الأعياد في قلقيلية
يحتفل أهل قلقيلية- كبقية أهالي فلسطين- بعيدين فقط في السنة، وهما عيد الفطر بعد رمضان المبارك، وعيد الأضحى أثناء موسم الحج.
عيد الفطر
هو العيد الأول عند المسلمين ويكون في الأول من شهر شوال بعد إتمام صيام شهر رمضان المبارك . يستحب فيه الإكثار من الذكر والزيارات وصلة الأرحام وإطعام الطعام، وتقديم العِيدِيّة، وهي تلك الهدية النقدية التي يعطيها الرجل لأبنائه وبناته وأخواته ومن له صلة رحم بهن.
عيد الأضحى
هو العيد الثاني عند المسلمين ويسمى بيوم النحر وهو اليوم العاشر من شهر ذي الحجة بعد إتمام مناسك الحج حيث ينحر الحجاج الأضحية وكذلك سائر المسلمين في البلاد المختلفة لذكرى فداء سيدنا إسماعيل بن سيدنا إبراهيم عليهما السلام.
وفي ليلة عيد الفطر، اي بعد ثبوت رؤية هلال شوّال، يخرج الأطفال الى الشوارع وهم يغنون فرحين بقدوم العيد:
والسيد ماله بقرة ... بنذبح بنته هالشقـــرة
والشقرا ما فيها دم ... نذبح بنته وبنت العـــم
بكره العيد يا مسعود ... دارت الميه في العـــود
يا سعيد ويا سعيد .. اليوم الوقفة وبكره العيــد
بكره العيد من حقه .. بنقطع راسك يا سقــــا
بكره العيد والثاني .. بنقطع راس أبو هانـــي
بكره العيد والثالث ... بنقطع راس أبو عايـــد
وفي العيدين تنشغل كل الأسر وينهمك جميع أفرادها صغارا وكبارا وخصوصا النسوة، بالإعداد للعيد، فيصنعون الكعك، وهو خبز مصنوع من الطحين المعجون بالماء وزيت الزيتون، ويمزج بالقزحة والسمسم وجوزة الطيب واليانسون والشومر والمحلب والقرنفل والقرفة، ثم يرق على قوالب مزخرفة برسوم متنوعة وجميلة مصنوعة من الخشب، ثم يخبز في الطابون او الفرن، وبعد إخراجه من الفرن يدهن بالزيت فيظل طريا وشهيا أياما طويلة.
وأول ما يفعله الناس في العيد هو أداء صلاة العيد صباحا، وبعد الانتهاء من صلاة وخطبة العيد يعود الرجال إلى بيوتهم من طريق أخر مخالف للطريق التي ذهبوا منه، اقتداءً بالسنة النبوية.
وكان الرجال الى عهد قريب يذهبون إلى المقبرة، لزيارة موتاهم وقراءة الفاتحة على أرواحهم، والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة.
ويذهب الرجال لمعايدة قريباتهم- بناتهم وأخواتهم وعماتهم وخالاتهم، ويقدمون لهن العيديات، وتقدم للضيوف القهوة العربية والكعك بالتمر والبقلاوة وأنواع أخرى من الحلويات. ثم يذهب الرجال الى المضافة او الديوان لمعايدة كبار رجال الحمولة، ومن ثم ينطلقون في مجموعة كبيرة لمعيدة باقي المضافات والدواوين في قلقيلية.
وكان الأطفال يقضون وقتهم فرحين مبتهجين بطريقتهم الخاصة البسيطة، فمنهم من كان يذهب الى ساحة المقبرة القديمة (وهي الان سوق الخضار ومبنى الأوقاف ومدرسة الشيماء ومبنى البلدية والغرفة التجارية) حيث كانت تنصب المراجيح الكبيرة.
وذكرت المرحومة رابعة محمد هلال (1910-2006م) كانت النساء والبنات يذهبن في العيد الى مقام النبي يامين. كما كانت تاتي نساء وبنات قرى كفر سابا، والطيرة، ومسكة، وبيار عدس، وجلجولية. وكن يذهبن في العادة وقت الضحى اي بعد تلقيهن "العديات" من الاهل والاقارب، وكن يذهبن ويعدن مشيا على الاقدام. وكانت النساء والبنات يقمن بالرقص والغناء، واللعب حتى وقت العصر، ثم يعدن ادراجهن الى قلقيلية وقد روَّحن عن انفسهن لسويعات قليلة. ليبدان بعد العيد شقاء حياتهن من جديد.
وكان بعض شباب القرية يعقدون الدبكات والرقصات الشعبية المصحوبة بالأغاني والأهازيج، كما كانت تجرى سباقات للخيل وغير ذلك.
ولا بد أن يكون اللحم هو الطعام الأساسي أيام العيد، وخصوصا في عيد الأضحى، حيث يقوم معظم الناس بذبح الاضحيات وتوزيعها على الأقارب وعلى الفقراء.
وفي العيد يلبس الجميع رجالا ونساء كبارا وصغارا ثيابا جديدة، ويفرح الاطفال بملابس العيد فرحا شديدا، حتى ان الطفل كان لا ينام ليلة العيد، الا ويضع ملابس العيد بجانبه على فراش النوم، ويتمنى ان تنجلي ساعات الليل الطويل بسرعة حتى ياتي العيد السعيد، ويلبس الثياب الجميلة.
شهر رمضان في قلقيلية
موسم الحج في قلقيلية
المولد النبوي الشريف
كانت ذكرى مولد النبي (صلى الله عليه وسلّم) في الثاني عشر من ربيع الثاني (الشهر الرابع من السنة الهجرية) من المناسبات الدينية الباهرة في قلقيلية، وكان الاحتفال من المناسبات الدينية ، وكان يتم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في المساجد بين صلاة المغرب والعشاء، وتضاء المصابيح والأنوار الكثيرة احتفاء بهذه المناسبة الطيبة. ويجتمع الناس في المسجد للاستمتاع بقصة المولد الشريف، ويتحدث احد المشايخ او امام المسجد عن مولد المصطفى (صلى الله عليه وسلّم) وسيرة حياته وجهاده في نشر الدعوة الإسلامية، والمعاناة التي واجهها الرسول من عشيرته ومن اهل قريش حتى وصل الاسلام، الذي بدا بشخص واحد، الى اكثر من خمس سكان العالم هذا اليوم، أي الى اكثر من مليار وربع مسلم .
وتصدح الاناشيد الدينية التي تمدح النبي الكريم وتسبح بحمد الخالق الباري، وتتناول شمائل النبي ومناقبه وجاهه ومقامه عند الله والناس. وينطلق صوت الشيخ مرددا الأشعار والمدائح، وبعد ذلك يصلي على النبي، فيرتفع صوت الحاضرين مرددين:
صلوا عليه وسلموا تسليما الله زاد محمدا تعظيما
وكانت توزع الحلوى، التي يكون قد تبرع بها احد المحسنين، على الحاضرين في المسجد ابتهاجا بهذه المناسبة الغالية على كل مسلم.
لكن لم يقتصر الاحتفال بالمولد النبوي على يوم تلك الذكرى فقط، فهم يقيمون احتفال المولد او يقرأون المولد في وقت من السنة تبركا بسيرة الرسول الكريم، او وفاءً لنذر قطعه احد الناس على نفسه، او على أمل شفاء مريض، او بمناسبة عودة غائب عزيز، او بناء بيت جديد او زواج ابن .. الى غير ذلك من المناسبات الشعبية، التي يرغب الناس ان ينتشوا ويستمتعوا بذكرى الرسول الكريم.
تعليقات
إرسال تعليق