القائمة الرئيسية

الصفحات

قلقيلية - التاريخ والحضارة

قلقيلية | التاريخ والحضارة

موقع قلقيلية

تقع مدينة قلقيلية في الجزء الشمالي- الغربي للضفة الغربية، غرب مدينة نابلس، وجنوب مدينة طولكرم، على خط العرض 32.02 شمالا، وخط الطول 35.01 شرقا، وتتميز قلقيلية بموقعها الجغرافي الهام لنشأتها على ارض سهلية هي جزء من ارض السهل الساحلي لفلسطين فوق طرفه الشرقي، القريب من أقدام سلسلة جبال نابلس.



قلقيلية | التاريخ والحضارة


فهي نقطة انقطاع طبيعية بين السهل غربا والجبل شرقا، وفي نقطة متوسطة بين التجمعات السكانية والحضرية الممتدة على طوال الساحل الفلسطيني، وعلى بعد 14 كيلومترا من الساحل الفلسطيني على البحر الأبيض المتوسط، ومن الشمال والجنوب تحيط بها بعض السهول والأودية الجافة التي تفيض بالمياه في فصل الشتاء


وتبعد قلقيلية عن مدينة نابلس مسافة 33 كم غربا، وعن طولكرم مسافة 30 كم جنوبا، وغير بعيد عنها الى جهة الغرب تمتد رمال السهل الساحلي الذهبية اللون، التي تعانق شطئآن البحر الأبيض المتوسط وأمواجه المتراقصة. وقد وصفها الشاعر الأديب المرحوم سيف الدين زيد الكيلاني في قصيدته "الحنين الى الوطن" عام 1945م حين كان مديرا لمدرسة قلقيلية الأميرية في عهد الانتداب البريطاني على فلسطين، حيث وصف ذلك السهل الجميل بقوله:


ورمال كالتبر تنساب نشوى *** من عناق الأمواج والشطئآن


وكانت قلقيلية قديماً محطة مرور للقوافل التجارية، وحلقة وصل هامة لطرق كثيرة تربطها بمدن فلسطين. وتبعد قلقيلية عن ساحل البحر المتوسط بحوالي 14 كم بخط مستقيم إلى جهة الشرق، وترتفع عن سطح البحر نحو 40 مترا في المنطقة السهلية الغربية، وتبدأ بالارتفاع التدريجي الى جهة الشرق لتصل الى 120 مترا في اعلى منطقة فيها وهي منطقة صوفين.


لقد جعل هذا الموقع من مدينة قلقيلية أن تصبح نقطة التقاء بين مدن فلسطين "شمالها بجنوبها وشرقها بغربها" حيث وصلت صفد وعكا، وحيفا، وطولكرم شمالا، وبئر السبع والمجدل وغزة جنوبا، وربطت نابلس وما والاها شرقا بيافا وقراها غربا. وتقع قلقيلية على بعد 75 كيلومترا الى جهة الشمال الغربي لمدينة القدس، كما تقع على الكيلو "82" لسكة الحديد الموصل بين الشام ومصر. وهذا الموقع امتازت به قلقيلية قديما حيث كانت محطة ومعبرا للقوافل التجارية التي كانت تحط الرحال عند ينابيعها وتحت ظلال أشجارها الوارفة.


تسمية قلقيلية

وقد ورد في الموسوعة الفلسطينية ان قلقيلية مدينة كنعانية الاصل وهي احدى الجلجالات الكثيرة التي ورد ذكرها في العهد القديم (والجلجال لفظ كنعاني اطلق على الحجارة المستديرة التي يكثر وجودها في فلسطين، وخصوصا في مناطقها الشرقية، ثم اطلق على كل شيء مستدير وعلى كل منطقة او مدينة مدورة).

ومن المحتمل ان تكون قلقيلية هي الجلجال المذكور في قائمة الملوك العموريين والكنعانيين وغيرهم.

ويذكر المؤرخ "يوسيفيوس" ان اسم قلقيلية الحالي يحتمل ان يكون قد اشتق من اسم قلعة رومانية كانت تعرف باسم (كاليكاليا Calecailea)، وهي القرية التي ذكرت في العهد القديم باسم "جلجاليا"، وهي واحدة من الجلجالات الكنعانية التي اقيمت بفلسطين. اما في المصادر الإفرنجية فذكرت باسم Calcelie - كلكيليه وهو نفس اللفظ المتداول على السنة أبنائها هذه الأيام.

اما ما ذهب اليه بعض المحدثين من غير المؤرخين الى ان اسم قلقيلية مشتق من "القَيْلَة"، وهي الموضع او المكان الذي تحط عنده الرحال، بغية الراحة من التعب، والتقيُّل في ظلال الأشجار، والتزود بالماء، فهذا راي ضعيف ولا يستند الى معطيات وحقائق تاريخية، ويعتقد ان الصدفة هي التي جمعت بين اسم قلقيلية ذي الجذور التاريخية، وموقعها الحالي الغني بالمياه والأشجار، والذي جعل منها محطَّا للرحال، وموضعا للقيلولة.

ويذكر الشيخ محمد صالح الخطيب في كتيبه الموسوم: "قلقيلية حتى عام 1942م" ان لقلقيلية تاريخ عمران قديم وتاريخ عمران حديث، والقديم لا يعرف تاريخه بالضبط، ومما يدل على عمران قلقيلية القديم الآثار الرومانية والإسلامية التي كانت موجودة فيها. فمن الآثار الدالة على تاريخ قلقيلية الروماني بئر الماء القديمة، وبجانبها حوضان كبيران للماء منحوتان من الصخر وكانا يستخدمان لسقاية المواشي، وقد اندثرت هذه الآثار بعد بناء المركز الصحي في المدينة. كما كان يوجد في قلقيلية قبور رومانية منحوتة من الحجر، وكان يأتي إلى قلقيلية في عهد الحكومة التركية بعض المنقبين عن الآثار، الذين كانوا يحفرون القبور ويخرجون منها قوارير وصلبانا رومانية وبعض الحلي الذهبية.

أما الدليل على عمران قلقيلية الإسلامي، الذي كان قبل عمرانها الحالي منذ عام 1220ﻫ (1805م)، هو وجود جامع قديم في القرية عبارة عن "إيوانين" كبيرين كانا يحتلان القسم الجنوبي- الشرقي من الجامع العمري (نسبة الى الصحابي عمر بن الخطاب) الموجود حاليا في قلقيلية، وتم هدمها عام 1847م، وبنيت بدلا منه ثلاثة ايونات جديدة. وفي عام 1868م أضيفت للمسجد ثلاثة أواوين جديدة، كانت تؤلف القسم الشمالي من المسجد. وفي عام 1878م بني إيوان على باب المسجد الشرقي. وفي عام 1956 تم هدم الايوانات التي بنيت عام 1847م، بسبب قدمها وانحدارها عن مستوى الشارع بعدة درجات، وتم إعادة البناء عام 1957م، واستخدم في البناء الاسمنت والحديد المسلح.

ويعتقد ان عمران قلقيلية الإسلامي كان بتاريخ الفتح العمري.


ودليل آخر على عمرانها القديم، بروز أسماء علماء أفاضل مسلمين خرجوا من قلقيلية ارتبط اسمهم بها قبل العمران الحديث لها، وهم:
  • 1. بهاء الدين داود بن إسماعيل القلقيلي: واحدا من علماء القرن الثامن الهجري، وكان فاضلا شافعيا، ارتحل إلى حلب ودرّس في مساجدها وتولى الإفتاء فيها. ورد ذكره في كتاب "شذرات من ذهب في أخبار من ذهب" لابن العماد شهاب الدين الحنبلي الدمشقي. توفي عام 780ﻫ.
  • 2. احمد بن ابي بكر بن يوسف القلقيلي: ولد عام 1356م. اخذ العلم عن كبار علماء الأزهر الشريف، ولهذا نسبه البعض الى الازهري. عرف عنه انه كان مقرئاً مبدعاً ملماً بعلم القرآن، واتصف بسعة علمه ومكانته المرموقة بين علماء عصره، حيث قال فيه احد العلماء: "إنه الشيخ الامام، والحبر الهمام، بركة المسلمين، وقدوة الأئمّة القراء، وحامل لواء الاقراء". وقال عالم آخر في وصفه: "إنه العالم العلامة، وحيد دهره، وفريد عصره". وتوفي رحمه الله عام 1453م.
  • 3. نجم الدين محمد بن احمد القلقيلي: ولد في قلقيلية، وانتقل صغيرا إلى القدس الشريف، وفيها تعلم قبل ان ينتقل إلى القاهرة ليأخذ العلم من علماء الأزهر الشريف. وفي مصر صنف كتابه "غنية المريد لمعرفة الإتقان والتجويد"، وهو مخطوط ذكر في الأزهرية، وكان رحمه الله قد فرغ من تأليفه عام 882ﻫ.
  • 4. شمس الدين محمد بن احمد بن إبراهيم القلقيلي الشافعي: من مواليد قلقيلية عام 776ﻫ. اخذ العلم بداية عن ابيه، ونزل معه بيت المقدس واخذ عن علمائها. ويذكر في مؤلف "الضوء اللامع" انه رحمه الله كان له ولدان هما احمد، وابنه النجم محمد، الذي كان حسن الصوت ناظما ناثرا كاتبا قارئا مجودا حسنا،
    وكان ينظم الشعر. مات ولده احمد في حياته ورثاه والده في قصيدة، منها الابيات التالية:
    شيئآن لو بكت عليهما *** عيناي حتى يؤذنا بذهاب
    لم يبلغا معشار عشريهما *** فقد الشباب وفرقة الأحباب
    وتوفي رحمه الله عام 852ﻫ
  • 5. شهاب الدين احمد بن محمد بن احمد القلقيلي المقدسي الشافعي:كان رحمه الله مقرئا حسن الصوت، والى جانب ذلك كان ملما بالكثير من علوم عصره. توفي عام 849 هـ.

إن قلقيلية كانت عامرة قديما حتى عام 900ﻫ، وذلك بدليل خروج آخر رجل منها وهو الشيخ شمس الدين محمد القلقيلي، ووفاته في القدس الشريف عام 852ﻫ (1448م). ثم خربت وهجرها أهلها، وكان آخر عمرانها وخلوها من السكان عام 900 هجري، ولم يذكر لقلقيلية عمران بعد هذا العام.


وقد ثبت عمران قلقيلية الحديث عام 1220ﻫ (1805م)، أي أن قلقيلية بقيت غير آهلة بالسكان اكثر من 320 عام. ولا يعرف سبب خراب قلقيلية وهجران اهلها لها.


وقد يعود سبب ذلك الى تفشي احد الأمراض الفتاكة فيها في ذلك الوقت (حيث اعتاد اهالي فلسطين ان يهجر اهل البلدة بلدتهم اذا حل بها مرض فتاك خوفا من ان يتعرضوا للهلاك مثل مرض الطاعون)، او ربما كان ذلك بسبب انعدام الأمان وكثرة اللصوص وقطاعي الطرق ابان الحكم التركي، فكان اللجوء الى المناطق العالية (الجبلية) والتحصّن فيها يوفر للناس الأمان، ويحميهم من خطر التعرض للسرقة، كما ان الأماكن العالية تسمح للناس مراقبة كل المناطق السهلية المكشوفة، وترصُّد حركة المارين، والحذر من أي خطر قادم.


ولهذا يحتمل ان يكون سكان قلقيلية او بعضهم قد صعدوا إلى "خربة صوفين" وأقاموا فيها للأسباب الآنفة الذكر، حيث كانت خربة صوفين تعلو رأس جبل ومحصنة تحصينا جيدا.


وبقيت قلقيلية غير آهلة بالسكان، تستمد مكانتها من كونها محطة استراحة وقيلولة لقوافل التجارة وقوافل الحجيج الوافدة من بلاد الشام ومصر، والذي أعطى قلقيلية هذه المكانة البئر الرومية التي كان تحط بجوارها تلك القوافل للاستسقاء والراحة، والصلاة في المسجد المحاذي لها.

خربة صوفين في قلقيلية:

تقع صوفين في ظاهر قلقيلية الشرقي على تلة مشرفة على السهول الغربية القريبة منها. وكانت صوفين قرية صغيرة مأهولة بالسكان قبل تدميرها عام 1813م والقضاء عليها كقرية قائمة بذاتها. وكانت فيها قلعة قديمة حصينة، وهي تعتبر إحدى قرى بني صعب في العهد العثماني.

وصوفين اليوم ضمن المخطط الهيكلي لبلدية قلقيلية وأمتد إليها العمران الحديث عام 1991م. فأقيمت البنايات ومعسكرات الجيش وحتى الاستراحات والمنتزهات. ترتفع صوفين عن سطح البحر ما يقارب 130 متراً كان هواؤها عليلاً منعشاً يطيب السكن فيها. وقد كانت صوفين حتى أوائل القرن التاسع عشر بلدة قائمة بذاتها تقيم فيها كثير من العائلات التي شكلت الإطار السكاني لقلقيلية بعد دمارها وخرابها على يد الأتراك.

وقد بنيت صوفين على التلة المرتفعة شرقي قلقيلية شأنها في ذلك شأن الكثير من القرى الفلسطينية التي أقيمت في العهد العثماني على رؤوس الجبال والتلال، لاعتبارات عديدة، أولها الرغبة في الاستفادة من حصانة الجبل، والتحصّن فيه من بطش الولاة العثمانيين، الذين كانوا يبتزون السكان ويفرضون أصنافا من الضرائب غير مقررة من الباب العالي.

وفضلا عن ذلك فان الأماكن العالية تعتبر أكثر أماناً، ويسهل الدفاع عنها ضد غزوات التجمعات المحلية المجاورة، وكذلك فان وقوع القرية في المرتفعات يعرضها إلى درجة اقل خطورة لمياه الفيضانات.

ومن الاعتبارات الأخرى لإقامة القرى على رؤوس الجبال والتلال هو السيطرة والإشراف على الحقول والبساتين، ففي الاماكن العالية يصبح من السهل مراقبة المزروعات وحمايتها من السرقات. ومن السهل تفهم هذا الاعتبار اذا لاحظنا سيادة فترات الفوضى وعدم توفر الأمان، وخاصة في العهد العثماني، كما ان سنوات المجاعة والمحل في ذلك العهد جعلت من الاعتداء على ممتلكات الغير امراً طبيعيا يمارسه الجياع دونما اعتبار لحقوق الملكية.

وهناك عامل نفسي آخر لا يمكن إنكاره، ومؤدّاه ان الإنسان بطبيعته ميال للبحث عن الاماكن العالية المشرفة على كل ما يحيط به، انطلاقا من احساسه بالرغبة في التفوق والسيطرة.

وبسبب فقدان الأمن والسلام والخوف من الغزاة مع عدم وجود سلطة مركزية قوية، جعلت من الضروري اقامة القلاع وتحصينها بشكل جيد امرا لا بد منه، خاصة في المناطق التي كانت تقع على طريق مرور القوافل والجند الأتراك.

خراب صوفين ورحيل أهلها عنها:

يبدأ عمران قلقيلية الحديث من تاريخ النزول الأول لأهالي خربة صوفين اليها عام 1220ﻫ (1805م). ففي ذلك العام حطت قافلة الحجيج المعروفة بـ"المحمل الشامي" رحالها عند بئر النبع في قلقيلية وكانت اذ ذاك خرابا غير آهلة بالسكان، تستمد مكانتها كمحطة استراحة وقيلولة لقوافل التجارة والحج من آبار النبع المتوفرة والموقع المتوسط على الطريق بين الشام ومصر. وكانت قافلة الحجيج تاتي من الشام ومعها جنود اتراك. وكالعادة كان قائد القافلة باشا عثمانيا. فأرسل وفودا الى القرى المجاورة يطلب منها زادا وجملا يستعين به على حمل لوازم الحجيج والجند. ووصل رسول الباشا الى صوفين حاملا رسالة قائد القافلة يطلب فيها جملا للقافلة، ولسوء الطالع كان امام القرية وهو الوحيد الذي يعرف القراءة والكتابة غائبا عن القرية.

وصدف أن تواجد في القرية في تلك الساعة رجلا يعرف القراءة والكتابة، فكلَّفه أهل صوفين بقراءة ما في الرسالة.. وعرف مضمونها وكتب الرّد على الرسالة وكان "سمعنا وعصينا.." وحمل الرسول الرَّد الى قائد القافلة المرابطة في قلقيلية أسفل صوفين، ولم يخبر صاحبنا عبد الله كاتب الرد اهل القرية الا في مساء ذلك اليوم ... فانكروا عليه فعلته، وعزموا على استدراك الأمر صباحاً واتفقوا على ان يذهب وفد منهم لمقابلة الباشا، ويقدموا له الطاعة والولاء والجمل الذي طلب، وفي الصباح عرف أهل صوفين أن الأمر قد فاتهم حيث وجدوا القافلة قد ارتحلت وغادرت قلقيلية ليلاً.

ووصل أمر عصيان صوفين الى الوالي العثماني، فأمر الباشا بمعاقبة أهالي صوفين بعد عودته من الحج. وفي طريق العودة نزلت القافلة مرة أخرى في قلقيلية، وبدون مقدمات سلط الجند مدفعهم وأخذوا يدكون القرية فهدمت بيوت كثيرة، ولم يتوقف القصف حتى رفع أهالي صوفين الرايات البيضاء. ونزل وفد من أهلها لمقابلة الباشا، حيث شرحوا له حقيقة الأمر وما كان من أمر الرسالة، وأن الأمر لم يكن عصياناً وخروجاً عن أمر السلطان.

ونتيجة لهذا القصف أضطر أهالي صوفين ممن هدمت بيوتهم إلى النزول لقلقيلية والاستقرار فيها عند بئر المياه، وكانت هذه الحادثة هي النزول الأول لأهالي صوفين الى قلقيلية.

اما النزول الثاني لأهالي خربة صوفين الى قلقيلية فيعود الى عام 1228ﻫ (1813م) عندما بعث والي الشام الى نائبه إبراهيم باشا لجمع الضرائب المطلوبة من بلاد نابلس والقدس، فاخذ هذا الباشا يستعمل الشدة والعنف في جمع الأموال مما اضطر "ابي عودة الجيوسي" شيخ منطقة بني صعب للعصيان والاحتماء والتحصّن في قلعة صوفين المنيعة حصونها. بعد أن ثار على إبراهيم باشا نائب والي الشام والذي تسلط في فرض الضرائب وعمل على جمعها بالقوة والطغيان.

قام ابراهيم باشا بملاحقة ابي عودة الجيوسي وحاصر صوفين طويلا الا انه لم يتمكن من اقتحامها والتغلب على مقاومة المتحصنين فيها، مما اضطره لطلب المساعدة من والي صيدا سليمان باشا، الذي قام بدوره بتجهيز حملة عسكرية بقيادة احد ضباطه المدعو "شمدين آغا". وتمكن هذا الكردي من اقتحام قلعة صوفين ودخولها بعد ان دمر معظم مبانيها، وقتل الكثير من اهلها المتحصنين فيها. ولم يكتف بذلك بل عمل على اتمام هدم ما تبقى من البيوت وأمر أهلها بالخروج منها، ولم يكن من خيار آخر امام اهل صوفين الا النزول الى قلقيلية، لقربها من اراضيهم ولتوفر المياه فيها. وكان ذلك نزول أهالي صوفين الثاني إلى قلقيلية، بعد خرابها والقضاء عليها كقرية قائمة بذاتها، حيث أصبحت صوفين بعد هذا التاريخ أطلالاً، ولم يتبق منها إلا بيوت مهدمة وبعض القبور الشاهدة على أمجاد صوفين وعمرانها. واما ابي عودة الجيوسي فقد اسره المهاجمون ثم اطلقوا سراحه مقابل فدية مالية

وحتى عقود قريبة كان في صوفين ما يقرب من 30 بئراً شتوياً، وبعض القبور التي لا يعرف أصحابها، عدا قبر واحد ظل حتى حرب عام 1967م وكان يحمل اسم صاحبه: الشيخ صالح بن خير الدين صبري.

وكانت صوفين تحتوي على نقوش في الصخور ومغارات وكهوف، وكان يوجد فيها بعض المساحات المرصوفة بالفسيفساء ومدافن محفورة في الصخور.

ويعتقد ان أهالي "خربة صوفين" كانوا أول من سكنوا قلقيلية، وهم النواة الأولى لسكانها. لكن الأستاذ محمد عبده رحمه الله يشير في مؤلف (الجوهرة النقية في انساب العشائر القلقيلية) ان آل عطية، وأصلهم من قرية "ابرير" من أعمال غزة، هم من أقدم العائلات التي سكنت قلقيلية (وكانت توجد باسمهم بركة عطية وسدرة عطية، ومكانهما جنوب شرق فرن فتوح، ولعل قرية رأس عطية سميت باسم جدهم عطية). كما ان آل حمدان والهرشيه وهم من آل قراقع، وبعض العائلات المصرية كانوا يقطنون قلقيلية قبل نزول أهل صوفين اليها بسنوات قليلة.

وبعد العمران الثاني لقلقيلية، اخذ الناس يفدون اليها من المناطق المجاورة، بسبب عوامل الجذب الطبيعي التي كانت تتمتع بها قلقيلية، والمتمثلة في خصوبة أراضيها الساحلية، والتي لا تحتاج إلى جهد كبير لإصلاحها وزراعتها مثل الأراضي الجبلية الوعرة. كما كانت قلقيلية محطة ومعبرا للقوافل التجارية التي كانت تحط الرحال عند بئرها الرومية للاستسقاء والراحة تحت ظلال أشجارها الوارفة.

لقد ساعد موقع قلقيلية الجغرافي أن تصبح نقطة التقاء بين مدن فلسطين شمالها بجنوبها، وشرقها بغربها. كما ان نزول اهالي صوفين الى قلقيلية بعد دمار قريتهم، كان عاملا مهما في جذب الناس اليها، ذلك ان الناس يستأنسون عادة بالاماكن المأهولة، ويشد بعضهم إزر بعض، في ظل غياب الامن والامان ابان الحكم التركي، وانتشار اعمال السرقة بشكل واسع، بسبب الفقر المدقع الذي كانت تعاني منه شريحة واسعة من المجتمع الفلسطيني في ذلك الوقت. شجعت هذه العوامل مجتمعة على انتقال العديد من العائلات من المناطق المجاورة للإقامة في قلقيلية.

وكانت عائلات نزال وشريم وداود عائلة واحدة، وجدهم الاكبر هو رجل اسمه داود، وهو من أصل حجازي، وكان قد قدم من الحجاز إلى قرية الدوايمة في منطقة الخليل مع الفتح العمري، وانتقل بعد ذلك للاقامة في باقة الحطب، التي كانت آنذاك قرية من أعمال نابلس. 

وقد تفرعت عائلة داود في باقة الحطب الى ثلاثة افرع بالأسماء المذكورة، وأعقب نزال الأبناء مصطفى وياسين وحمدان وحمد، ومنهم انحدرت عائلة نزال الموجودة الآن. وأعقب شريم نصر والمدلل، ونزل ابناؤهم علي بن نصر، وعوينات بن المدلل. اما داود فقد اعقب ولدان هما سليمان واحمد، ونزل أحفاده الى قلقيلية، ومنهم انحدرت عائلة داود الموجودة الآن في قلقيلية.

أما عائلة زهران فتنسب إلى رجل اسمه زهران من باقة الحطب، وكان يمت بصلة القرابة إلى داود من ناحية الأم، وقد نزل أحفاده إلى قلقيلية، ومنهم انحدرت عائلة زهران الموجودة حاليا في قلقيلية، وتتبع ديوان "آل داود".

ويذكر الأستاذ محمد عبده في كتابه "الدرة النقية في انساب العشائر القلقيلية" ان هذه العائلات انتقلت من باقة الحطب إلى خربة صوفين وأقامت فيها قرابة السبعين عاما قبل نزولهم الى قلقيلية عام 1222ﻫ (1807م).

أما عائلة زيد فقد قدم جدها الأكبر من معان في الأردن واسمه زيد بن احمد المعاني، وهو من عائلة كريشان الموجودة حاليا في معان، وأقام في باقة الحطب، وأعقب صويلح وإسماعيل والسمان، ونزل أحفاده مع بقية العشائر الى قلقيلية عام 1222ﻫ (1807م). ومن ابناء زيد كان رجل اسمه الشيخ محمد الباقاني، اشتهر هذا الرجل بالعلم، وسكن نابلس، وانحدرت منه عائلة صلاح الموجودة الان في نابلس.

ويذكر المرحوم الشيخ محمد صالح الخطيب أن آل جباره من العرب اليمانية وانحدرت العائلة من رجل واحد اسمه مصطفى ابو اجبارة نزل باقة الحطب، وقد اعقب هذا الرجل ثلاثة اولاد وهم: كايد وحسن ويوسف. ونزل أحفادهم في نفس العام الذي نزلت فيه بقية عشائر قلقيلية، ومنهم انحدرت عائلة ابو جبارة الموجودة حاليا في قلقيلية.

أما آل الشنطي فأصلهم من شنيط في مصر، وقبلها من العراق نزلوا قرية صوفين عام 1130ﻫ هم وعائلة صبري، وبعد تدمير صوفين رحل قسم منهم الى الجيّة نواحي غزة، ونزل قسم أخر في قلقيلية.

وجدَّا عائلة الشنطي هما يحيى ومحمد الشنطي، اما جدُّ عائلة صبري التي نزلت صوفين فهو الشيخ خير الدين صبري الذي قدم من بيت أمرَّ من نواحي الخليل وأقام في قرية صوفين، ونزل الى قلقيلية حفيده الشيخ حسن صالح صبري وأخيه موسى صالح صبري، الذين انحدرت منهما عائلة صبري الموجودة الآن في قلقيلية. اما الخطيب فهو لقب اطلقه على نفسه الشيخ صالح وهو الابن الأكبر للشيخ حسن صبري، عندما تولى إمامة المسجد العمري (المسجد القديم)، وكان يلقي فيه خطب يوم الجمعة، وأصبح هذا اللقب اسما لعائلته ولذريته من بعده.

ويعود أصل عائلة صبري الى قبيلة بنو تميم في العراق، الذين جاؤوا إلى فلسطين كمحاربين ضمن قوَّات القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي.

أما عائلة الصوص، فهم في الأصل من صلب عائلة فريج في بلدة كفر قاسم- وهي من المناطق العربية المحتلة عام 1948م، وتقع بالقرب من رأس العين الى الجنوب من قلقيلية. قدم والد جدهم يوسف وهو محمود مصطفى الصوص الى قلقيلية في أواسط القرن التاسع عشر، وأقام فيها وتزوج من ابنة عمه صالح عبد الرحيم فريج. وأنجب عددا من الأبناء كان أصغرهم يوسف وهو جدّ عائلة الصوص الحالية. واما اخوة يوسف فقد أُخذوا الى الخدمة العسكرية الاجبارية ابان الحكم التركي ولم يعودوا. وانجب يوسف عددا من الابناء وهم: زهير واحمد ومحمد وسهيل الذي يقيم في المانيا منذ عام 1968م. واسم الصوص لقب أطلق على عثمان، وهو الجدّ الثاني لمحمود الصوص، وأصبح اسم الشهرة له، والتصق هذا اللقب فيما بعد بالعائلة من ذرية عثمان، وأصبحت تعرف بهذا الاسم. لكن عائلة الصوص من فرع عثمان في كفر قاسم أعادوا بعد حرب عام 1948م اسم العائلة الأصلي وهو فريج، وسجّلوا رسميا بهذا الاسم، رغم انهم لا يزالون يعرفون باسم عائلة الصوص. وتنتسب عائلة الصوص في قلقيلية إلى ديوان حامولة آل شريم، وهي من الحمايل الرئيسية الخمسة في قلقيلية- شريم، نزال، داود، زهران، وزيد.

وأما الأخ الثاني لـ عثمان فهو إبراهيم فريج، وقد أطلق عليه لقب "نوّارة"، وهو الاسم الذي تعرف به عائلة نوّارة الموجودة حاليا في قلقيلية، وجدها الذي قدم من كَفْر قاسم إلى قلقيلية هو محمد إبراهيم نوّارة. وتنتسب هذه العائلة إلى ديوان محمد سعيد اليونس. اما الأخ الثالث لـ "عثمان " فهو عبد الرحيم فريج، الذي حضر ابنه صالح إلى قلقيلية، ومن ذريته كانت عائلة فريج الموجودة حاليا في قلقيلية، وتنتسب إلى ديون آل داوود (الجنوبي).

وتعيش في قلقيلية الكثير من العائلات من اصول مصرية، كانت قد قدمت إلى فلسطين مع حملة إبراهيم باشا على بلاد الشام، ويقال بأن البعض منهم هربوا من مصر إلى فلسطين بسبب الضرائب الباهظة التي كان يفرضها إبراهيم باشا على الفلاحين المصريين. وهناك قول آخر بأنهم جاءوا إلى فلسطين طلبا للرزق، وأقاموا في قلقيلية او في المناطق المحيطة بها من فلسطين المحتلة عام 1948م. كما يُعتقد ان بعضهم عمل في الخدمة العسكرية الإجبارية في القوات التركية، واستقر بهم المقام في مناطق فلسطين المختلفة. وربما السبب الاهم في انتقال الناس من بلد الى اخرى ايام العهد التركي هو ان المنطقة العربية كلها كانت تحت الحكم التركي، وكان العربي يتنقل بكل حرية بين ربوع الدولة الإسلامية، فلم يكن هناك اي عوائق امام العربي للانتقال من بلد الى آخر او من منطقة الى اخرى او من ولاية الى اخرى من اجل الاقامة والعمل فيها، لأنها كلها كانت دولة إسلامية واحدة، وظلت كذلك حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، التي أسفرت عن انفصال الأراضي العربية عن تركيا، وسقوطها بالتالي بيد الاستعمار الفرنسي والبريطاني، الذي قسمها إلى 22 دولة.

وقد اندمجت هذه العائلات في دواوين عشائر قلقيلية، وأصبحوا جزءا منها. لكن مع ازدياد أعدادهم بمرور الوقت، فقد آثرت بعض العائلات الانفصال في ديوان مستقل خاص بهم، حيث استقلت العائلات المصرية في ديوان آل شريم بديوان منفصل عنهم يعرف بـ "ديوان الشرفا". كما انفصلت عائلة الشنطي عام 1927م عن ديوان عشيرة آل نزال، بديوان منفصل يعرف باسم ديوان آل الشنطي وعاشور. كما ان آل موافي، وآل عامر انفصلوا عن دواوين عشيرة آل نزال (آل يونس نزال وآل مصطفى الحسين) وانشأوا دواوين خاصة بهم، وهي: ديوان (آل موافي)، ويقع في حي الظهر، وديوان (آل عامر)، ويقع قرب مشرع الكهرباء. أما باقي العائلات ذات الأصول المصرية فقد انصهرت قي دواوين عشائر آل زيد، وآل داود، وأصبحوا جزءا منها.



لقد نمت قلقيلية خلال فترة الانتداب البريطاني من الناحيتين السكانية والعمرانية، فزاد عدد سكانها من 2803 نسمة عام 1922م الى 5850 نسمة عام 1945م. ويعزى نموها السكاني الى عاملان اساسيان، هما: الزيادة الطبيعية للسكان المستقرين فيها، والزيادة السكانية الناجمة عن هجرة العائلات الريفية اليها من القرة المجاورة. 

وقد امتدت رقعة قلقيلية في اتجاهات الغرب والشمال والجنوب. وكانت أراضي قلقيلية الزراعية تمتد غربا مسافة سبعة كيلومترات وراء خط الهدنة في المنطقة المحتلة من فلسطين، حتى تصل الى قرى مسكة وكفر سابا اليهودية وبيار عدس، وتتوغل في السهل الساحلي جنوبا نحو عشرة كيلومترات، وتضم جلجولية إلى ان تصل الى راس العين. اما شمالا فتمتد الى خربة حانوتا والطيرة والطيبة في الأراضي المحتلة على بعد سبعة كيلومترات من قلقيلية.

وقد ذكر المؤرخ المقدسي عارف العارف ان مساحة اراضي قلقيلية كانت تقدر بـ "ستون" الف دونم، بينما أشار الشيخ محمد صالح الخطيب في كتابه قلقيلية حتى عام 1942م الى ان مساحة الاراضي التي يملكها اهالي قلقيلية حتى عام 1942م كانت نحو ثمانية وثلاثون ألف دونم، منها ثمانية وعشرين الف دونم سهلا وجبلا كانت مساحة اراضي قلقيلية، وعشرة ألاف دونم امتلكها اهالي قلقيلية من اراضي القرى المجاورة. في حين ذكرت موسوعة بلادنا فلسطين ان مساحة الاراضي التي امتلكها اهالي قلقيلية حتى تاريخ 1/4/1945م كانت حوالي 27,915 دونم، لكن السيد وليد السبع يؤكد بناءً على مصادر موثوقة ان مجموع مساحة الأراضي التي كان يتملكها أهالي قلقيلية حتى عشية حرب عام 1948م، وصلت الى نحو خمسة وأربعين ألف دونم، فقد كانوا يملكون اراضي في جلجولية ونصف اراضي بيار عدس، وربع اراضي كفر سابا، واصبحت املاكها تمتد من الطيرة والطيبة شمالاً الى نهر العوجا جنوبا. وقال بان منشأ الاختلاف في تقدير مساحة الأراضي التي كانت لأهالي قلقيلية قبل عام 1948م، يعود لسببين، أولهما: الخلط بين مفهوم مساحة أراضي قلقيلية كوحدة جغرافية ممتدة، وبين مساحة الأراضي التي كان يمتلكها أهالي قلقيلية. والسبب الثاني: يعود الى تعدد الدوائر التي كانت تسجل فيها الأراضي (الطابو). فالأراضي التي كان يمتلكها أهالي قلقيلية في منطقة جلجولية، بيار عدس، راس العين، اللُّد، المزيرعة .. وغيرها، كانت تسجل في قائمقامية يافا، بينما الأراضي التي كانوا يمتلكونها في منطقة مسكة تبصر الطيرة وكفر سابا، والطيبة، وقلنسوة، فكانت تسجل في قائمقامية نتانيا. اما أراضي قلقيلية كوحدة جغرافية واحدة، فكانت تسجل في قائمقامية طولكرم.

الزراعة

وكانت أراضي قلقيلية تُزرع بمختلف انواع الحمضيات، وأشجار الفاكهة - كالتفاح والمشمش والتين والعنب والبطيخ وقصب السكر والموز.

كما كانت تزرع مساحة كبيرة من الأراضي قمحا وشعيرا وسمسما وذرة. وكانت تمتاز أراضي قلقيلية الزراعية بارتفاع مستوى إنتاجيتها لخصب تربتها وتوفر مياه الآبار فيها، واحتراف أهاليها للزراعة. ونتيجة اتفاقية "رودُس" الموقعة عام 1949م، ومرور خط الهدنة من الجهة الغربية، تم فصل قلقيلية البلد عن اراضيها الزراعية الغربية، وبذلك فقدت قلقيلية أخصب أراضيها الزراعية، لا سيما الأراضي السهلية الخصبة المزروعة بأشجار البرتقال في غربها الشمالي والجنوبي (من الطيرة والطيبة شمالاً إلى رأس العين وكفر قاسم جنوباً). ولم يبق بحوزة أهالي قلقيلية التي غدت تمثل أقصى امتداد عمراني للأرض العربية غير المحتلة نحو الغرب سوى سبعة دونمات من أراضي السهل الساحلي، مزروعة برتقالا وليمونا وبئرا ارتوازية واحدة "بئر عبد السلام"، وألفان دونم من الأراضي المتموجة فوق اقدام المرتفعات (لا هي بالسهل ولا هي بالجبل، بل هي مزيج منهما)، وثلاثة آلاف دونم ارض جبلية جرداء قاسية.

وقد أقامت إسرائيل على أراضي قلقيلية المسلوبة عدة مستعمرات منها "نير الياهو"، "نيڤي يمين"، ومستعمرة "إيالEyal "، التي أقيمت في ظاهر قلقيلية الشمالي عام 1949م.

ومن الجدير بالذكر ان أهالي قلقيلية رغم كل الإغراءات اليهودية، وما كانو يعانونه من فقر المدقع في ظل الاحتلال البريطاني لفلسطين لم يبيعوا لليهود شبرا واحدا من اراضيهم، وكانوا اذا سمعوا بان شخصا له ارضاً مجاورة لأراضي قلقيلية يعتزم بيعها لليهود، يقومون في الحال بشرائها، خوفا من ان يبعها لليهود ويتخذونها موطئ قدم لهم في قلقيلية، وهذا موضع فخر واعتزاز شديدين لأهالي قلقيلية، الذين صانوا أرضها، ولم يفرِّطوا بشبرٍ واحدٍ منها، وماتوا دفاعا عنها، وسقطت سِلماً بأيدي اليهود، بموجب اتفاقيات "رودس" المجحفة عام 1949م، ولم تسقط نتيجة انهزامهم في الحرب.

وقد سمحت إسرائيل بعد حرب عام 1948م لأهالي قلقيلية بمزاولة أعمالهم في أراضيهم الواقعة وراء خط الهدنة، ومنحت التصاريح لأصحاب تلك الأراضي، واستمر الحال كذلك لمدة ستة أشهر. وحدث بعدها ان تقدم أهالي قلقيلية لسلطات الاحتلال الإسرائيلي بطلبات للحصول على تصاريح لدخول اراضيهم، فأخبروهم بان الموظف الذي يعطي التصاريح واسمه شلومو مريض، وعلى أصحاب الأراضي الانتظار حتى يشفى شلومو من مرضه. فقالو لهم، الا يوجد غير شلومو ليعطينا التصاريح؟ فاجابهم اليهود بانه لا يوجد غيره، لان التصاريح هي من اختصاص شلومو فقط، ولا يمكن لاحد غيره ان يصدرها! وبعد مرور أسبوع عادوا مرة ثانية، ويحذوهم الامل الكبير أن يكون شلومو قد تعافى من مرضه، فيعطيهم التصاريح، فقيل لهم".. ان شلومو قد مات!، وما دام شلومو قد مات فلا تصاريح بعد اليوم. وعندما يعود شلومو سوف نخبركم بذلك!". ولم يعد بعدها إصدار أية تصاريح لأصحاب الأراضي الواقعة خلف خط الهدنة.

شاءت الأقدار لقلقيلية ان "تنتكب" في تلك الفترة، وان تدفع ثمن الهزيمة وثمن الاتفاقات التي انبثقت عنها .وكان نصيبها من ظلم العالم، ممثلا بهيئة الأمم المتحدة، للفلسطينيين مدمرا، ومن القهر والهزيمة التي الحقتها قوات الحركة الصهيونية بالجيوش العربية مأساويا. فقرار التقسيم عام 1947، والتوسع الإسرائيلي اللاحق في منطقة المثلث عام 1948 واتفاقات رودُس عام 1949م جرّدت قلقيلية من أكثر من 90% من مساحة أراضيها السهلية مصدر رزقها الرئيسي ولم تحتل قلقيلية، كما حدث مع القرى العربية المجاورة لقلقيلية – مثل الطيبة وقلنسوة والطيرة ومسكة وكفر سابا وجلجولي، وكفر قاسم – التي كانت قد سقطت نهائيا بيد اليهود بسبب اتفاقية رودُس. وتحولت قلقيلية الى محطة أساسية لاستقبال اللاجئين من أبناء كفر سابا، عرب ابو كشك، مسكة، بيار عدس، الشيخ مونس، الطيرة. وبقيت حتى عام 1967م، بلدة حدودية ضمن المناطق العربية التي سميت لاحقا بالضفة الغربية للأردن، فصلها عن إسرائيل خط سكة الحديد الواصل بين تركيا وسوريا وفلسطين ومصر، الذي كان يمر وسط بساتينها وبمحاذاة بيوتها السكنية. وأصبحت أراضيها الواقعة غرب السكة والمتداخلة مع أراضي كفار سابا وجلجولية ورأس العين والطيرة ورعنانا ورمات غان أراضٍ محتلة وصارت جزءاً من أرض دولة اسرائيل.

عند التوقيع على اتفاقية رودس لم يتبقى لأهالي قلقيلية من أراضيهم التي بلغت مساحتها في عهد الانتداب ستون الف دونم، سوى ثمانية آلاف دونم، منها خمسة الاف في الجبل وثلاثة آلآف في السهل، وبئرا ارتوازية واحدة.

أمام هذا الواقع المؤلم، وفقدان قلقيلية لأخصب أراضيها كان على قلقيلية ان تواجه واقعها المؤلم الجديد بعد حرب عام 1948م نتيجة انكماش أراضيها الزراعية، وزيادة عدد سكانها منذ أوائل الخمسينات بسبب الهجرة إليها من المناطق المحتلة القريبة منها.

ورغم العمل بالأرض الا ان ذلك لم يحل مشكلة الفقر المدقع التي ألمَّت بأهالي قلقيلية بسبب مصادرة أراضيها الزراعية الخصبة، وكانت الحياة تزداد ضنكا، ومرت اشهر وسنين لم يجد فيها الناس ما يأكلونه، فأكلوا خبز الذرة البيضاء "الكراديش" لغلاء سعر القمح، حيث وصل سعر رطل القمح الواحد الى خمسة وثلاثون قرشا أردنيا، في ذلك الوقت، أي ما يعادل أكثر من 35 دينارا اردنيا هذا اليوم! كما أكلوا التمر الذي كانت ترسله العرق بالأطنان، كمساعدة منها للفلسطينيين. وقد سمِّي عام 48 بسنة التمر، حيث ترك الفلسطينيون أراضيهم المزروعة بالحنطة تحت التهديد بالقتل من قبل العصابات اليهودية. وفي ذلك الوقت اتجهت أنظار الشباب الى العمل، وخاصة في الضفة الشرقية، حيث عملوا كمدرسين وفي سلك الشرطة والجيش وفي التجارة، وسافروا بعضهم الى الكويت بعد اكتشاف البترول للعمل فيها، رغم المخاطر التي كانت تعترضهم للوصول إليها. فالطريق إلى الكويت لم تكن ممهدة، وغير مسموح للعبور إليها عن طريق نقاط العبور الحدودية، إذ كانت آنذاك مستعمرة بريطانية، ولم تكن هناك وسيلة واحدة للدخول الا بطرق غير شرعية عبر صحراء البصرة الواسعة بواسطة الأدلاء من تلك المنطقة. كانت الرحلة محفوفة بالمخاطر، ولكن شظف العيش دفع بالشباب إلى المغامرة والسفر مهما كلف الأمر، وكان الشباب يسافرون في مجموعات ليشد بعضهم إزر بعض، ويصلون الى الكويت بإذن الله تعالى سالمين.

ورغم هذا كانت فكرة السفر عند الشباب مروعة تثير الفزع والحزن لأهاليهم، ولهذا كان الاهل يودعون ابنائهم بالبكاء، وكان الحزن يخيم على أهلهم وأقاربهم، ويبقون كذلك حتى تصلهم الأخبار بوصول أولادهم الى الكويت سالمين. كما سافر في تلك الحقبة العديد من أبناء قلقيلية الى السعودية. وبعد ان يكتب الله لهم التوفيق بالعمل، كانوا يرسلون إلى أهاليهم ما تيسر من المال الذي ساعد الى حد ما على رفع مستوى المعيشة، وساعد على اكمال المئات من الشباب دراستهم الجامعية، وتشجير البيارات وحفر الآبار الارتوازية وشراء سيارات النقل التجاري.

واشتغل بعض شباب قلقيلية في "الحرس الوطني" الذي تم تشكيله بهدف حماية البلدة، وبادر آخرون الى استصلاح ما تبقى لهم من ارض جبلية، فقلعوا الصخور وردموا ارضها بالتراب وزرعوا ما استصلحوا من مساحات، بمختلف انواع الاشجار والخضروات. وشرعوا في حفر العديد من الآبار الارتوازية بطرق يدوية بدائية، وباع كثيرون منهم حُليْ نسائهم وساهموا في مشاريع حفر الآبار. واشتروا المضخات والانابيب لري البساتين والبيارات الجديدة، وشكلوا ما يشبه الجمعيات التعاونية الزراعية الصغيرة بعضها مازال قائما حتى الآن.

وما هي الا بضعة سنين بعد انقضاء غمامة "رودوس" حتى اصبح لاهالي قلقيلية عشرات البيارات من البرتقال، واكثر من ثلاثين بئرا ارتوازيا. واخذوا يصدرون انتاجهم من البرتقال الى الدول العربية.

وفي هذا الصدد يقول الجنرال "غلوب" باشا قائد الجيش الأردني السابق:


" ... كانت قلقيلية قد قاست كثيرا من خط الهدنة. فهي مدينة صغيرة في السهل الساحلي محاذية لسفوح أواخر التلال، وعلى مسافة 300 ياردة من المدينة تبدأ بساتين الليمون التي تنتشر على مدى النظر حتى البحر. واهالي قلقيلية او اباؤهم من قبلهم هم الذين غرسوا بساتين الليمون هذه غدت تشكل مورد رزقهم الوحيد. ثم جاءت الهدنة وخططت الحدود بين بيوت المدينة الصغيرة وبساتينها. فغنم اليهود جميع البساتين وترك سكان قلقيلية مقعدين في بيوتهم محرومين معزولين. ومما يزيدهم شقاءً انهم في ايام الخريف يستطيعون ان يروا اليهود على مسافة 300 ياردة وهم يقطفون بساتينهم. وقد نشأت في جميع انحاء المنطقة، شمالي وجنوبي وغربي قلقيلية، مستعمرات إسرائيلية جديدة ونمت نمو الفطر وسط البساتين، انها مجموعات من البيوت البيضاء تذكرك بمزارع ضخمة لتربية الدجاج مؤلفة من صفوف من الاقفاص الصغيرة البيضاء. وفي ذلك السهل ايضا وعلى بضعة اميال من قلقيلية توجد كبرى قواعد الجيش الإسرائيلي، كما ان المطار لا يبعد الا ثلاثة او اربعة اميال، فترى الطائرات عنده تقلع وتهبط طوال النهار. اما من الجهة الشرقية من قلقيلية فتمتد سلسلة الجبال الفلسطينية التي لا تعبرها سوى طرقات ضيقة كثيرة المنعطفات تضطر الى المرور عليها كل امدادات ترسل من قبل الجيش العربي لو تعرضت المدينة الصغيرة الى اعتداء.


ولكن اهل قلقيلية كانوا اصحاب عزم واقدام، فبعد ان قضوا الفترة الاولى في خيبة مريرة، شرعوا في العمل من جديد. لقد غنمت اسرائيل كل أراضيهم الخصبة، فلم يبق لديهم سوى تلك التلال الصخرية الجرداء شرقي المدينة، فامعنوا فيها حفرا وتمهيدا وبنوا فيها المدرجات، كي يؤمنوا لانفسهم مورد رزق جديد، مستعيضين به عن ذاك الذي فقدوه، بالرغم من وجود الخطر الذي تشكله هذه المستعمرات اليهودية النامية دون انقطاع وهي جدّ قريبة".


ولم يقتنع أهل قلقيلية بان ثمار بياراتهم وارضهم الواقعة امام نظرهم لم تعد ملكا لهم. وقام الكثير من رجالها باعمال كثيرة متنوعة وخطرة، لانقاذ أطفالهم من الجوع، ومقاومة الواقع الجديد وتحدي كل ما فرضته الاقدار على اهل البلدة. فكانوا يتسللون إلى أراضيهم المحتلة لجني ثمار بياراتهم التي حرموا من وصولها، وكان يحملون "شوال" البرتقال على ظهورهم لمسافات طويلة ويتعرضون لمخاطر القتل من اجل أن يحصلوا على بعض القروش يشترون بها ما يملؤون به بطون أسرهم الخاوية.


وقد ساهم الموقع المتميز لقلقيلية في تطور استخدامات الأرض المتعددة فيها عندما كانت فلسطين وحدة سياسية واحدة من حيث موقعها المتوسط الرابط بين المدن الفلسطينية الواقعة في مختلف الاتجاهات الجغرافية وما بينها، وقد ساعد في ذلك وجود سكة للحديد غربي المدينة في ذلك الحين. وبعد نكبة عام 1948م أصبحت قلقيلية مدينة حدودية فريبة من القرى الفلسطينية المدمرة، او التي هجرها اهلها هربا بأرواحهم بعد المذابح التي قامت بها العصابات الصهيونية لإجبار الفلسطينيين على مغادرة بيوتهم وأراضيهم. واستقر المقام بهؤلاء المهجرين في قلقيلية لقربها من قراهم، ولحلمهم بالعودة يوما ما إلى ديارهم التي هجروها قسراَ تحت تهديد القتل والتدمير. واضطربت اوضاع اهل قلقيلية مثلها مثل كل القرى والبلدات والمدن الفلسطينية المنكوبة، فمسجدها الوحيد ومدرسة البنات ومدرسة الذكور التي كان يختلط فيها الابتدائي والاعدادي والثانوي تحولت كلها الى ملاجئ للمهاجرين الهاربين من المعارك ومن المجازر. وكان نصيب قلقيلية من اللاجئين كبيرا فاق طاقتها على استيعابهم في بيوتها.


وأصبحت قلقيلية من أكثر مدن فلسطين نمواً من حيث تعداد السكان، فقد حلَّ فيها الآلاف من ابناء القرى والبلدات المجاورة التي احتلت عام 1948م، حيث ضاعفت من عدد السكان في ذلك الوقت. وكان هؤلاء المهجرين من قرى يافا ومنطقة أجليل والساحل المحاذي لقلقيلية، وهم: أهالي كفر سابا، وبيار عدس، ومسكة، وأجليل، وسيدنا علي، وعرب ابو كشك، وابو لبدة، وابو ملوح، والشوبكي، وابو حق، وسلمه وغيرهم. البعض منهم استقر وما زال يعيش فيها حتى الآن، والبعض الآخر مر بها ورحل عنها بسبب قلة الرزق وشحة موارد المياه فيها وتابع طريقه نحو المدن الداخلية الاخرى وباتجاه دول الشتات. فأهل البلدة كانوا يعتمدون بالاساس على ما كانوا يجنوه من بياراتهم ومن زراعة ارضهم الواقعة غرب سكة الحديد، ومن تربية المواشي، ومن التجارة مع الطيرة والطيبة ويافا وتل ابيب واللد والرملة. لكن الهزيمة افقدتها كل هذه الموارد، وأصبحت حالة اهلها متساوية في الفقر الشديد الى حد كبير مع حالة اللاجئين الذين وفدوا اليها.


في تلك الفترة ظهر جوع حقيقي في بيوت اهل البلدة وفي صفوف اللاجئين. ولولا كميات التمر الكبيرة التي قدمتها الحكومة العراقية لهلك قسم من السكان.

واذا كان فوج القوات العراقية الذي وصل اليها بقيادة سعيد القرشي لم يفعل الكثير في الدفاع عن اراضيها، فالتمر العراقي الذي قدمه بكميات كبيرة للبلدة ساهم في انقاذ فقرائها، مهاجرين وأنصار، من موت شبه محتم. وأتاح لصغارها فرصا للعمل. فقد اشتغل اولاد البلدة في جمع بذور"عجم" التمر وبيعها للأفران، التي صارت تعمل على تلك البذور بدلا من الحطب.

ومثلت المساعدات الدولية المورد الرئيسي لرزق الناس وتموينهم، ومنحت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين بطاقات اعاشة" كروت مؤن" ومساعدات تموينية طارئة وثابتة، وكانت حصة ابن البلد (غير المهاجر) تساوي نصف حصة اللاجئ الاصيل من كميات التموين المصروفة لهم. وأستوطن الكثير من هؤلاء اللاجئين قلقيلية فزاد عدد سكانها.

  • ومن عشائر كفر سابا التي استوطنت قلقيلية: آل ولويل، وجبر، وبدير، وسويلم، والنجار، وعلان، والبلاسمه، والعرباس، وداود، وعليان، والخطيب وغيرهم
  • ومن عشائر أجليل: أبو اسنينه، وفضيله.
  • ومن الشيخ مونس : نصر الله، ابو ديه، وشلويت، والمصاطفه.
  • ومن بيار عدس : آل النيص، ومشرفه.
  • ومن مسكه : آل الشبيطي، والجيوسي، ومصلح، وابو طاحونه.
  • ومن سلمه : آل سويدان .
  • ومن سيدنا علي : آل الدلو، والنبريصي، والقرم.
  • ومن فجه : آل ابو يمن، وآل الدماطي.

هذا وقد بلغ عدد سكان قلقيلية عام 1961م نحو 9 آلآف نسمة، شكل اللاجئون منهم نحو 3 آلآف نسمة، أي ثلث عدد السكان.

وبعد حرب عام 1967م، واحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة، فتحت إسرائيل اسواق العمل الاسرائيلي امام العمالة الفلسطينية الرخيصة، ونظرا لقرب قلقيلية من مراكز العمل الاسرائيلية، فقد وفد إليها الآلاف من المواطنين الفلسطينيين من أجزاء متفرقة من الضفة الغربية، وقطاع غزة للإقامة في قلقيلية، ومن ثم الانتقال إلى داخل إسرائيل للعمل في المشاريع الإسرائيلية، وما زال العديد منهم يتخذ من قلقيلية مقرا للإقامة الدائمة له منذ سبعينات القرن الماضي.


وقد أصبحت قلقيلية معبرا ومكان جذب لمختلف الأنشطة الاقتصادية، فأضحت مركزا تجاريا كبيرا، حيث يؤمه متسوقين من وراء الخط الأخضر، وتخصصت قلقيلية ببعض الأنشطة الاقتصادية عن غيرها من المدن الفلسطينية، فغدت مركزاً رئيسياً لتجارة الأثاث والأدوات المستعملة في الضفة الغربية وقطاع غزة.


وكانت المحصلة النهائية ان موقع قلقيلية الجغرافي كان له تاثير ايجابي على جذب السكان وتطور الخدمات المرافقة لهذا الجذب من زيادة العمران، والتوسع في النشاط التجاري والصناعي والزراعي وغيره.


وتحيط بقلقيلية أراضي قرى كلٍ من حبلة، النبي الياس، عزون، جيوس، فلامية. وتضم محافظة قلقيلية 35 من التجمعات السكانية، أكبرها من حيث عدد السكان بلدة عزون، تليها بلدة حبلة.


التطور الإداري لقلقيلية:

1.العهد الروماني:

رغم قلة المعلومات التاريخية عن التقسيمات الإدارية في فلسطين عامة قبل الفتح الإسلامي إلا أن المصادر تشير إلى أن فلسطين في العهد الروماني كانت تقسم إلى ٣ أقسام أو ولايات: فلسطين الأولى والثانية والثالثة (الصحراوية)، في حين كان جزء من شمال فلسطين - سهل عكا ومنطقة حيفا - يتبعان ولاية فينيقيا.

وقد ذكرت قلقيلية في هذه التقسيمات في منطقة فلسطين الأولى من قضاء رأس العين والمعروف باسم انتباترس (antipatris)، وكان يتبع هذا القضاء إدارياً 10 قرى في مقدمتها قلقيلية.

2. عهد الدولة الإسلامية:

بعد أن تم الفتح الإسلامي لبلاد الشام في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، قسمت بلاد الشام إلى اربعة أجناد وهي: حمص، دمشق، الأردن، وفلسطين. وكان جند فلسطين يضم المناطق الوسطى الجنوبية من فلسطين الحالية، وقسماً من شرق الأردن. وكانت اللد قصبة هذا الجند، وبالتالي كانت قلقيلية في إطار هذا الجند. وظل هذا التقسيم معمولاً به طيلة فترة الدولة الأموية والعباسية مع تعديلات في قصبة هذا الجند بين خليفة وآخر.

3. الدولة الفاطمية: أصبحت قلقيلية إحدى نواحي كور (ناحية) كفر سابا.


4. الدولة المملوكية:

حظيت جلجوليا المجاورة بمكانة بارزة وأصبح لها مركزاً متقدماً في المنطقة، وكانت قلقيلية واحدة من أعمال جلجوليا في هذا العهد. وفي هذه الفترة برز علماء قلقيلية ممن انتقلوا إلى مركز المنطقة جلجوليا لممارسة التعليم، ومنهم شمس الدين محمد بن أحمد القلقيلي.

5. الدولة العثمانية:

مع بداية العهد العثماني، قسمت الشام إلى ثلاث ولايات منها ولاية فلسطين، والتي قسمت بدورها إلى خمسة سناجق (ألوية) وهي القدس، غزة، صفد، نابلس، واللجون. فكانت قلقيلية تتبع سنجق نابلس.

وفي عام 1660م تشكلت ولاية أخرى في بلاد الشام وهي ولاية صيدا، والتي ضم إليها بعض أجزاء فلسطين.

وأخذ الولاة بسبب نفوذهم وقوتهم يتدخلون في أمور كل المناطق الفلسطينية، بحيث اعتبرت معظم التجمعات السكنية بما فيها قلقيلية في إطار ولاية صيدا ونفوذها. ويذكر أن والي الشام (دمشق) - والتي كانت فلسطين تتبعها - اضطر إلى طلب المساعدة من سليمان باشا والي صيدا بعد أن أخفق في مواجهة ثورة أبي عودة الجيوسي في صوفين في القرن التاسع عشر.

في عام 1864م صدر قانون تشكيل الولايات العثمانية وتم بموجبه تقسيم بلاد الشام إلى وثلاثة ولايات، وهي:ولاية سوريا (دمشق)، ولاية حلب، وولاية طرابلس، وكانت فلسطين كلها تتبع ولاية دمشق، وجعلت متصرفية كان مركزها القدس، وقسمت المتصرفية إلى أقضية وهي الخليل، غزة، اللد، نابلس والسامرة، الشقيف، حوران، الغور الشرقي، وسرعان ما تحولت نابلس وعكا إلى ألوية (متصرفيات) ضمن ولاية دمشق. وطيلة هذه الفترة كانت قلقيلية ناحية من نواحي نابلس. وفي عام 1867م تشكلت ولاية بيروت بضم ولايتي طرابلس وصيدا، وفي عام 1888م ضم العثمانيون إلى ولاية بيروت ألوية عكا ونابلس والشام واللاذقية. وكانت قلقيلية أحد نواحي مركز اللواء نابلس.

وفي عام 1893م استحدث قضاء جديد في سنجق نابلس، وهو قضاء "بني صعب"، واصبحت قلقيلية مركزا لناحية الحرم، نسبة الى حرم سيدنا علي، ويرتبط به قرى (اجليل، ومسكة، وكفر سابا، والطيرة، وجلجوليا، وام خالد، ووادي الحوارث، والحرم "سيدنا علي"، فضلا عن قلقيلية نفسها .

6. عهد الانتداب البريطاني:

لم تشهد قلقيلية في عهد الانتداب البريطاني على فلسطين تطوراً إدارياً مذكوراً، بل كانت سياسة الانتداب تتعمد إبقاء قلقيلية على ما هي عليه ووقف عملية تطورها وحرمانها من المستحقات الإدارية نتيجة لمقاومة أهالي المنطقة للانتداب البريطاني، وتصديهم لمحاولات الاستيلاء على أراضي المنطقة لضمها للمستعمرات اليهودية.

وظلت قلقيلية فترة الانتداب تعامل كقرية من قرى قضاء طولكرم رغم الزيادة في التعداد السكاني وتطورها العمراني والزراعي، واقتصر تعامل قلقيلية كتجمع سكاني كبير خلال تلك الفترة على التواجد العسكري المكثف.

7. العهد الأردني:

بعد أن ضمت الضفة الغربية للأردن في إطار المملكة الأردنية الهاشمية بعد نكبة عام 1948م، أخذت قلقيلية تستعيد بعض حقها المهضوم في التمثيل الإداري، استجابة للواقع النضالي الذي أبداه أهالي قلقيلية وما قاموا من جهود لإعادة بناء مدينتهم المدمرة واستصلاح أرضهم الجبلية بعد فقدان معظم سهولهم، وبروز أبناء قلقيلية في مجال العلم والآداب والصحافة والسياسة.

وتطورت قلقيلية في الخمسينات لتصبح ناحية من نواحي قضاء طولكرم، وصدر قرار مجلس الوزراء الاردني بهذا الخصوص بتاريخ 1951/6/6م

وفي عام 1965م تحولت الى قائمقامية، وكان السيد هاشم عبود اول قائمقام في قلقيلية، وتحولت الى مركزاً لقضاء مستقل يسمى قضاء قلقيلية. ويتبع هذا القضاء التجمعات السكانية التالية: قلقيلية، جيوس، حبلة، عزون، النبي إلياس، فلامية، كفر ثلث، راس عطية، كفر عبوش، كفر جمال، وما جاور هذه القرى من خرب وعزب. (الجريدة الرسمية للمملكة الاردنية الهاشمية - 1965/12/16م - العدد 1891)

8. سنوات الاحتلال:

منذ حزيران 1967م واحتلال إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وسيناء، ظهرت النوايا المبينة لقلقيلية، والتي سبق وهدد بها موشي دايان عام 1953م عندما صرح قائلاً: "سأحرث قلقيلية حرثاًً".

فقامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بتشريد أهالي المدينة ونهبها، وتدمير وحرق ما يزيد عن 70% من منازلها. وعمدت قوات الاحتلال إلى تطبيق سياسة الانتداب للانتقام من قلقيلية، فضمت قلقيلية إلى قضاء طولكرم، بحجة اتباع آخر تقسيم إداري في عهد الانتداب البريطاني. وظلت قلقيلية محرومة طيلة سنوات الاحتلال رغم التطور الهائل للمدينة وتفوقها الاقتصادي الملحوظ على غيرها من المدن الفلسطينية.

9. السلطة الوطنية الفلسطينية:

بعد رحيل جنود الاحتلال عن مدينة قلقيلية يوم 1995/12/17م، وبدخول طلائع القوات الفلسطينية، أصبحت قلقيلية "محررة" وأعلن الرئيس ياسر عرفات يوم ان زارها عن تسمية قلقيلية رسمياً بالمحافظة.

وقد أنهت السلطات الإسرائيلية خدمات رئيس بلدية قلقيلية عبد الرحمن محمد أبو سنينه في 1995/9/10م، أي مع تسلم السلطة لإدارة البلديات. وكانت السلطة الفلسطينية قد شكلت لجنة محلية لإدارة البلدية في تشرين أول عام 1995م برئاسة الأستاذ : معروف زهران.وقد افتتحت في قلقيلية محطتان للبث التلفزيون في منتصف شهر كانون أول عام 1994م، محطة تلفزيون قلقيلية، بإدارة طارق جبارة، ومحطة تلفزيون "الغد" بإدارة عمر الجاسر. وقد أغلقت محطة الغد فيما بعد، وافتتحت محطة أخرى وهي تلفزيون بلدنا، بإدارة خالد سعيد طه.


مناخ قلقيلية:


يسود قلقيلية مناخ حوض البحر الأبيض المتوسط – معتدل الحرارة صيفا مائل إلى البرودة شتاءاً. وترتفع نسبة الرطوبة فيها بشكلل اكبر من باقي مدن الداخل، وذلك بسبب قربها من البحر، حيث تبعد عنه اقل من 14 كم بخط مستقيم.

درجات الحرارة:

يبلغ المعدل السنوي العام لدرجات الحرارة في قلقيلية 18.9ْ مئوية، وهذا يتفق مع كونها ضمن مناخ البحر المتوسط، حيث المعدلل العام السنوي للحرارة يقع ما بين 17ْ-19ْ مئوية[25]. وبلغ معدل الحرارة العظمى في قلقيلية 22.3ْ مئوية، ومعدل الحرارة الصغرى 15.6ْ مئوية. وتتراوح درجات الحرارة في اشد شهور السنة حرارة (حزيران، تموز، آب) بين 28.6ْ نهارا – 21.7ْ مئوية ليلاً. أما ابرد شهور السنة (كانون أول، كانون الثاني، شباط) فتكون درجات الحرارة بين 14.3ْ نهارا – 9.4ْ مئوية ليلاً. وبلغ المعدل العام للحرارة في أحرُّ الأشهر (شهر آب) 26.15ْ مئوية، بينما بلغ المعدل العام للحرارة في ابرد الأشهر (شهر كانون ثاني) نحو 11ْ مئوية. وهذا دليل على اعتدال المناخ في مدينة قلقيلية صيفاً وشتاءاً.

ومن الجدير بالذكر إن معدلات درجات الحرارة لا تتباين كثيرا بين عامٍ وآخر، وتؤثر فيها خصائص الموقع والارتفاع والتضاريس. وقد سجلت أعلى درجة للحرارة في تاريخ قلقيلية الحديث في اليوم الثاني عشر من أيار عام 1996م، وبالتحديد الساعة الثانية ظهرا، وهي 41.4ْ مئوية[26].

نسبة الرطوبة في قلقيلية:


وبسبب قربها من البحر المتوسط - حيث لا تبعد سوى 14 كم بخط مستقيم- فان درجة الرطوبة مرتفعة فيها نسبيا بالمقارنة معع المناطق الجبلية ومدن الداخل، حيث يصل معدلها السنوي العام إلى نحو70%.

وتبقى درجات الحرارة والرطوبة السائدة في المدينة ملائمة للنشاط البشري صيفا وشتاءا، فالمناخ المعتدل هو احد عوامل جذب السكان إلى هذه المدينة، بالإضافة إلى انعكاسات هذا المناخ بشكل ايجابي على ازدهار الزراعة الصيفية والشتوية، والأشجار المثمرة، والنبات الطبيعي، والثروة الحيوانية، والمناحل.


كميات الأمطار في قلقيلية:

 من حيث الأساس يبدأ هطول الأمطار في قلقيلية في شهر تشرين أول، وينتهي في شهر نيسان، ويتفاوت هطول المطر بشكل كبير منن شهر إلى شهر، ومن سنة إلى أخرى، من حيث الكمية والتوزيع. فقد يحدث ان لا تسقط أمطار في بعض أشهر الشتاء، بينما تسقط بغزارة في الأشهر الأخرى.

أما من حيث كميات الأمطار التي تسقط على قلقيلية (وفقا لبيانات مديرية الزراعة ومدرسة السلام)، فقد بلغ معدل هطول الأمطار السنوي (اعتمادا على متوسط كمية الأمطار التي هطلت لمدة 42 عام: 1959-2006م) حوالي 664 ملم، وهي كمية كافية للزراعة البعلية والأشجار المثمرة البعلية كالزيتون واللوزيات والنبات الطبيعي، وتشكل هذه الأمطار مصدر تغذية رئيسي للمياه الجوفية، وهذا ما يفسر كثرة الآبار الارتوازية في قلقيلية. وقد سجل عام 1998-99م هبوطا حادا في كميات الأمطار، حيث لم تزد في تلك الفترة عن 224.2 ملم. أما أعلى كمية للأمطار فقد هطلت عام 1991/92م، حيث وصلت إلى 1371.7 ملم.

أما من حيث أشهر الشتاء التي تكون عادة أكثر احتمالا لهطول اكبر كمية من المطر فيها، فهي حسب الترتيب التالي: كانون أول (12)، كانون ثاني (1)، شباط (2)، تشرين ثاني (11)، آذار (3)، تشرين أول (10)، نيسان (4)، أيلول (9)، ونادرا ما يسقط المطر في شهر أيار(5).

وترتفع قلقيلية عن سطح البحر بنحو 80 مترا في المتوسط، حيث يبلغ ادنى ارتفاع لها وهو 40 متراً عند حدودها السهلية الغربية التيي يفصلها الجدار عن اراضي فلسطين المحتلة عام 1948م، بينما يصل اعلى ارتفاع لها عن مستوى سطح البحر إلى 120 متراً في منطقة صوفين عند مدخل قلقيلية الشرقي .

مصادر المياه في قلقيلية:


تعتمد مدينة قلقيلية بشكل رئيسي على المياه الجوفية، حيث يبلغ عدد الآبار الارتوازية فيها (37) بئراً، يمتلك المواطنون منها 333 بئرا، في حين تعود ملكية الآبار الأربعة الأخرى لبلدية قلقيلية، لغرض تزويد السكان بالمياه للاستخدام المنزلي. وقد اشترت البلدية بئر غياظة، وبئر "خضر"، بالاضافة الى البئرين اللذان كانت تمتلكهما البلدية في مشروع الكهرباء وصوفين. ومنذ بداية الاحتلال الإسرائيلي عام 1967م حظرت سلطات الاحتلال وبقوانين عسكرية حفر ابار ارتوازية جديدة او تعميق ابار قائمة، كما حددت الكميات المسموح ضخها. وقد بلغ متوسط الكميات المسموح ضخها من كل بئر في السنة 12000م مكعب. وتتربع قلقيلية على رأس الحوض المائي الغربي المسمى بحوض "التمساح" الذي يحتوي على مخزون مائي يعادل 52% من إجمالي مخزون المياه في الضفة الغربية. ويعتبر الحوض الغربي من أغنى الأحواض المائية في فلسطين، بسبب عمقه وموقعه بجانب السفوح الغربية للمرتفعات الوسطى. ويلاحظ أن الجزء الشمالي فيه أغنى من الجنوبي، ويحوي اكبر مخزون مائي حيث يصل إلى 600 مليون متر مكعب سنويا. ويوجد به حوضان للمياه: أحدهما سطحي، والآخر عميق. ويأخذ الفلسطينيون من الحوض السطحي، إذ يكفي حفر ما بين 50-200م فقط، ليتدفق الماء. أما الحوض العميق، فيحتاج إلى حفر ما لا يقل عن 700 متر لتدفق المياه، وهذا بالطبع مكلف ماديا. وتستغل إسرائيل ما نسبتi 95% من مياه الحوض الغربي، بينما يستغل الفلسطينيون منه 5% فقط.


ويبلغ عدد الآبار الارتوازية في محافظة قلقيلية 76 بئراً ، تستخدم 70 بئراً منها للري الزراعي، و 6 آبار أخرى وهي تابعة للبلديات والمجالس القروية، وتقوم بتزويد المواطنين بمياه الشرب وللاستخدام المنزلي والصناعي. ويصل عدد الآبار التابعة لمدينة قلقيلية نحو 37 بئراً.

النبات الطبيعي في قلقيلية:


تحتوي قلقيلية على الكثير من النباتات الموجودة في الضفة الغربية، يساعدها في ذلك موقعها الذي يتوسط السهل الساحلي الفلسطيني، من الغرب واقدام مرتفعات نابلس من الشرق، ومن اشهر هذه النباتات – النتش؛ النجيل؛ العليق؛ الشيح؛ الثوم البري؛ المرار؛ الجعدة، الميرمية؛ الحميض؛ قرن الغزال؛ الزنبق؛ اللوف؛ اللسينة؛ الزعمطوط؛ الشومر؛ النرجس (الرُنجس)؛ الرجلة او البقلة؛ الجعدة؛ الزعتر البري؛ زعتر عراق (بلاط)؛ السيسعة؛ القُرّيص؛ البابونج؛ الشومر؛ الفقع؛ الخبيزة؛ الحمصيص ... وغيرها الكثير.


المساحة والسكان:


بلغت مساحة أراضي قلقيلية في الأول من نيسان عام 1945م نحو 27,915 دونما (27.915 كم2)[i]، بالاضافة الى 10 الاف دونم امتلكتها قلقيلية من اراضي القرى المجاورة، بينما بلغت مساحة مسطح قلقيلية العمراني نحو 300 دونم فقط، ووصل عدد سكانها في نفس العام إلى 5850 نسمة. فبلغت الكثافة السكانية في ذلك العام 210 نسمة/ كم2. اما داخل المسطح العمراني لقلقيلية عام 1945 وهو 300 دونم، فبلغت الكثافة السكانية 195 نسمة/ كم2. وفي عام 1997م بلغت الكثافة السكانية في المدينة 7,938 نسمة/كم2 داخل حدود بلدية قلقيلية في تلك الفترة، والبالغة 4كم2. أما الكثافة السكانية بالنسبة للمدينة ككل - المسطح العمراني مع الأراضي التابعة لها وهي بمساحة (8 كم2)[ii] فقد بلغت 3971 نسمة/كم2.


 

وفي عام 2005 كانت مساحة الأرض داخل حدود المخطط الهيكلي لبلدية قلقيلية 4.26 كم2، ووصل عدد سكان قلقيلية حسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني الى 45 الف نسمة عام 2011م، ونظرا لثبات مساحة الأرض ارتفعت الكثافة السكانية الى (10.933 نسمة/كم2).


وكاتجاه عام، فان الكثافة السكانية لمدينة قلقيلية ستزداد، بسبب، الزيادة الطبيعية للسكان وتقلص مساحة الأرض نتيجة الزحف العمراني، وعودة المغتربين من دول الخليج العربي، حيث تقل سنة بعد سنة الجدوى من العمل في هذه الدول (أمام مزاحمة العمالة الرخيصة من دول جنوب شرق آسيا، وكذلك الهجرة الداخلية من القرى والمدن الفلسطينية الى قلقيلية، بسبب موقع المدينة القريب من مراكز العمل الإسرائيلية، وزيادة النشاط الاقتصادي، وتوفر الخدمات الصحية والتعليمية الجيدة وإمدادات المياه والكهرباء، الى جانب قلة الكثافة السكانية بالمقارنة مع باقي المدن الفلسطينية، في حين ستبقى مساحة قلقيلية على حالها، ان لم تتناقص في المستقبل، جرّاء السياسات الإسرائيلية الساعية إلى قضم وتهويد المزيد من الأراضي الفلسطينية.


وتشير وثائق بلدية قلقيلية ان اقدم إحصاء مرصود في سجلات البلدية هو الاحصاء الذي تم في عام 1931م. وقد بدأ الاستعداد لهذا الاحصاء برسالة موجهة الى مخاتير قرية قلقيلية في 1931/5/30م، من قائمقام طولكرم حلمي الحسيني ونصها ما يلي" "يقتضي مساعدة المجلس المحلي في كل أمر يتعلق بعملية إحصاء النفوس في القرية وتقديم أسماء الذكور والإناث في كل بيت في قلقيلية بالاشتراك مع المجلس" والسلام .." [iii].


وفي 1931/6/24م أرسل قائمقام طولكرم رسالة الى مجلس محلي قلقيلية يخبره بتعيين الأستاذ عبد الفتاح الكرمي مراقبا للاحصاء في الدائرة رقم 7 والتي تضم قرى قلقيلية جلجوليا، كفر سابا، وحبلة.


وقد قسمت قلقيلية الى 16 وحدة احصائية، عُيِّن لكل منها مامور يتولى عد البيوت والاشخاص في وحدته، وكانت على النحو التالي:

  • حسين محمد المصطفى
  • سعيد بكر صالح
  • محمد الشيخ إبراهيم
  • صادق سعيد الشنطي
  • محمود برهم
  • محمد الحاج صالح هلال
  • حسين احمد هلال
  • كامل حسن هلال
  • احمد محمد عبد الرحمن
  • أمين عناية
  • محمد الشيخ مصطفى زهران
  • الحاج اسعد نوفل
  • الحاج فارس ابو الذرة
  • علي الشيخ شاكر عبد الرازق
  • حسين عبد الحفيظ المحمود
  • محمود الحاج عيسى

وتشير معطيات الإحصاء الى ان عدد البيوت التي شملها العد بلغ "823" بيتا، وكان عدد الذكور "1930"، فيما كان عدد الاناث "1934" والمجموع "3864"، وهذه النتيجة أعلنت رسميا بتاريخ 1931/11/19م.


ومن الجدير بالذكر ان اول إحصاء لقلقيلية في عهد الانتداب البريطاني كان عام 1922م، ولكن لا توجد في أرشيف بلدية قلقيلية اية وثائق بهذا الخصوص.


وقد جرى اول إحصاء للسكان في عهد السلطة الفلسطينية عام 1997م، وبلغ عدد سكان قلقيلية 31772 نسمة. وبلغ عدد سكان مدينة قلقيلية حسب تعداد السكان عام 2007م (40.532 ألف نسمة) ، بينما قدر عدد سكان المحافظة لنفس العام بنحو 90 الف نسمة.


والجدول التالي يبين تطور عدد السكان في قلقيلية من عام 1922-2017م[iv] :



عدد سكان قلقيلية



لقد تباينت الزيادة السكانية في قلقيلية سلبا وايجابا بفعل الهجرات الناجمة عن الاحتلال الإسرائيلي. فارتفعت بعد نكبة عام 1948م، حيث استقبلت ثلاثة الاف نسمة، شكلوا نسبة 30% من عدد السكان في ذلك الوقت. بينما نزح من قلقيلية قسرا على اثر حرب عام 1967م 15% من السكان، هذا عدا عن الهجرة الطوعية لأهالي قلقيلية، بسبب سياسات "التطفيش" التي كانت ولا زالت تتبعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي طيلة سنوات الاحتلال، مثل تعريض المواطنين للمضايقات وتعطيل سفرهم وانقطاعهم عن وظائفهم في دول الخليج العربي، فآثروا البقاء في الخارج لعدم توفر فرص العمل المناسبة لهم في بلدهم بسبب محدودية القدرة الاستيعابية للاقتصاد الفلسطيني تحت الاحتلال، هذا عدا عن المعوقات التي كانت تضعها سلطات الاحتلال لتعطيل اقامة مشاريع استثمارية في الأراضي الفلسطينية.


وكان لتحول قلقيلية الى محافظة بعد اقامة السلطة الفلسطينية دور كبير في زيادة اهمية المدينة وإعطائها دورا مركزيا ترتب عليه زيادة اعداد الوافدين اليها لتلقي الخدمات او للتسوق او للإقامة والعمل فيها.


وكان لارتفاع أسعار الأراضي في المنطقة المعمورة من المدينة دور ايجابي في التوسع الراسي في البناء والتقليل من انتشاره الأفقي، كما يشار الى بعض التغير في العادات والتقاليد من حيث قبول السكان للسكن في الشقق ضمن عمارات متعددة الطوابق، وكان لارتفاع سعر الأرض دور ايجابي في التوسع العمودي في بناء المدرس والمساجد والمراكز الصحية[vii].


لقد تركز المسطح العمراني لقلقيلية خلال فترة الانتداب البريطاني حول الجامع القديم ثم امتد شمالا الى بداية حي زيد الشمالي، وجنوبا الى بيت عبد الرحيم السبع، وغربا الى كنايات دحبور، وشرقا الى ابعد من موقع دار البلدية الحالي بقليل. أي ان امتداد المسطح العمراني اتخذ شكل الدائرة، وكان المسجد القديم مركز هذه الدائرة.


وكانت شوارع قلقيلية ترابية باستثناء شارعين - الشارع الرئيسي ذو الامتداد شمال جنوب (حاليا شارع عبد الرحيم السبع) الذي كان معبدا، وقسم من الشارع الذي يمتد من الجامع القديم الى كفر سابا غربا. ولم تشهد قلقيلية في عهد الانتداب البريطاني على فلسطين تطورا إداريا مذكورا بل تعمدت سياسة الانتداب وقف عملية تطويرها، فبقيت تعامل كقرية تابعة لقضاء طولكرم رغم تطورها العمراني والزيادة في أعداد سكانها.


وقد حصلت قلقيلية على تطور هام في تمثيلها الإداري في العهد الأردني، حيث أصبحت مركزا لقضاء يتبعه قرى جيوس وحبلة وعزون والنبي الياس وفلامية وكفر ثلث وراس غطية وكفر عبوش وكفر زباد وكفر جمال وما جاور هذه القرى من خرب وعزب.


وفي عهد الاحتلال الاسرائيلي منذ عام 1967م عمدت سلطات الاحتلال الى تطبيق سياسة الانتداب البريطاني، فأعادت قلقيلية الى قضاء طولكرم بحجة انها تعمل وفق آخر تقسيم اداري في عهد الانتداب. وقل وصل عدد سكان قلقيلية عام 1980 الى 20,000 نسمة، وبلغ مساحة المسطح العمراني في زمن الاحتلال الى 2700 دونم[viii].


وقد اتخذ المسطح العمراني للبلد شكل المربع المائل الى المستطيل.


وفي عهد السلطة الفلسطينية وصلت مساحة المسطح العمراني في قلقيلية عام 2004 إلى 4,300 دونم. واتخذ المسطح العمراني شكل المستطيل، أي ان امتداد البلد الغربي الشرقي اوسع من امتدادها الشمالي الجنوبي.


هذه المساحة ما نسبته 15.76% من مساحة المنطقة المبنية المقدرة بـ 3.000 دونم. 


التجمعات السكانية:



وتضم قلقيلية اكثر من 35 من التجمعات السكانية: من جهة الشرق (النبي الياس، عزبة الطبيب، عسلة، عزون، كفر لاقف، وجينصافوط، والفندق، وحجة، وباقة الحطب، وجيت، وإماتين، وفرعطة، وكفر قدوم) ومن الشمال (صير، وكفر صور، وجيوس، وفلامية)، ومن الجنوب (حبلة، راس عطية، راس طيرة، عزبة سلمان، عزبة جلعود، المدور، خربة الأشقر، مغارة الضبعة) ومن الجنوب الشرقي (سنيريا، عزون عتمة، بيت أمين).

أما من جهة الغرب فيفصلها عن مناطق فلسطين المحتلة عام 1948م جدار إسمنتي يحيط بقلقيلية من جهتها الغربية.

وحسب معطيات جهاز الإحصاء الفلسطيني لعام 2007م، فقد بلغ عدد السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 0-14 عام في مدينة قلقيلية 16565 فردا، يشكلون ما نسبته 40.8% من مجمل سكان مدينة قلقيلية. وهذه دلالة واضحة على ان قلقيلية شأنها شأن البلدان الفلسطينية الأخرى- ذات مجتمع فتي (شبابي).

ومن البيانات الإحصائية الأخرى الهامة لعام 2007:

  • - عدد العاملين 7988 - منهم 6853 ذكور و 1135 إناث 
  • - عدد المساكن المأهولة 7613 مسكن  - متوسط حجم الأسرة: 5.5
  • - نسبة الإناث الى الذكور: 1: 1.05 (اي 100 انثى لكل 105 ذكور)
  • - العمر الوسيط: 18 سنة، وهو العمر الذي يتوسط عدد السكان، بحيث يكون 50% من السكان أدنى منه، و 50% أعلى منه.
  • معدل الإعالة السكانية: 0.79%. اي ان هناك 0.79 شخص معال مقابل كل شخص في سن العمل. ومن الواضح أن معدل الإعالة يعبر عن مدى العبئ الذي يلقيه السكان في فئات عمرية معينة على باقي الفئات في المجتمع.
معدل الإعالة الاقتصادية: غير المشتغلين 32542/ المشتغلين فعلا 7899 = (4.12) اي ان ما يزيد عن أربع اشخاص معالون في المتوسط من قبل كل شخص منخرط فعلاً في النشاط الاقتصادي
عدد السيارات: 17.8% : من مجموع عدد الأسر تملك سيارة
46.9% : من الأسر تملك هاتف ارضي (عدا المحمول)
85.9 : من الأسر تملك صحن لاقط
96.6% : من الأسر تملك تلفزيون
عدد المسجلين في وكالة الغوث: 32078 نسمة
عدد المساكن في قلقيلية: 7613 

أسماء المناطق في قلقيلية:

تشمل قلقيلية حسب تقسيمات القسم الهندسي في البلدية العديد من المناطق تصل الى أكثر من 30 منطقة، وهي:

  • - العينبوسية – بير قبعة
  • - القطعة – منطقة عوينات
  • - النقار
  • - المحجّر
  • - الرهنات – بير العدل
  • - سهل صوفين
  • - العرقدة -البنك العربي – شريم
  • - السباتي – غرب شريم (شريم)
  • - الدوار – جلجولية
  • - ام الدرب – شرق شريم وتمتد الى منطقة الظهر
  • - الظهر الشرقي
  • - الظهر الغربي
  • - القريِّة – جنوب الظهر الغربي
  • - الطبال
  • - مقتل بكر (حارة العبرة)
  • - خلّة الجلد – جنوب المسلخ
  • - خربة صوفين – شرق البلد
  • - النجمة
  • - الحصميص
  • - الرزازة
  • - الطبال
  • - مرج الخب (خلة الراعي وشرقها)
  • - مرج الزيتونات (حارة القرعان)
  • - النتشة (صالة الامراء)
  • - غياظة
  • - المقشور
  • - السرايا (وتمتد الى خلّة الجلد)
  • - الشكاير
  • - سطوح جيوس (الكارة او التشارة)
  • - يوبك غرب (مروج جيوس)
  • - خلّة اعمرو (بعد وادي ابو سكن)
  • - البلد القديمة

المعالم التاريخية في قلقيلية

من المعالم التاريخية التي طمست ودمرت من قبل الحركة الصهيونية في محافظة قلقيلية كانت "خربة حانوتا"، وتقع هذه الخربة داخل الخط الأخضر وعلى بعد 3 كم الى جهة الشمال من قلقيلية، وهي تابعة لأراضي قلقيلية المصادرة عام 1948م، وقد كانت عامرة ومأهولة بالسكان في العهد الفاطمي والمملوكي، وفيها صهاريج منقورة وقطع فخارية ومدافن محفورة في الصخر. وقد اقيم مكانها "كيبوتس إيال". والمسافر الى طولكرم على الطريق الشمالي -المغلق حاليا- يستطيع أن يرى بعض الآثار الخاصة بهذا المعلم.

أما مقام النبي يامين، فيقع في الجهة الغربية من قلقيلية داخل الخط الأخضر، ويبعد عن قلقيلية حوالي من 2 كم، ويوجد فيه قبور قديمة.

كما يوجد مقام النبي شمعون أو خربة بريكه، وتقع هذه الخربة الى الشمال الغربي من قلقيلية وهي ايضا داخل الخط الخضر. وفي عام 1950م أقيم بالقرب منها قرية أسموها "نير الياهو".

صوفين: وهي أعلى منطقة شرقي قلقيلية وقبل عام 1967 أقام الجيش الأردني فيها معسكرات بعد احتلال العدو الصهيوني للضفة والقطاع عام 1967م حاولت الحكومة الصهيونية جعل هذه المنطقة المهمة من الناحية الإستراتيجية والأمنية ( 125مترا فوق سطح البحر) منطقة عسكرية مغلقة، وحولتها الى منطقة سياحية يؤمها السياح فقط .

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. غير معرف4/26/2018

    شكرا على هذا المقال الشامل عن مدينة قلقيلية
    هذا الموقع افضل موقع يتحدث عن تاريخ مدينة قلقيلية شكرا للقائمين عليه لحفظ تراث قلقيلية والذكريات

    ردحذف

إرسال تعليق

محتويات المقال