القائمة الرئيسية

الصفحات

قرى فلسطينية مدمرة | كَفْرْ سابا - يبنا - إجليل

 

قرى فلسطينية مدمرة هاجر أهلها إلى قلقيلية | كَفْرْ سابا - يبنا - إجليل

 


 قرية كَفْرْ سابا المحتلة عام 1948م قضاء بني صعب- طولكرم


***
كانت القرية تعرف أيام الصليبيين باسم (كفر سبت)، ويعتقد بعض الباحثين ان كلمة سابا من السريانية، وتعني الشيخ الجليل المقدم في قومه، وهو اسم علم لقديس، بينما يرجح الكثير من أهالي كَفْر ْسابا بان أصل تسميتها يعود الى ملكة سبأ- بلقيس التي مرت بها، وأصبحت تابعة لحكمها فأخذت إسم كَفْر ْسبأ، والكَفْرْ هي القرية الصغيرة. ومع مرور الزمن صار اسمها كَفْر سابا. وهي من قرى المثلث الفلسطيني، وقد أقيمت على أنقاض كَفْر سبأ الأثرية التي تقع على تل مرتفع قليلا عن مستوى سطح البحر. وان مؤسسها وواضع حدودها هو محمد الولويل (القطراوي) الذي جاء من قطرة بجنوب فلسطين، فسار على فرسه من جلجولية الى سيدنا علي، ومن البصة الى مسكه. وعلم حدودها بجذوع الشجر الجافة. وهكذا صار يحدها شرقا قلقيلية (على بعد 3 كم) وغربا تبصر وأراضي قرية الحرم- سيدنا علي، وشمالا مسكه، وجنوبا بيار عدس وجلجولية. وكانت القرية تابعة لقضاء بني صعب، ومركزه طولكرم عاصمة القضاء، وهي اقرب المدن الفلسطينية اليها، وتقع على بعد 14 كم منها الي جهة الشمال.
أما مساحة أراضيها فقد بلغت حوالي عشرة آلاف دونم، زرعت بالحبوب والبقول التفاح والعنب والتين. كما اشتهرت كَفْر سابا ببيارات الحمضيات وجميع انواع الكروم والخضروات المروية بمياه آلابار الارتوازية، لتي تجاوز عددها العشرة آبار منها : بئران للحاج حسين العلان؛ بئر عبد الحليم النصر الولويل؛ بئر توفيق ومحمد احمد حمدان ولويل؛ بئر دار النجار؛ بئر انيس سويلم؛ بئر حسن وحسين العابد؛ بئر إسماعيل محمود الولويل؛ بئر دار ابو غزالة؛ بئر الشيخ شمال شرق المدرسة؛ البئر الشرقي قرب النبي يامين. 


تميزت كَفْر سابا بموقعها التجاري، فكانت قوافل التجارة تمر بها، وتتوقف للراحة والتزود بالماء والطعام، خلال رحلاتها بين بلاد الشام ومصر، عبر الطريق المسمى "الطريق السلطاني"، لنقل البضائع من والى ميناء سيدنا علي. وكان خط سكة الحديد الممتد بين حيفا والّلد يمر على بعد 1.5كم إلى الشرق، ويشكل الحدود بين أراضي كَفْر سابا وأراضي قلقيلية، التي تبعد عنها نحو 3 كلم إلى الشرق.
وكان في القرية مدرسة ابتدائية للذكور، وكانت الدراسة فيها للصف الرابع، وبعد إنهاء الصف الرابع كان الطالب الذي يرغب بمتابعة الدراسة يلتحق بمدارس قلقيلية، وقد عمل في مدرسة القرية معلمان من قلقيلية، وهما الاستاذ عبد الفتاح العورتاني، والأستاذ حسن احمد الحسن.
كما كان في القرية مسجد، وكان الشيخ عبد الرحيم العابد - من ال عرباس، آخر إمام للمسجد حتى حلول النكبة عام 1948م.
من المعالم التي ميزت البلد مقامان يقعان شرقها فالمتجه غربا من قلقيلية إلى كَفْر ْسابا على الطريق السلطاني القديم قلقيلية – يافا، يجد مقام الولي سراقة على يمين الطريق، ومقام النبي يامين على يساره. وهذا المقامان موجودان الى يومنا هذا. والى الغرب منهما مقبرة البلدة، والمدرسة التي لا زالت قائمة ولم تدمر، حيث حولها اليهود الى مركزا تربويا لأطفالهم.
بلغ عدد سكان كَفْر سابا عام 1948م حوالي ألف وخمسمائة نسمة (1500)، وكان من عائلاتها الولويل بفرعيها (حسن وحامد) وقد تسلم رجالها مخترة القرية، (ومنهم المختار حمدان خليل حسن ولويل، والمختار جميل مصطفى ولويل)، سويلم، جبر، بدير، نجار، ياسين، علان، عرباس وفرعه عابد، عطار، فراج، أبو ثابت، طه، يونس، دلال، العاجز، عثمان، مصلح، سارة، حمدان، شاكر، ابو السدرة، الخطيب، غنيم، ابو حسنين، ابو جمعة، ابو عيشة، الدنة، الخلوص، جابر، عيسى، عبد الرحيم، فايد، عياش، المصري، ابو الاعرج، جراد، الطويل، بركات، منصور، ابو رصاص، قرطومي، زقوت، فاعور، بركة.
وقد شارك اهالي البلدة قبل تهجيرهم في جميع الاحداث السياسية التي مرت بها فلسطين فشاركوا في إضراب وثورة 1936م. وانخرطوا في صفوفها، وقدموا الشهداء، منهم الشهيد سعيد حمدان خليل ولويل الذي استشهد في معركة بلده الرأس قرب طولكرم مع الجيش الانجليزي. وكذلك الشهيد فارس العرباس، الذي استشهد في بيارة عاشور بين كَفْر سابا ومسكه.
أحتل اليهود قرية كَفْر سابا يوم الخميس 1948/5/13م وقاموا بتدميرها بعد ان شرّدوا اهلها. وأضيفت الى سجل القرى الفلسطينية المدمرة. واستقر غالبية أهلها في قلقيلية لقربها منهم، وبنوا لهم حيا فيها أسموه حي كَفْر سابا، تخليدا لاسم بلدهم. وهناك قسم أخر موجود في مخيم بلاطه، ومخيم الفارعة، وعزون وذنابة، والقسم الاخر غادر الى الأردن، واستقروا في مدينة عمان وصويلح والزرقاء وعين الباشا وجرش واربد والظليل. 


وقد شارك أبناء قلقيلية في الدفاع عن قرية كَفْر سابا، وخاضوا عدة معارك مع العصابات الصهيونية، واستشهد العديد منهم، وهم: أسعد سليمان أبو سعده؛ حسين علي أبو نجم؛ راغب علي حوتري؛ احمد يونس الحاج حمدان؛ عبد الرحمن أبو حبلة؛ عبد الفتاح سعاده؛ عبد الله الحاج عيسى؛ محمد أبو حمده جبارة؛ ومحمد محمود حامد زهران، وشاكر عوينات. تغمدهم الله بواسع رحمته، وجعل مثواهم الجنة.

ويخلط بعض الكتاب والباحثين بين قرية كَفْرْ سابا العربية وكفار سابا الاسرائيلية. فكفار سابا الإسرائيلية، أقامها اليهود في منطقة سبية عام 1903م كمستعمرة يهودية محاذية لقرية كفر سابا العربية من الجهة الغربية، واشتقت اسمها منها. فكلمة "كَفْرْ " تعني القرية بلغتنا العربية، وكفار- معناها القرية باللغة العبرية، ومن هنا جاء الخلط بينها بسبب تشابه اللفظ والمعنى بين الكلمتين. أما قرية كفر سابا العربية فبعد تهجير أهلها عام 1948م وتدميرها بالكامل، أقام اليهود على أنقاضها مستوطنة "قبلن Qablan"، كما أقاموا على أراضيها شمال البلدة مستوطنة يوسف تل، وعلى أراضيها جنوب البلدة - مستوطنة بن يامين.
وقد برز من أبناء كفر سابا الدكتور كامل جميل ولويل، والدكتور يحيى عبد الرؤوف جبر، والدكتور خالد عبد الرؤوف جبر؛ والدكتور يحيى زكريا جبر، والسيد بسام عبد الرحيم ولويل- مدير عام شركة المطاحن القمح الذهبية، والسيد غسان عبد الرحيم ولويل- مدير البنك العربي- فرع قلقيلية، ورجل الأعمال- السيد طالب بدير، والأستاذ زياد عرباس، مؤلف مشارك في كتب الرياضيات لتعليم الكبار ومحو الأمية.





قرية يبنا المحتلة - قضاء الرملة احتلها اليهود بتاريخ 1948/6/4م

***
قرية قديمة من قرى فلسطين تنهض على تلة مرتفعة، كانت تقوم عليها مدينة (يبنه) الكنعانية، وهي من المدن التي شادها الكنعانيون قبل خمسة آلاف سنة، وقد أسماها الكنعانيون "يبني" وربما تعني "يبني إيل" أي الرب يبني، وكلمة "إيل" تعني في الكنعانية (الله)، وقد انتزعها الرومان من أيديهم يوم احتلوا فلسطين في سنة 63 ق.م، وأسموها (يمنيا Iamnia)، وذكرها الصليبيون باسم (ايبلين)، ودعاها العرب يِبْنا (بكسر الياء وسكون الباء)، واسماها اليهود (يـﭬنه Yavneh) .
وقد ازدهرت القرية في ذلك العصر، وصارت مركزاً لناحية بأكملها، وكان ميناؤها أكبر من ميناء يافا. وقد فتحها العرب بقيادة عمرو بن العاص، كما ذكرها ياقوت بن عبد الله الحموي، في كتابه معجم البلدان، وقد دقق الحموي في كتابة اسمها، فقال إنه بصيغة المبني للمجهول من فعل "البناء"؛ وتختلف كتابة الاسم في ثلاث صور: يبنا، يبنى، يبنه.
تقع القرية في السهل الساحلي الأوسط، على بعد نحو 6 كم شرق البحر المتوسط، والى الجنوب من مدينة يافا، على بعد 24 كم منها، وإلى الغرب المائل جنوبا من مدينة الرملة، على بعد 15 كم منها. وإلى الجنوب من يبنا تقع بلدة أسدود، التي حولها اليهود إلى مدينة كبيرة، وبنوا لها ميناء بحريا رئيسيا. وترتفع يبنا نحو 26م في المتوسط عن سطح البحر، وبلغت مساحتها في عهد الانتداب البريطاني نحو 127 دونماً.
وكانت القرية تعتبر عقدة مهمة في شبكة المواصلات، التي تربط جنوب فلسطين بأواسط غربها، إذ كان فيها محطة لسكة الحديد الممتدة بين غزة واللّد، كما كان طريق غزة- يافا العام يمر عبر أراضيها.
ولا يُعرف الكثير عن يبنا في العصور الإسلامية الأولى. لكن ذكرها ورد بعد ذلك في جملة مصادر تاريخية وجغرافية: من ذلك أن اليعقوبي (توفي سنة 897م) وصفها بأنها من أقدم مدن فلسطين، وبأنها مبنية على تل مرتفع ؛ وقال المقدسي (توفي سنة 990م) إن فيها مسجداً رائعاً؛ وكتب ياقوت الحموي (توفي سنة 1225م) في (معجم البلدان) أنها بُلَيْدة قرب الرملة، فيها قبر رجل من أصحاب النبي اختُلف بشأن من هو (يقال أنه الصحابي الجليل أبو هريرة)، لكن صاحب الأنس الجليل مجير الدين الحنبلي نفى أن يكون "أبو هُريَرة" قد دفن في يبنا. بل قال إنما بها بعض ولده. فالصحابي ابو هريرة توفي في المدينة المنورة، ودفن في البقيع سنة 57 هجري، عن عمر ناهز 78 عاما. ويقال انه قبر الصحابي "أبو قِرصْافَة" احد اقرباء الصحابي ابي هريرة.. وهناك من يقول أن هذا المقام هو للصحابي عبد الله بن سعد بن أبي السرح، وكان اسمه منقوشا على حجر عند المدخل. وعبد الله بن ابي السرح صحابي وقائد عسكري، وهو أخ سيدنا عثمان بن عفان من الرضاعة، ووالي مصر في عهد خلافته، وهو فاتح أفريقيا، وهازم الروم في معركة ذات الصواري، وشارك في فتح مصر، حيث كان صاحب الميمنة في جيش عمرو بن العاص. وبعد استشهاد سيدنا عثمان اعتزل عبد الله السياسة ونجا بنفسه من الفتنة، وخرج إلى عسقلان وعاش في يبنا ومات فيها سنة 37 هجري.
الى جانب مسجد ابي هريرة يوجد مسجد آخر يقع في أعلى البلدة، وهو المسجد الكبير، الذي تهدم ولم يبقى منه سوى جزء من المئذنة. وكان من الأئمة المشهورين للمسجد الكبير قبل النكبة: الشيخ محمد عبد ربه طافش، الشيخ محمد أبو بطنين، والشيخ محمد العطار. كما كان في البلدة ايضا ثلاثة مزارات مهمة وهي: مزار الشيخ سليم ويقع في وسط الحارة الشرقية، ومقام الشيخ وهبان ويقع في وسط البلدة.
وقد وجد مكتوبا في سجلات الضرائب العثمانية في سنة 1596م، ان يبنا قرية في ناحية عزة، وعدد سكانها 710 نسمة. وكانت تؤدي الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير والمحاصيل الصيفية والسمسم والفاكهة، بالإضافة إلى أنواع أُخرى من الإنتاج والمستغلات كالماعز وخلايا النحل وكروم العنب.
وزار المبشر الأمريكي وليم تومسُن يبنا سنة 1834، ووصفها بأنها قرية مبنية على تل، ويقيم فيها ثلاثة آلاف مسلم يعملون في الزارعة.
وتعتبر يبنا أكبر وأغنى قرية في قضاء الرملة، وهي أقرب ما تكون للبلدة منها للقرية، قدر عدد سكانها عام 1922 (1891) نسمة، وارتفع هذا العدد عام 1931م إلى 3600 نسمة، وفي عام 1945م- (5420) نسمة، بالإضافة إلى 1500 من البدو كانوا يقيمون حولها.
بلغت مساحة اراضي البلدة الزراعية 59554 دونماً، منها 37919 دونما للعرب، و 2558 دونما لليهود وأراض المشاع 18790م. وكانت غالبية اراضي يبنا تقع إلى الغرب من البلدة، وزرعت أراضيها السهلية بالقمح والشعير والذرة والبطيخ، وتطورت الأحوال الزراعية بعد الاحتلال البريطاني لفلسطين عند نهاية الحرب العالمية الأولى، حيث شجّعت بريطانيا زراعة البرتقال على نطاق واسع، ليصبح سلعة تصدر إلى بريطانيا ودول أوروبية أخرى. فأصبحت الحمضيات من أهم محاصيل يبنا الزراعية. ففي عام 1944-1945م، كان ما مجموعه 6468 دونماً مخصصاً للحمضيات والموز، و15124 دونماً للحبوب، و11091 دونماً مروياً أو مستخدماً للبساتين، في حين احتلت أشجار الزيتون جزءاً قليلاً من مساحة الأراضي، لم تتجاوز ال 25 دونماً من الأراضي الزراعية المتناثرة داخل المنازل او حولها، وهي للاستخدام المحلي العائلي، وكانت تتواجد حول يبنا الكثير من الآبار الارتوازية، وكان يتم استخراج المياه منها بواسطة بابور المية (ماتور الديزل). وكانت عائلة العبسي تمتلك أكثر من ألفين دونم تقريباً من اراضي البلدة. وتحيط بقرية يبنا أراضي وقرى: النبي روبين من جهة الشمال الغربي، القبيبة من الشمال، زرنوقا من الشمال الشرقي، وقرية عاقر من الشرق، والمغار من الجنوب الشرقي، وبلدة عرب صكرير أو (أبو سويرح) من الجنوب الغربي، وقرية بشيت من الجنوب.
وكانت الزراعة مهنة سكان يبنا الاصليين، لأنهم كانوا يملكون معظم اراضيها الزراعية، مما افسح المجال لقدوم عائلات اخرى من خارج القرية للإقامة والعمل فيها، وممارسة مختلف انواع المهن والحرف من تجارة وصناعة وخدمات.. وغيرها.
وكان لموقع يبنا على خط المواصلات الرئيسي الذي يربط يافا بغزة، أهمية تجارية كبيرة، تتمثل في تبادل السلع بالبيع والشراء بين القرى والمدن الفلسطينية من خلال الأسواق، فكان يقام في يبنا سوق في يوم الثلاثاء من كل اسبوع، وهو سوق شامل لمختلف انواع البضائع، يجمع التجار من البلدات والقرى المجاورة، وتباع فيه مختلف أنواع المنتجات الزراعية، كما تعرض فيه بضائع مختلفة، يجلبها تجار صغار يأتون بها أو ببعضها من الرملة والفالوجة والمجدل وغزة وغيرها، وهي بضائع بسيطة تلبي الاحتياجات التقليدية لسكان يبنا والقرى المجاورة، ومنها الأقمشة ومستلزمات الحياكة والتطريز من الإبر والخرز والخيوط، وكذلك الأوعية والأدوات الخشبية والمعدنية والفخارية، وبعض أنواع الحلوى وألعاب الأطفال، وما شابه ذلك من الأصناف. وكان أهل المجدل يُشتهرون ببيع القماش في سوق يبنا الأسبوعي، وفي المحلات المتناثرة في شوارع البلدة وأحيائها.
وكان في يبنا حتى احتلالها عام 1948م أربعة شوارع رئيسية: إثنان يمتدان من الشرق إلى الغرب، واثنان من الشمال إلى الجنوب.
وفي الجانب الآخر من الشارع الرئيسي الممتد من الشمال الى الجنوب وبعض الشوارع المـتفرعة منه كانت تتناثر بعض محلات الجزارين التي تبيع لحوم الذبائح الطازجة من الأغنام والأبقار والجمال، والعديد من محلات البقالة، ومحلات الحلاقة والخياطة، وبيع الأحذية، ومحل لإصلاح الدراجات الهوائية والنرية؛ ومحلات وورش الحدادة والنجارة، ومحل بيع الأواني الفخارية، ومحل سمكري لتصليح بوابير الكاز، ومكتبة صالح طافش لبيع الصحف والكتب والدفاتر والأقلام..إلخ. وكان هناك صانعان للأحذية حسب الطلب- احدهما جاء من سوريا، والآخر- من غزة. كما كان في يبنا مطحنتان للقمح- مطحنة للحاج على الهمص وأولاده، ومطحنة اخرى للحاج محمود العطار.
وكان من المعالم الرئيسية لبلدة يبنا أيضا أربعة مقاهي يقصدها الرجال في غير أوقات العمل، يحتسي فيها الرواد الشاي والقهوة، ويستمعون الى الأخبار والأغاني من الراديو. وكان للراديو دور ايجابي كبير في بعث الشعور القومي لدى الناس بعد ثورة عام 1936م، حيث جعلت الجميع يهتمون بالسياسة وسماع الأخبار العالمية، وكان أهالي يبنا مثل جميع أبناء الشعب الفلسطيني والمنطقة العربية، متعاطفون مع قوات المحور (ألمانيا)، باعتبارها ضد الإنجليز والفرنسيين واليهود. وكانت ألمانيا أمل الخلاص للشعب الفلسطيني والعرب عموماً، وكان الناس يتجمهرون في المقهى لسماع نشرة الأخبار، مما دفع الإنجليز إلى نسف مقهى محمد عبد الله الرنتيسي سنة 1938م، وتدميره.
وكان في يبنا مدرستان ابتدائيتان، إحداهما للبنين والأُخرى للبنات. وقد تأسست مدرسة البنين عام 1921م، وكانت في البداية في مسجد ابي هريرة، قبل ان تستقل بمبنى خارج المسجد، ليصبح المسجد بعد ذلك مدرسة للبنات. وفي العام 1936م، تم إنشاء مبناً جديداً للمدرسة يتألف من 11 غرفة، يتبعها أرضاً مساحتها ثلاثين دونماً، خصص قسم منها للتعليم الزراعي العملي، مع العناية بتربية الطيور والدواجن والنحل، وفي العام 1941م أصبحت هذه المدرسة ابتدائية كاملة، ويدرس فيها الطالب حتى الصف السابع، وفي العام الدراسي 1942/1941م كان يؤم المدرسة 445 طالبا من أبناء البلدة والبلدات المجاورة، يعلمهم أربعة عشر معلما من يبنا وخارجها، وتوالى على إدارة المدرسة حتى تاريخ النكبة ستة من المدراء.
وفي عام 1943م تبرع أهالي البلدة بإنشاء مدرسة للبنات، وثم بناء المدرسة، وكانت تضم أكثر من 44 طالبة، وتقوم بتعليمهن في البداية معلمة واحدة (فاطمة الجزار من الرملة)، ثم انضمت إليها المعلمة (فاطمة الدف من اللد) والمعلمة (حياة أبو ضبة من يافا). وقد تعاقب على إدارتها مديرتان وهما : يسرا كاملة، وأميرة زمو - من غزة. وكانت مدرسة البنات تمنح شهادة الصف السابع الابتدائي.
وفي أواخر عهد الانتداب البريطاني طالب أهالي يبنا إنشاء صف ثانوي في مدرستهم، فلم توافق إدارة المعارف العامة على إنشاء هذا الصف، إلا بعد أن تعهد لها المسؤولين في القرية خطياً بدفع النفقات المترتبة على ذلك، ونفقات سائر الصفوف الثانوية التي ستقام في المدرسة بعد ذلك.
وممن تلقى فيها تعليمه المدرسي من أهل البلدة: الشهيد القائد محمد يوسف النجار، والأستاذ احمد النجار، والأستاذين فايز وفوزي الرنتيسي، والأستاذين رجب احمد العطار وفوزي العطار، والأستاذ فوزي ابو حسنين، والأستاذ احمد رجب. والاستاذ نعيم ابو جلالة... وعمل الشهيد محمد يوسف النجار معلما في مدرسة القرية لمدة عام واحد قبل النكبة.
وفي عام 1947م شرع اهل البلدة بجمع التبرعات لبناء مدرسة ثانوية، على قطعة ارض مساحتها اربعين دونما، وتقع في جنوب البلدة، وانتهت أعمال البناء في العام التالي، لكن حلول النكبة عام 1948م، وسقوط البلدة بأيدي القوات الصهيونية، حال دون تحقيق حلم أهل البلدة بافتتاح المدرسة في العام الدراسي 1949/1948م.
وكانت الخدمات الصحية تقدم لأهالي البلدة من خلال بعثات طبية تصل اليها مرة في الأسبوع، أو عند الطلب، وفي الثلاثينات افتتحت عيادة في يبنا، واقتصرت مهامها على تقديم الخدمات الطبية البسيطة، بالإضافة الى الإسعافات الاولية، واذا اضطروا للعلاج كانوا يتجهون الى يافا أو المجدل.
وكان في البلدة عددا من المخاتير يقومون بحل مشاكل أهل البلدة والإصلاح بينهم، ويمثلون عائلات القرية أمام سلطات الانتداب البريطاني. وكان من هؤلاء المخاتير: المختار احمد مصطفى عوض الله، والمختار أسعد الرنتيسي، والمختار نعيم الهمص، والمختار مصطفى أبو عون، وكان والده محمد عبد الله ابو عون اول مختار للقرية في العهد التركي.
وقد انشأ في البلدة عام 1946م مجلس قروي، وكان يدير الشؤون العامة للبلدة، وكان علي العطار رئيسا للمجلس، بالاضافة الى عضوية كلاً من: أحمد أبو جلالة؛ نعيم الهمص؛ سلامة الأسمر؛ أحمد مصطفى عوض الله؛ عبد الله فضل؛ عبد الغني أبو امونة؛ أسعد الرنتيسي؛ ومصطفى أبو عون. وقام المجلس القروي قام برسم خارطة هيكلية للقرية، وأنشأ خزاناً للمياه في وسطها، وجلبت الأنابيب الضخمة تمهيدا لبناء نظام للصرف الصحي، غير أن حلول النكبة، وما نتج عنها من هجرة قسرية، حطم كل الامال.
ومن عائلات بلدة يبنا: عائلة النجار؛ الرنتيسي؛ العيلة؛ والهمص؛ خليفة؛ عوض الله؛ أبو هاشم ؛ الطويل؛ العطار؛ أبو جلالة؛ أبو أمونة؛ أبو عون؛ أبو جراد؛ الخطيب؛ أبو نحلة؛ حسين؛ العكر؛ البهنساوي؛ اليمني؛ عبد الحافظ؛ الأسمر؛ أبو مطر؛ اليماني؛ المغير؛ أبو الفاخ؛ أبو سالم؛ أبو معروف؛ سلامة؛ موسى؛ العبسي؛ البوجي؛ جاد الله؛ حميده؛ أبو حشيش؛ عواجة؛ اسعيفان؛ عباس؛ دعسان؛ داوود؛ أبو عساكر؛ البيك؛ أبو علوان؛ العريني؛ مصران؛ العاجز؛ الدووه؛ زيغان؛ الشقاقي؛ أبو لبده؛ السماك؛ نصر؛ الجرو؛ الشريح؛ هليل - محمود خليل؛ نطاط؛ أبو مرزوق؛ سويسي؛ طافش؛ حسنين؛ أبو عبيد؛ أبو يونس؛ عبد الوهاب؛ حمد؛ دعبس؛ العريان؛ أبو سعده؛ ياسين؛ يحيى؛ حنيف؛ النوري؛ بهلول؛ أبو حجاج؛ جاد الحق؛ المغير؛ حروده؛ بركات؛ القاضي؛ البشيتي؛ المغاري؛ هباهب؛ الجزار؛ جراد؛ فحجان؛ أبو محسن؛ درويش؛ الجمل؛ طه؛ أبو عزة؛ أبو خوصة؛ الوديدي؛ موافي؛ أبو سويرح؛ الشريف؛ بعرة؛ دوحان- الصرفندي؛ الوليدي - ابو طقية؛ العسوة - ابو بطنين؛ أبو سويلم؛ الزطمة؛ ابو غدير؛ السعدوني؛ الطنطاوي؛ الجوراني؛ عاشور؛ أبو غالي؛ طشطاش؛ أبو يوسف؛ رويشد؛ شلايل - ديب؛ أبو حماد؛ الرخاوي؛ البحة؛ السبع؛ سخيل؛ أبوحمرة - زلوم؛ شاهين (البدو)؛ أبو عميرة؛ أبو عبيد الله؛ أبو البيض؛ الملوطي؛ القططي؛ عرفه؛ أبو عامر؛ ابو رافع؛ ابو عتيق؛ ابو سبيتان؛ العبد ســــالم؛ أبو قمر- حمادة.
لم يكن في يبنا عشائر او حمايل، وإنما عائلات كثيرة تصل الى مئتي عائلة، بمسميات مختلفة، وكان لبعض العائلات مجالس او مضافات، يجلس فيها رجال العائلة والعائلات الأخرى المتحالفة معها، يحتسون فيها القهوة ويتداولون الاحاديث، ويناقشون أمور البلدة، ويحلون مشاكلهم ويصلحون بين الناس. وكانت المضافة عبارة عن بيت كبير في جزء من بيت الوجيه او المختار او بجواره، ومن هذه المضافات: مضافة المختار أحمد مصطفى عوض الله، مضافة المختار علي الهمص، مضافة المختار مصطفى محمد أبو عون، مضافة المختار أسعد الرنتيسي، مضافة النجار، مضافة محمود طشطاش، مضافة أبو سالم، مضافة الحاج علي العطار.
لقد خاض أهالي يبنا معارك عنيفة مع العصابات الصهيونية، وشاركوا في الدفاع عن القرى المجاورة، وأوقعوا في صفوف الأعداء الخسائر الجسيمة، واظهروا بطولات نادرة. وبعد ان احتل اليهود القرى المحيطة بقرية يبنا وشردوا أهلها، استشعر أهالي القرية بالخطر الداهم، فراحوا يعدون أنفسهم لملاقاة العدو والدفاع عن أرضهم وديارهم، فجمعوا السلاح، وأقاموا السواتر والتلال على مداخل القرية، وأخرج المقاتلون أهل القرية من شيوخ ونساء وأطفال. وبقي حوالي (300) مقاتل مسلح. وعندما كان القوات الصهيونية تهاجم القرية كان المقاتلون البواسل يصدونهم.
وفي عصر يوم 1948/6/3م، أحكمت العصابات اليهودية حصارها المشدد على القرية من ثلاث جهات، وأبقت جهة مفتوحة، وبدأت المدفعية الإسرائيلية بقصف أعالي القرية أولاً، بينما زحفت قوات المشاة خلف فرق كاسحي الألغام، ورغم ذلك تمكن المقاتلون من صد المعتدين أكثر من مرة، وأمام اشتداد الهجمات والنقص الحاد في الذخيرة، ورفض القوات العربية المتمركزة عند المجدل إمدادهم بالذخيرة، بذريعة أنّ الجيوش ستتحرك لاحقا لنجدتهم، اضطر المقاتلون مع بزوغ فجر اليوم التالي إلى التراجع والانسحاب من القرية، بعد أن دخل اليهود القرية من الجهة التي لم يتوقعها المقاتلون، وتوجهوا الي بلدة أسدود، ثم المجدل، ومنها هاجروا إلى غزة ومخيماتها.
احتل اليهود القرية يوم (1948/6/4م)، واستولوا بذلك على الموقع الاستراتيجي، المتحكم في الطريق الساحلي، حيث كانت يبنا آخر (القلاع العربية) بين تل أبيب والمواقع المصرية المتقدمة على الجبهة، شمالي أسدود مباشرة.
وباحتلال القرية تم تشريد أهلها البالغ عددهم عام 1948م (6287) نسمة. وقام اليهود بعد سنة من احتلالها بتدمير البلدة وطمس معالمها، وأقاموا على أراضيها ثلاث مستعمرات عام 1949م، وهي: مستعمرة (يـﭰنه جان)، مستعمرة كفار هنغيد، ومستعمرة بيت غمليئيل. كما أُسست مستعمرة بن زكاي في سنة 1950م، وتلتها مستعمرة كفار أفيف في سنة 1951م (وكان اسمها الأصلي كفار هيئور). وقد أُنشئت تسوفيّا، أحدث المستعمرات، على أراضي القرية في سنة 1955م. كما أُنشئت كيرم يـﭬنه، على أراضي القرية في سنة 1963م، وهي مؤسسة تربوية.
وكانت مستعمرتا يـﭬنه (Yavneh) وبيت ربّان مبنيتان على ما كان يعدّ تقليدياً من أراضي القرية، وذلك في عام 1941م، وعام 1946م على التوالي. وبلغ مجموع اللاجئين من قرية يبنا عام 1998 حوالي (38610) نسمة.
وبرز من ابناء القرية المهاجرين الى غزة الشهيد القائد محمـــد يوســف النجـــار، الذي اغتالته قوات الكوماندوز الاسرائيلية عام 1973م في لبنان، وكان عضوا ً في اللجنة التنفيذية لـمنظمة التحرير الفلسطينية. وبرز في هذا الزمن الشهيد القائد الدكتور (الطبيب) عبد العزيز علي الرنتيسي، احد قادة المقاومة الإسلامية في غزة، الذي اغتالته القوات الإسرائيلية عام 2004م.
قرية يبنا اليوم: يخترق أحد خطوط سكة الحديد القرية. ولا يزال في البلدة مسجد أبي هريرة وبه المقام، أما المسجد الكبير فقد تهدّم، ولم يبقى منه سوى نصف المئذنة، التي تدل على تاريخ هذه البلدة العريق، وشاهدة على عروبة هذا الوطن وإسلاميته. .
أما مسجد أبي هريرة فقد حوله اليهود الي مكان مقدس لهم، ونسبوا المقام الموجود فيه لأحد كهنتهم، وهو رابان غمليئيل- رئيس المجلس الكهنوتي الأعلى لليهود (السنهدرين)، الذي حوكم أمامه السيد المسيح عليه السلام، وحكم عليه بالصلب. كما لا يزال منزلان على الأقل من المنازل الباقية تستعملهما أُسر يهودية، يعود احدهما لعائلة الأسمر المهاجرة. كما يوجد منزل ثالث تقيم قيه أُسرة عربية. أما المقبرة فقد تم ردمها وحولها اليهود الي منتزه عام، ولم يبقى فيها قائماً، إلا قبر الشيخ احمد عبد الرحمن العطار رحمه الله. كما لا يزال قائما جذع شجرة الجميز الضخمة في طرف القرية، والتي كانت قبل النكبة تعانق أغصانها عنان السماء، ويستظل تحت ظلالها الوارفة أهل البلدة والباعة والتجار وعابري الطريق، وكانت معلما هاما من معالم بلدة يبنا العريقة...
أما مدرسة يبنا الابتدائية فقد استخدمها اليهود في البداية مدرسة لأبنائهم، وفي عام 1980م تم تحويها إلى مبنى لبلدية يبنا (يفنى) الإسرائيلية. وأما المدرسة الثانوية في جنوب البلدة، التي انتهى بناؤها مع حلول النكبة عام 1948م، ولم يتسنى لاهل البلدة افتتاحها في العام الدراسي 1948-1949م، فقد حولها اليهود المغتصبين إلى سجن للآداب.
بعد حلول النكبة عام 1948م تشتت عائلات البلدة وهاجر معظمهم الي غزة، ولجأ قسم من عائلة ابو لبدة الي قلقيلية، ومنهم الأستاذ خليل ابو لبدة مدير التربية والتعليم في قلقيلية وسلفيت، وقسم أخر ذهب الي جنين، وكان منهم د. حسن ابو لبدة- رئيس جهاز الإحصاء الفلسطيني ووزير الاقتصاد الوطني، وقسم ثالث لجأ إلى مخيمات قطاع غزة، وكان منهم القائد حسن صابر حسن ابو لبدة- وكيل وزارة العدل الفلسطينية عام 1994م، وهو من العائدين، أما القسم الرابع فأقام في مدينة القدس.
ولآل ابو لبدة ديوان خاص بهم في قلقيلية، ومعظم أبنائهم من المتعلمين، فمنهم المدرسين والمدراء والإداريين والموظفين، والأطباء، والضباط، والمهندسين، وأصحاب المهن ورجال الأعمال. وقد دخلوا في علاقات زواج ومصاهرة مع عائلات قلقيلية، وأصبحوا جزءا لا يتجزأ منها.


قرية إجليل (الشمالية والقبلية)



قضاء يافا – لواء اللد
احتلها اليهود بتاريخ 1948/4/3
**
تقع القرية على قمة تل مشرفة على البحر الأبيض المتوسط غربا، وعلى رقعة أرض مستوية واسعة شرقا يتراوح ارتفاعها بين 25 و 30م فوق سطح البحر المتوسط، وعلى بعد 1 كيلومتر الى جهة الشرق، وكانت القرية تنتشر على شكل مستطيل ممتد من الشمال الى الجنوب، في موازاة طريق يافا- حيفا الرئيسية، ويتصلان بها بطرق فرعية معبدة، وتبعد القرية مسافة 13كم الى جهة الشمال عن مركز مدينة يافا.
وتحيط يهما أراضي قرية الشيخ مونس من جهة الجنوب، وتبعد عنها نحو 6 كم ومن جهة الشمال أراضي قرية الحرم- سيدنا علي وتبعد عنها نحو 5 كم، ومن جهة الشرق الجنوبي تحيط بها أراضي عرب السوالمة.
ويعود تاريخ القرية الى نهاية القرن التاسع عشر. وكان سكانها جميعهم من المسلمين في ذلك الوقت.
وقد سميت القرية بهذا الاسم، تيمنا بالشيخ الصالح عبد الجليل، المدفون فيها والذي كان ضريحه قائما في الموقع، حتى حلول النكبة عام 1948م.
وكانت إجليل حتى حلول الانتداب البريطاني قرية واحدة مؤلفة من تجمعين سكانيين منفصلين، يفصل بينهما شارع عريض، ويبعدان عن بعضهما مسافة 150 متر من مركزيهما. وكان التجمع الاول يسمى الحارة الشمالية والتجمع الثاني- الحارة القبلية. وفي فترة الانتداب البريطاني تم تقسيم القرية إلى قريتين – قرية إجليل الشمالية، وقرية إجليل القبلية (الجنوبية)، والتي شكّلت القسم الأكبر، وكانت إجليل القبلية تقع إلى الجنوب الغربي من شقيقتها قرية إجليل الشمالية.
وكانت إجليل الشمالية ذات مخطط طولي مساير لمحور طريق يافا- حيفا الرئيسة الشمالية - الجنوبية، وتضم أثار خربة وبقايا أرضيات مرصوفة بالفسيفساء وغيرها. وبالرغم من توسع إجليل الشمالية وازدياد بيوتها وعمرانها ظلت صغيرة لم تتجاوز مساحتها 7 دونمات.
أما إجليل القبلية فذات مخطط مبعثر نسبياً، تتوزع بيوتها في ثلاث حارات، تفصل بينها مساحات فضاء كانت آخذة بالتقلص نتيجة تزايد العمران، وكانت أصغر من الشمالية، فمساحتها لم تتجاوز 6 دونمات، وتشترك إجليل الشمالية مع اجليل القبلية بالمدرسة والمسجد، وفيها بئر مياه للشرب ومطحنة للقمح.
وكانت منازلهم مبنية بالطوب أو بالاسمنت ومتجمعة في ثلاث حارات تفصل بينها أراض خالية ما لبثت أن امتلأت مع مرور الوقت بالبناء الحديث.
بلغت مساحة أراضي القريتين معاً 17657 دونماً، منها 15027 دونماً لإجليل القبلية. وقد تسرب لليهود 9580 دونماً، أما الباقي وهو 2450 دونماً فكانت لإجليل الشمالية، وتسرب للصهيونيين منها 521 دونماً . ونظراً للطبيعة الرملية لتربة المنطقة فقد زرعت بأشجار الفواكه، ولا سيما بالحمضيات. ففي عام 1945م كان ما مجموعه 923 دونما مخصصا للحمضيات الموز، و 7087 دونما للحبوب، و 85 دونما مرويا أو مستخدما للبساتين. وكانت مياه الآبار حفرت في البيارات المنتشرة على مساحة 1679 دونماً حول القريتين. ويمارس السكان إلى جانب الزراعة وأعمال البستنة، حرفة صيد الأسماك. وكان الشيخ علي الخطيب حلاق القرية ويمارس ختان الأطفال.
مخاتير القرية
كان آخر مختار القرية قبل الهجرة الحاج محمد يحيى عمر ابو اسنينة عام 1943م، وقد ورث المخترة عن والده المختار- الحاج يحيى عمر ابو اسنينة.
اما اجليل الشمالية فكان مختارها حتى حلول النكبة المختارمحمد الحاج حسين العاصي
وكان لال ابو اسنينة ثلاثة دواوين، في ثلاث حارات منفصلة:
1. ديوان المختار يحيى عمر احمد ابو اسنينة وأولاده
2. ديوان جميل وفهمي الجاسر وعطا ذيب ابو اسنينة
3. ديوان محمد محمود وأخيه صبري محمود ابو اسنينة
وكان لال العاصي ديوان في اجليل الشمالية، ويضم كل العائلات في القرية. وكان الحاج مصطفى صالح العاصي أحد وجهاء اجليل الشمالية.
وكانت تقام في الدواوين كل المناسبات الاجتماعية من أفراح وأتراح، وكذلك استقبال الضيوف من خارج القرية.
ومن عائلات اجليل القبلية والشمالية - ابو سنينة، ابو ذياب، العاصي، الصملي، صافي ، البزرة، اعمر، اقرط، باكير، قاسم، قنديل، سعيدي، فضيلي (ذياب الاخرس)، ابو مبارك، ابو فرج.
ولجأـت الى قلقيلية من اجليل القبلية بعض العائلات من ال اسنينة، ومن اجليل الشمالية- عائلة اسماعيل ابراهيم قاسم (ابو بشير)، وعائلة فضيلي (ذياب الاخرس).
ويعود أصل عائلة ال ابو اسنينة الى الخليل حيث قدموا الى قرية حجة قبل نحو 300 عام، ومع مرور الوقت امتلكوا مساحات كبيرة من ألأراضي في القرية. وكان لأهالي حجة أراضي شاسعة في إجليل، فاتفق ال ابو اسنينة وال ابو ذياب مع أهالي حجة على مبادلة أراضيهم في حجة بأراضي أهل حجة في إجليل، فوافقوا على مبادلة الأراضي، وانتقلوا خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر وأقاموا فيها، وكانت خالية من السكان، وأراضيها غير مزروعة. فقاموا بزراعتها بالحبوب والخضار والأشجار البعلية معتمدين في ريها على مياه الأمطار.
ومع بداية القرن العشرين بدأوا بحفر الآبار الارتوازية وزرعوا الحمضيات (برتقال شموطي بلانسي فرنساوي كلمنتينا مندرينا كرفوت بوملي) والموز والتين والعنب الى جانب مختلف أنواع الحبوب وجميع انواع الخضراوات، والبطيخ والشمام. وكان البرتقال يصدر الى أوروبا عن طريق ميناء يافا.
وكانت تشترك إجليل الشمالية مع إجليل القبلية في المدرسة والمسجد. وقد تأسست في إجليل القبلية مدرسة إجليل الابتدائية عام 1945م في جنوب القرية على ارض البيادر، وكانت المدرسة تتألف من غرفتين مع المرافق، وساحة واسعة وكان يؤمها طلاب من إجليل القبلية والشمالية، وكذلك أبناء البدو من عرب السوالمة، وكانت تديرها دائرة المعارف في يافا. وقد سجل فيها 64 تلميذا في سنة تأسيسها، وكان مدير المدرسة الشيخ حسن المصري. ومن الأساتذة كان محمود القبلاوي من الطيبة، وصبحي عبد الفتاح من الطيرة. وعمل الاستاذ محمود القبلاوي بعد النكبة مدرسا في مدرسة المرابطين الإعدادية.
أما المسجد فكان موقعه أقصى شمال إجليل القبلية بجانب مقام الشيخ الصالح عبد الجليل، وكان مبنياً من الحجر وبمساحة 100 متر مربع مع المرافق، وكانت أمامه ساحة واسعة وغرفة مدرسية للكتاب. وكان يؤم المسجد المصلين من القريتين. وكان الشيخ حسن المصري إمام المسجد.
بلغ عدد سكان القريتين 470 نسمة عام 1945م، و 545 نسمة عام 1948م. وفي تاريخ 3/4/ 1948م احتل الصهاينة قريتي إجليل الشمالية والقبلية، وتم تهجير سكانها.
احتلال القريتين وتشريد أهلها:
ورد في (تاريخ الهاغاناه) أن اجتماعا عقد في بيتح تكفا، في أوائل سنة 1948، بين ممثلين عن الهاغاناه وبين مخاتير بعض القرى المجاورة، عبر فيه المخاتير عن (رغبتهم في السلام). وذكر أن مختار إجليل القبلية كان بين المجتمعين، لكن يبدو أن الاجتماع لم يفلح في ضمان أمن القرية. ويقول المؤرخ الإسرائيلي بين موريس إن سكان القرية نزحوا عنها في 3 نيسان 1948، خوفا من هجوم يهودي متوقع، خاصة بعد احتلال قرية ابو كشك القريبة بتاريخ 30/3/1948م.
كما كانت كل المنطقة الواقعة بين تل أبيب وهيرتسليا قد أخليت تماما من سكانها العرب.
واحتلت إجليل الشمالية وقت احتلال شقيقتها إجليل القبلية.
بعد مرور فترة غير قصيرة من الحرب، أصبحت إجليل القبلية معسكر للسجناء العرب الذين أسرتهم الهاغاناه.
قرية إجليل اليوم
من العسير تمييز القرية الأصلية. وعلى رقعة صغيرة من التل، بقايا منازل حجرية، وأجمة من النباتات البرية والصبار، وبقايا منزل مهجور وهو بيت للمختار محمد يحيى ابو اسنينة- بالقرب من تقاطع جليوت، ومبنى لأحد آبار القرية الارتوازية.
وتقع مستعمرة "جليل يام التي أسست في سنة 1943 على ما كان تقليديا من أراضي القرية، الى الشرق من موقع القرية. وتتقاسم أرض القرية اليوم كل من المدن هرتسيليا ورمات هشارون، وجليل يام.


بامكانك القراءة عن القرى المدمرة على هذا الرابط

تعليقات

محتويات المقال