القائمة الرئيسية

الصفحات

ممدوح نوفل - قائد عسكري وسياسي وكاتب فلسطيني بارز

عمر عبد الرحيم صالح نوفل - ممدوح نوفل

ممدوح نوفل (1944 – 2006)، واسمه الحقيقي عمر عبد الرحيم صالح نوفل، سياسي وقائد عسكري وكاتب فلسطيني بارز، يُعد من الشخصيات التاريخية البارزة في الثورة الفلسطينية المعاصرة. عُرف باسمه الحركي “ممدوح” وهو اسم اطلقه على نفسه محبة بأحد ضباط الجيش العراقي الذين رابطوا في نواحي مدينة قلقيلية خلال عامي 1948 و1949؛ لأن هذا الضابط أظهر براعة عسكرية عالية في قيادة المعارك ومقاومة القوات الإسرائيلية.

كان نوفل أحد المؤسسين للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بعد انشقاقها عن الجبهة الشعبية عام 1969، وتولى قيادة قواتها العسكرية ما بين عامي 1972 و1988، حيث لعب دورًا محوريًا في تنظيم العمل العسكري والسياسي للجبهة داخل لبنان وخارجه. كما شغل عضوية المكتب السياسي واللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية، وعضوية المجلس الوطني الفلسطيني منذ عام 1971 حتى وفاته، إلى جانب عضويته في المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية والمجلس العسكري الأعلى للثورة الفلسطينية.

شارك في قيادة العمل الوطني داخل منظمة التحرير، فكان عضوًا في اللجنة العليا لإدارة المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، ومثل القيادة الفلسطينية في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991. كما ساهم في تأسيس الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا)، وكان أحد قياداته البارزين.

عرف أيضًا بكتاباته السياسية والفكرية، إذ ألّف ستة كتب تناولت مسيرة النضال الفلسطيني وعملية السلام، من أبرزها: طبخة أوسلو، الانقلاب، البحث عن الدولة، الانتفاضة – انفجار عملية السلام، ليلة انتخاب الرئيس، ومغدوشة. ونشر عشرات المقالات والدراسات في صحف عربية ودولية مثل الحياة اللندنية والأيام الفلسطينية.

نال نوفل عدة تكريمات، أبرزها وسام نجمة الشرف العسكري الفلسطيني عام 2015، تقديرًا لدوره النضالي والسياسي. وقد عُرف بمواقفه الجريئة، فكان من أنصار مبادرة جنيف، ومعارضًا قويًا لعسكرة الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

توفي في العاصمة الأردنية عمّان يوم السبت الموافق 2009/7/21م  بعد صراع مع المرض، وشيّع جثمانه في جنازة رسمية بمدينة البيرة شارك فيها الرئيس الفلسطيني محمود عباس وعدد من قيادات منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية. 

اللواء ممدوح نوفل " عاش من أجل فلسطين " كما يقول شاهد قبره في مقبرة البيرة التي دُفن فيها


ممدوح نوفل - قائد عسكري وسياسي وكاتب فلسطيني بارز

النشأة والتعليم

وُلد ممدوح نوفل، واسمه الحقيقي عمر عبد الرحيم صالح نوفل، في مدينة قلقيلية بالضفة الغربية عام 1944، في أسرة فلسطينية متواضعة. نشأ في بيئة وطنية كانت تعيش آثار النكبة عام 1948، ما أسهم في تشكيل وعيه السياسي المبكر.

تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارس مدينة قلقيلية، حيث برز منذ صغره بنشاطه الثقافي والاجتماعي، واهتمامه بالقضايا القومية. التحق لاحقًا بـ دار المعلمين في الضفة الغربية، وتخرج منها ليعمل معلّمًا في مدارس المنطقة، قبل أن يتفرغ للعمل الوطني والعسكري.

وقد ارتبط اسمه الحركي “ممدوح” بمرحلة النشأة، حيث اختاره تيمنًا بضابط عراقي كان يرابط في قلقيلية واشتهر ببراعته في استخدام السلاح، وهو ما يعكس إعجاب نوفل المبكر بالنماذج العسكرية المقاومة.

السيرة النضالية والسياسية

انخرط ممدوح نوفل مبكرًا في العمل السياسي والحزبي، متأثرًا بالمد القومي العربي الذي اجتاح المنطقة في خمسينيات وستينيات القرن العشرين. عام 1961 التحق بـ حركة القوميين العرب، وشارك من خلالها في النشاطات الطلابية والسياسية والجماهيرية في الضفة الغربية.

مع تصاعد الصراع العربي–الإسرائيلي، انتقل نوفل إلى الجناح العسكري للحركة المعروف باسم “شباب الثأر” ثم “أبطال العودة” عام 1965، حيث أسس مجموعة مسلّحة في قلقيلية عام 1966، لتكون من أوائل الخلايا التي مارست العمل الفدائي في الداخل الفلسطيني.

لقد شكلت هذه المرحلة نقطة تحول في مسيرته، إذ انتقل من التعليم والعمل المدني إلى الانخراط المباشر في النضال المسلّح، واضعًا الأسس الأولى لمسيرته الطويلة كقائد عسكري بارز في الثورة الفلسطينية.

العمل الفدائي وتأسيس الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية

بعد هزيمة حزيران 1967، ترك ممدوح نوفل مهنة التدريس بشكل نهائي، والتحق بالعمل الفدائي في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين منذ تأسيسها. ساهم في تأسيس جناحها العسكري في الأردن عام 1968، وكان له دور بارز في بناء البنية التنظيمية والعسكرية التي شكّلت قاعدة للعمليات الفدائية ضد الاحتلال. 

لكن سرعان ما برزت خلافات فكرية وسياسية داخل الجبهة الشعبية، الأمر الذي أدى إلى انشقاق عدد من قادتها في شباط/فبراير 1969 وتأسيس الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وكان نوفل أحد مؤسسيها البارزين.

تولّى منذ البداية قيادة القطاع العسكري للجبهة الديمقراطية، ثم عُيّن قائدًا عامًا لقواتها العسكرية بين عامي 1972 و1988. كما أصبح عضوًا في اللجنة المركزية والمكتب السياسي للجبهة، ليجمع بين المسؤوليات التنظيمية والسياسية والعسكرية.

خلال هذه الفترة، شارك نوفل في قيادة العديد من العمليات العسكرية، وفي إعادة بناء التشكيلات المسلحة الفلسطينية في الأردن ولبنان، مما عزّز مكانته كأحد أهم القادة العسكريين الفلسطينيين في السبعينيات والثمانينيات.

مرحلة بيروت والاجتياح الإسرائيلي 1982 

عاش ممدوح نوفل سنوات السبعينيات والثمانينيات في قلب العمل العسكري والسياسي الفلسطيني في لبنان، حيث لعب دورًا محوريًا في تنظيم القوات الفدائية بعد خروجها من الأردن. ومع اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية (1975)، تولّى مسؤوليات عسكرية وتنظيمية كبيرة، خاصة في حماية المخيمات الفلسطينية والدفاع عن مواقع الثورة الفلسطينية.

في صيف 1982، وأثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان وحصار بيروت، كان نوفل أحد القادة العسكريين الفلسطينيين الذين أشرفوا على إدارة المعارك ضد قوات الاحتلال. وبعد الاتفاق على خروج قوات منظمة التحرير من بيروت، غادر مع القوات الفلسطينية إلى خارج لبنان.

غير أنه عاد لاحقًا إلى الساحة اللبنانية، وساهم في إعادة تنظيم القوات الفلسطينية المسلحة داخل المخيمات وفي محيطها. تولّى قيادة قوات الثورة الفلسطينية في لبنان بين عامي 1986 و1988، وهي فترة صعبة تميّزت بالصراعات الداخلية الفلسطينية – الفلسطينية، إضافة إلى الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.

في تلك السنوات، برز نوفل أيضًا كأحد المستشارين السياسيين والعسكريين لياسر عرفات، حيث كان يقدّم رؤى استراتيجية حول إعادة بناء القوة الفلسطينية في ظل التحديات

الانتقال إلى تونس ودوره في الانتفاضة الأولى (1988 – 1991)

بعد أحداث أيلول 1988 وما شهدته الساحة اللبنانية من تحولات، غادر ممدوح نوفل لبنان إلى تونس حيث المقر الجديد للقيادة الفلسطينية. هناك، أُسندت إليه مهام سياسية وتنظيمية بالغة الأهمية، فتم تعيينه:

  •  عضوًا في اللجنة العليا لشؤون الوطن المحتل، وهي الهيئة التي شكّلتها القيادة الفلسطينية لمتابعة الأوضاع داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
  •  عضوًا في قيادة العمل اليومي للانتفاضة الأولى (1987–1993)، وهي القيادة التي كان يتولاها الرئيس ياسر عرفات مباشرة، وكانت تُدير التنسيق مع القوى الوطنية واللجان الشعبية داخل الأرض المحتلة.

كان نوفل من أبرز العقول التنظيمية التي ساهمت في صياغة آليات الدعم السياسي والإعلامي والمالي للانتفاضة، وربط العمل الشعبي في الداخل بالمستوى القيادي في الخارج. عُرف بواقعيته في النظر إلى المتغيرات الإقليمية والدولية، وبقدرته على الربط بين المقاومة الشعبية وخيارات العمل السياسي.

عام 1988، أصبح عضوًا في القيادة الفلسطينية ممثلاً عن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، كما انضم إلى اللجنة العليا لمتابعة المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، وهو الموقع الذي أهّله لاحقًا للمشاركة بصفته الرسمية في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991.

المشاركة في مؤتمر مدريد وبداياته في ملف المفاوضات (1991 – 1995)

كان ممدوح نوفل أحد أبرز الشخصيات الفلسطينية التي انخرطت مبكرًا في ملف المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية. فقد تم اختياره عام 1991 عضوًا في اللجنة العليا لمتابعة المفاوضات، ومثّل هذه اللجنة في مؤتمر مدريد للسلام الذي عُقد في تشرين الأول/أكتوبر من ذلك العام، بمشاركة وفود عربية ودولية.

في مدريد، لعب نوفل دورًا محوريًا في:

  1.  إعداد المواقف الفلسطينية وتنسيقها مع الوفود العربية، خصوصًا الأردنية، في ظل إصرار إسرائيل آنذاك على رفض مشاركة منظمة التحرير بشكل مباشر.
  2.  المساهمة في رسم الخطوط التفاوضية التي حافظت على مرجعية منظمة التحرير رغم غيابها الرسمي عن قاعة المفاوضات.
  3.  إبراز الجانب السياسي والبرلماني من القضية الفلسطينية، من خلال عضويته في المجلس الوطني والمجلس المركزي، ما منحه خبرة تفاوضية ودستورية في آن واحد.

مع انطلاق مفاوضات واشنطن اللاحقة لمؤتمر مدريد، واصل نوفل أداءه كعضو فاعل في الفريق الفلسطيني. ورغم أنه تحفّظ على بعض المسارات السرّية التي قادت إلى اتفاق أوسلو (1993)، إلا أنه ظل ملتزمًا بخط المفاوضات العلنية، معتبرًا أن أي حلّ يجب أن يمر عبر الشرعية الدولية ومشاركة القوى الوطنية.

وفي هذه المرحلة، بدأ نوفل بالتفرغ بشكل أكبر للكتابة السياسية، حيث سجّل ملاحظاته على سير المفاوضات، والتي تحوّلت لاحقًا إلى مؤلفات وكتب نقدية تُعد من أهم المراجع الفلسطينية حول تلك المرحلة، مثل كتابه “الانقلاب: المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية مدريد – واشنطن” (1996).

العودة إلى الوطن وأدواره السياسية والأمنية (1996 – 2000)

عاد ممدوح نوفل إلى الأراضي الفلسطينية بتاريخ 3 آذار/مارس 1996، بعد ما يقارب ثلاثة عقود من النضال في المنافي والميادين العسكرية والسياسية. وقد جاءت عودته في سياق مرحلة ما بعد اتفاق أوسلو، حيث سُمح لعدد من قيادات منظمة التحرير بالعودة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة.

مع وصوله، تسلّم عدة مهام بارزة:

  •  عضو في المجلس الأعلى للأمن القومي الفلسطيني، وهو جهاز استشاري يهدف إلى رسم السياسات الأمنية العليا للسلطة الوطنية الفلسطينية.
  •  مستشار للرئيس ياسر عرفات للشؤون الداخلية، حيث لعب دورًا في تقديم الرأي حول العلاقة بين المؤسسات الرسمية والفصائل الفلسطينية.
  •  مشارك في صياغة السياسات الأمنية والسياسية للسلطة في مرحلة بالغة الحساسية، تزامنت مع صعود المقاومة المسلحة من جهة، واستمرار العملية التفاوضية من جهة أخرى.

إلى جانب عمله السياسي، واصل نوفل نشاطه الفكري والبحثي، وبدأ بكتابة سلسلة من الكتب والدراسات التي أرّخت لمسار التسوية الفلسطينية – الإسرائيلية كما أصبح نوفل من أبرز الأصوات النقدية داخل الساحة الفلسطينية، فقد أيّد مبدأ التسوية السياسية القائمة على حل الدولتين، لكنه في الوقت ذاته عارض بشدة عسكرة الانتفاضة الفلسطينية الثانية (2000)، معتبرًا أن الخيار المسلح بعد قيام السلطة الفلسطينية سيؤدي إلى نتائج عكسية على المشروع الوطني.

مؤلفات ممدوح نوفل

كان ممدوح نوفل كاتبًا ومفكرًا سياسيًا بارزًا، جمع بين العمل الميداني والنضال الفكري، وترك إرثًا من الكتب والمقالات التي وثّقت مراحل حاسمة من تاريخ القضية الفلسطينية والصراع العربي – الإسرائيلي، وتحليل مفصل لعمليات السلام والفشل والتحديات التي واجهتها.

صدر له ستة كتب رئيسية:

  1.  “طبخة أوسلو” (1995): تحليل نقدي لاتفاق أوسلو وظروف توقيعه، واستعراض للعوامل الداخلية والخارجية التي أدت إلى نتائج غير مرضية للقضية الفلسطينية.
  2.  “الانقلاب – مفاوضات فلسطين-إسرائيل مدريد – واشنطن” (1996): دراسة معمقة لعملية مفاوضات مدريد التي مهدت لاحقًا لاتفاق أوسلو، مع تقييم دور الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية والدولية.
  3.  “البحث عن الدولة الفلسطينية” (2000): محاولة لرصد تطور الفكر الوطني الفلسطيني ومسار الدولة الفلسطينية المحتملة، واستعراض العقبات القانونية والسياسية.
  4.  “الانتفاضة – انفجار عملية السلام” (2002): تحليل لانتفاضة الأقصى وأثرها على العملية السلمية، مع نقد للتجارب السابقة والحلول المقترحة.
  5.  “ليلة انتخاب الرئيس” (2005): توثيق للتجربة الديمقراطية الفلسطينية ومرحلة الانتخابات الرئاسية، مع ملاحظات حول تحديات بناء مؤسسات الدولة.
  6.  “مغدوشة – قصة الحرب على المخيمات في لبنان” (2006): سرد دقيق للأحداث العسكرية والسياسية خلال الحروب على المخيمات الفلسطينية في لبنان، مستندًا إلى شهادات ومعلومات مباشرة.

إضافة إلى كتبه، نشر ممدوح نوفل العديد من المقالات والأبحاث في الصحف الفلسطينية والعربية، أهمها في:

  •  جريدة الحياة اللندنية،
  •  صحيفة الأيام الفلسطينية،
  •  ومواقع عربية مختصة بالشؤون الفلسطينية والعربية.

ركزت كتاباته على:

  •  شرح مسار الثورة الفلسطينية وتوثيق محطات النضال،
  •  نقد وتحليل عمليات السلام الفلسطينية – الإسرائيلية،
  •  تقديم رؤى حول الإستراتيجيات السياسية والأمنية،
  •  تسليط الضوء على التحديات الداخلية للفصائل الفلسطينية.

تميزت مقالاته بالعمق التحليلي والموضوعية النسبية، مع الجمع بين الخبرة الميدانية والمعرفة الأكاديمية، ما جعل أعماله مصدرًا مهمًا للباحثين والمهتمين بالشأن الفلسطيني المعاصر


اغلفة كتب ممدوح نوفل

هذه هي كتب ممدوح نوفل الستة وشرح مبسط عن محتوياتها

 البحث عن الدولة الفلسطينية (2000)

ممدوح نوفل - قائد عسكري وسياسي وكاتب فلسطيني بارز

يغطي هذا الكتاب فترة عقد من الزمن يمكن اعتبارها من اهم الحقب التي مر بها الشعب الفلسطيني سياسيا، فقد شهدت هذه الفترة خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان وانهيار الاتحاد السوفيتي وتأثير ذلك على الساحة السياسية العربية والفلسطينية، واندلاع الانتفاضة في الارض المحتلة. ومؤتمر مدريدوبداية المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية. وكان المؤلف خلال هذه الفترة في دائرة صنع القرار وعلى اطلاع واسع على تفاصيل الامور وآليات صنع القرار وادوار الاطراف العربية والاجنبية.

ويقع هذا الكتاب في تقاطع محاور عدة . فهو يجمع بين السرد التاريخي والمذكرات الشخصية. وتدوين وقائع اساسية لشاهد عيان ومشارك في الاحداث. فهو اذن وثيقة اساسية للباحث والمؤرخ ، ومصدر معرفة واطلاع للقارئ والدارس، وسجل لجوانب من الحياة السياسية للشعب الفلسطيني تركت أثرا هاما في مسعاه للبحث عن الدولة.

 الانتفاضة – انفجار عملية السلام (2002)


ممدوح نوفل - قائد عسكري وسياسي وكاتب فلسطيني بارز

بعد أيام من انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الثانية، أواخر أيلول”سبتمبر” 2000، أيقنت أنها حركة شعبية لها ميزات خاصة. وأنها قادرة على التواصل والاستمرار فترة زمنية طويلة، وسيكون لها نتائج وآثار واسعة على الشعب الفلسطيني وسائر شعوب المنطقة. وكنت مقتنعا ان مشاركة السلطة الوطنية الفلسطينية فيها لا يقصر من عمرها، بل يطيله ويعطيها بعدا سياسيا ونضاليا نوعيا جديدا. خاصة ان الفلسطينيين في الضفة والقطاع وضمنهم ناس السلطة وذويهم، لم يعودوا قادرين تحمل البقاء تحت الاحتلال وتحمل أشكال القهر والقمع والاستغلال الإسرائيلي، والاستخفاف بالمفاوض الفلسطيني وبالاتفاقات التي تم التوصل لها برعاية دولية.

وإذا كانت العاصفة القوية التي حركتها الانتفاضة الفلسطينية لم تهدأ حتى الآن ومقدر لها ان تستمر فترة طويلة وان تخلق أحداثا وتطورات نوعية إضافية، فمدلولاتها ووقائعها اليومية وتفاعلاتها الإقليمية والدولية خلال عام كثيرة جدا، تكفي للبدء بهذا العمل الحيوي واستخلاص دروسه الهامة المفيد للشعب الفلسطيني وقيادته، وجميع القوى المعنية باستقرار أوضاع الشرق الأوسط، حتى لو ظلت الدروس المستخلصة أولية وغير كاملة.

 الانقلاب – مفاوضات فلسطين-إسرائيل مدريد – واشنطن (1996)

ممدوح نوفل - قائد عسكري وسياسي وكاتب فلسطيني بارز

إن أوقات الازمات هي الاكثر حاجة الى هذا النوع من الكتابة التقريرية السريعة حتى يستطيع الناس ان يحيطوا بما حولهم، وحتى يستطيع الوعي أن يلملم أطراف مشاهد مبعثرة من قوة تدافع وتسابق الازمات. ولعل ميزة الكتابة التقريرية السريعة المعتمدة على التجربة مباشرة بالدرجة الاولى، أنها ليست جهد مؤرخ يريد أن ينتظر حتى تسعى اليه الوثائق أو يسعى هو اليها، وليست وظيفة باحث يريد أن يتقصى حركة تصادم وتفاعل المعتقدات والافكار ومواقف ومزالق الرجال. مثل ذلك كله يأخذ وقتا، وحين يجيئ أوانه تكون عجلة التطورات قد واصلت دورتها، ويصبح التأثير في حركتها بالتعديل أو بالتصحيح عملا فات أوانه أو ضاع موعده.

ثم ان الكتابة التقريرية، وفي وقتها، تختلف عن مذكرات الساسة حين يكتبونها في أوقات فراغهم فاذا هي إعادة بناء الحوادث بأثر رجعي يجعل من الراوية حديثا عما كان يجب ان يكون وليس عما كان فعلا، أي ان الحوادث تعاد صياغتها بحيث يتم توظيف الماضي في خدمة الحاضر، ومع هذا التوظيف تكون الحقيقة أولى ضحياها.

يختلف ذلك كله عن الكتابة التقريرية، ففيها يبرز الحاضر أثناء وقوعه ويظهر المستقبل عند مرحلة التكوين والخلق الاولى وتكون خطوط الضوء صافية بغير عوالق أو شوائب من هوى أو من صنعه!

وأشهد أن الكتاب الأول للأستاذ ممدوح نوفل كان شعاع ضوء كاشف. وهذ كتابه الثاني. واعتقادي أنه زيادة هامة في مساحة دائرة الضوء. وكان أملي أن نقرأ كثيرا من هذا النوع من الكتابة التقريرية، ورجائي أن نستوعب. وأملي ورجائي معا ان تكون الأمة كلها متنبهة ويقظى، مفكرة ودراسة، ولا يوهن عزمها إحباط، ولا ينحر من عزيمتها كل هذا الذي ينهال عليها كلاما وصورا، أصواتا وألونا، سينما ومسرح، وأحيانا انواع من عروض السيرك وقفزاته الخطرة ووحوشه المفترسة او المستأنسة!

 مغدوشة – قصة الحرب على المخيمات في لبنان (2006)


ممدوح نوفل - قائد عسكري وسياسي وكاتب فلسطيني بارز

يروي ممدوح نوفل وقائع خريف 1986 على الساحة اللبنانية، الخريف الذي شهد أقبح جولات حرب المخيمات. وتشكل وقائع احتلال القوات الفلسطينية بلدة مغدوشة اللبنانية مركز السرد وتستحوذ على الجزء الأكبر من مساحته، لأن الإحاطة بملابسات احتلال بلدة لم يسيء أهلها الى الفلسطينيين أحوجت الراوي إلى استحضار سلسلة من الوقائع التي تفسر الدافع الفلسطيني لاحتلال البلدة. وفي المحصلة، ظفرنا بنص يروي أهم ما جرى على الساحة اللبنانية منذ حل الوجود الفلسطيني المسلح فيها ويرسم الصور والشخصيات التي صنعت مجرى الأحداث منذ 1968.

وبفتح الخزين المحتفظ بطزاجته، حضرت الجروح بطزاجتها هي الأخرى، ما انفغر منها قبل حرب المخيمات وما انفغر في إبّانها، وما أوقعه خصوم الفلسطينيين بهم وما أوقعوه هم بأنفسهم. وبسرد لا يتكلف أي صنعة، حكى الراوي ما هو مؤسٍ وما هو مبهج، وصور القبيح والحسن، واستحضر الخيّر والشرير والذي بين بين، ووضع أمامنا ما فعله صانعو الأحداث وشهودها وما قالوه، النجوم منهم والمغمورين، ما يوجع من الفعل والقول وما يريح، ما هو وضيع وما هو ماجد، لم يبالغ في إبراز شيء ولم يتستر على شيء.

طبخة أوسلو (1995)

ممدوح نوفل - قائد عسكري وسياسي وكاتب فلسطيني بارز

نشر في عدة صحف عربية تحت عنوان قصة اتفاق اوسلو (طبخة اوسلو). يتناول بأسلوب، شيق معتمدا الوثائق، ما جرى في أوسلو وكيفية تعامل (المطبخ الفلسطيني) المصغر مع المفاوضات السرية التي جرت في العاصمة النرويجية، مركزا على آلية اتخاذ القرار الفلسطيني وآلية العلاقات الوطنية داخل الأطر القيادية الفلسطينية العليا.
وهو شهادة يكشف الكاتب فيها أسرار اتفاق أوسلو، باعتباره لم يعد ملكاً لمن صاغوه أو وقعوه، وإنما ملكاً للشعوب التي تأثرت به، وملكاً للقوى الكبرى المؤثرة في رسم السياسة الدولية، وتقرير مصير الشعوب.
واتفاق اوسلو حدث من الأحداث التاريخية الكبرى، ترك آثار ونتائج كبيرة على شعوب ودول المنطقة، وعلى علاقاتها ببعضها البعض ومع العالم. ولأنه هكذا ومن هذا المستوى فإن تعريف القارئ به كما هو، وتعريفه بصنّاعه، وتبصيره باحتمالات المستقبل واجب وحق. فهو من جهة واجب على من يعرف الحقيقة أن يدلي بشهادته. وحق لكل من لا يعرفها، أن يقرأ هذه الشهادة وأن يطّلع عليها، كي يتمكن من إصدار حكما عادلاً على هذا الحدث الكبير وعلى صنّاعه وكل من شايعهم ودافع عن اتفاق أوسلو، وإعطاء ما لقيصر لقيصر وما لله لله.
وتأتي أهمية هذا الكتاب من كونه يعتمد على محاضر اجتماعات القيادة الفلسطينية، واللجنة العليا لمتابعة المفاوضات،والمجلس المركزي الفلسطيني، ومحاضر ووثائق المفاوضات الفلسطينية في أوسلو وواشنطون، ولجنة شؤون الوطن المحتل، واجتماعات قيادة العمل اليومي للانتفاضة التي كان يرأسها ياسرعرفات. فالكاتب عضوا في كل هذه المؤسسات القيادية الفلسطينية، إضافة إلى عضويته في مجلس الأمن القومي الفلسطيني الأعلى الذي شكل بعد تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية.

 ليلة انتخاب الرئيس (2005)

ممدوح نوفل - قائد عسكري وسياسي وكاتب فلسطيني بارز

ومع أن كل هذه الأحداث معروفة. وكل قارئ لكتاب “ليلة انتخاب الرئيس” لممدوح نوفل الذي يروي قصة ما دار في ذلك الاجنماع للمجلس المركزي يعرف بداية القصة ونهايتها، وعلى الرغم من كل ذلك، فمتى بدأت بقراءة الكتاب فأنت لا تستطيع أن تتركه قبل أن تصل إلى نهايته. فما أن تبدأ القراءة حتى تنسى أنك تعرف “ماذا حدث” في ذلك الاجتماع لأن كل اهتمامك أصبح منصبا على معرفة “كيف حدث”. إنك تقرأ قصة شائقة مثيرة تتلهف لمعرفة نهايتها.

وفي رأيي أن ذلك يعود إلى أن ممدوح نوفل قد نجح، إلى حد كبير، في سرد أحداث ذلك الاجتماع بشكل صادق وأمين ودقيق في قالب قصصي مثير وشيق. وبكلمة أخرى، لقد نجح في استعمال أسلوب “الرواية غير الخيالية”.

 المواقف السياسية

تميز ممدوح نوفل بمواقف وطنية ثابتة تجاه القضية الفلسطينية، وكان دائمًا من المدافعين عن الحل السياسي والتحرك الدبلوماسي المدروس، مع تأكيده على أهمية الحفاظ على الوحدة الوطنية الفلسطينية ورفض الانقسامات الداخلية.

كان من أبرز مؤيدي مبادرة جنيف، معارضًا لأي خطوات أحادية قد تؤدي إلى مزيد من الانقسام أو ضعف الموقف الفلسطيني. وبالرغم من مشاركته في إدارة المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، وعضويته في اللجنة العليا لمتابعة المفاوضات، إلا أنه عارض بشدة عسكرة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، مؤكدًا أن العمليات المسلحة العشوائية من شأنها تقويض المشروع الوطني وتعطي الذريعة للاحتلال لتعميق السيطرة على الأراضي الفلسطينية.

كما اتسم موقفه السياسي بالانتقاد الموضوعي لاتفاق أوسلو، حيث رأى أن الاتفاق لم يحقق أهداف الشعب الفلسطيني الأساسية، وأن العملية التفاوضية كانت بحاجة إلى استراتيجية وطنية متكاملة تضمن الحقوق والمصالح الفلسطينية.

الوفاة والإرث

في يوم السبت الموافق 2009/7/21م وبعد صراع مرير مع المرض انتقل ممدوح نوفل إلى رحمة الله تعالى، عن عمر يناهز الـ62 عامًا، قضى جُلِّها في خدمة وطنه وقضيته العادلة وقد شيع جثمانه إلى مثواه الأخير في مدينة البيرة، قرب رام الله، بحضور رسمي وشعبي كبير، ضم الرئيس الفلسطيني محمود عباس وعددًا من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وممثلين عن المؤسسات الرسمية والشعبية. ودفن في مقبرة البيرة وكتب على شاهد قبره عاش من اجل فلسطين. 

يترك نوفل إرثًا سياسيًا وفكريًا غنيًا من خلال:

  •  قيادته التاريخية للقطاع العسكري للجبهة الديمقراطية، ومشاركته في تأسيس الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني “فدا”.
  •  كتاباته الستة ومئات المقالات والأبحاث التي وثقت مراحل مهمة من الثورة الفلسطينية، العملية التفاوضية، وأحداث الانتفاضات والمخيمات الفلسطينية في لبنان.
  •  موقفه الثابت ضد عسكرة الانتفاضة الثانية، ما يجعله نموذجًا للمناضل السياسي الذي يوازن بين العمل الميداني والحكمة السياسية.
  •  مساهمته في بناء مؤسسات فلسطينية وطنية، مثل المجلس الوطني الفلسطيني، المجلس العسكري الأعلى، والمجلس الأعلى للأمن القومي الفلسطيني.

يُعد ممدوح نوفل رمزًا للمثقف المناضل والسياسي الوطني المتوازن، الذي جمع بين الخبرة العسكرية والقدرة على التحليل السياسي والفكري، وترك أثرًا واضحًا على الأجيال الفلسطينية اللاحقة، سواء في العمل السياسي أو في الكتابة والتوثيق التاريخي

أنت الان في اول موضوع

تعليقات

محتويات المقال