القائمة الرئيسية

الصفحات

المعاناة الثقافية في محافظة قلقيلية

قلقيلية مدينة الليمون وخليفة يافا في البرتقال تئنُ ثقافيا

تستقبل مدينة قلقيلية زوارها من كافة الجهات بالمزارع والخضرة، ويتوزع على مداخلها باعة الفواكه والخضار والأشتال، ما يمنح زائرها لأول مرة الشعور والمعرفة بأنها مدينة زراعية.

عرفت قلقيلية الى جانب اشتهاراها ببيارات البرتقال، والجوافة والليمون، بأنها منبع كبار الصحفيين، وذلك في بدايات القرن الماضي، لكنها اليوم تئن ثقافيا، وتحاول ببطء أن تنهض.

وبحسب جهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني، فان عدد سكان محافظة قلقيلية حسب إحصاء العام 2017، بلغ 112,400 نسمة، والمدينة 51.683، ويتبع لها 34 تجمعا سكانيا.

وبحسب المصدر ذاته، فإنه لا توجد مسارح في قلقيلية، ولا دار سينما، لا جريدة يومية ولا حتى مجلة، وتمتلك متحفا واحدا، فيما كان عدد الحضور للأنشطة الثقافية المنعقدة في المراكز الثقافية العاملة في المدينة لعام 2016 (23243)، وهي نسبة جيدة إذا ما قورنت بمحافظات أخرى تمتلك عدد سكان ومراكز ثقافية أكثر.


المعاناة الثقافية في محافظة قلقيلية

ونفذ في المحافظة 659 نشاطا ثقافيا خلال العام 2016، كما بلغ عدد المراكز الثقافية العاملة 32 مركزا، (تشير الاحصاءات إلى أن أول مركز ثقافي عامل في قلقيلية افتتح عام 2006، ليضاف إليه في العام التالي ثلاثة مراكز، وقفز في 2009 إلى 13 مركزا، تلا ذلك انخفاض في العامين التاليين، ليعاود الارتفاع مرة أخرى في 2012 ويصبح هناك 26 مركزا، ليقفز إلى 32 مركزا في 2016، في حين وصل عدد المراكز في 11 محافظة في فلسطين إلى 6012، منها 531 في الضفة الغربية، و81 في قطاع غزة.


لا أحد يُعبر عن المدينة مثل كتابها وشعرائها؛ المتوكل طه في كتابه (الأعمال النثرية 2003) يصف قلقيلية، "ما كانت عليه وما صارته، ماراً بأحداث غيرت مجرى المدينة الصغيرة وشبه الريفية: هذه قلقيلية التي أحبها وأجاهر بمحبتها وانتمائي اليها إلى زفاتها وحاراتها وأهلها، من "صوفين" شرقا، إلى "كنايات دحبور" غربا، ومن "بيارة أبو الهزاع" جنوبا، إلى "جنانة الحيوانات" شمالا، أحب فيها كل شيء، من "واد أبو اسكندر"، حتى "الراهنات"، ومن "الرزازة" حتى "واد الصراصير"، ومن "واد الفقع" حتى "الجامع العتيق"، ومن "السوق" الى "المسلخ"، ومن "البيادر" الى "الملعب"، ومن "السعدية" الى "المرابطين"، ومن كل ذرة الى كل ذرة".


ويتابع طه في كتابه الأعمال النثرية "في قلقيلية ما يوحي إلى الأعراس، ليس لأن فتيانها يولدون وهم يعرفون كل أشكال الرقص الفلكلوري والدبكة الشعبية، ويحفظون عن ظهر قلب، دلعونا وظريف الطول. قلقيلية سر الأرض التي نهبوها عشية النكبة، فذهبت إلى شرق الجبال لنزرعها برتقالاً وعنباً، وتضع في حضن كل صخرة زيتونة ومسكب "شجيرية" وتحيل الصوان إلى بيارات ممرعة، والحواكير الحجرية الجرداء إلى مروج لليمون واللوز، ولم تترك قلقيلية شبراً إلا وترنق الخضروات والفواكه الموسمية البعلية، أو التي وصلت اليها مياه الآبار الارتوازية، الأكثر في فلسطين، لتجمع براريها لوحة مكتملة الاخضرار والندى. قلقيلية التي اقتطعوا من لحمها عشرة آلاف دونم العام 1948 اتسعت، وحملت عن يافا بياراتها وبرتقالها الحزين!

بعد أن قدمت كوكبة مكتملة من الشهداء، وشهدت الكثير من المعارك التي امتدت من راس العين جنوبا حتى الطيرة والطيبة شمالا، وملبس وكفر سابا وغابة عزون غربا، وظلت قلقيلية تلوح بقنديلها في ليل النائمين، ما دفع الدولة العبرية العام 1956 إلى التسلسل ونسف "العمارة" أو "المقاطعة" على رأس من فيها، فاستشهد سبعون رجلاً غير منقوصين! وقبل حرب حزيران المشؤومة ببعض سنوات، حاولت إسرائيل، غير مرة، نسف محطات الوقود في قلقيلية، وكذلك تفجير عدد من الآبار الارتوازية التي يبلغ عددها أكثر من خمسين بئراً في محافظة قلقيلية".


مدير مكتب وزارة الثقافة في قلقيلية أنور ريان : قلقيلية زاوية من زوايا الوطن، قربها من الحدود مع أراضي الـ48، جعلها مدينة الحِصارَين والجدارين، وذات المتنفس الواحد، حيث يأكل جدار الضم والتوسع والاستيطان 80% من أراضيها. ويوجد فيها فرع لجامعة القدس المفتوحة، وكلية الدعوة الإسلامية، وتستعد الوزارة لافتتاح قصر قلقيلية الثقافي قريبا.


وحول طبيعة عمل مديرية الثقافة في قلقيلية، قال ريان: تعمل وزارة الثقافة ضمن برنامجين أساسين، الأول؛ الثقافة للجميع "نشر الثقافة"، والثاني؛ حماية الموروث الفلسطيني من السرقة والاندثار والإهمال، وحديثا انضم برنامج المئويات، والذي كانت باكورته الاحتفال بمئوية فدوى طوقان، مع نهاية كل عام نعد خطط العمل المقبل، ونقسم الخطة إلى أربع ربعيات، كل 3 شهور يسمى ربعية عمل، وكل ربعية فيها مجموعة برامج تقسم على الشهر، برامج مختلفة ما بين دورات وندوات وأمسيات شعريه، توقيع وإشهار كتب، دورات تنمية المهارات، دورات الصوف والتطريز.


ويضيف "ننفذ دورات في الريف والمدينة، ومن الملاحظ أن دورات الريف أكثر نجاحا من دورات المدينة، في الريف هناك اهتمام وتعطش للعمل أكثر، أما مجتمع المدينة فلديه أولويات أخرى، هناك سنويا 10 دورات يدوية، من تطريز وقش وشق خرز".


ويتابع: "ننظم ندوات أدبية وسياسية ولقاءات شعرية ولقاءات كتاب ومبدعين ومعارض الفن التشكيلي والرسم، ولدينا على مستوى محافظة قلقيلية ما بين 60-70 فنانا تشكيليا في العام 2018، من المقرر تنفيذ 73 برنامجا، بميزانية من المقدر أن تصل لـ100 ألف شيقل، كتغطية للنشاطات الثقافية في المحافظة، والتي وصلت ميزانيتها في 2017 إلى 39 ألف شيقل.


وأشار إلى أنه يوجد مركزان ثقافيان: منتدى الثقافة في المدينة، ومركز ملتقى النورس في حجة، وهناك مركز متخصص للفن التشكيلي لجمعية الفن التشكيلين (جمعية الفنانين التشكيلين)، وحول المسارح نفتقر لوجود مسرح في المدينة، رغم أنه لدينا المسرحي مؤيد عودة، وسعيد خضر وهو مدرس في مدرسة الوكالة، لديه هواية المسرح وشكل مع زملائه نواة فرقة ويشاركون فيها في العديد من المناسبات.


وأضاف ريان: مديريتنا لديها فلسفة وزارة الثقافة في كل بيت، أي زائر من قلقيلية نهديه كتاب ونساعده على تنمية نفسه، ومن يقدم لنا مخطوطة نراجعها ونقوم بدورنا بتقديمها للوزارة في رام الله، ولدينا 5-6 مخطوطات، أقدمها يعود لعام 2011، لكنها جميعا لم تنشر في إصدارات حتى اليوم.


ومن الأسماء الثقافية في المحافظة، من شعراء وكُتاب: يحيى جبر، زاهر حنني، جعفر حجاوي، أحمد جبر، نجوى مجد، محمد قديح، جابر البطه، وغيرهم..


وتابع: لدينا مكتبة بلدية قلقيلة، مكتبة بلدية عزون وهي غير فاعلة، مكتبة جمعية البر والإصلاح، وهناك ثلاث مكتبات خاصة ببيع الكتب، وهي: مكتبة الإيمان، مكتبة المرابطين، مكتبة البخاري.


من جهته، يقول مروان حجاوي من مكتب وزارة الثقافة ، إنه نفذ 50 نشاطا ثقافيا عام 2017، شملت 18 مدرسة و15 مجلس قروي وبلدي وجامعتين و5 نشاطات في ميادين عامة و10 مؤسسات أهلية، لدينا 4 مراكز ثقافية غير ربحية مرخصة من وزارة الثقافة والبقية هي مراكز تجارية خاصة، لتقوية الدراسة والأبحاث وبيع أدوات تكنولوجية.


الطالبان في جامعة النجاح أيوب الشيخ وخالد بري؛ أنشآ مكتبة عامة في قريتهم سنيريا الواقعة شرق قلقيلية، بعد خمسة أشهر من السعي المتواصل والعمل الجاد، وبمساعدة عدد من المؤسسات وبتبرع من أهالي القرية، تم تأمين كافة الاحتياجات وتم افتتاح المكتبة، وعقد حلقات نقاش حول كتاب معين، وإقامة أمسيات شعرية، إضافة إلى استضافة كتاب وفنانين.


ولعل أبرز عناوين قلقيلية الثقافية، مكتبة بلدية قلقيلية، التي تأسست عام 1978، وقد خصص لها مكان آنذاك في مبنى البلدية، ثم انتقلت إلى عدة أماكن حتى استقرت في العام 2000، وتبلغ مساحتها 900 متر مربع موزعة على طابقين، يوجد بها 13000 كتاب، ومشترك بها 3 آلاف شخص.


تاريخيا افتتحت الكتاتيب في قلقيلية منذ نزول اهالي صوفين الى قلقيلية عام 1813، وكان نظام الكتاتيب منتشرا آنذاك في جميع مدن فلسطين وقراها، وفي الكتاب يتعلم الصبية القراءة والكتابة والعد ومبادئ الحساب والصلاة واحكام الغسل والوضوء، وكان يطلق على المعلم في العهد التركي اسم "الخواجا" ومعناه معلم ومربي الصبيان. لاحقا، في 1913 تأسست أول مدرسة أميرية، وفي 1930 تأسست مدرسة الآداب الاسلامية، وفي بداية الأربعينات أُنشئت مدرسة لنهضة العربية، ثم قسمت المدرسة الأميرية عام 1952 إلى المدرسة السعدية الثانوية –عمل بها رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور مدرسا للرياضيات أعوام 1960-1963-، ومدرسة قلقيلية الابتدائية، والتي قسمت بدورها عام 1954 إلى: قلقيلية الابتدائية وقلقيلية الاعدادية، والتي سميت عام 1960 بمدرسة المرابطين".


وبلغ عدد الحاصلين على شهادة الدكتوراه في مختلف التخصصات العلمية أكثر من 100 شخص من أبناء قلقيلية في الداخل والخارج، منهم 16 من الإناث، و21 أستاذ جامعي حاصلين على الرتبة الأكاديمية العليا "بروفيسور"، وأول شهادة دكتورة في قلقيلية حصل عليها عبد الكريم موافي –دكتوراه في الرياضيات- وذلك عام 1959 من جامعة فلوريدا في أمريكا، وفي العام 1969 حصل على درجة "بروفيسور" من الجامعة الأميركية في بيروت، ومنها الدكتور ابراهيم عورتاني –نزال- اول فلسطيني يتخصص في قانون المياه الدولي، ويقيم في سويسرا.


أول عيادة طبية في قلقيلية كانت للدكتور رفعت محمود عودة من بديا في بداية الاربعينات. وأول طبيبة من قلقيلية هي الدكتورة فاطمة نزال، عام 1959، كما أنها أول طبيبة تحمل إجازة في طب الاسنان في فلسطين. واول طبيب في قلقيلية هو الدكتور فيصل السبع عام 1959.


ومن أعلام قلقيلية الثقافية أيضا، الكاتب والمؤلف المسرحي أكرم شريم، والذي كتب للتلفزيون السوري عددا من المسلسلات، والشاعر والمربي عبد الرازق أبو بكر، والشاعر والمربي منيف برهم، والدكتور غسان الحسن، ويحمل شهادة الدكتوراة الوحيدة في العالم في الشعر النبطي، الأديب عدنان السمان، والذي كتب في الصحف والمجلات المحلية والعربية، الشاعر والأديب مصطفى الجعيدي، وصاحب بيت الشعر: مكانك القلب أنت فيه حاضرة قلقيلية الحب لا أرضى بها بدلا


الكاتب والأديب يوسف العيلة، وله اكثر من عشرة مؤلفات في المقالة والقصة والرواية، الشاعر خالد حجار، ويحيى جبر، وله عشرات الكتب والأبحاث الأكاديمية والعلمية والأدبية، إلى جانب اختصاصه باللغة العربية.


اضافة الى سطوع عدد من الفنانين والرسامين من أبناء قلقيلية محليا وخارجيا، فمنها الخطاط والرسام الكلاسيكي جلال أمين صويلح، وحصل على جائزة الخط الكوفي في اسطنبول التركية سنة 1988. النحات والفنان التشكيلي أحمد حيلوز والحائز على الجائزة الأولى للنحت في الامارات، اضافة للفنانة التشكيلية سناء نصار، والرسام ولخطاط خليل الطويل، ورسام الكاريكاتير أسامة نزال، فنان الحرف اليدوية حسن الصنم، الفنان محمد عبد الرحمن منصور.


قلقيلية ترفض مسرحها ومحاولات لحراك ثقافي بطيء


في قرية حبلة، جنوب قلقيلية، يحاول الشاب مؤيد عودة، منذ ثلاثة سنوات، افتتاح مسرح، لكنه لا يجد المكان والتمويل والتشجيع.


عودة قال : درست التمثيل في اكاديمية ألمانية لها فرع في رام الله، تُعلم التمثيل والمسرح وتعطي شهادة بكالوريوس بعد 3 سنوات، وكان شرطها للقبول هو تخطي امتحان المقابلة الذي تقدم له 170 شاب بينما الأكاديمية هي 11 متقدم وكنت منهم، قدمت مسرحيات في ألمانيا وفي رام الله وبيت لحم وفي بلدتي، أناس في البلدة اعترضوا على فكرة المسرح، وتم إلغاؤه بسبب عدم تقبل المجتمع له، حاولت عدة مرات العودة، وطرقت كل الأبواب الرسمية والأهلية لإنشاء مسرح في قلقيلية، ووقفت وزارة الثقافة إلى جانبي، لكن في كل مرة كان هناك من يُقوض الفكرة يرفض ويمنع المسرح من النهوض، وها أنا أعمل اليوم في الرخام، ومحبط.


وفي قرية كفر لاقف، جنوب شرقي قلقيلية، افتتح مؤخرا مركز ثقافي من شأنه تفعيل الحالة الثقافية في القرية والمناطق المجاورة، تقول شيراز عساف، أحد القائمين على المركز.


وأضافت عساف: "قمنا بعدة أنشطة كدورات تعليم التصوير وأعمال أخرى استهدفت فئة الشباب، ونسعى لتطوير المركز واستهداف كافة الأعمار في الفترة المقبلة، اضافة لتحريك لعبة الشطرنج والقيام بمسابقات محلية فيها".


بدورها، قالت الشابة سجود سويلم، عن حراكها مع مجموعة في جامعتها "القدس المفتوحة": في العام 2012 وتحت رعاية مجلس اتحاد الطلبة وحركة الشبيبة الطلابية، تأسست رابطة شعراء جامعة القدس المفتوحة. والتي اقتصرت على 8 طالبات، وأقامت الرابطة عدّة ندوات ثقافية، أولها في حرم الجامعة في آذار 2012، ثاني أمسية تحت عنوان (همسات من وحي القلم ) بالتعاون مع بلدية قلقيلية 24-12-2012 . ثالث أمسية تحت عنوان "عرفات جردات ورائحة الكرامة " كانت تضامنًا مع الأسرى وبالتعاون مع نادي الأسير 5-3–2013 وكانت أوّل أمسية يشارك فيها طالب جامعي، حيث كانت الرابطة مقتصرة على الطالبات فقط، رابع أمسية تحت رعاية مديرية الثقافة (قراءات شعرية نفحات من زهر الليمون) كانت بتاريخ 17- 3-2013 ، وأمسية خامسة في ذكرى النكبة 15-5 -2013، بالتعاون مع بلدية قلقيلية وتم فيها مشاركة شعراء من خارج الجامعة، ثم قلّت نشاطات الرابطة فيما بعد كفريق، وأصبحت فيما بعد نشاطات خاصة وشخصية ثم بدأت تتلاشى بانسحاب بعض الأعضاء، وتخرج البعض.


وين ما تلف.. ووين ما تدور.. آخرتك راجع لكينيات دحبور" المثل الشعبي الوحيد الذي يخص قلقيلية، وقائله هو المرحوم عبد الكريم الحسن، المشهور باسم "أبو الفوز"، والذي عمل بدولة الكويت وزار عددا من البلدان الأجنبية، وعندما عاد إلى قلقيلية في أوائل الستينات من القرن الماضي، أطلق هذه العبارة التي غدت مثلا شعبيا متداولا على ألسنة أهالي قلقيلية.


تعليقات

تعليقان (2)
إرسال تعليق
  1. معاناة قلقيلية بسبب تخلف اهل قلقيلية

    ردحذف
  2. غير معرف1/07/2023

    لمادا لا تذكرون رجالات عائله الشنطي ولو سهوا

    ردحذف

إرسال تعليق

محتويات المقال