن الخطأ بمكان أن نفصلها عن المركبات المختلفة المكونة لها؛ حيث إن للبيئة جزءاً كبيراً من هذه المركبات.
1) طبيعة المجتمع الأبوي والسلطوي: رغم أن مجتمعنا يمر في مرحلة انتقالية، إلا أننا نرى جذور المجتمع المبني على السلطة الأبوية ما زالت مسيطرة؛ فنرى على سبيل المثال أن استخدام العنف على يد الأخ الكبير أو المدرس أمر مباح ويعتبر في إطار المعايير الاجتماعية السليمة؛ وحسب النظرية النفسية- الاجتماعية: فإن الإنسان يكون عنيفاً عندما يتواجد في مجتمع يعتبر العنف سلوكاً ممكناً، مسموحاً به ومتفقاً عليه.
بناءً على ذلك، تعدّ المدرسة مصبًا لجميع الضغوطات الخارجية، فيأتي الطلاب المٌعنّفون إلى المدرسة ليفرغوا الكبت المختزن في نفوسهم على شكل سلوكيات عدوانية عنيفة؛ يقابلهم طلاب آخرون يشبهونهم بسلوكيات مماثلة؛ ففي المدرسة تشكل الجماعات ذوات المواقف المتشابهة حيال العنف تحالفات تعزز عندهم تلك التوجهات والسلوكيات؛ وبهذه الطريقة تتطور حدة العنف ويزداد انتشارها.
وتشير النظريات إلى أن الطالب، في بيئته خارج المدرسة، يتأثر بثلاث جهات وهي: العائلة، والمجتمع، والإعلام؛ ما يجعل العنف المدرسي نتاجًا للثقافة المجتمعية العنيفة.
2) مجتمع تحصيلي: في كثير من الأحيان نحترم الطالب الناجح فقط؛ بخلاف لطالب الفاشل تعليمياً. وحسب نظرية الدوافع فإن الإحباط هو الدافع الرئيسي من وراء العنف؛ إذ بالعنف يتمكن الفرد الذي يشعر بالعجز من إثبات قدراته الخاصة؛ فكثيراً ما نرى أن العنف ناتج عن المنافسة والغيرة؛ كذلك فإن الطالب الذي يعاقب من قبل معلمه باستمرار يفتش عن موضوع (شخص) يمكنه أن يصب غضبه عليه.
العنف موضوع واسع وشائك، هناك العديد من الأمور التي تؤثر على مواقفنا اتجاه العنف، بحيث نجد من يرفض ومن يوافق على استخدام العنف لنفس الموقف، وهذا نابع من عدة عوامل، كالثقافة السائدة، والجنس، والخلفية الدينية، وغيرها.  وبما أن الدين يعتبر عنصراً أساسياً ويلعب دوراً فاعلاً في حياة الأفراد؛ فمن الصعب تجاهل هذا العامل وتأثيره على قراراتنا ومواقفنا التربوية.
3) العنف المدرسي هو نتاج التجربة المدرسية ( سلوكيات المدرسة ):هذا التوجه يحمل المسؤولية للمدرسة من ناحية خلق المشكلة، وطبعاً من ناحية ضرورة التصدي لها ووضع الخطط لمواجهتها والحد منها؛ فيشار إلى أن نظام المدرسة بكامله من طاقم المعلمين والأخصائيين والإدارة يضم علاقات متوترة دائمة.  ويمكن تقسيم هذه السلوكيات إلى 3 مواضيع وهي:- علاقات متوترة وتغيرات مفاجئة داخل المدرسة، وإحباط، كبت وقمع للطلاب، الجو التربوي.  
*علاقات متوترة وتغيرات مفاجئة داخل المدرسة، مثل: تغيير المدير ودخول آخر وتوجهات مختلفة عن سابقه تخلق مقاومة عند الطلاب لتقبل ذلك التغيير؛ فدخول مدير جديد للمدرسة مثلاً، وانتخاب لجنة أهالٍ جديدة تقلب أحياناً الموازين رأساً على عقب.  وترك المعلم واستبداله بمعلم آخر مختلف الأسلوب يؤدي إلى عدم إشراك الطلاب بما يحدث داخل المدرسة، وكأنهم فقط جهاز تنفيذي.  ثم إن شكل الاتصال بين المعلمين أنفسهم والطلاب أنفسهم والمعلمين والطلاب وكذلك المعلمين والإدارة- له بالغ الأثر على سلوكيات الطلاب.
* إحباط، كبت وقمع للطلاب: متطلبات المعلمين والواجبات المدرسية التي تفوق قدرات الطلاب وإمكانياتهم، وتقدير الطلبة ذوي التحصيل العالي، والعديد من العوامل غالباً ما تعود إلى نظرية الإحباط؛ حيث نجد أن الطالب الراضي غالباً لا يقوم بسلوكيات عنيفة، وأن الطالب غير الراضي يستخدم العنف كإحدى الوسائل التي يُعبر بها عن رفضه وعدم رضاه وإحباطه. ومن هذه العوامل:-
1- عدم تطبيق التعامل الفردي مع الطالب على أساس الفروق الفردية داخل الصف.
2- عدم تقدير الطالب كإنسان له احترامه وكيانه.
3- عدم السماح للطالب بالتعبير عن مشاعره؛ فغالباً ما يقوم المعلمون بإذلال الطالب وإهانته إذا أظهر غضبه.
4- التركيز على جوانب الضعف عند الطالب والإكثار من انتقاده.
5- الاستهزاء بالطالب والاستهتار من أقواله وأفكاره.
6- رفض مجموعة الرفاق والزملاء للطالب؛ ما يثير غضبه وسخطه عليهم.
7- عدم الاهتمام بالطالب، وعدم الاكتراث به؛ ما يدفعه إلى استخدام العنف ليلفت الانتباه لنفسه.
8- وجود مسافة كبيرة بين المعلم والطالب؛ حيث لا يستطيع محاورته أو نقاشه حول علاماته أو عدم رضاه من المادة؛ إذ إن خوف الطالب من السلطة يمكن أن يؤدي إلى خلق تلك المسافة.
9- الاعتماد على أساليب التلقين التقليدية.
10- ممارسة المعلم العنف تجاه الطلبة.
11- عدم توفير المدرسة الفرصة للطلبة للتعبير عن مشاعرهم وتفريغ عدوانيتهم بطرق سليمة.
12- المنهج وملاءمته لاحتياجات الطلاب.  

 الجو التربوي:

يؤدي عدم وضوح القوانين وقواعد المدرسة، والحدود غير الواضحة التي لا يعرف الطالب بها حقوقه ولا واجباته، ومبنى المدرسة واكتظاظ الصفوف، والتدريس غير الفعال وغير الممتع الذي يعتمد على التلقين والطرق التقليدية- إلى تراكم الإحباط عند الطلبة؛ ما يدفعهم إلى القيام بسلوكيات عنيفة، كتخريب الممتلكات الخاصة والعامة.
ثم إن استخدام المعلمين – كقدوة للطلبة- العنف، يؤدي إلى محاكاتهم  واشتشراء هذه المشكلة وتفاقمها.
 إن الجو التربوي العنيف يوقع المعلم الضعيف في شراكه؛ فالمعلم يلجأ إلى استخدام العنف لأنه يقع تحت تأثير ضغط مجموعة المعلمين الذي يشعرونه بأنه شاذ وأن العنف هو عادة ومعيار يمثل تلك المدرسة، وأن الطلاب لا يمكن التعامل معهم إلا بالعنف؛ إذ ينقل المعلمون المحبطون فشلهم إلى باقي المعلمين ليتماثلوا معهم، فيرددون على مسمعهم عبارات مثل: "بعدك معلم جديد"، "شايف بدون ضرب فش نتيجة"، "بكره بتيأس"، ... الخ من العبارات المحبطة.  وهنا تلعب شخصية المعلم دورًا في رضوخه لضغط هذه المجموعة، أو صموده على قناعاته.
إن الأسلوب الديمقراطي قد يلاقي معارضة الطلاب الذين اعتادوا على الضرب والأسلوب السلطوي، فيحاولون جاهدين فحص مدى قدرة المعلم على تحمل إزعاجهم، وكأنهم بطريقة غير مباشرة يدعونه إلى استخدام العنف؛ وإذا ما تجاوب المعلم مع هذه الدعوة فسيؤكد لهم أنهم طلاب أشرار لا ينفع معهم إلا الضرب.
إن المعلم ذا النفس القصير سرعان ما يحمل عصاه ليختصر على نفسه الجهد والتعب، بدلاً من أن يصمد ويكون واعيًا إلى أن عملية التغيير تتطلب خطة طويلة المدى.

أشكال العنف

1 . العنف الجسدي
وهو استخدام القوة الجسدية بشكل متعمد تجاه الآخرين من أجل إيذائهم وإلحاق أضرار جسمية بهم كوسيلة عقاب غير شرعية، ما يؤدي إلى الآلام والأوجاع والمعاناة النفسية والصحية.
من الأمثلة على طرق العنف الجسدي: الحرق أو الكي بالنار، والرفس بالأرجل، والخنق، والضرب بالأيدي أو الأدوات، ودفع الشخص، واللطم، والركل.
2. العنف النفسي
 العنف النفسي قد يتم من خلال عملٍ، أو الامتناع عن القيام بعمل، على يد شخص أو مجموعة من الأشخاص الذين يمتلكون القوة والسيطرة؛ لإيقاع الأذى بطفل؛ ما يؤثر على وظائفه السلوكية، والوجدانية، والذهنية، والجسدية، كما ويضم العنف النفسي رفض الطفل وعدم قبوله، والإهانة، والتخويف، والتهديد، والعزلة، والاستغلال، والصراخ، والسلوكيات التلاعبية غير الواضحة، وتذنيب الطفل كمتهم، واللامبالاة وعدم الاكتراث بالطفل، وفرض الآراء عليه بالقوة.
3. الإهمال
الإهمال يعرف على أنه "عدم تلبية رغبات طفل الأساسية لفترة مستمرة من الزمن، ويمكن أن يكون الإهمال مقصودًا، أو غير مقصود".
4) الاستغلال الجنسي
  الاستغلال الجنسي يعرف على أنه: دخول بالغين وأولاد غير ناضجين جنسياً وغير واعين لطبيعة العلاقة الجنسية، وماهية تلك الفعاليات الجنسية- بعلاقة جنسية، كما إنهم لا يستطيعون إعطاء موافقتهم لتلك العلاقة. والهدف هو إشباع المتطلبات والرغبات الجنسية لدى المعتدي".

أنواع العنف المدرسي

I) عنف من خارج المدرسة
   أ- زعرنة أو بلطجةهو العنف الذي يقوم به شخص أو مجموعة أشخاص من خارج المدرسة في داخل المدرسة في ساعات الدوام أو في ساعات ما بعد الظهر؛ من أجل الإزعاج أو التخريب وأحياناً يسيطرون على سير الدروس.
   ب- عنف الأهاليوهو عنف فردي أو جماعي يمارسه بعض أهالي الطلبة؛ دفاعاً عن أبنائهم؛ فيقومون بالاعتداء على نظام المدرسة والإدارة والمعلمين.
(II العنف من داخل المدرسة.
أ- العنف بين الطلاب أنفسهم.
ب- العنف بين المعلمين أنفسهم.
ج- العنف بين المعلمين والطلاب.
د- التخريب المتعمد للممتلكات.

هذه النقاط أشير إليها بتسميتهما بالعنف المدرسي الشامل؛ حيث يكون نظام المدرسة مضطربًا بأجمعه، وتصعب السيطرة على ظاهرة العنف المنتشرة بين الطلاب أنفسهم أو بينهم وبين معلميهم.
العنف الفردي: وهو عنف الطلبة تجاه الممتلكات الخاصة والعامة؛ نتيجة فشلهم وصعوبة مواجهة أنظمة المدرسة والتأقلم معها؛ ولا يوجد لهذا العنف أثر كبير على نظام الإدارة في المدرسة.
 النتائج والتأثيرات
لقد أثبتت العديد من الأبحاث أن هناك أثارًا للاعتداء على الأطفال؛ فهو يؤثر على أداءهم الاجتماعي والسلوكي والانفعالي. فهم، في غالب الأحيان، مشتتون من ناحية انفعالية، قلقون، غضبانون، يجرحون بسهولة، قليلو الثقة بأنفسهم، مواقفهم النفسية والانفعالية غير مستقرة.

أرقام وحقائق حول العنف المدرسي:

في آخر إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء  الفلسطيني تبين أن أكثر من خمس الطلاب (12-17 سنه) من مجمل الملتحقين بالتعليم، تعرضوا للعنف في المدرسة من قبل الطلاب والمعلمين داخل المدرسة خلال فترة الـ 12 شهرًا التي سبقت تموز عام 2011 ، بمعدل  6،21%  في الضفة، مقابل 7، 22% في قطاع غزة؛ أي إن حوالي 9.0% من الشباب (29-18 سنة) تعرضوا للعنف النفسي في المؤسسات التعليمية؛ بالمقابل تعرض4.2% لعنف جسدي في هذه المؤسسات؛ 6.7% ذكور، مقابل 1.5% إناث.
وقد أشارت النتائج إلى أن العنف النفسي كان أكثر أشكال العنف ممارسة ضد هؤلاء الطلبة من قبل زم?ئهم الطلبة أو المعلمين؛ 25.0% و27.6% على التوالي؛ بالمقابل بلغت نسبة الطلبة الذين تعرضوا لعنف جسدي من قبل المعلمين 21.4%، مقابل 14.2% من قبل زم?ئهم. 

ظاهرة التسرب من المدارس

التعليم أحد أكثر القطاعات أهمية في المجتمع؛ حيث تولي الحكومات هذا القطاع اهتمامًا خاصًا؛ إذ إنه يمثل الاستثمار الحقيقي للنهوض بمستقبل الشعوب؛ فهو الذي يهذب النفوس، وهو الذي يمنح الشعوب القوة والمنعة؛ ويجنبها العديد من الويلات؛ فيحقق النمو الاقتصادي والاجتماعي، ويقود التنمية والنهوض، والسير إلى الأمام بخطى واثقة عصية على الكسر والانقياد. 
والمستوى التعليمي يعكس، ولو بشكل تقريبي، مستوى التقدم الاجتماعي والاقتصادي، ويحدد بوضوح نوعية القوى العاملة في المجتمع.ويشكل التسرب من المدارس إهدارًا تربويًا هائلًا،  يؤدي إلى ضياع ثروات المجتمع البشرية المادية والمعنوية. وقد أثار تفشي هذه الظاهرة قلق الكثير من المربين والمثقفين والسياسيين؛ فأولت الكثير من الحكومات هذه المشكلة اهتمامًا خاصًا بهذه الظاهرة المدمرة للفرد والمجتمع؛ لأن التسرب يؤدي إلى زيادة معدل البطالة ويحد من العطاء ويعيق التنمية، ويقود المجتمعات نحو هاوية التخلف والجهل، الذي بدوره يجر ويلات عديدة على مختلف الصعد؛ فيغدوا المجتمع الواحد خليطًا من فئتين: فئة المتعلمين، وفئة الأميين؛ ما يؤدي إلى تأخر المجتمع عن اللحاق بركب المجتمعات الأخرى؛ نتيجة لصعوبة التوافق بين هاتين الفئتين في الأفكار والآراء؛ .
أهم أسباب التسرب: تتفاوت أسباب التسرب المدرسي من بيئة إلى أخرى، فمنها ما تكون أسبابًا رئيسية لها تأثير قوي ومباشر في عملية التسرب؛ ومنها ما يكون تأثيره ثانويًا وبدرجة أقل، سواء كانت متعلقة بالطالب أو أسرته أو مدرسته أو الظروف المحيطة، ويمكن ايجاز هذه الأسباب وتوزيعها على النحو الآتي:
أولا- أسباب تعود للطالب المتسرب نفسه:
1-  تدني التحصيل الدراسي وصعوبات التعلم.
2- عدم الاهتمام بالدراسة وانخفاض قيمة التعليم.
3- الزواج المبكر والخطوبة.
4- الخروج إلى سوق العمل.
ثانيًا- أسباب تعود للأسرة في تسرب أبنائهم:
1- سوء الوضع الاقتصادي للأسرة
2- العناية بأفراد الأسرة والمساعدة في أعمال المنزل
3- إجبار الأسرة للطالب على ترك الدراسة
4- عدم وجود شخص يساعد الطالب والطالبة على الدراسة داخل الأسرة
5- عدم اهتمام الأسرة بالتعليم
 ثالثًا- أسباب تعود للمدرسة   
1- النفور من المدرسة عدم إحساسه بالانتماء إليها أو بسبب صعوبة مادة معينة لم يفلح في فهمها، وعدم توفر البيئة المريحة لديه لجذبه لاكمال دراسته مثل نقص الغرف الصفية، كلها أسباب طاردة للطالب من المدرسة.
2- استخدام العقاب المعنوي والبدني من قبل المعلمين بحق الطلبة
3- التمييز بين الطلبة سواء التمييز على أساس المستوى التحصيلي أو على الأساس العشائري أو الاقتصادي أو التمييز على أساس الجنس أو في الأنشطة المدرسية.
4- عدم وجود مدرسة مهنية قريبة من السكن حيث يمكن أن يكون التعليم المهني وسيلة للحد من تسرب الطلبة الذين لديهم صعوبات التعلم في الفرع الأكاديمي، لذا فإن وجود مدارس مهنيّة قريبة من أماكن سكن الطلبة يحد من هذه الظاهرة.
5- عدم وجود شخص في المدرسة يساعد الطالب على مواجهة المشاكل كالمرشدين التربويين
6- طلبات المدرسة من الأسرة مرهقة ماديا.
7- بعد المدرسة عن مكان السكن
رابعًا- ممارسات سلطات الاحتلال والمستوطنين:
  تشكل ممارسات الاحتلال ومستوطنيه عائقًا أمام حصول الطلبة على حقوقهم في التعليم والحركة، وذلك عبر إقامة الحواجز على الطرق ومطاردة الطلبة أحيانًا، وممارسات المستوطنين التي وصلت أحيانًا إلى تسميم مياه الشرب في المدارس؛ ما يؤدي إلى عدم الشعور بالأمان، وإعاقة وصول الطلبة إلى مدارسهم؛ كما هو حاصل في الخليل. ويشكل أسر الأطفال انتهاكًا صارخًا ترتكبه قوات الاحتلال بشكل مستمر؛ ما يحرمهم من حقهم في التعليم ويهدد مستقبلهم ومستقبل أسرهم، ويشكل ضربة تهدد المجتمع ككل. فقد أقام الاحتلال معتقلًا خاصًا بالقاصرين؛ ما يشكل مخالفة صارخة لحقوق الإنسان؛ حيث تنص المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن لكل شخص الحق في التعليم، وعلى وجوب مجانية التعليم، وأن يكون التعليم الأساسي إلزاميًا.

التأثيرات السلبية لهذه الظاهرة:
لا يمكن أن يخلو واقع تربوي من ظاهرة التسرب من المدارس؛ إلا أنها تتفاوت في درجة حدتها من مجتمع إلى آخر، ومن مرحلة دراسية إلى أخرى، ومن منطقة إلى أخرى، كما تتفاوت حسب الجنس.  ومن المستحيل لأي نظام تربوي أن يتخلص منها نهائيًا، مهما كان فعالًا ومتطورًا.  والمتعمق في هذه الظاهرة في الواقع التربوي الفلسطيني، يلاحظ أنها منتشرة في المراحل التعليمية كلها، وفي المدارس كلها، والمناطق التعليمية كلها، وكل أوساط الطلبة ذكورًا وإناثًا، وكل أوساط الطبقات الاجتماعية والاقتصادية؛ وهي ظاهرة تصيب جميع نواحي الحياة في المجتمع؛ فتزيد حجم الأمية والبطالة، وتضعف البنية الاقتصادية الإنتاجية للمجتمع والفرد، وتزيد الاتكالية والاعتماد على الغير في توفير الاحتياجات، وتزيد حجم المشكلات الاجتماعية كالانحراف وجنوح الأحداث، وتدفع إلى السرقة والاعتداء على الآخرين وممتلكاتهم؛ ما يضعف وحدة النسيج المجتمعي، كما تؤدي إلى زيادة نفقات مراكز الإصلاح والعلاج والإرشاد والمستشفيات، وتؤدي إلى تخلف وجهل أسر المنحرفين، لتغدوا مصانع لتفريخ المنحرفين إذا غابي عين رعاية الدولة عنهم؛ كما تؤدي إلى سيطرة العادات والتقاليد البالية، كالزواج المبكر والسيطرة الأبوية المطلقة وحرمان المجتمع من ممارسة الديمقراطية وحرمان أفراده من حقوقهم.

حجم هذه الظاهرة:
بلغت نسبة التسرب في مرحلة التعليم الأساسي في العام الدراسي 2015/2016 حوالي 1.2% بين الذكور مقابل 0.7% بين الإناث. وفي المرحلة الثانوية بلغت هذه النسبة 1.3% بين الذكور مقابل 1.1% بين الإناث.
الإجراءات الوقائية للحد من ظاهرة التسرب
اولا: الإجراءات الوقائية المدرسية للحد من ظاهرة التسرب
1- تفعيل دور المرشد التربوي في مساعدة الطلبة في حل مشكلاتهم التربوية وغير التربوية، بالتعاون مع الجهاز التعليمي في المدرسة، والمجتمع المحلي؛ وعلى الأخص أولياء أمور الطلبة.
2- العدالة في التعامل، وعدم التمييز بين الطلبة داخل المدرسة.
3- منع العقاب بكل أنواعه في المدرسة (البدني والنفسي):  بالرغم من أن وزارة التربية تمنع رسميًا العقاب بشتى أشكاله في المدارس كوسيلة ردع؛ إلا أن العقاب يمارس في المدارس من قبل الجهاز التعليمي؛ ما يتطلب وضع آليات مراقبة ومتابعة لضمان الالتزام التام بعدم استخدام أسلوب العقاب لحل مشكلات الطلبة؛ حيث يعتقد 53.2% من المتسربين و52.3% من أولياء أمورهم أن منع العقاب في المدارس يعدُّ إجراءً وقائيًا مؤثرًا للحد من ظاهرة التسرب.
4- توفير تعليم مهني قريب من السكن.
5- توفير تعليم تمكيني علاجي للطالب ذي صعوبات التعلم.
6- تفعيل قانون إلزامية التعليم في المرحلة الأساسية ووضع آليات للمتابعة والتنفيذ على مستوى المدرسة.
7- السماح للطلبة المتسربين بالالتحاق بالدراسة، بغض النظر عن سنهم، وفق شروط محددة وميسرة.
ثانيًا: الإجراءات الوقائية الأسرية:
1- مساعدة الأسر الفقيرة ماديًا لتغطية النفقات الدراسية وتوفير مستلزمات التعليم لأبنائها.
2- نشر الوعي، وتثقيف الأسرة بقيمة التعليم وأهميته، ومخاطر التسرب على أبنائهم.
3- إقناع الأسر بضرورة تهيئة الجو الأسري لأبنائهم، من خلال توفير الوقت والمكان المناسبين للدراسة في المنزل.
4- مساعدة الأسرة أبناءها في حل مشاكلهم الدراسية؛ للتغلب على صعوبات التعلم في المواد الدراسية.
5- عدم تكليف الطلبة مهمات أسرية فوق طاقتهم، من خلال تفرّغهم وتوفير الوقت الكافي لهم للدراسة.
6- تفعيل الاتصال والتواصل بين الأسرة والمدرسة لمتابعة تطور الطلبة والوقوف على المشاكل التي يواجهونها داخل المدرسة وخارجها، والمساعدة في حلها.
7- مشاركة الأسرة بالأنشطة اللاصفية التي تنظمها المدرسة.
8- توعية الأسرة بمخاطر الزواج المبكر لبناتهم وتفعيل القوانين التي تمنع الزواج أقل من السن المحدد.
9-  منع التمييز بين الأبناء على أساس الجنس في مجال التعليم.
10- سن القوانين والتشريعات التي تلزم أولياء الأمور بإعادة أبنائهم إلى مقاعد الدراسة.
وتبقى مشكلة التسرب المدرسي مشكلة وطنية تتطلب أن تتضافر كافة الجهود لإيجاد حلول ناجعة للطلبة المتسربين؛ إذ إن الحد من التسرب سينعكس إيجابًا على التنمية المستدامة وبناء دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشريف؛ فالتعليم هو المحرك الرئيس في نهضة الشعوب، وبناء جيل قادر على المحافظة على الموروث الثقافي والتطلعات الوطنية والتعاطي مع متطلبات الحضارة الإنسانية، والمساهمة بشكل فاعل في بناء مؤسسات الوطن؛ لهذا فإن مكافحة التسرب في المدارس بحاجة إلى خطة وطنية متكاملة، تبدأ من حماية الطلبة الذين يهددهم التسرب أولًا؛ ثم متابعة من تسربوا فعلًا لإعادتهم للتعليم.


ظاهرة الزواج المبكر

 يختلف تعريف مصطلح الزواج المبكر باختلاف النظرة إلى سن الزواج، من حيث النمو العقلي والجسدي والعاطفي؛ فقد عرفت وثيقة حقوق الطفل الصادرة عن اليونيسف الزواج المبكر بأنه: الزواج في سن أقل من الثامنة عشر؛ بينما يعرفه مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي بأنه: زواج الفتاة قبل بلوغها السنة السابعة عشرة من عمرها؛ أي في مرحلة تكون فيها الفتاة على مقاعد الدراسة وتمر بمرحلة المراهقة؛ أما لجان الإغاثة الطبية (1998) فتعرفه بأنه: الزواج الحاصل في سن تسبق اكتمال النمو الجسدي للفتاة، علما بأن النمو الجسدي يتم ما بين 18-20 عامًا.
ويعد سن الفتاة والشاب عند الزواج عاملاً مهماً يحدد مدى نجاح بناء الرابطة الزوجية التي ينبغي أن توفر التفاهم والسكن والطمأنينة، المبنية على المودة والرحمة بين الزوجين. وقد جعل الإسلام حد البلوغ والتكليف بالأوامر الدينية بوجه عام، هو المعيار الذي يجوز عنده استقلال ا بالصرف وتحمل نتيجة العمل.  وذكر جمهور العلماء أن البلوغ يعرف بعلامات لكل من الذكر والأنثى، أو بالسن الذي هو خمس عشرة سنة لكليهما.  أما علامة بلوغ الذكر في الإسلام فهي الاحتلام؛ لقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "وعن الصبي حتى يحتلم"؛ في حين يكون للأنثى بالاحتلام أو الحيض أو الحمل؛ وذلك لحديث أسماء -رضي الله عنهاـ حيث قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشارت إلى وجهها وكفيها).

أسباب الزواج المبكر عند الفتيات:

التسرب من المدرسة :
قامت وزارة التربية والتعليم بأكثر من دراسة حول التسرب من المدرسة وعلاقته  بالزواج المبكر؛ تبين منها أن ذلك يحدث في الغالب بعد الانتهاء من المرحلة الأساسية؛ حيث لوحظ انخفاض واضح بنسبة التحاق الإناث بالمرحلة الثانوية؛ مقارنة مع المرحلة الأساسية من الجنسين.  وتعزو الدراسات أسباب تسرب الإناث من التعليم إلى الزواج المبكر في هذه المرحلة؛ خاصة أن بعض القرى لا يوحد فيها مدارس ثانوية؛ ما يضطر الفتيات للانتقال إلى قرى مجاورة أو إلى المدينة للحصول التعليم الثانوي.
وبسبب الوضع الأمني المتردي الذي يفرضه الاحتلال على الأراضي الفلسطينية، فإن احتمالات التنقل بهدف التعليم يصبح أمرا مقلقا للأهل بسبب تخوفهم من التعرض للإهانات أو التوقيف على الحواجز والعودة في وقت متأخر مساء، خاصة ان هناك نقصًا في المواصلات العمومية بين القرى، وأن الحواجز الإسرائيلية طالت معظم القرى، وقد كان ذلك ظاهرا بوضوح خلال فترة الانتفاضة الأولى حين أغلقت المدارس لفترات طويلة، كما طبقت هذه السياسة خلال الانتفاضة الثانية.

تردي الوضع السياسي وانعكاسه ذلك على كافة أوجه الحياة:

الوضع السياسي والاقتصادي المتردي في الأراضي الفلسطينية أدى إلى التسرب من المدارس؛ ما أدى إلى زيادة فرص الزواج المبكر وعدم تأجيله حتى إنهاء الدراسة؛ فخلال الانتفاضتين الأولى والثانية؛ ازدادت هذه الظاهرة؛ نتيجة عدم سماح قيادة الانتفاضة بحفلات الزواج؛ ما خفف عبء تكاليف العرس، وشجع الكثيرين على الزواج في سن مبكرة؛ كما أن الوضع الاقتصادي المتدري، دفع الأسر الكبيرة إلى عدم ارسال الفتيات إلى المدارس، وتزويجهن في سن مبكرة؛ للتخفيف من الأعباء المالية، وقد لعب الوضع السياسي والاجتماعي الصعب دورًا أدى إلى دفع الأهل إلى تزويج الفتيات لحمايتهن من الانخراط في النشاطات السياسية؛ لمنع الاختلاط بالذكور؛ كما أدت سياسات الاحتلال المتمثلة في الحصار وإغلاق المدارس والجامعات، خلال بعض مراحل القضية الفلسطينية، إلى الالتحاق بسوق العمل في عمر مبكر؛ الأمر الذي أدى إلى استقلال العديد من الشباب ماليًا؛ وشكل عاملًا دافعًا للاستقرار؛ إضافة إلى الأثر النفسي للزواج؛ فالإنجاب يخفف من قسوة الفقدان، حيث تعرض العديد من الشباب والشابات الفلسطينيات في مسيرة المقاومة الشعبية للاحتلال للاستشهاد؛ الأمر دفع الكثير من الأهل إلى تشجيع أبنائهم للزواج بفتيات صغيرات؛ كخطوة استباقية لما قد يحدث لهم مستقبلًا.
العادات والتقاليد:
تشير دراسة غير منشورة قامت بها اليونسيف في العام 1999، حول الزواج المبكر في منطقة بيت لحم، أن التسرب من المدرسة غير عائد إلى انخفاض المعدل الدراسي للفتيات، بل إلى عوامل اجتماعية متعلقة بالتوقعات من الدور الذي تلعبه المرأة. ومعنى ذلك أن الفتاة حتى لو كان تحصيلها الأكاديمي جيدا، فإن احتمالات تركها للمدرسة بغرض الزواج تظل قائمة. واعتبرت الفتيات اللواتي تمت مقابلتهن أن "الزواج المبكر ظاهرة مقبولة اجتماعيا في المجتمع الفلسطيني"، ولم يعترضن عليه، بل قدمن اقتراحات لتعديل شروطه ليصبح مقبولا أكثر. مثلا، تم اقتراح وضع بند في عقد الزواج يشترط أن تستكمل الفتاة تعليمها بعد الزواج كشرط لحصول الزواج المبكر.  وقد عبر أحد الشبان الذكور الذين شملتهم المقابلة عن قوة التقاليد بقوله: "مهما تكن نظره الفتيات عن الزواج المبكر، فإن العادات والتقاليد هي فوق المسائل القانونية وفوق المسائل التي لا تخضع للقوانين".
زواج الأقارب:
حسب دراسة مركز شؤون المرأة؛ يعد زواج الأقارب من الدرجة الأولى منتشر في فلسطين بشكل عام؛ حيث وصل في العام 2000 إلى 28.2%.  وهذه النسبة تصل إلى 31.4% في قطاع غزة؛ مقابل 26.4% في الضفة الغربية.  وفي حال الزواج المبكر، تبدو هذه العلاقة أكثر حضورا خاصة في المناطق الريفية.  وتشير بيانات الجهاز المركزي للإحصاء إلى ازدياد ظاهرة زواج الأقارب في الزواج المبكر، حيث بلغت نسبة الإناث المتزوجات من أبناء العم أو الخال من الدرجة الأولى؛ 49%: (52% في غزة، و47% في الضفة).
كما أشارت الدراسة أن غالبية الزيجات المبكرة كانت من بين الأقارب حيث بلغت 72.5%، أو من الجيران بلغت النسبة 25.7%.  ومن الجدير بالذكر أن الدراسة سجلت 7 حالات فقط من أصل 288 حالة تم فيها الزواج بسبب الاحتكاك في محيط العمل أو المدرسة. وحتى في هذه الحالات، كان هناك حالتان من الأقارب.
اتخاذ القرار:
تشير دارسة مركز شؤون المرأة  أن القرار الأصعب في حياة الفتاة (الزواج) يقوم غيرها باتخاذه. فقد أشارت دراسة الاختيار والسلطة بأن 50.4% من الزوجات أفدن أن العائلة هي التي اتخذت قرار الزواج.  وحسب الدراسة فإنه لم تتوفر أية علاقة بين اختيار العائلة للزوج وعمر الفتاة؛ أو بين المستوى التعليمي للوالدين؛  حتى أن ذلك يطال النساء المستقلات؛ إذ تتدخل العائلة في اتخاذ هذا القرار.
وبينت الدراسة أن الأب هو العامل الحاسم في الزواج المبكر، وأشارت 18% من الفتيات فقط أنهن هن العامل الحاسم في الزواج. أما الأخوة والأم فلم يلعبوا دورًا قويًا في قرار الزواج.  ومن الجدير بالذكر أن دراسة قامت بها اليونيسيف أكدت أن الأم تلعب دورًا داعمًا للأب في إقناع الفتاة بالزواج.
الزواج المبكر وتأثيراته:
للزواج المبكر تبعات ونتائج تترك أثرها على الفتاة الطفلة وأطفالها، وعلى المجتمع ككل، وأهم هذه التأثيرات ما يلي:
الطلاق:
حسب نتائج الدراسة التي قام بها مركز شؤون المرأة؛ بلغت نسبة حالات الطلاق للشابات الإناث 14% في الفئة العمرية 14-17، من مجمل حالات الطلاق؛ مقابل 0.8% للذكور، وذلك خلال العام 2000. كما بلغت نسبة وقوع الطلاق للإناث في الفئة العمرية 18-24 سنة في الأراضي الفلسطينية 44%؛ بالمقارنة مع 26.8% للذكور من مجمل حالات الطلاق للعام نفسه.  وهذه النسبة المرتفعة للطلاق عند الإناث يمكن أن تعزى إلى ارتفاع نسبة حالات الزواج المبكر لدى الإناث عنها لدى الذكور.
التأثير الصحي:
أشار ملخص نتائج الدراسة التي قام بها "مركز شؤون المرأة" بعنوان "الزواج المبكر في المجتمع الفلسطيني أسباب ونتائج" إلى أن للزواج المبكر أثر كبير على صحة المرأة، حيث بينت الدراسة أن 40.8% من النساء اللواتي تزوجن في سن مبكرة عانين من مشاكل صحية بعد الزواج، كما بينت الدراسة حصول تعقيدات أثناء الحمل والولادة المبكرة، وعدم القدرة على استكمال فترة الحمل. كما بينت الدراسة أن الاعتلال أثناء الحمل يؤثر على الجنين؛ ما يعرض الطفل المولود إلى الإصابة بالمرض، أو الإعاقة ، أو الوفاة.
التأثير النفسي والاجتماعي:
أشارت دراسة "مركز شؤون المرأة" إلى أن 37.8% من الفتيات، لم يكن مهيئات ليلة الزفاف؛ وأن 20% منهن واجهن ضغوطات من عائلة الزوج من أجل حمل سريع؛ وأفادت نحو 40% من نساء العينة أنهن لم يكن مرتاحات في زواجهن؛ وأفادت 40.3% من العينة أنهن يتعرضن لاعتداءات من أزواجهن؛ بينما أفادت 26.7% أنهن يتعرضن إلى إهانات لفظية واعتداءات جسدية من عائلة الزوج.
كما أفادت الدراسة بأن 48.1% يشعرن بالخوف والقلق، وأنهن مررن بأزمات حادة خلال زواجهن.  وأفادت 45.6% من نساء العينة أنهن يعانين من حالات الاكتئاب والقلق وانعدام الثقة بسبب زواجهن في سن مبكرة؛ وأفادت 9.1% من العينة أنهن فكرن في الانتحار. وأفادت 60.5% من النساء المتزوجات في سن مبكرة أنهن صغيرات على الزواج؛ و42.6% أفدن بأنهن لا يشعرن بالسعادة ويعانين من عدم التفاهم مع الزوج؛ وأفادت 91.4% من النساء أنهن لن يعدن التجربة مع أطفالهن.
تأثير الزواج المبكر على التنمية:
الزواج المبكر يعني بالضرورة زيادة فرص الحرمان من التعليم، بسبب الانقطاع عن الدراسة، كما يعني نسبة عالية من الخصوبة؛ وهذا يعني بالضرورة، تكريس للدور الإنجابي للمرأة، وحرمانها من الفرص المتساوية في التعليم والتطور والنمو، كما هو محدد في اتفافية حقوق الطفل، كما يعني الانعزال عن الحياة العامة والمشاركة المجتمعية.
وبالتالي فإن الزواج المبكر مؤشر على مدى الفجوة في التمكين ما بين الرجال والنساء.  والفتاة التي تتزوج قبل الثامنة عشر هي طفلة، لم تعط فرصة كافية لتنضج من ناحية عاطفية، اجتماعية، جسدية، وعقلية، ولم يتح لها المجال لتطوير مهاراتها وتنمية إمكاناتها المعرفية، واكتشاف ذاتها، ومعرفة  مدى قدرتها على تحمل المسؤوليات العامة والأسرية. وتصبح أسيرة وضع لم تتنبأ به، حث تصبح في أقل من عام، أمًا وهي طفلة؛ وبالتالي يتكرس دورها المحتوم، وتصبح مشاركتها في المجال العام، مسألة شبة مستحيلة.
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء؛ فإن الزواج المبكر يعني عددًا أكبر من الأطفال، ونسبة أعلى من الفقر، وفرص تعليم أقل للأطفال، ومهن غير متخصصة.
الزواج المبكر وحقوق الإنسان:
رغم ما نصت عليه المادة 16 من اتفاقية "القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة"، ومساواة الرجل والمرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية؛ فإن الفتاة في مجتمعنا تظل هي الحلقة الأضعف، وتصبح عرضة للزواج المبكر بحجة "الحماية"؛ وبناء على هذه الاتفاقية، فإنه "لا يكون لخطوبة الطفل أو زواج الطفل أي أثر قانوني"، وتحث على اتخاذ "جميع الإجراءات الضرورية، بما فيها التشريع، لتحديد سن أدنى للزواج ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمرا إلزاميا".
الزواج المبكر يحرم الفتاة الطفلة من حقوقها التي عبرت عنها وثيقة "اتفاقية حقوق الطفل" ووثيقة "حقوق الإنسان"، واتفاقية "القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة"، في الحماية، وفي الرعاية ، وفي الشعور بالأمان، وفي الصحة ، وفي التعليم والتنمية، وفي تحقيق قدراتها، وفي التمتع بوقت الفراغ الذي يستحقه كل طفل.
 والزواج المبكر يعمل ضد مصلحة الطفل الفضلى، وينتهك حق الطفل والطفلة في التعبير عن الرأي في المجالات التي تخصهما، وربما يكون أكثر الأمور ظلمًا للفتاة الطفلة، حرمانها من التعليم، الذي هو ضروري لتطوير قدراتها وإمكانياتها.
ومن الواضح أن التعليم يمكن أن يشكل صمام أمان للحد من الزواج المبكر؛ لكن الاستمرار في التعليم قد يعني في كثير من الأحيان قطع مسافات بعيدة، والمرور المتكرر على الحواجز، واحتمالات التعرض للأذى، وربما للموت؛ كما قد يعني في مرحلة ما و ظروف متقلبة وقاسية اقتصاديا، ترفا عندما تصبح لقمة العيش صعبة المنال؛ عند مواقف مثل هذه؛ هل تصمد الأم على موقفها من الزواج المبكر، أم أن الزواج المبكر هو حل سريع لمشكلات لا تجد حلا في الأفق.
ويعد التعليم إستراتيجية للوقاية من القرارات التي لا تقوم على أساس من الوعي أو الاختيار الحر، وهو بشقيه (الرسمي وغير الرسمي)، يستهدف الأسرة نفسها، وهو حق للجميع، وبشكل خاص، للفتيات اللواتي يتحملن وزر قرارات غير مبنية على اختيار واع؛ الأمر الذي يناقض حقوق الإنسان.
وقد أشارت العديد من الدراسات التي تناولت هذا الموضوع إلى وجود علاقة بين ارتفاع تعليم الفتيات وانخفاض نسبة الزواج المبكر في الأراضي الفلسطينية.
سن الزواج في الأراضي الفلسطينية:
قانون الأحوال المدنية المؤقت رقم 61 والمعدل في العام 1977، جعل سن الزواج في الضفة الغربية ، 15 سنة هجرية للفتاة؛ و16 سنة هجرية للفتى؛ أما في غزة ، فقد اعتمد قانون رقم 303 الذي صدر في العام 1954؛ والذي حدد سن الزواج الأدنى 17 سنة للفتاة و18 سنة للفتى.  ويعطي القاضي بناء على القانون، صلاحيات السماح بتزويج الفتاة التي هي دون هذا السن، إذا بلغت سن النضج، ووافق والدها على ذلك؛ إلا إذا كان عمرها يقل عن 9 سنوات ، والفتى يقل عمره عن 12 سنة؛ فقد منع القانون زواج الفتاة والفتى في هذه الحالات بتاتا.
وفي دراسة أجراها "طاقم شؤون المرأة"؛ لا زالت القوانين التي تحكم سن الزواج والمتعلقة بالمرأة مناطة بكل طائفة على حدة؛ فمثلًا سن الزواج لدى الطائفة السامرية لا يخضع لقوانين مدنية، كما هو الحال في القطاعات الأخرى.
إحصائيات حول الزواج المبكر في الأراضي الفلسطينية:
لظاهرة الزواج المبكر في أي مجتمع تبعاتها الاجتماعية والاقتصادية والحضارية؛ حيث تشير بيانات الزواج والطلاق في الضفة الغربية إلى أن العمر الوسيط عند عقد القران الأول على مستوى الضفة الغربية عام 1997 قد بلغ 18.0 سنة للإناث، و23.0 سنة للذكور.  وبلغ هذا المعدل 20.1 سنة للإناث، و 25.4 سنة للذكور عام 2010.
ويستدل من نتائج هذه الدراسات أنه كلما ارتفع مستوى التحصيل العلمي كلما ارتقع العمر الوسيط عند عقد القران؛ فقد بلغ العمر الوسيط عند عقد القران الأول لعام 2010 للذين يحملون مؤهلاً جامعيًا (بكالوريوس فأعلى)، 23.7 سنة للإناث؛ و26.8 سنة للذكور؛ بينما يلاحط أن العمر الوسيط قد بلغ 16.9 سنة للإناث؛ و24.5 سنة للذكور الحاصلين على مؤهل إعدادي كحد أعلى.
كما بلغت نسبة الذين عقدوا قرانهم وأعمارهم دون سن الثامنة عشر في الضفة الغربية خلال عام 2010، 21.8% للإناث، من مجمل الإناث اللواتي عقد قرانهن؛ و0.9% للذكور من مجمل الذكور الذين عقد قرانهم.
 

تعليقات

تعليقان (2)
إرسال تعليق
  1. غير معرف2/12/2021

    ابدعتم شكرا قلقيلية تايمز

    ردحذف
  2. غير معرف10/05/2022

    لمادا لا توجد مراجع وشكرا

    ردحذف

إرسال تعليق

محتويات المقال